داود هو صاحب فكرة بناء هيكل ثابت للرب بدل خيمة الشهادة المتنقلة. وهو الذي جمع الأموال وخزن المجوهرات وجهز الأدوات والمعدات (2 صم 7 و 1 مل 5: 3- 5 و 8: 17 و 1 أخبار ص 22 و 28: 11- 29: 9). وفي الكتاب إحصاء دقيق للأموال والمجوهرات التي أرصدها داود لهذا الأمر المقدس، أما من خزائنه أو من أعماله وحلفائه.
وقد وعد الرب داود بأن يكون البناء في عهد ابنه ووريثه، سليمان (1 أخبار 17: 12). أما موضع الهيكل وهندسته فقد عينه داود قبل موته (1 أخبار ص 22). ثم بدأ سليمان العمل في البناء في السنة الرابعة من حكمه. واستغرق العمل سبع سنوات وستة أشهر، (1 مل 6: 1 و 38). واعتمد سليمان على مصادر أخرى غير عبرية. فتحالف مع حيرام ملك سور الفينيقي واشترى منه الخشب، واستأجر عمالًا فنيين فينيقيين، (2 أخبار 2: 7- 10). واشتغل مئات الألوف من اليهود ومن الفينيقيين في قطع الخشب ونقله وقطع الصخور ونقلها (1 مل 5: 15 و 16 و 9: 20 و 21 و 23 و 2 أخبار 2: 2 و 17 و 18 و 8: 10).
ارتفع بناء الهيكل فوق جبل مورية في القدس، عند بيدر اروانة اليبوسي حيث بنى داود مذبحًا للرب (2 صم 24: 28- 25)، بعد أن مهدت الأرض وسدت الثغرات التي فيها. وكان الهيكل، بوجه عام، على شكل خيمة الشهادة. إلا أن الأبعاد كانت ضعف ما كانت عليه في الخيمة. كما أن معالم الزينة كانت أكثر بذخًا وفخامة. وشيدت الحيطان من حجارة نقلت من المحاجر المعروفة إلى اليوم بمقالع سليمان (قرب باب العمود) وكان خشب السطح والأبواب من الأرز، وخشب الأرض من السرو والكل مغطى بالذهب (1 مل 6: 20 و 22 و 30 و 2 أخبار 3: 7).
وكان الهيكل يتجه إلى جهة الشرق. وكان بجانب مدخله رواق وعواميد ثم اتسع الرواق في عهد خلفاء سليمان حتى شمل جميع الجهات. وبنيت إلى الغرب من الرواق الشرقي دار مربعة الشكل، ثم إلى غربها دار أصغر منها. . أما المذبح فكان صندوقًا من الخشب الثمين، مربع الحجم، مغطى بالنحاس. وكانت النار تشعل على رأسه. ليتطهر بها الكهنة والذبائح. وكان في الدار الصغيرة غرف للكهنة وللطبخ. أما الدار الكبرى فكان فيها الهيكل الحقيقي. وكان بناؤه شاهقًا. وكانت أبوابه من الخشب المرصع بالذهب. وجعلت بعض جوانبه، مخصصة للملوك. وتحت رواقه وضع عمودان مزخرفان هما ياكين وبوعز. وكان لا يسمح بدخول أحد غير رئيس الكهنة إلى الجانب المقدس المخصص له. وكان ذلك الجانب يغلق ببابين ضخمين وكان ينيره ضوء منارة من الذهب وإلى جانبها خمس منائر على خمس موائد. وفيه كان يقدم البخور وخبز الوجوه. ووضع فيه المحراب، أو قدس الأقداس، وهو غرفة، مظلمة. فيه تابوت العهد على صخرة رفوقة كاروبا (ملاكا) المجد. هذا وصف لهيكل سليمان الذي حافظ على عظمته مدة أربعة قرون وربع، أي منذ حوالي سنة 968 ق.م. إلى أن هاجم البابليون القدس وسبوا أهلها واستولوا على ما في الهيكل من ثروة سنة 587ق. م. (2 مل 25: 8 و 9 و 13- 17 و 2 أخبار 36: 18 و 19).