يأتي صباح، وأيضًا ليل
يَا حَارِسُ، مَا مِنَ اللَّيْلِ؟ يَا حَارِسُ، مَا مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَ الْحَارِسُ: أَتَى (يأتي) صَبَاحٌ وَأَيْضًا ليل ( إش 21: 11 ، 12)
الليل يشير إلى فترة غياب الرب يسوع عنا بالجسد حاليًا؛ ذاك الذي هو النور وكوكب الصبح للخليقة الجديدة، وسيكون الصبح عند رجوعه. والمؤمن ليس من ليل، وإن كان يعيش في ليل. ولكننا كمؤمنين من نهار، ولذلك نسلك في النور، ونسهر حتى مجيء الرب إلينا ككوكب الصبح المنير، ثم ظهوره كشمس البر ليملك في المُلك الألفي.
وفي ليل غيابه الذي قارب الألفي عام، علينا كمؤمنين أن نُضيء كأنوار لامعة في هذا العالم. والكنيسة بالإجمال تُشبه القمر الذي يعكس نور وبهاء وجمال السَيِّد (الشمس) في وقت غيابه عنا بالجسد.
أما الخاطئ فهو من ليل، وهو الآن في ليل العالم غارقًا في خطاياه، وهو في طريقه إلى ظلام ليل أبدي. إننا ننتظر مجيء الرب كمُخلّص، ولكن العالم يهزأ قائلاً: «أين هو موعد مجيئهِ؟» ( 2بط 3: 4 )، مثل ذلك الصارخ من أدوم: «يا حارس، ما من الليل؟» ولكن الرب قال لتلاميذه: «إن مضيت وأعددت لكم مكانًا آتي أيضًا وآخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» ( يو 14: 3 ). والرسول بولس يقول: «هكذا المسيح أيضًا، بعدما قُدِّم مرةً لكي يحمل خطايا كثيرين، سيظهر ثانيةً بلا خطية للخلاص للذين ينتظرونه» ( عب 9: 28 ). فهو عندما يأتي ثانية لن يناقش مع شعبه مشكلة الخطية، إذ إنه سوَّى مشكلة خطايانا وحملها في مجيئه الأول، بل هو سيأتي «بلا خطية» ـ أي لن يثير موضوعها مرة أخرى، بل سيأتي ليخلِّصنا من هذا العالم.
وماذا عن الخطاة؟ يقول الحارس: «أَتى (يأتي) صباحٌ وأيضًا ليلٌ»؛ الصباح للمؤمن، والليل للخاطئ. وأي ليل هذا؟! إنه «قَتَام الظلام إلى الأبد» (يه13)، وهو ”الموت الثاني“. ويصف الروح القدس المصير الأبدي للهالكين بأن «نصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني». ومَن هم أولئك الذين سيكون نصيبهم الموت الثاني؟ إنها قائمة طويلة تضم الخطاة الذين يرتكبون أبشع الخطايا. ولكن يتصدر هذه القائمة أيضًا «الخائفون وغير المؤمنين» ( رؤ 21: 8 ). سيدخلون تلك الليلة التي هي بدون صباح، في مشهد من الظلام والبُعد عن محضر الله، يحوي كل نتائج الخطية وعدم الإيمان. ألا ليت الغافل عن هذا، يُصغي إلى رحمة الله التي تريد أن تُنقذه من مصير كهذا؛ من ليل بلا صباح.