رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نشأة السيد المسيح كما كان السيد المسيح عجيبًا في ميلاده، هكذا أيضًا كان عجيبًا في نشأته وباقي أمور حياته وخدمته. فقد هرب من وجه هيرودس الملك الذي أراد أن يقتله. وذهب السيد المسيح متغربًا في أرض مصر وتباركت مصر بحضوره إليها. وارتجت أوثان مصر وذاب قلب مصر داخلها (انظر إش19). كان من الممكن أن يصطدم السيد المسيح بهيرودس الملك، لأن المسيح أقوى منه بكثير، ولكن في إخلائه لذاته، فضَّل أن يهرب -مع ما في الهروب من مظاهر الضعف وعدم المواجهة- لأن السيد المسيح لم يكن منشغلًا بمظاهر القوة والعظمة الخارجية، بل بتحقيق الانتصار غير المنظور ضد مملكة الظلمة الروحية، فأظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة. #وبعد مذبحة أطفال بيت لحم بدا للناس وكأن السيد المسيح الذي رأى المجوس نجمه، قد ذُبح وانتهى أمره. وبهذا قَبِلَ السيد المسيح أن يصير مذبوحًا في نظر الناس، وكأنه غير موجود، وهو الحامل لكل الوجود، والذي به "نحيا ونتحرك ونوجد" (أع17: 28). قَبِل المسيح هزيمة مؤقتة أمام هيرودس، في نظر الناس. فمن الواضح أن مذبحة الأطفال وهروب السيد المسيح إلى أرض مصر قد صنعا معًا فاصلًا بين ميلاده ونشأته في الناصرة، حتى ظن اليهود فيما بعد أن السيد المسيح من الجليل. وقالوا مستنكرين "ألعل المسيح من الجليل يأتي. ألم يقل الكتاب إنه من نسل داود ومن بيت لحم القرية التي كان داود فيها يأتي المسيح؟" (يو7: 41، 42). وحتى نثنائيل الذي دعاه السيد المسيح، قال في البداية "أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح؟!" (يو1: 46). ولكن حينما كُتب الإنجيل فيما بعد اتضح أن السيد المسيح لم يكن من الجليل ولا من الناصرة في ميلاده، بل من بيت لحم اليهودية مدينة داود الملك حسب الكتب المقدسة. وأعطى القديس لوقا الدليل القاطع الذي يستطيع أن يرجع إليه كل إنسان في ذلك الزمان الذي كتب فيه إنجيله، بأن ذكر أن السيد المسيح قد تسجّل ضمن الاكتتاب الأول الذي أمر به أوغسطس قيصر.. إذ أمر بأن تكتتب كل المسكونة "وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سورية" (لو2: 2)، مشيرًا في أي سجلات المواليد ينبغي أن يبحث الإنسان عن زمان ومكان ونسب السيد المسيح. قيل عن السيد المسيح أنه "كان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو2: 52). وأيضا "كان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئًا حكمة وكانت نعمة الله عليه" (لو2: 40). أخلى السيد المسيح ذاته آخذًا صورة عبد "وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه" (فى2: 8). ولذلك قَبِل أن يوجد في صورة طفل رضيع تحمله السيدة العذراء بين ذراعيها وتمنحه الغذاء حينما أرضعته من لبنها. وقَبِل أن ينمو قليلًا قليلًا بشبه البشر وأن يتعلم المشي والكلام وهو المذخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة والعلم، وهو اللوغوس (الكلمة). # خضع السيد المسيح لنواميس الطبيعة بلا خطية وخضع لقواعد الحياة ونواميسها،فكان خاضعًا لأبويه (أى العذراء وخطيبها يوسف)، مطيعًا لهما (انظر لو2: 51). وبهذا أكمل الوصايا الإلهية بما في ذلك وصية "أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض" (خر20: 12) "التي هي أول وصية بوعد" (أف6: 2). لم يقدّم السيد المسيح في تجسده خضوعًا للآب السماوي فقط، بل وضع نفسه وأطاع من أوصى الرب بطاعتهم من البشر. مقدمًا المثل الأعلى في التواضع وإنكار الذات. # وبالرغم من أن السيد المسيح هو قدوس القديسين، وهو رئيس كهنة الخيرات العتيدة، وهو رئيس الخلاص، وهو رئيس السلام، وهو راعي الخراف العظيم، وهو ملك الملوك ورب الأرباب، وهو مشتهى الأجيال، وهو خلاص الله الذي أعده قدام كل شعوب الأرض. إلا أنه لم يبدأ خدمته الخلاصية المبشرة بالإنجيل وباقتراب ملكوت الله إلا بعد بلوغه سن الثلاثين. في تلك السن مسح الآب السيد المسيح بالروح القدس في نهر الأردن ليُستعلَن السيد المسيح كخادم للخلاص وككاهن مدعوًا من الله رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق. كان أبناء هرون لا يبدأون في ممارسة خدمتهم الكهنوتية في خيمة الاجتماع حسب الشريعة إلا بعد بلوغهم سن الثلاثين. وهكذا فعل أيضًا السيد المسيح. إن العقل يقف حائرًا أمام هذه الأعوام الثلاثين التي قضاها السيد المسيح بدون خدمة رسمية، بل اقتصرت خدمته على حياته وقدوته الحسنة ومعاملاته الطيبة. وتمتعت السيدة العذراء بعشرة طويلة مع ابنها الوحيد يسوع المسيح القدوس الذي "فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو2: 9). من يستطيع أن يحكى عن حلاوة تلك الأيام والشهور والسنين الطويلة؟! وأي قلب بين البشر أحب السيد المسيح مثل قلب العذراء القديسة التي حملته في بطنها، كما حملته في قلبها وعقلها ووجدانها؟! ويكفى أنها كانت تراه في كل يوم وكل ساعة ملء العين والقلب والفكر على مدى ثلاثين عامًا. كان يعمل نجارًا، يستجيب لمطالب الناس ويعمل في الخير ما يرضيهم. كم من البيوت امتلأت من فنه وعمل يديه؟! وهو الذي "قاس السماوات بالشبر" (إش40: 12) والمسكونة هي عمل يديه.. ما أعجب اتضاعك أيها السيد النجار..؟! في صمتك، في هدوئك، في وداعتك وأنت تعمل من أجل بناء الإنسان وأنت المهندس الأعظم.. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نشأة السيد المسيح |
الام وصلب السيد المسيح |
الصليب المقدس وصلب السيد المسيح |
كيف وصلت الينا صور السيد المسيح والقديسين والقديسات؟ |
صور ألام وصلب السيد المسيح |