الأنبا بيشوي مطران دمياط
- الكنيسة شاهدة للكتاب المقدس
إن الكنيسة هي شاهدة للكتاب المقدس.. شاهدة لصحته.. شاهدة لعصمته، والكتاب المقدس شاهد للكنيسة. فالكتاب المقدس هو جزء من التقليد الرسولي الذي استلمته الكنيسة وأيضًا هو حارس التقليد، لأنه هو الذي يحمي التقليد من أي شيء يندس فيه ويتعارض مع فكر الله ومشيئته. فالكتاب المقدس هو في التقليد وهو أيضًا حارس للتقليد، وهو صاحب السلطة العليا عليه.. فالكنيسة تحرس الكتاب المقدس، والكتاب يحرس الكنيسة، والروح القدس هو الذي يقود هذا وتلك. "لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).
فالروح القدس هو الذي يسوق الكنيسة ويقودها ويعمل فيها. ولذلك تحترم الكنيسة الكتاب المقدس جدًا وتقرأ فصول كثيرة من العهد القديم والعهد الجديد في كل المناسبات. وحينما يُقرأ الإنجيل يقف الجميع بخوف وخشوع، ويقول الشماس }قفوا بخوف أمام الله وانصتوا لسماع الإنجيل المقدس{. وتنار الشموع حول الإنجيل لأن الإنجيل هو نور العالم. لهذا قال القديس بولس الرسول "لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل" (2تى1: 9، 10).
و في كل قداس وكل معمودية وكل سر من أسرار الكنيسة السبعة تُقرأ فصول من الكتب المقدسة. ويقرأ فصل من الإنجيل، وتصلى صلاة خاصة تسمى "أوشية الإنجيل" وهى طلبة خاصة يقال فيها }فلنستحق أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات قديسيك{ ويقول الشماس }صلوا من أجل الإنجيل المقدس{.
ونتذكر في هذه الصلاة كلمات السيد المسيح التي قالها لرسله "ولكن طوبى لعيونكم لأنها تبصر ولآذانكم لأنها تسمع" (مت13: 16). فنشعر إننا مغبوطين لأننا قد نلنا هذا الشرف العظيم أن نستمع إلى كلمات الإنجيل. فالقديس أنطونيوس عندما دخل الكنيسة، وكانت الأذن مستعدة للسمع، والقلب مستعد للطاعة، وسمع كلمات الإنجيل "إن أردت أن تكون كاملًا فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني" (مت19: 21) ذهب وصنع ما سمعه في فصل الإنجيل المقدس وهكذا خرج أبو الرهبان ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الرهبنة المسيحية. لذلك فإن السيد المسيح قد شبه كلامه بالزارع الذي خرج ليزرع. فالذي وقع على الأرض الجيدة أعطى ثمرًا ثلاثين وستين ومائة.