الألم والمجد

[Ebn Barbara]

قد تصادف اشخاصا ً يعجبون باشياء لا تتميز بأي نوع من الجمال أو يعتزون بامور عادية وربما بغيضة ، واذا حاولت ان تستجلي الامر فانك تجد ان الاشياء التي لا جمال لها تحمل معها اطيب الذكريات لنفوسهم كما تقترن الاشياء البغيضة في اذهانهم باروع الاختبارات . اذا ما عرف المؤمن ان آلام الحياة التي نقاسيها تقترن بالمجد وتؤدي اليه فسيكون لهذه الحقيقة اذا ما توطدت في نفسه اجمل الاثر في تخفيف وقع الآلام عليه ورفع المعاناة عنه ، ولا شك ان المجد لله ، ولله وحده ، أما اذا اصاب الانسان قدر ٌ من المجد فلا بد ان يكون مكتسبا ً من الله ولذلك فاذا كانت آلامك ايها المؤمن تجعلك ترتبط بالله بصورة او باخرى فيمكنك عن طريقها ان تحظى بمجد الهي عظيم . كم من مؤمن جعلت منه الآلام خادما ً لله عندما تحملها بصبر وتسليم للإله المحب القدير فوجد عزاء ً وافرا ً حتى اصبح هو نفسه عزاء ً لكل اللذين هم في ضيقة بل اصبح رسالة حية تبشر بقوة عمل نعمة الله في الانسان ، وأي مجد أن تكون خادما ً لملك الملوك ورب الارباب . ليس مألوفا ً أن يسدي الاشخاص العاديون معروفا ً لاصحاب الجاه والمناصب الرفيعة وانما العكس هو الصحيح لذلك فعندما قدم مردخاي للملك احشويرش خدمة أدت الى انقاذ حياة الملك نال كرامة عظيمة ومجدا ً فائقا ً ، وكم من مجد تنال وانت تخدم الله رب السماوات والارض مشتركا ً معه في بناء ملكوته المبارك متحملا ً بصبر ورضى ما قد يسمح به لك من آلام . لماذا تسير في طريق الألم مطأطأً الرأس مع انك في آلامك تسلك نفس الطريق الذي سلكه المسيح ابن الله من قبل . ألم يتنبأ عنه اشعياء : " رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ " اشعياء 53 : 3 ) و " يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ ، وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ " ( متى 10 : 25 ) . قيل ان طلبة بطرس عند استشهاده ِ كانت ان لا يُصلب كسيده ِ لانه رأى في هذا شرفا ً لا يدعيه ومجدا ً لا يستحقه ُ فطلب ان يُصلب منكّس الرأس . اذا كان من سُنّة الحياة ان يأتي المجد ثمرة طبيعية للألم والكد والجهاد فإن آلام المؤمن اذا كانت بحسب مشيئة الله لا بد ان تقوده للمجد الأبدي الذي يفوق كل ادراك بشري حيث يشترك مع الله نفسه في أمجاده " لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا " ( 2 كورنثوس 4 : 17 ) . و " أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا " ( رومية 8 : 18 ) . كم يحز في نفسي أن اجد مؤمنا ً يجتاز طريق الألم بنفس مرة حاسبا ً نفسه ضحية ظروف معاكسة فيمضي يندب حظه ويرثي لحاله ِ ويستدر رثاء الآخرين ، لذلك ادعوك أخي المتألم واختي المتألمة أن تفكر في الامجاد التي يمكن ان تنالها في طريق الألم حتى تقطعه متماسكا ً مرفوع الرأس ، واذا استطعت بنعمة الله أن تملأ فكرك بامجاد الالم فانك تعد نفسك لاختبار من امجد الاختبارات " اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ " ( يعقوب 1 : 2 ) .