إنه لشيء مذهل ومثير للدهشة أن تكون تلك المأساة التي هي بعيدة كل البعد عن إدراكنا – أي مأساة انتقال الخطيّة – شيئًا لا يمكننا بدونه الحصول على أي معرفة عن أنفسنا!
إذ بلا شك لا يوجد ما يصيب تفكيرنا بالصدمة أكثر من كون خطيّة الإنسان الأول هي سبب إدانة أولئك الذين كانوا أبعد ما يكون عن مصدر العدوى، حتى أنه كان من المستحيل أن يصابوا بعدوى هذه الخطية. فإن مبدأ انتقال الخطيّة لا يبدو لنا مستحيلاً فحسب، بل أيضًا جائرًا للغاية. فأي شيء يمكن أن يناقض قوانين العدالة المثيرة للشفقة أكثر من إدانة أبديّة لطفل تعوزه قوة الإرادة لارتكاب خطيّة، يبدو أنه لعب فيها دورًا صغيرًا للغاية، وهي أيضًا قد تم اقترافها قبل أن يولد بستة آلاف عام؟ نؤكد لكم أنه لا شيء يمكن أن يكون صادمًا لنا من بين جميع العقائد الأخرى أكثر من هذه العقيدة. ومع ذلك، وبدون هذا اللغز الغامض وغير المعقول البتة، فإننا نعجز عن فهم أنفسنا. فإن الخيوط المتشابكة لعقدة حالتنا تلف حول هذه الفجوة [المترجم: أي أن هذا اللغز يعد الأساس لفهم تشابك وتعقيد حالتنا]، حتى أن الإنسان نفسه دون هذا اللغز يصير غامضًا أكثر من كون اللغز نفسه غامضًا بالنسبة له