لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا
تفاسير أسفار الكتاب المقدس
الآيات (1-12): في كتاب إنجيل متى (مت16:10-42 وما بعده)
آية (10): في كتاب إنجيل متى (مت22:12-37 وما بعده)
الآيات (13-21):
الآيات (13-21): "وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ، قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ، مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِيًا أَوْ مُقَسِّمًا؟» وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا قَائِلًا: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلًا: مَاذَا أَعْمَلُ، لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟ وَقَالَ: أَعْمَلُ هذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا للهِ»."
الغني الغبي:- من الآلاف الموجودين حول الرب كان هناك شخص له مشكلة ميراث مع أخيه، وأراد أن يكون المسيح قاضيًا بينهما. ولكن المسيح جاء يدعونا للسماويات ولم يُرِدْ أن يتدخل في الأرضيات فهذه لها قضاة، بينما المسيح بالجسد لم يكن له حق الحكم بين الناس كقاض. وقوانين الميراث واضحة في الشريعة (البكر له ضعف نصيب إخوته وكل الإخوة متساوين). ونلاحظ أن المشكلة هي مشكلة طمع، فإما الأخ الأكبر طماع وأخذ كل الميراث، أو أن يكون الشاكي وهو الأصغر وأنه غير راضي عن أن يكون نصيبه نصف أخيه البكر ويريد أن يقتسمه مع الأكبر.
في الآيات السابقة كان المسيح يكلمهم عن الكرازة بلا خوف والضيقات التي ستأتي. فارتفع صوت شخص يشتكي أخيه الذي ظلمه في الميراث. ويظهر هنا التناقض، فلو فهم هذا الشخص كلام المسيح الذي يعني أنه في هذا العالم سيكون ضيق مستمر، ولكن الروح القدس يساندنا وفي النهاية من يثبت يعترف به المسيح، لاحتقر هذا الشخص الماديات كلها فماذا ستنفعه أمواله وقت الاضطهاد والاستشهاد، وماذا سيخسر هذا حينما يقف مُعْتَرَفًا به أمام الله. المسيح واضح هنا أنه يريد رفع مستوى تفكيرنا إلى السماويات، وإيماننا بأننا غرباء في هذه الأرض. لذلك ينبه أن الطمع هو أخطر عدو يقابل المسيحي، لذلك أسماه بولس الرسول عبادة أوثان (كو5:3). لأن الطماع ينسى انتمائه للسماء ويظن أنه سيعيش للأبد على الأرض (هذا هو معنى المثل الذي قاله هنا السيد المسيح). لنثق أن المال لا يعطي سلامًا، الله هو الذي يعطيه. والسيد المسيح رفض أن يأخذ دور السلطة الزمنية أي القضاة وصمم على أن يكون دوره روحيًا. هو تحاشى أن يضع قوانين أرضية للميراث وخلافه بل هو السماوي، أتى من السماء ليرفعنا للسماويات، المسيح يريدنا أن نشعر بأننا غرباء على الأرض. هو يريد أن يحل المشاكل بإصلاح الداخل، ومنع الطمع المفسد للحياة السماوية. ولاحظ فإن المسيح لا يدين الغني بل الطمع. والطمع هو الشعور الدائم بعدم الاكتفاء والنهم للأرضيات والماديات، والانشغال بالماديات عن الروحيات، وعدم الاهتمام بأن يكون للشخص كنز سماوي. من أقامني قاضيًا= المسيحية لم تضع أي قانون للميراث. فالمسيح أتى لنرث السماء.
يا معلم قل لأخي= كان وظيفة معلمي اليهود أن يتدخلوا لحل هذه المشاكل.
مثل الغني الغبي: هل خطأ أن يفكر إنسان أن يقيم مخازن؟ قطعًا هذا ليس خطأ، فما هو إذًا خطأ هذا الغني الذي جعله غبيًا؟
1. هو كان يفكر في الحاضر فقط والمستقبل على أنه سيعيش دائمًا وربما للأبد. ولم يفكر أنه في هذه الليلة ستؤخذ نفسه. فعلينا أن نعمل بجد ولكن لا ننسى أننا هنا غرباء، قد نترك العالم في أي لحظة.
2. إذا فهمنا أنه يمكن لنا أن نترك العالم في أي لحظة، فما الذي أعددناه للسماء. هذا الغني كل ما فكر فيه كان يخص حياته على الأرض، فأين هي كنوزه التي في السماء (أي أين صلاته وأصوامه وصدقاته..).
3. عطايا الله له حَسِبَهَا تخصه وحده= أثماري غلاتي خيراتي فهو نسب الخير لنفسه ولم يذكر أن الله أعطاه الكثير فيشكر الله وليعطي هو من ليس لهم، فنحن وكلاء على ما عندنا.
4. أنظر ما يفكر فيه يا نفسي كلي واشربي وإفرحي= فكل ما يفكر فيه هو ما يشبع الحيوانات أيضًا، ولكن أين نصيب الروح. هدف السيد من المثل أننا مخلوقات تنتمي للسماء وغرباء على الأرض فلنهتم بالسمائيات.
5. لكِ خيرات يا نفسي= هو اعتبر أن الخيرات هي الماديات فقط وتناسى أن الخيرات الحقيقية هي الفضائل فهذه توصلنا للسماء أما الأموال فهذه يمكن توجيهها لتكون خيرًا ويمكن توجيهها لتكون شرًا.
6. هو إفترض أن غناه سيكون سببًا في راحته، مع أنه أصبح همًا ثقيلًا عليه وشاغلًا يشغل باله ويملأه قلقًا. لقد ظن أنه يملك المال لكن المال هو الذي امتلكه. أمّا الراحة الحقيقية هي في المسيح. غنيًا لله= أي يكون غناه هذا لمجد الله وليس لراحته هو شخصيًا.
7. يقول يا نفسي لكِ خيرات كثيرة، موضوعة لسنين كثيرة= ولم يخطر على باله أي اعتبار أن كل شيء هو ملك لله، وأننا وكلاء على ما بين أيدينا. وأن الله سيحاسب كلٌ منا حسب ما سوف يتصرف في أمواله. ولاحظ قوله سنين كثيرة، هو لا يفكر أنه يمكن أن ينتقل في أي لحظة. هذا الإنسان ربط نفسه بالأرضيات وبالتالي فهو لا يصلح للسماويات. فمن يصلح للسماويات هو من عاش في الأرض سماويًا غريبًا عن الأرض.
8. حينما زادت خيراته فكر في زيادة مخازنه بدلًا من أن يفكر في احتياج الفقراء لهذه الزيادات.
ملحوظة: ما يحكم نظرتنا للمال هو أنه مال الله وأنا أمين عليه + لو ضاع المال لا أهتم فالله قادر أن يعوض + لا تعارض بين عدم الطمع والطموح. فالطموح مطلوب لكن على ألا يتعارض مع واجباتي نحو الله + لا يكون بظلم الآخرين + شعوري بأن ضمان المستقبل ليس في أموالي بل أن لي إله غني قدير يحبني.