رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يطلب الأنسان دائماً من الناس أفضل صفاتهم ومن الأشياء أجملها، ومايتمناه لنفسه ويستبعد تحقيقه يسعي إليه في الخيال واحلام اليقظة الوردية، ولو عادت عقارب الساعة إلي الخلف لاختار شخصيته وظروفا غير التي يحياها. ومن هنا يأتي الاقبال الشديد علي شبكة الأنترنت حيث العوالم المفتوحة بلا حدود وحيث يبلغ الابهار أقصي مدي له، ومواقع تحقق - في الخيال فقط- كافة الأماني، يغوص في موادها وصورها ويتخيل نفسه بطلاً لها لساعات فينفصل عن الواقع ليعود بعدها فيصدم ويزداد اكتائبا حالما تلامس قدماه أرض الواقع! ولعل هذه هي مشكلة أصحاب برج بابل الذين ذهبوا في تخيلهم إلي حد تأمين نفسهم ضد الله! (تكوين 11). الرومانسي يطلب من الآخر الرقة منتهي الرقة، ومن الغني أوفره ومن الأمانة كل الأمانة ومن الشهرة أوسعها، ومن القوة شمشونها (من شمشون) يريد الحياة سهلة بدون متاعب، يعشق خاتم سليمان ومصباح علاء الدين وتبهره "الألف ليلة وليلة" وتأتي اللفظة رومانسية من رومانتيكية من رومانتك أي روماني، حيث اعتبرت روما مملكة الابهار والفن والمتعة والأساطير والقوة والغني، وهكذا أطلق لقب رومانسي علي الشاب الروحي أو المتأثر بحضارة روما وثقافتها " romantic ". أما الشخص الموضوعي فهو متعقل، نعم هو ليس متشاءماً ولكنه واقعي، يعرف أن النجاح يسبقه الكفاح، والكمال المطلق هو لله وحده بينما يعاني كل البشر من نقاط ضعف، وأن الحياه بشكل عام مشوبة بالنقص، بينما الحياة في السماء هي السماء الجديدة والأرض الجديدة التي تكلم عنها سفر الرؤيا (رؤيا1:21) وبالتالي فمن المتوقع أن تواجهنا هنا في هذه الحياة بعض المتاعب وعلينا ألاّ نيأس متي أخفقتنا، بل لقد تسلمنا من السيد المسيح ومن الآباء أن نفرح في الآلام ونسر في الضيقات، بل وصل الألم في فلسفة المسيحية إلي حد اعتباره موهبة (فيلبي29:1). إن الواجهات الجميلة غالباَ ما تخفي وراءها كواليساً مليئة بالأسرار، فالجمال الجسدي قد يخفي بعض العيوب في الشخصية، ومشاهير الكوميديا لديهم الصعب من المشاكل، والقصورالشاهقة تحتاج إلي عشرات الملايين لشرائها وعشرات الآلاف للحياة فيها وصيانتها. مشكلة الرومانسي أنه يهرب من الواقع إلي الخيال، ومن الموضوعية الواعية إلي المثالية المريضة ، يتخذ له مكاناً علي هامش المجتمع، يحلق عالياً، وهو معرض للصدمات اكثر من غيره وكلما ارتفع اكثر اصبح سقوطه عظيماً، فليس نجاح دون سهر وليست شهرة دون كفاح طويل، وليس هناك ورد بدون شوك، انها مشكلة الريفيين البسطاء أمام شاشات العرض كل ليلة ينبهرون بما يعرض ويأخذهم ذلك إلي عوالم من السحر والخيال لساعات متأخرة من الليل يعودون بعدها إلي واقعهم المأساوي ينامون في ساعة متأخرة ويقل بالتالي انتاجهم ويعرضون الاخفاق بالرومانسية لذلك يقول العرب في أشعارهم "وما نيل الأماني بالتمني"... كذلك يقولون " من طلب العلا سهر الليالي" (ولكن ليس أمام الدش !! بل في دراسة وعمل) لا شك أن ذلك يختلف عن الأشخاص الموهوبين أصحاب الحس العالي، سواء في مجالات الموسيقي والرسم والشعر وغيرها، ولكن الفرق أن هؤلاء يجدون في الأشياء أجملها حتي ولو كان مظهرها بسيطاً، بعكس الرومانسيين الذين يهتمون بالمظهر اكثر من الجوهر، فلقد كان العديد من الموسيقيين والشعراء فقراء لا يملكون قوت يومهم، والبعض منهم لازمه الفقر حتي نهاية حياته (مثل موزار وتولستوي) الحب الحقيقي وجمال الروح أجمل من الشكل، والحالة النفسية للشخص هي التي تحدد مذاقة الطعام بل وفعاليته، والشخص الذي نريده هو من يحيا سعيدا رغم كل شئ بواقعية ووعي له مكاناته ولما يدور حوله، فالحياة كما قلنا من قبل تحتاج إلي تفهم وتقبل وتعايش، فليس كل الاغنياء سعداء وليس كل الفرحين مليونيرات... |
14 - 05 - 2012, 07:00 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
مشاركة مميزة جدا يارونى |
|||
15 - 05 - 2012, 07:44 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
ميرسى ياهانى على مشاركتك
|
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
والواقع شيء آخر |
الفرق بين الرومانسيه والحب |
قمه الرومانسيه |
غرف نوم فى غايه الرومانسيه والروعه |
اللحظه الرومانسيه |