ملكوت الله وبره
اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تُزاد لكم (مت6: 33)
أن أطلب ملكوت الله وبره يعني أن أسأل نفسي دائماً: هل كل تفاصيل حياتي الشخصية، وهل بيتي وعائلتي وكل ما تحت سيطرتي، خاضع لسلطان الله؟ وهل أنا في أدق التفاصيل أراعي بر الله؟
لاحظ - أخي العزيز - أن المسيح لم يَقُل « اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره »، ثم اطلبوا بعد ذلك الأشياء الأخرى، كلا، بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تُزاد لكم. وكأن الرب يسوع يقول لتلاميذه ولنا نحن أيضاً معهم: كونوا منشغلين في حياتكم بأمور الله، والله نفسه سيتولى أموركم. فإن كان اهتمامك وطلب قلبك هو ملكوت الله وبره، فإن الله سيعطيك دون تعب أو عناء كل ما تحتاج إليه من طعام الحياة، وكساء الجسد.
لكن كيف يمكننا أن نطلب أولاً ملكوت الله وبره؟ كيف يمكننا فهم هذه العبارة؟
يمكننا أن نفهمها بمفاهيم ثلاثة كالآتي:
1 - اطلبوا أولاً: أي في المقام الأول. فلا نطلب ملكوت الله وبره كشيء ثانوي، زهيد القيمة، أو كشيء مكمل يمكن الاستغناء عنه، بل نطلبه كشيء ثمين جداً وكشيء حيوي لا تصح الحياة بدونه. اطلبه من كل قلبك (مز119: 1-4).
2 - ثم اطلبه أولاً: فليس بعد أن تنتهي من دراستك، وتأخذ وضعك في وظيفتك، وتستقر في بيتك ومع أسرتك، وتربي أولادك وتطمئن على مستقبلهم، وبعد أن تحل مشكلاتك المستعجلة، ساعتها يصبح عندك الوقت لأمور الله. كلا، بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره. الله أولاً وكل شيء آخر يأتي بعده. قال الرب « الذين يبكرون إلىَّ يجدونني » (أم8: 17)، وقال الحكيم « فاذكر خالقك في أيام شبابك قبل أن تأتي أيام الشر » (جا12: 1).
3 - ثم « اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره » : أي ابدأ برنامج يومك بأن تصلي إلى الله وبأن تقرأ جزءاً في كلمته. أعطِ باكورة اليوم لله، وتمتع في أول النهار بجلسة معه، استمع إليه، واستمتع بحديثه إليك، وحديثك إليه. نعم اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تُزاد لكم: أي ستحصل عليها دون طلب، « فوق البيعة » كما يقولون. ليس فقط دون أن تدفع ثمنها، بل وأيضاً دون أن تنشغل بها!
يوسف رياض