23 - 11 - 2012, 04:58 AM
|
رقم المشاركة : ( 2 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
الصليب
كلمة صليب staurov تدل على أداة التعذيب والعقاب و الإعدام المصنوعة من عمود خشبي يعلق عليه الشخص حتى يموت من الجوع والإجهاد
ترد كلمة صليب 28 مرة في العهد الجديد (خلال 27 ايه)
بينما ترد الفعل منها 46 مرة.
ولم يكن الصليب وسيلة للإعدام في العهد القديم (وكلمة "يصلب" ومشتقاتها في سفر أستير 5: 14، 7: 9و 10 معناها "يشنق" أو "يعلق") إذكانت وسيلة الإعدام هي الرجم. ولكن كان يمكن أن تعلق الجثث (بعد الإعدام رجماً) على خشبة لتكون عبرة (تث 21: 22و 23، يش 10: 26). وكانت من تُعلق جثته يعتبر ملعوناً من الله، ومن هنا يقول الرسول بولس أن المسيح" صار لعنة لأجلنا" لأنه علق على خشبة الصليب (غل 3: 13) كما كان يجب إلي تبيت جثة المعلق على الخشبة بل كان يجب أن تُدفن في نفس إليوم (تث 21: 23، انظر يو 19: 31). ومن هنا جاء التعبير عن صليب المسيح بأنه "خشبة" (أع 5: 30، 10: 39، 13: 29، 1 بط 2: 24) رمزا للإذلال والعار.
تاريخه
وكان الصليب في البداية عبارة عن "خازوق" يعدم عليه المجرم، أو مجرد عمود يعلق عليه المجرم حتى يموت من الجوع والإجهاد
ثم تطور على مراحل حتى أصبح في عهد الرومان عموداً تثبت في طرفه الاعلى خشبة مستعرضة فيصبح على شكل حرف “T” أو قبل النهاية العليا بقليل، وهو الشكل المألوف للصليب والذي يعرف باسم الصليب اللاتينى.
وقد تكون الخشبتان المتقاطعتأن متساويتين، وهو الصليب إليونأني،
أو أن يكون الصليب على شكل حرف “X” ويعرف باسم صليب القديس أندراوس،
وقد استخدم هذا الشكل للصليب في العصور الرومانية المتأخرة.
وقد بدأ استخدام الصليب وسيلة للإعدام في الشرق، فقد استخدمه الإسكندر الأكبر نقلا عن الفرس، الذين يغلب أنهم أخذوه عن الخازوق الذي كان يستخدمه الإشوريون. واستعار الرومان الفكرة من قرطاج التي أخذته عن الفينيقيين.
وقد قصر الرومان الإعدام بالصلب على العبيد عقاباً لإشنع الجرائم، وعلى الثوار من أهل الولايات. وقلما كان يستخدم الصليب لإعدام مواطن روماني (كما يذكر شيشرون). وفي هذا تفسير لما يرويه التاريخ من أن بولس الرسول (كمواطن روماني) أُعدم بقطع رأسه. أما بطرس (غير روماني) فأُعدم مصلوباً.
وبعد صدور الحكم على المجرم بالصلب، كأنت العادة أن يُجلد عارياً بسوط من الجلد من جملة فروع يُثبت فيها قطع من المعدن أو العظام لتزيد من فعاليتها في التغذيب،
ثم يُجبر المحكوم عليه على حمل صليبه إلى الموقع الذي سينفذ فيه الإعدام. وكان يجري ذلك عادة خارج المدينة.
وكان يسير أمامه شخص يحمل لوحة عليها التهمة التي حُكم عليه من أجلها أو قد تُعلَّق هذه اللوحة في رقبة المجرم بينما هو يحمل صليبه على كتفيه.
وكان المحكوم عليه يطرح أرضاً فوق الصليب، وتربط يداه أو ذراعاه، أو تسمران إلى الصليب. كما كانت تربط قدماه أو تُسمران.
ثم كان الصليب يرفع بمن عليه لكي يثبت رأسياً في حفرة في الأرض بحيث لا تلامس القدمان الأرض، ولكن ليس بالارتفاع الكبير الذي يبدو عادة في الصور .
وكان ثقل الجسم يرتكز -بالقدمين أو بالعجز- على قطعة بارزة مثبَّة بالقائم الرأسى للصليب حتى لا يتعلق الجسم بثقله كله على الذراعين المسمرين، مما يجعل عضلات الصدر مشدودة، فيمتنع التنفس ويموت المحكوم عليه مختنقاً بعد لحظات قليلة من تعليقه وعندما كان الحراس يرون أن المجرم قد تحمل من العذاب ما يكفي كانوا يكسرون ساقيه حتى لا يرتكز بقدميه على الخشبة البارزة ويصبح الجسم كله معلقاً على الذراعين فيتعذر التنفس
فيختنق المحكوم عليه ويموت كما حدث مع اللصين اللذين صلبا مع الرب يسوع. أما عندما جاء العسكر إلى يسوع لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات ولكن واحداً من العسكر طعن جنبيه بحربة وللوقت خرج دم وماء (يو 19: 33 و34) للتأكد من موته حتى يمكن أنزال الجسد، كما طلب اليهود من بيلاطس (يو 19: 31).
ويبدو أن طريقة الصلب كانت تختلف من منطقة إلى أخرى في الامبراطورية الرومانية الواسعة. ويبدو أن العملية كانت من القسوة والفظاعة حتى استنكف كُتَّاب ذلك العصر من إعطاء وصف تفصيلى لها، فكانت تعتبر من أقصى وأبشع وسائل العقاب. ولكن الرب وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب ( في 2: .
ويذكر المؤرخون المعاصرون أن الصلب كان أقسى اشكال الإعدام. ولا يصف البشيرون آلام المسيح الجسدية بالتفصيل، بل يكتفون بالقول "صلبوه". وقد رفض المسيح أن يأخذ أي مسكن لآلامه (مت 27: 34).
ولم يكن اهتمام كتبة العهد الجديد، بصليب المسيح ينصب – أساساً- على الناحية التاريخية، بل على الناحية المعنوية الكفارية الأبدية لموت الرب يسوع المسيح ابن الله. وتستخدم كلمة "الصليب" تعبيراً موجزاً عن أنجيل الخلاص عن أن يسوع المسيح قد "مات لأجل خطايانا"، فكانت الكرازة بالأنجيل تتركز في كلمة "الصليب" أو "بالمسيح يسوع وإياه مصلوباً" (1 كو 1: 17 و18، 2 : 2)،
ولذلك يفتخر الرسول بولس "بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14)، فكلمة الصليب هنا تعني كل عمل الفداء الذي أكمله الرب يسوع المسيح بموته الكفارى.
كما أن كلمة "الصليب" هي كلمة "المصالحة" (2 كو 5: 19)، فقد صالح الله إليهود والامم في جسد واحد بالصليب قاتلاً العداوة به " (أف 2: 14 –16)، بل صالح "الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه" (كو 1: 20 ) ، "إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب إذ جرد الرياسات والسلاطين إشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه" (كو 2: 14 و15).
والصليب في العهد الجديد – يرمز إلى العار والاتضاع، ولكن فيه تتجلى "قوة الله وحكمة الله " (1 كو 1: 24). لقد استخدمته روما ليس كآلة للتعذيب والإعدام فحسب، ولكن كرمز للخزى والعار إذكان يُعدم عليه أحط المجرمين، فكان الصليب لليهود عثرة لأنه رمز اللعنة (تث 21: 23، غل 3: 13) وهذا هو الموت الذي ماته المسيح، فقد "احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12 : 2) وكانت آخر درجة في سلم اتضاع المسيح أنه "أطاع حتى الموت ، موت الصليب" ( في 2: لهذا كان الصليب "حجر عثرة " لليهود (1 كو 1 : 23 انظر أيضاً غل 5 : 11).
وكان مشهد حمل المحكوم عليه للصليب أمراً مالوفاً عند من خاطبهم المسيح ثلاث مرات بأن طريق التلمذة له هي "حمل الصليب" (مت 10: 38، مرقس 8 : 34، لو 14 : 27) أي حمل الخزي والإهانة من أجل اسمه.
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:07 AM
|
رقم المشاركة : ( 4 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
عيد الصليب وقصته
يقع عيد الصليب كل عام في 14 أيلول/سبتمبر .
تاريخ
تم الكشف علي الصليب المجيد , بمعرفة الملكة القديسة هيلانة , أم الإمبراطور قسطنطين وكان ذلك في عام326 لميلاد المسيح
اشتاقت الملكة هيلانـة ( 247 – 327 ) إلي أن تعرف مصير الصليب المقـدس , الذي صلب عليه المسيح له المجد , وقيل أنها رأت في منامها حلماً , أنبأها بأنها هي التي ستكشف عن الصليب وقد شجعها ابنها الإمبراطور قسطنطين , علي رحلتها إلي الأراضي المقدسة , وأرسل معها قوة من الجند قوامها ثلاثة آلاف جندي ليكونوا في خدمتها , وتحت طلبها , هناك في أورشليم اجتمعت بالقديس مكاريوس أسقف المدينة , البالغ من العمر ثمانين عاماً وأبدت له وللشعب رغبتها , فأرشدها إلي رجل طاعن في السن , من أشراف اليهود ويسمي يهوذا , وكان خبيراً بالتاريخ والأحداث , والأشخاص , وبالأماكن فاستحضرته الملكة وسألته عن صليب المسيح فأنكر في مبدأ الأمر , معرفته به , وبمكانه فلما شددت عليه الطلب وهددته ثم توعدته إن لم يكاشفها بالحقيقة , فاضطر إلي أن يرشدها إلي الموضع الحقيقي للصليب , وهو كوم الجلجثة , وهو بعينه المكان الذي تقوم علية الآن كنيسة القيامة بالقدس القديمة
أمرت الملكة هيلانة في الحال بإزالة التل , فانكشفت المغارة وعثروا فيها علي ثلاثة صلبان , وكان لابد لهم أن يتوقعوا أن تكون الصلبان الثلاثة : هي صليب المسيح يسوع , وصليب اللص الذي صلب عن يمينه , وصليب اللص الذي صلب عن يساره وقد عثروا كذلك علي المسامير , وعلي بعض أدوات الصلب , كما عثروا علي اللوحة التي كانت موضوعة فوق صليب المخلص , ومكتوب عليها – يسوع الناصري ملك اليهود – ويبدو أن هذه الصلبان الثلاثة كانت في حجم واحد , وشكل واحد , أو متشابهة , حتى أن الملكة ومن معها عجزوا عن التعرف علي صليب المسيح يسوع من بينها ويروي المؤرخ زوسيموس وكذلك المؤرخ روفينوس في كتابه تاريخ الكنيسة أن الملكة استطاعت بمشورة الأسقف مكاريوس , أن تميز صليب المسيح 0 بعد أن وضعت الصلبان الثلاثة , الواحد بعد الآخر , علي جثمان رجل ميت , فحدثت المعجزة وقام الميت علي الفور عندما لمسة صليب المسيح فأحنت الملكة رأسها إكراماً , وتكريماً للصليب المقدس , وغلفته بالذهب الخالص , ولفته بالحرير , ووضعته في خزانة من الفضة في أورشليم وشهد بذلك أيضاً أمبروسيوس رئيس أساقفة ميلانو في سنة (340 – 397م ) والقديس يوحنا ذهبي الفم وغيرها من أباء الكنيسة
ثم أنشأت الملكة هيلانة علي مغارة الصليب , والقبر كنيسة القيامة , ووضعت فيها الصليب المجيد وأرسلت إلي القديس أثناسيوس ليدشن الكنيسة فذهب ودشنها في احتفال عظيم عام 328 للميلاد , ولا تزال مغارة الصليب قائمة في كنيسة القيامة إلي الآن , ويراها كل من يزور الأماكن المقدسة
الموضوع الأصلى من هنا:
توزيع خشبة الصليب في أنحاء العالم
أمر الملك قسطنطين بتوزيع خشبة الصليب المقدس , علي كافة كنائس العالم آنذاك , وقد احتفظت كنيسة القسطنطينية بالجزء المتبقي , في حين حصلت كنيسة روما علي قطعة كبيرة منه وذكر القديس كيرلس بطريرك أورشليم في كتابه (مواعظ التعليم المسيحي) أن أساقفة أورشليم كانوا يوزعون من عود الصليب المقدس علي كبار الزائرين , حتى أن الدنيا امتلأت من أجزاء الصليب في زمن قليل ومع ذلك لم ينقص منه شيء , بسبب النشوء والنمو , وبسبب القوة التي اكتسبها من جسد الرب يسوع الإلهي الذي علق فوقه
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:11 AM
|
رقم المشاركة : ( 5 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
اختفاء الصليب
1- سقوطه في يد الفرس
وظل الصليب قائماً في كنيسة القيامة , إلي أن أستولي ملك الفرس كسري Chosrots الثاني 590 – 628م علي أورشليم عام 614م وهدم كنيسة القيامة , ونقل الصليب معه إلي بلاد الفرس , في مايو – أيار لسنة 614م 0 ويقول المؤرخون : أن الفرس دفنوا الصليب في حفرة , في بستان مقابل قصر الملك , بعدما قتلوا الشماسين اللذين أمرهما الملك بحمل الصليب إلي البستان , وذلك حتى يخفوا معالم الصليب , ولكن شاء الله أن تشهد ذلك , فتاة صغيرة ابنة كاهن , كانت قد سباها الملك , وأقامها في بيته .
وفي عهد هرقل Heraclius إمبراطور الروم (610 – 641م ) استرد الروم هيبتهم , واستردوا الممتلكات التي أخذها الفرس منهم , ومن بينها عود الصليب (622 – 630م ) حيث أخرجوه , بإرشاد تلك الفتاة من الحفرة التي ظل فيها نحو أربع عشرة سنة وكان ذلك في عام 629 لميلاد المسيح
وقال المؤرخون أن هرقل أراد أن يرد الصليب إلي كنيسة القيامة , وأن يحمله , إليها بنفسه , فلبس حلته الملكية , وتوشح بوشاحه الإمبراطوري , ووضع علي رأسه تاجه الذهبي , المرصع بالأحجار الكريمة ثم حمل الصليب علي كتفه , ولما اقترب من باب كنيسة القيامة , ثقل عليه الصليب إلي درجة كبيرة , ولم يستطع أن يخطو عتبة الكنيسة , فحار في الأمر , وحينئذ تقدم إليه أحد الكهنة وقال : (مصادر تاريخية )
أذكر أيها الملك أن مولاك دخل إلي هذا المكان حاملاً الصليب , وعلي هامته المقدسة إكليل من الشوك , لا إكليل من الذهب فيلزم أن تخلع تاجك الذهبي , وتنزع عنك وشاحك الملكي , ليتسنى لك الدخول فرضخ الملك للنصيحة وفعل كما قال له الكاهن فأمكنه حينئذ أن يدخل الكنيسة في سهولة ويسر وكأنه يحمل حمل هيناً وخفيفاً , وحسب ذلك اليوم عيداً للصليب
2- نقله إلي القسطنطينية :
تذكر المصادر العلمية , أن الصليب المقدس نقل بعد ذلك إلي القسطنطينية , وأودع في كنيسة القديسة صوفية , التي تحولت إلي جامع أيا صوفيا بإسطنبول , في عهد محمد الثاني الفاتح (1429 – 1481م ) 0
3- اختفاء أجزاء الصليب منذ حرب الأيقونات :
حيث حدثت حرباً عواناً , استغرقت أكثر من قرن وذلك في القرن الثامن الميلادي , في أيام فيليب باردان (711 – 713م ) حيث أزال رسومات الأيقونات من كنيسة أجيا صوفية , ومن بينها خشبة الصليب التي اختفت بعدها
ومنذ سنة 1400م اكتشفت قطعتان ضمن قطع الصليب في كنيسة بإيبارشية فرنسا القبطية( الحالية) وتم تقديم قطعة منها إلي قداسة البابا شنوده الثالث لتكون بالمقر البابوي بالقاهرة .
عادات وتقاليد احتفالية
ولهذا العيد طقوس خاصة ومنها اشعال النار . قصة اشعال النار كما يسردها الكثيرين هي : انه عند اكتشاف صليب السيد المسيح أراد القيمون في القدس ايصال الخبر المفرح إلى الملكة هيلانة في القسطنطينية، فكانت أفضل وسيلة هي إشعال النار على رؤوس وقمم الجبال. فكانت كل المنطقة ترى النار مشتعلة تقوم بإشعال النار في منطقتها إلى أن وصل الخبر إلى الملكة هيلانة. فمن هنا جاء هذا التقليد الذي مازال قائما حتى يومنا هذا في كافة المناطق المؤهلة بالمسيحين
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:15 AM
|
رقم المشاركة : ( 7 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
لماذا الصليب بالذات؟
لماذا إختار السيد المسيح أن يموت مصلوباً؟
لماذا لم يمت السيد المسيح بالحرق ؟
لماذا لم يمت بالغرق ؟
لماذا لم يمت بطعنة الحربة ؟
لماذا لم يمت بالخنق أو بالشنق ؟
لماذا لم يمت مذبوحاً بالسيف ؟
لماذا الصليب ؟
إن الصليب عمق يتعلق بمفاهيم ومعانٍ فى خطة الله لخلاص الإنسان. فمعلمنا بولس الرسول يقول "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله" (1كو1: 18). لذلك لم يكن الصليب مجرد وسيلة للإعدام.
الصليب روحياً :
الصليب يدخل فى أعماق مشاعر الإنسان وفكره الروحى وأبعاد عمل الروح القدس فى داخله. فقد كان الصليب بالنسبة للقديسين هو موضوع عناق قوى فى علاقتهم بالله. وهو موضوع تأمل وممارسة حياة يومية. هو قوة الله للخلاص. فالصليب له معان تدخل إلى أعماق النفس بقوة الروح القدس حتى ولو لم يدرك الإنسان تلك المعانى. الصليب هو قوة وغلبة وإنتصار وحياة بالنسبة لنا. فلماذا إذاً؟
لماذا مات المسيح مصلوباً :
1 - بالصليب صار هو الكاهن والذبيحة :
لم يكن السيد المسيح هو مجرد ذبيحة قُدِّمت عن حياة العالم لكنه كان هو الكاهن وهو الذبيحة فى آنٍ واحد. فإذا كان قد تم ذبحه على الأرض مثلاً؛ سيكون فى هذا الوضع ذبيحة وليس كاهناً. ولكن على الصليب هو يرفع يديه ككاهن وهو فى نفس الوقت الذبيح المعلّق. فالناظر إليه يراه ككاهن يصلى وفى نفس الوقت يراه ذبيحاً ويقول "فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5 : 7). هو يشفع فى البشرية أثناء تقديمه لذاته كذبيحة. لذلك رآه يوحنا الحبيب فى سفر الرؤيا مثل "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6).
الجرح الداخلى أعمق:
كان لابد أن يكون السيد المسيح قائماً؛ فلا يمكنه أن يكون ملقى أثناء ممارسته لعمله كرئيس للكهنة. لذلك فإن عملية الذبح كانت داخلية (بالرغم من وجود جراحات مثل آثار المسامير وإكليل الشوك) لكن الجرح الأساسىكان داخلياً. وهنا تظهر نقطة عميقة فى محبة الله، وهى تتمثل فى شخص السيد المسيح أنه مذبوح فى داخله كما يقول بولس الرسول "فى أحشاء ربنا يسوع المسيح" (فى1 :8) فالذبح الداخلى أصعب بكثير من الذبح الخارجى وفى هذا يقول الشاعر:
وظُلم ذوى القُربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحُسام المُهندِ
فوقع السيف الحاد أخف من ظلم ذوى القرابة. ويقول الكتاب فى هذا المعنى "ما هذه الجروح فى يديك؟! فيقول هى التى جُرحت بها فى بيت أحبائى" (زك13: 6).
النزيف الداخلى :
السياط التى جُلد بها السيد المسيح كانت مصنوعة من سيور البقر وفى أطرافها عظم أو معدن، لذلك فقد مزّقت الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى وأحدثت نزيفاً داخلياً. فلما ضربه الجندى بالحربة كان الدم عندئذ يملأ القفص الصدرى فسال الهيموجلوبين الأحمر بلون الدم ثم البلازما الشفافة ثم السوائل الخاصة بالأوديما (أى الإرتشاح المائى). هذه التى عبّر عنها ببساطة القديس يوحنا أنه بعدما طعن فى جنبه بالحربة "خرج دم وماء" (يو19: 34). وقد رأى القديس يوحنا مركبات الدم مفصولة لأن السيد المسيح كان قد أسلم الروح فى الساعة التاسعة وعندما طعنه الجندى قرب الغروب كان قد مضى حوالى ساعتين.
مات ذبيحاً :
إهتم القديـس يوحنـا أن يـذكر واقعة خروج الـدم والماء
لكى يؤكّد أن السيد المسيح مات ذبيحاً. ويقول و"الذى عاين شَهِد وشهادته حق" (يو19 :35). كانت رقبة السيد المسيح سليمة نسبياً والصدر سليم نسبياً بحسب الظاهر خارجه بينما كان النزيف حاد من الداخل. فى الخارج كانت تظهر آثار ضربات السياط، بالإضافة إلى الجروح التى كانت فى اليدين والقدمين، وقد أحدثت نزيفاً خارجياً لكنه محدود. فالمصلوب كان يمكن أن يبقى معلقاً على الصليب ويتعذب وقد لا يموت إلا بعد ثلاثة أيام. ولكن كان يهّم القديس يوحنا الإنجيلى جداً أن يؤكّد أن السيد المسيح هو خروف الفصح الذى ذُبح لأجلنا، لذلك أكَّد نزول الدم والماء من جنبه لكى نعرف أنه ذُبح.
سبب الهبوط فى القلب :
النزيف الداخلى الحاد الذى تعرَّض له السيد المسيح نتج عنه أن كمية الدم الباقية فى الدورة الدموية كانت بسيطة جداً. لذلك إحتاج القلب أن يعمل بسرعة لتعويض الدم المفقود. ولكى يعمل بسرعة، كان القلب نفسه كعضلة، يحتاج لكمية أكبر من الدم. ولكن الشرايين التاجيّة التى تغذّى القلب لم يكن فى إمكانها أن تقوم بهذا الدور لقلة كمية الدم الواصل إليها نتيجة للنزيف. وإذا كانت سرعة ضربات القلب فى الإنسان الطبيعى هى سبعين نبضة فى الدقيقة ففى حالات النزيف ترتفع إلى 140 نبضة. وكل هذا يجهد عضلة القلب فتصل إلى مرحلة الهبوط الحاد جداً فى الجزء الأيمن منها ويؤدى ذلك إلى الوفاة.
صرخة الإنتصار :
كان السيد المسيح يقترب من هذه اللحظة الأخيرة؛ وهنا
وفى آخر لحظة صرخ بصوت عظيم وقال "يا أبتاه فى يديك أستودع روحى" (لو23: 46). وقد كانت هذه الصرخة هى صرخة إنتصار. لإنه لأول مرة منذ سقوط أبينا آدم من الفردوس يستطيع أحد أن يقول "فى يديك أستودع روحى" فكل من مات لم يستطع أن يستودع روحه فى يدى الآب بل كان إبليس يقبض على تلك النفوس. وإذ صرخ السيد المسيح بصوت عظيم رغم حالة الإعياء الشديدة التى كان يعانى منها إنما أراد بذلك أن يلفت النظر إلى عبارة الإنتصار هذه. وهذه هى أول مرة منذ سقطة آدم يضع ذو طبيعة بشرية روحه فى يدى الآب.
صار السيد المسيح هو القنطرة أو الجسر الذى يعبر عليه المفديون من الجحيم إلى الفردوس وإلى ملكوته. وقد خاب أمل الشيطان فى هذه اللحظة لأنه رأى أمامه قوة الذى إنتصر بالصليب. وفى قداس للقديس يوحنا ذهبى الفم يقول: ]عندما إنحدرت إلى الموت أيها الحياة الذى لايموت حينئذ أمتَّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى صرخ نحوك القوات السمائيون أيها المسيح الإله معطى الحياة المجد لك[. فقدأبرق السيد المسيح حينما سلّم روحه فى يدى الآب. وبتعبير آخر: أصبح كالبرق وأفزع كل مملكة الشيطان.
أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان وكان يقول "نفسى حزينة جداً حتى الموت" (مر14: 34).كان يجاهد ويأتى ملاك ليقويه فى الصلاة من أجل إخفاء لاهوته عن الشيطان ولكن فى اللحظة التى أسلم فيها روحه على الصليب؛ أى عندما غادرت روحه الإنسانية الجسد، فى الحال أبرق بمجد لاهوته، لذلك يقول "إذ جرّد السلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فيه (فى الصليب)" (كو2: 15). فقد تحوّل الموقف تماماً وكأن الشيطان يقيم حفلاً أو وليمة وأحضر معه كل بوابات الجحيم وكل قوات الظلمة لتحيط بمنطقة الجلجثة فوقف أمامه من "خرج غالباً ولكى يغلب" (رؤ6: 2) ففزعت من أمامه كل هذه القوات حينما أبصرت مجد لاهوته.
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:15 AM
|
رقم المشاركة : ( 8 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
2- بالصليب كان هو الميت القائم :
كان لابد أن يكون المسيح هو الذبيحة التى ذبحت وهى
تصلى أى وهى قائمة. فبعدما مات وسلّم الروح على الصليب كان المشهد فى غاية العجب : إنه ميت وقائم فى نفس الوقت. ذلك لأن المعلّق على الصليب تحمله رجلاه، لذلك عندما جاءوا ليكسروا ساقى السيد المسيح وجدوه قد أسلم الروح فلم يكسروهما فهو واقف على قدميه فعلاً، وقد سلم الروح وهو واقف، وهذه إشارة إلى أنه فى أثناء موته هو القائم الحى. ليس معنى هذا أنه لم يمت حقاً لكن هذا رمز إلى أن "فيه كانت الحياة" (يو1: 4). فهو قد أسلم الروح لكن قوة الحياة كائنة فيه. وحتى وهو قائم من بين الأموات كان محتفظاً بالجراحات لكى نراه مذبوحاً وهو قائم. أى أنه وهو مذبوح : هو قائم، وهو قائم : هو مذبوح. كما ورد أيضاً فى سفر الرؤيا أنه "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6). فلا يمكن إذاً أن يُحرق أو يموت غريقاً لأن هذه المعانى لن تتفق فى هذه الميتات.
3- بالصليب صالح الأرضيين مع السمائيين :
هل السيـد المسيـح يمثل الله فى وسط البشر أم يمثل البشر
أمام الله؟ بالطبع هو الأمران معاً فى وقت واحد. هو إبن الله وهو إبن الإنسان فى نفس الوقت. بدون التجسد كان السيد المسيح سيبقى إبناً لله والبشر هم أبناء الإنسان. ولكنه فى تجسده وحّد البنوة لله مع البنوة للإنسان إذ صار هو نفسه إبناً لله وإبناً للإنسان فى آنٍ واحد. وأراد أن يجعل هناك صلة بين الله والبشر.
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:15 AM
|
رقم المشاركة : ( 9 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
متى تصل الصلة إلى ذروة هدفها ؟
تصل الصلة بين الأرض والسماء إلى ذروتها على الصليب. فإن كان السيد المسيح وهو إبن الله الوحيد قد صار بالميلاد إبناً للإنسان لكنه لم يصل بالميلاد وحده إلى عمل علاقة بين الله والبشر... فهو يريد أن يصالح الله مع البشر. فليس هناك شركة بين الله والإنسان إلا بيسوع المسيح وهو معلَّق على الصليب. فهو الله الظاهر فى الجسد، وهو باكورة البشرية فى حضرة الآب السماوى، والسلم الواصل بين السماء والأرض.
عندما ننظر إلى السيد المسيح على الصليب نقول هذا هو الطريق المؤدى إلى السماء وهو نفسه يقول "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6). كل إنسان ينظر إلى ناحية الصليب لابد أن ينظر ناحية السماء "وكما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يُرفع إبن الإنسان" (يو3: 14) فلابد أن الناظر إليه ينظر إلى أعلى. هو معلق بين السماء والأرض. فحينما نراه نرى فيه الله الظاهر فى الجسد ونرى حب الله المعلن للبشرية. وفى نفس الوقت حينما يراه الآب من السماء يرى فيه الطاعة الكاملة ورائحة الرضا والسرور التى إشتمّها وقت المساء على الجلجثة. إذاً هو نقطة لقاء بين نظرنا نحن ونظر الآب السماوى. فالآب ينظر إليه؛ فإذا نظر كل منا إلى السيد المسيح فسوف يلتقى بالآب . بتعبير آخر إذا كنت واقفاً بجوار الصليب والآب ينظر من السماء إلى الصليب فسيراك أنت تحته وإذا أنت نظرت إلى الرب يسوع سترى الآب الذى يتقبل الذبيحة.
|
|
|
|
23 - 11 - 2012, 05:15 AM
|
رقم المشاركة : ( 10 )
|
† Admin Woman †
|
رد: الصليب (موضوع متكامل)
4- الصليب والأنا المبذولة :
علامة الصليب تشير إلى الأنا المبذولة أو الطاعة الكاملة. فإذا أردنا شطب أو إلغاء أى خط نضع خطاً متعارضاً مع الخط المراد إلغاءه. فالصليب فى حد ذاته يُعلن حياة التسليم الكامل لله.كما أن السيد المسيح فى مظهره على الصليب كان واقفاً وأما فى الحقيقة فقد كان كل جزء فى جسده مقيداً لا يستطيع أن يتحرك. معنى هذا أن السيد المسيح يريد أن يقول لنا إنه لابد من "صلب الجسد مع الأهواء والشهوات" ونقول "مع المسيح صلبت فأحيا لاأنا بل المسيح يحيا فىّ" (غل 20:2).
تسمّرت على الصليب كل أهواء الجسد ومشيئته الخاصة. لم تكن للسيد المسيح طبعاً رغبات خاطئة حاشا، لكن كانت له رغبات طبيعية مثل الأكل والشرب والراحة. فقد جاع عندما صام مثلاً. ورغبات الجسد هذه غير خاطئة فى حد ذاتها. لكن كانت مشيئة الآب السماوى بالنسبة للسيد المسيح هى أن تبطل هذه الرغبات، فكانت الطاعة الكاملة هى الجواب. لذلك عندما أتى الشيطان ليجرِّبه وهو جائع وقال له "قل للحجارة أن تصير خبزاً" أجابه السيد المسيح أنه "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت4: 3-4). فكما أن الجسد يقتات بالخبز، فمن الجانب الآخر ستتعطل الروح بسبب إتمام رغبات الجسد حتى لو كانت هذه الرغبات غير خاطئة. فليصلب الجسد إذاً لكى تنفذ المشيئة الإلهية. وأيضاً وهو على الصليب قيل له "إن كنت إبن الله فإنزل عن الصليب" (مت27: 40) فلماذا هذا التعب ولماذا هذه الآلام المريعة ؟ ولكن السيد المسيح لن يطع الجسد طالما يتعارض هذا مع مشيئة الآب السماوى. وبذلك يكون مفهوم عبارة "لتكن لا إرادتى بل إرادتك" (لو22 :42) هو: لتكن لا رغبات الجسد فى أن يرتاح أو أن يتحرر من الآلام الجسدية أو النفسية، بل لتكن مشيئة الآب فى إتمام الفداء.
تعرّض السيد المسيح لآلام نفسية مريرة بجوار الآلام الجسدية. تمثَّلت هذه الآلام النفسية فى الآلام التى عاناها السيد المسيح نتيجة لخيانة يهوذا (فهو إحساس مر أن يهوذا تلميذه يُقبّله ويُسلّمه لأعدائه بهذه الصورة). وأيضاً فى تعييرات الناس الذين أتى لأجل خلاصهم ويقدِّم لهم حبه، فتكون هذه هى مكافأته. إحساس مر لا يُعبَّر عنه. كما أن كونه موضوعاً فى وضع الملعون والمصاب والمضروب من الله ويحمل كل خطايا البشرية لكى يقدّم ثمن عصيان الإنسان وتمرده -كأس مملوءة بالمر.
كان من الطبيعى أن النفس والجسد يشعران أنهما أمام اجتياز كأس مريرة جداً لابد أن يشربها إلى نهايتها. فيقول للآب "لتكن لا إرادتى" (لو22: 42). وليس المقصود بالإرادة هنا الإرادة المسئولة عن إتخاذ القرار لأن القرار هو قرار الثالوث القدوس بإتمام الخلاص الذى أتى المسيح لأجله. إنما المقصود بها هو الرغبة الطبيعية أو الإحتياج الطبيعى الناشئ عن حمل السيد المسيح لطبيعة بشرية حقيقية من خصائصها الشعور بالألم وبالحزن وبالمعاناة. وهكذا فإن السيد المسيح فى معاناته الرهيبة يريد أن يقول للآب: "لن يكون قرارى مبنياً على ما فى هذه الخصائص البشرية من تعب وألم وحزن، لكنه مبنى على ما فى رغبتى الكاملة فى إرضائك وفى تخليص الذين أحببتهم للمنتهى. فهو الذى قيل عنه "أحبَّ خاصته الذين فى العالم أحبهم إلى المنتهى" (يو13: 1).
|
|
|
|
الساعة الآن 05:21 PM
|