ربنا باعتلك رسالة ليك أنت
الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2025
يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب وتبعية الرب «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني». ورد مضمون هذا القول على فم الرب 6 مرات في الأناجيل الأربعة، في 4 مناسبات مختلفة مع اختلاف قليل في الألفاظ (مرتين في متى ومرتين في لوقا، مرة واحدة في مرقس ومرة أخرى في يوحنا) وهذا يدل على أهميه حمل الصليب في حياتنا. لقد كان الرب ينوِّه بكثرة إلى هذا الموضوع، لِما له من فائدة روحيه عميقة على الحياة الروحية. فالصليب قد دخل إلى أعماق النفس البشرية، فأمست الحياة الروحية للمؤمنين في فترة غياب ورفض الرب هي فترة "حمل الصليب وإنكار الذات"، وستستمر كذلك إلى أن يأتي إلينا من السماء، وحينئذ نستمتع بالحياة معه في ملئها وأفراحها. ولكن قبل أن نتأمل في الجوانب الأربعة لحمل الصليب يجب أن نفهم أولا ماذا يعني الرب بقوله حمل الصليب وأيضا ماذا يعني بإنكار الذات. حمل الصليب لقد جعل الرومان الصليب مشهداً مألوفاً في مستعمراتهم، ولم تستثنَ فلسطين من ذلك. كان كل متمرد يُحكم عليه بالصلب مُجبَراً على حمل صليبه - أو حمل عارضة الصليب على الأقل - إلى الموقع الذي سيُصلب فيه. وهكذا كتب يوحنا عن الرب يسوع أنه «خرج وهو حامل صليبه إلى موضع الجمجمة» (يو19: 17). فالمعنى إذاً من حمل الصليب واتباع الرب هو "أن يضع المرء نفسه في وضع الإنسان المحكوم عليه وهو في طريقه إلي تنفيذ حكم الإعدام". وكما عبَّر أحدهم عن ذلك قائلاً: "عندما يدعو المسيح إنسانا، يأمره بأن يأتي ويموت". إن "صليبنا" إذاً رمز للموت عن الذات. إنكار الذات يمكننا أن نجد ضوءاً أكثر لمعنى كلمة "الإنكار" في قول الرب لبطرس «قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات» (لو22: 61). فالفعل الذي استخدمه الرب في هذه الكلمة يحمل معنى "تبرأ منه" أو "أدار له القفا"، فإنكار الذات لا يعني أن نحرم نفوسنا من أنواع الترف المختلفة، ولو أن هذا قد يكون مُتضمنَاً في المعنى، ولكن تعني التبرؤ من ذواتنا، ونبذ حقنا المفترض في السير كما نريد. وهذا على العكس تماماً من "النرجسية" أو التمركز حول الذات. إن إنكار الذات يحمل في أعماقه إنكار حقوقي المشروعة من أجل تبعية الرب، وهذه هي حياة التلمذة والتبعية الحقيقية للرب بل هي حياة "الانتذار للرب". والآن، إلى الجوانب المختلفة لحمل الصليب: 1- الصليب والمحبة الإنسانية «من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب إبناً أو ابنه أكثر مني فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني» (مت10: 37،38). إن المحبة البشرية التي تنبع من داخل النفس ليست خطية، بل هي عاطفة مشروعة. ولكن إذا كان هناك خيار بين محبتنا لله ومحبة أقرب الأقربين إلينا، فهنا يجب أن تعلَّق المحبة الطبيعية على عود الصليب، على الرغم مما يصاحب ذلك من ألم، فصَلب العواطف ليس بالشيء الهيّن، ولكن محبتنا للرب يجب أن تكون لها المكانة الأولى، فينبغي «أن يُطاع الله أكثر من الناس». لقد نجح إبراهيم إزاء هذا الاختبار بينما فشل يوناثان في اختبار أقل. ففي تكوين 22 صبّ الله تجربته على رأس اسحاق، مركز عواطف إبراهيم، ابن محبته، بل ابن شيخوخته، موضوع مسرة قلبه وبهجة حياته، ومركز آماله، فلم يكن ممكناً لإبراهيم أن يُجرَّب في أي شيء في حياته أثمن من وارث المواعيد، فقد كان على استعداد أن يضحي بسارة نفسها -وقد سبق وعمل ذلك فعلاً - بشرط ألا يقترب مكروه من اسحاق. في بداية حياته كانت طاعته للرب جزئية فلقد كان قول الرب له «اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك»، فمع أنه ترك عشيرته وأرضه، فإن عواطفه ومشاعره حالا دون أن يفترق عن أهله وأقاربه. فنجده يخرج ومعه تارح أبيه وأبن أخيه لوط، وما كان أسوأ ذلك في طريق طاعته للرب. ولكن كان ينبغي أن يكون هناك دليل أعمق يدل على أن الرب له المحبة الأولى في حياته، وجاء هذا الدليل بوضوح عندما قدّم اسحاق الذي أحبه فوق كل شيء، قدّمه وهو مجرَّب، قدّم الذي قبل فيه المواعيد، فقبل أن يرفع عليه السكين اخترقت السكين أحشاءه، وفي مفهومنا هنا لم يكن إبراهيم يحمل صليبه فحسب، بل كان الصليب يخترق أحشاءه، وهو بذلك أعلن لله كامل محبته وإخلاصه له، وأن محبة أعز عزيز عليه لن تقف حائلاً بينه وبين محبته للرب. وعلى النقيض من إبراهيم نجد يوناثان، مع أنه أحب داود كنفسه (1صم18: 1) ومع أنه قطع معه عهداً، لكن لما جاء المحك العملي، عندما كان عليه أن يختار بين "داود" و"شاول"، بين "القصر والمدينة" و"مغارة عدلام"، فضّل أن يكون مع أبيه في القصر عن أن يهرب مع داود في الجبال والمغاير. إننا أمام شخصين أحدهما نجح في ما فشل فيه الآخر: إبراهيم عرف كيف يحمل صليبه ويصلب عليه عواطفه البشرية، ويتبع الرب من كل قلبه؛ ولذلك فقد استحق الرب. والآخر لم يستطع أن يتخلى عن رفاهية حياة القصر، كما عن ارتباطه بأبيه؛ فكانت النتيجة أنه مات مع أبيه على جبل جلبوع ولم يحظَ بالملك مع داود. 2- الصليب ومحبه العالم «اذكروا امرأة لوط، من طلب أن يخلِّص نفسه يهلكها ومن أهلكها يحييها» (لو17: 32،33). إن الرب استغل الحادثة التي حدثت لامرأة لوط، لكي يطلق تحذيراً إلى كل المؤمنين، على مرّ العصور، من خطورة التمسك بالمقتنيات والممتلكات الأرضية. فعلى الرغم من أن الملاكين قد دفعوها دفعاً لتخرج خارج سدوم، إلا أن قلبها ظل متعلقاً بممتلكاتها داخل تلك المدينة، فنظرت إلى الخلف. لقد كان قلبها ذاهباً وراء نظرتها، وكانت النتيجة أنها صارت عمود ملح. وكثير من المؤمنين يبدون ظاهرياً تخليهم عن العالم وعدم تمسكهم بما فيه، ولكن في باطنهم يكونون متمسكين بما في العالم. فيجب علينا أن ندرك جيداً ونعيش ما فعله الصليب بالنسبة للعالم وبالنسبة لي «صلب العالم لي وأنا للعالم» (غل6: 14). فالصليب يعني أن الذين يستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه، فالعالم بالنسبة لنا مجرد طريق عبور في أرض غريبة، ويجب أن يكون لسان حالنا ما قاله الشعب قديماً لملك أدوم «دعنا نمر في أرضك، لا نمر في حقل ولا في كرم ولا نشرب ماء بئر، في طريق الملك نمشي لا نميل يميناً ولا يساراً حتى نتجاوز تخومك» (عدد20: 17،18). 3-الصليب والحياة الطبيعية «الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير. من يحب نفسه يهلكها ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية» (يو12: 24،25). يوضِّح الرب لنا هنا معنى الصليب بطريقة مبسطة، فيذكر أن حبه الحنطة، وإن كانت لها حياة طبيعية في ذاتها، ولكنها لن تتمكن من الإثمار إلا حينما تجتاز الموت. وإن الموت يجرِّد حبه الحنطة من قشرتها الخارجية، من محدوديتها، فالقشرة الخارجية تحصر بداخلها قوة حياة غير محدودة قادرة على الإثمار الكثير. قال المسيح مرة «لي صبغة أصطبغها وكيف أنحصر حتى تكمل» (لو12: 50)، فمع عظمة المسيح وعظمة حياته، أدرك أنه لن يكمل إلا إذا اصطبغ بصبغه الموت والصليب. وهكذا الحال معنا، فنحن كأولاد لله لنا قدرات إلهية كامنة في أعماقنا (1بط1: 5)، ولكن هذه القدرات لن تنفجر وتخرج إلى حيز الوجود إلا حينما تتفتت القشرة الخارجية، «لنا هذا الكنز في أوان خزفية» ولكي يرى الناس الكنز الموجود في داخلنا، وأعني به أثمار الروح القدس في حياتنا، يجب أن يُكسر الإناء الخزفي، والمقصود به الحياة الطبيعية الذاتية، وهذا هو مبدأ الله: فلكي يمتلئ المكان من رائحة الطيب يجب أن تنكسر قارورة الطيب، وكسر القارورة يعني أنها لن تعود تصلح مره أخرى إلى شيء. إن المسيح لم يُشبع الجموع بالخمس خبزات من شعير والسمكتين إلا بعد ما «كسر وبارك»، فقبل البركة والإثمار من المحتم أن يأتي الكسر، وهذا ليس بالشيء اليسير والهين علي الحياة الطبيعية، التي عادة ما تصارع على البقاء، فيعقوب ظل يصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولكنه لم يُبارك ولم يأخذ لقب إسرائيل أي "أمير الله" إلا بعد أن "خلع الله حق فخذه"، فتكسير يعقوب كان حتمياً حتى يأخذ البركة. يا له من مبدأ عظيم وعميق في مقاصد الله وفكره، ويا ليتنا لا نقاوم يده العظيمة وهي تتدخل في حياتنا بغرض الكسر، فهو يكسر فقط الحياة الطبيعية الهشة الضعيفة التي ورثناها من آدم، يكسر الإنسان الخارجي، أما الداخل فيطلقه بدون حدود حتى يعطِّر المقادس، ويعطِّر أجواء هذا العالم الذي لا يعرف سوى الحياة الخارجية المحدودة. فبهذا الكسر تأتي بركات كثيرة وإثمار عظيم. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! من عرف فكر الرب ومن صار له مشيراً! 4-الصليب والإرادة الذاتية «إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني، فإن من أراد أن يخلِّص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها» (مت16: 24،25). مرة أخرى نجد دعوة الرب لتلاميذه موجهة إلى حمل الصليب، والغرض هنا كما نفهم من قرينة النص، هو تسليم إرادتهم الذاتية إلى الموت. فبعد عظمة الإعلان الذي نطق به بطرس في قيصرية فيلبس عن الرب «أنت هو المسيح ابن الله الحي»، فقد تصور التلاميذ أن ساعة المُلك قد أوشكت، وقد تأكد لهم ذلك في حادثة التجلي. ولكن بعدها مباشرة ابتدأ الرب يتكلم عن اقتراب موعد آلامه وصلبه، وأيضاً رفض الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة له، وفي الواقع لم يكن إعلان الرب هذا له صدى طيب عند تلاميذه، فالإنسان الطبيعي لا يحب الآلام الصليب وما يجلبه من عار، كما لا يحب أن يكون مرفوضاً ممن هم حوله، خاصة إن كان هؤلاء هم قادة الأمة والذي يُأخذ رأيهم بعين الاعتبار، مما دفع بطرس أن يتجاسر وأن يأخذ على عاتقه توبيخ الرب، محاولاً أن يثني عزمه ويغير إرادته، وهو بذلك ترك مكانه كتلميذ وأخذ مكان المعلم، فكان انتهار الرب له «اذهب عني يا شيطان، أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس».(مت16: 23)، والترجمة الدقيقة "اذهب ورائي" وخذ مكانك الصحيح، لم يكن بطرس يعرف معنى الاهتمام "بما لله" حتى عندما يستدعي الأمر موت الصليب. ويكفي أن نلقي نظرة على "جثسيماني" حتى ندرك عُظم الكلفة والمشقة التي كان على الرب أن يتكبدها وهو يسكب للموت نفسه، ولا يشفق على نفسه بل ويطيع حتى الموت، موت الصليب. إن تنفيذ إرادة الله عمل مكلف، ولا يستطيع الإنسان أن يطيع وينفذ إرادة الله، مادامت إرادته الطبيعية هي صاحبه السيادة في حياته، فالنفس البشرية تحب أن تعمل إرادتها وليس إرادة الله، فهي تعرف جيداً كيف "تهتم بما للناس"، تعرف أن تحافظ على وضعها وكيانها ولا تهتم مطلقا بإرادة الله. لقد كان كلام بطرس للرب يسوع نابعاً من إرادته الطبيعيه، التي تكره فكرة الصليب، ولذلك اهتم الرب أن يوضح لتلاميذه أهميه التخلي عن الإرادة الطبيعية وصلبها، لأنها ستكون أداة فعالة في يد الشيطان إذا لم تُسلَّم للموت. فيا ليتنا نتعلم هذا الدرس العظيم ويكون أمام أعينا دائماً قول الرسول «أ فأسْتَعْطف الآن الناس أم الله؟ أمْ أطلب أنْ أرضي الناس؟ فلو كنتُ بعد أرضي الناس لم أكُنْ عبداً للمسيح» (غل1: 10). |
|