رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
" وكان الكلمة الله " هل كان الكلمة الله أم إله؟ (الكلمة (o` lo,goj - Logos) عبر تاريخ العقيدة) 1 – كلمة الله في العهد القديم: يتكلم الكتاب المقدس عن " كلمة الله " أو " كلام الله " الذي يرسله بالإعلان الإلهي عن طريق أنبيائه ورسله بالروح القدس، والذي كان يحمل رسالة لبني إسرائيل في العهد القديم ولما تجسد الرب يسوع المسيح حمل تلاميذه ورسله الإنجيل، كلمة الله، للعالم كله. وهذه الكلمة والكلام، كلام الإعلان الإلهي، يصفه الكتاب بقوله: " كلمة الرب التي صارت إلى ارميا النبي عن الأمم " (ار46 :1)، " كلمة الرب التي صارت إلى صفنيا " (صف1:1)، " كانت كلمة الرب عن يد حجي النبي " (حج1:1)، " وكانت كلمة الله تنمو وعدد التلاميذ يتكاثر جدا " (أع6 :7)، " أزمنة رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر " (أع3 :21)(1). ولكن الكتاب المقدس، بعهديه، يتكلم أيضاً عن كلمة الله، الكائن في الذات الإلهية، والعامل في الكون، كخالقه ومدبره وفاديه وديانه، ومن ثم يستخدم الكتاب كلمة الله هنا بمعنى الكلمة التي تخرج من فم الله، ولكنها ليست ككلام الإنسان بل كلمة الله التي تعمل في الكون، وعندما يقول الله للشيء " كن " تعمل كلمته في الكون والمادة والطبيعة وتجعل الشيء موجوداً " يكون " وتعطي الحياة. ومن هنا نفهم حقيقة ما جاء في بداية سفر التكوين قوله: " في البدء خلق الله السموات والأرض 000 وقال الله ليكن نور فكان نور 000 وقال الله ليكن جلد في وسط المياه. وليكن فاصلا بين مياه ومياه 000 وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. 000 وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض. وكان كذلك 000 وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل. وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين 000 وكان كذلك 000 وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلد السماء 000 وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها. بهائم ودبابات ووحوش ارض كأجناسها. وكان كذلك 000 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم " (تك1 :1-27). وهنا يقول الله " كن "؛ " ليكن "، " لتجتمع "، " لتنبت " 00 الخ، ثم يقول: " وكان كذلك "، يعني أن عمل الخلق، كما فهمه علماء اليهود، قد تم بـ " كلمته "، كلمة الله التي تعمل في الكون والخليقة وتقوم بعمل الخلق وإيجاد الخليقة من لاشيء، من العدم، وتعطي الحياة للخليقة. فالكلمة، كلمة الله، هنا هي كيان إلهي في ذات الله يقوم بعمل الخلق، ويقدم لنا المزمور (33) صورة وصفية واضحة وإشارة لعمل كلمة الله الخالق حيث يقول: " بكلمة الرب صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها " (مز33: 6). والكلمة هنا مشخصة، ككيان متمايز في الذات الإلهية، تقوم بعمل الخلق في الكون والطبيعة وتعطي الحياة. كما يوضح لنا الوحي الإلهي في سفر اشعياء وجود هذا الكلمة الإلهي في الذات الإلهية وكيف يرسلها الله لتعمل في الكون والخليقة - 10 - بقوله: " لم أتكلم من البدء في الخفاء. منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه " (اش48 :16). وهذا الوصف لعمل كلمة الله يساوي قوله: " في البدء كان الكلمة (لوجوس – logos –lo,goj) والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله 000 والكلمة صار جسداً وحل بيننا " (يو1:1و14). كما يوضح لنا كيفية عمله في الكون وكيفية خروج الكلمة من ذات الله، بدون انفصال، لتعمل ما يرسلها من أجله، بقوله: " كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما أرسلتها له " (اش55 :11). أي أن الله يرسل كلمته من ذاته لتعمل إرادته وتنفذ العمل الذي أرسلها من أجله. فالله في طبيعته وجوهره، كلي الوجود وكلي القدرة وكلي الحكمة والعلم وهو روح ونور غير مرئي وغير مدرك بالحواس ولذا يكشف ويعلن عن ذاته في الطبيعة وفي الناموس والأنبياء بواسطة كلمته ويعمل في الخليقة والكون بكلمته وحكمته. وتظهر هذه العقيدة في العهد القديم في ثلاثة أوجه هي: (1) الكلمة، كلمة الله في العهد القديم ترمز دائما لقوة الله وعمل الله في الكون والخليقة، فهي المنفذة لإرادته والموجودة والمتضمنة في ذاته الإلهية، وترتبط دائماً بعمل الله الخلاق، كما بينّا أعلاه: " وقال الله ليكن 000 فكان 000 وقال الله ليكن 000 وليكن 000 وكان كذلك 000 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا 000 فخلق الله الإنسان على صورته ". وهي تظهر كأقنوم، مشخصة ومتمايزة في الذات الإلهية، كما يصورها الشعر العبري النبوي في العهد القديم(2)، التي تظهر في بعض فقراته، كالفاعل المحرك والفعال المنفذ للإرادة الإلهية كقوله(3): " أرسل كلمته (Arb'D>â- to.n lo,gon auvtou - His word) فشفاهم ونجاهم من تهلكاتهم" (مز107 :20)، والفاعل المنفذ في الطبيعة " يرسل كلمته (Ar*b'D> - o` lo,goj auvtou/) في الأرض سريعا جدا يجري قوله " (مز147 :15). وينسب إلي كلمة الله كل صفات الذات الإلهية لكونها كلمة الله الذاتي والإعلان الإلهي المستمر سواء في الطبيعة والكون أو الناموس والأنبياء " لأن كلمة الرب مستقيمة وكل صنعه بالأمانة " (مز33 :4)، " يبس العشب ذبل الزهر وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد " (أش40 :8)، كما أن الكلمة هو الشافي " أرسل كلمته فشفاهم ونجاهم من تهلكاتهم " (مز107 :20)، بل ويقول أيضاً: " كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إليّ فارغة بل تعمل ما سررت به وتنجح فيما أرسلتها له " (اش55 :11)، وكذلك قوله في مزمور (147 :15) " يرسل كلمته في الأرض سريعا جدا يجري قوله ".وقد جاءت عبارة " بكلمة الرب " في قوله: " بكلمة الرب (يهوه) صنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها " (مز33:6) " בדבר יהוה - bdâbâr yhwh" والكلمة هنا " rb'D' - dâbâr "، لتؤكد هذا المعنى وهو أن الله خلق الكون وأعطاه الحياة بكلمته، كلمة الله، كلمة الرب (يهوه) " dâbâr yhwh ". وقد ترجمت عبارة " بكلمة الرب (يهوه) " في هذه الآية الأخيرة (مز33:6) في اليونانية السبعينية " tw/| lo,gw| tou/ kuri,ou – بكلمة الرب "، وفي الإنجليزية "By the word of the LORD "، والكلمة هنا " lo,gw| = lo,goς = Word "(4). كما أن كلمة " rb'D' - dâbâr - الكلمة " ترجمت إلى اليونانية في كل العهد القديم إلى " lo,goj " و " r`h,ma "(5)، وترجمت " لوجوس – lo,goj " في كل الأسفار التاريخية. والكلمة نفسها في العبرية، كما يقول قاموس Kittel اللاهوتي، تقدم لنا المفهوم المادي للطاقة المحسوسة فتظهر كالقوة المادية التي تجرى القوة في المادة وتصنع الحياة. وكانت الكلمة في كل أسفار العهد القديم تعبر عن الإعلان الإلهي في الناموس والأنبياء. وفيما بعد السبي اجتمع الناموس في كل من أسفار موسى والأنبياء وهنا اتخذت الكلمة شكلا مكتوباً وتحول المفهوم النبوي لكلمة الرب (يهوه) " דבר יהוה - dâbâr yhwh" و " lo,gw| tou/ kuri,ou " إلى كلمة كلية جامعة، ولأن كلمة الرب (يهوه) تشير دائما للإعلان الإلهي في الناموس والأنبياء فقد استخدمها الكتاب لتشير أيضاً لإرادة الله المعلنة، كما يعلن الكتاب أن الكلمة لها مجال ثالث في الإعلان الإلهي هو خليقة الطبيعة والكون التي يقول الكتاب أنها خلقت بكلمة الرب (يهوه) (6). وعندما تُرجم العهد القديم من العبرية إلى الآرامية وضُعت كلمة " ميمرا - מימרא–Memra ) كبديل لـ " دابار - dâbâr)، لتشير إلى " كلمة الله " بل وإلى " الله " نفسه، بل ووضعت أيضاً كترجمة لقول الله " أنا "، وصارت اسم خاص لله. وكان هذا هو اعتقاد علماء اليهود، الربيين، منذ زمن عزرا في القرن الخامس قبل الميلاد وما تلاه. فتقول جذاذة ترجوم على التوراة (خر12 :42): " في الليلة الأولى عندما ظهر كلمة الرب (מימראיהוה=Memra Yhwh ) للعالم لكي يخلقه، كان العالم خالياً وخرباً وانتشرت الظلمة فوق كل اللاتكون وكان كلمة الرب (מימראיהוה=Memra Yhwh ) مشرقا ومنيراً ودعاها الليلة الأولى ". ويقول ترجوم يوناثان على تكوين (1 :27) عن خلقة الإنسان: " فخلق كلمة الرب (מימראיהוה=Memra Yhwh ) الإنسان على صورته على صورة يهوه، يهوه خلقه "(7). |
|