رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شخصيات الكتاب المقدس يعقوب أبو الآباء ( 2 ) بقلم قداسة: البابا شنودة الثالث في سعيه وراء البكورية والبركة كانت البكورية أمرا عظيما جدا في زمن الآباء الأول,تستحق أن تكون شهوة للأبناء. فالبكر كان هو الذي يصير كاهنا للأسرة بعد أبيه, قبل تأسيس الكهنوت الهاروني.بل إن الرب قال لموسي النبيقدس لي كل بكر,كل فاتح رحم...إنه ليخر13:2كما كان البكر في زمن آبائنا إبراهيم وإسحق,هو الذي سيأتي منه المسيح حسب وعد الرب لأبينا إبراهيمويتبارك في نسلك جميع أمم الأرضتك22:18. ونفس هذه البركة أعطاها الرب لإسحقتك26:4.. سعي يعقوب إلي البكورية كان سعيا مقدسا..ولكنه لم يستخدم فيه أسلوبا روحيا,بل أسلوبا انتهازيا, استخدم يعقوب أسلوبا خاليا تماما من المحبة الأخوية, وخاليا من روح العطاء والبذل. وعجيبة هذه العلاقة بينه وبين عيسو, إنهما أخوان وليسا فقط أخوين, بل هما شقيقان, بل هما توأمان. ولكن الموقف كانت تسوده بلا شك روح المصلحة الذاتية.واستغل الشيطان الموقف فاستخدم وسيلتين متناقضتين: فكان أسلوبه مع عيسو عكس أسلوبه مع يعقوب: فبالنسبة إلي عيسو قال له الشيطان: بماذا تنفعك البكورية إن كنت علي وشك الموت جوعا وإعياء, وأطاع عيسو هذا الفكر فقال أنا ماض إلي الموت,فلماذا لي بكورية؟!تك25:32. أما بالنسبة إلي يعقوب,فقال له الشيطان:احرص علي البكورية بكافة الطرق, خذها بأي ثمن ولو بطريقة استغلالية...وقد كان .لم يستطع يعقوب أن يحصل علي البكورية عند الخروج من بطن أمه إذ سبقه عيسو. فتعقب عيسو ليأخذ منه هذه البكورية بعد خروجهما من بطن أمهما بسنوات طويلة. نلاحظ أن البكورية قد تغيرت نعمها بعد يعقوب: فبعده لم يعد البكر هو الذي يأتي من نسله المسيح, فبكر يعقوب هو رأو بين الذي لم يأت السيد المسيح من نسله إنما أتي من نسل يهوذا ولم يكن هو البكر.كماأن الكهنوت الهاروني جاء من نسل لاوي, ولم يكن لاوي هو البكر..لم يعد هناك داع بعد يعقوب وعيسو للصراع علي البكورية, فحتي بالنسبة إلي يهوذا الذي جاء السيد المسيح من نسله: جاء السيد من نسل داود.ولم يكن داود هو البكر بين أبناء عيسي بل كان أصغرهم 1صم16:11. بقيت إذن البركة التي تصارع عليها يعقوب وعيسو... والبركة شيء مقدس, وينبغي أن يكون الحصول عليها بطريقة مقدسة, وليس بأسلوب الخداع والغش..!!ولكن لعل يعقوب يعتذر بأن هذا الغش قد دفعته إليه أمه, وطاعة الأم أمر واجب!ولكننا نقول:ليس من الجائز إطاعة الأم بعصيان الله... نعم, ليس من الجائز إطاعة الأم في خطية... فكل طاعة ينبغي أن تكون داخل طاعة الله... فإن أمرته أمه بذلك اللون من الكذب والخداع, ما كان يجب عليه أن يطيع. أما الذي جعله يطيع أمه, فهو شهوة قلبه داخله!هو كان يشتهي أن يحصل علي بركة أبيه, فلما دفعته أمه في تلك الوسيلة من الغش والخداع, تلقف نصيحتها كمعين له علي تحقيق رغبته التي ظهرت من قبل في موضوع البكورية. فاستغلاله لجوع أخيه وشراء البكورية منه بأكلة عدس, لم يكن ذلك بسبب نصيحة من الأم, بل كان عملا تلقائيا لشهوته الداخلية. كذلك كيف يطيع أمه بخداعه لأبيه؟!هنا ونتعرض لمشكلة عائلية كانت قلائمة, وهي اختلاف اتجاه كل من الأب والأم.كان إسحق قديسا, وكانت رفقة قديسة. ولكن مشاعرهما تجاه الابنين كانت في طريقين عكسيين. كان إسحق يحب عيسو ورفقة تحب يعقوب, فهل تسير البركة تبعا لمشاعر الأب أم مشاعر الأم, وما السبب؟كان عيسو صيادا, ومن صيده كان يأتي إلي فم أبيه بما يطعمه. وهنا يقول الكتاب أحب إسحق عيسو, لأن في فمه صيدا تك25:28 وهكذا نجد إسحق يقول لعيسو الآن خذ عدتك جعبتك وقوسك, واخرج إلي البرية, وتصيد لي صيدا, واصنع لي أطعمة كما أحب, وائتني بها لآكل حتي تباركك نفسي قبل أن أموتتك27:4,3أما يعقوب, فكان ينطبق عليه المثل القائل إ نه ابن أمه... كانت أمه تحبه... لم يكن صيادا, وإنما كانيسكن الخياميجلس إلي أمه, ويتعلم منها طريقة الطبخ الجيد, وهو الذي قد طبخ العدس الأحمر الذي اشتهاه عيسو, وبه باع له بكوريتهتك25:29-34وكان يعقوب يحب أمه, ويسمع مشورتها, وهي التي تدبر له حياته. إن نصحته أن يخدع أبا يخدعه, وإن قالت له اهرب إلي خالك لابان, واقم عنده حتي يرتد سخط أخيك تك27:44,43. فإنه يسمع نصيحتها ويطيعها, كما تقول له, هكذا يفعل... ومن هنا بدأت حيلة, تدبرها رفقة وينفذها يعقوب. عيسو يخرج ليصيد صيدا يأتي به إلي أبيه, ورفقة تدبر كيف تصيد البركة وتأتي بها إلي يعقوب... وكل من رفقة وإسحق, كانت له دوافعه الروحية: بالنسبة إلي إسحق, كان من الطبيعي أن تعطي البركة لعيسو, لأنه الابن الأكبر. وبالنسبة إلي رفقة يجب أن تعطي البركة ليعقوب لأنه هكذا قال لها الربمن أحشائك يفترق شعبان: شعب يقوي علي شعب, وكبير يستعبد لصغير تك25:33. إذن ينبغي أن تكون السيادة ليعقوب الصغير, حسب إرادة الرب وتدبيره, وإعلانه من قبل ولادتهما. عيب رفقة الأساسي, أنها لم تنتظر الرب... ظنت أن الرب قد تأخر, فلجأت إلي الطرق البشرية, لتحقق بها الإرادة الإلهية!!كان يجب أن تثق بالله وصدق مواعيده, وتنتظر الرب ولكنها وجدت أن الساعة الحرجة قد حلت. وإسحق أرسل عيسو ليحضر الصيد ويباركه, لذلك يجب أن تتصرف بسرعة... هل كان الحل أن تذكر إسحق بكلمات الرب, لكي يؤجل مباركته لعيسو ريثما يتضح الأمر بالأكثر؟... إنها لم تفعل هكذا... وبدأ ذكاؤها البشري يتصرف. فرأت أن ينتحل يعقوب شخصيته عيسو, ويأخذ البركة من أبيه بأسلوب الخداع... وبخطية فيها كذب وغش!ويعقوب لم يكن رافضا للخطية, إنما كان متخوفا من نتائجها, ومن صعوبتها ومن انكشافها!لم يقلكيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطيء؟ كما قال ابنه يوسف بعد عشرات السنواتتك39:9إنما قال عيسو أخي رجل أشعر,وأنا رجل أملس. ربما يجسني أبي فأكون في عينيه كمتهاون, وأجلب علي نفسي لعنة لا بركة تك12,11,27 هنا لايرفض الخطية كخطية, إنما يتخوف من صعوبة تنفيذها ومن خطورة انكشافها, فلما شرحت له أمه الوسيلة التي لا تجعله ينكشف, وافق, ونفذ, وتقدم ليخدع أباه..ما أصعب أن تأتي حرب الخطية من الخارج, حين يكون القلب مشتاقا إلي الخطية في الداخل!!وكما سمعت رفقة حديث إسحق مع عيسو, وأخذت تتدبر الموقف, كذلك سمع الشيطان حديثها مع يعقوب, واقترب ليقدم لها الخطية المسبوكة..أخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر التي كانت عندها في البيت وألبستها ليعقوب, وألبست يديه وملامسة عنقه جلود جدي الماعز... وكانت تعرف بالخبرة نوع الطعام الذي يحبه إسحق, فصنعته وأعطته ليعقوب ليقدمه لأبيه... وتقدم يعقوب إلي أبيه, وبدأ الموقف المحرج.أتي هكذا مسرعا, وأجاب يعقوب أن الرب إلهك قد يسر لي!!وقال إسحق:تقدم لأجسك يا ابني, أأنت ابني عيسو أم لا؟وجسه وقالالصوت صوت يعقوب, ولكن اليدين يدا عيسوولم يعرفه لأن اليدين كانتا مشعرتين, وعاد ليسأل: هل أنت هو ابني عيسو؟ فأجاب: أنا هو.. لحظات حرجة جدا. وخطايا كذب كثيرة وقع فيها يعقوب, ومع ذلك فإن الله ستر, ولم يكشفه... ما أعجب حنان الرب في تلك اللحظات!!بينما كان يعقوب يغش ويخدع ويكذب, وينتحل شخصية أخري, ولايحترم أباه الضرير... ومع ذلك نري ستر الرب عليه وهو في عمق الخطية, فلم ينكشف علي الرغم من كل شكوك أبيه التي تدل عليها أسئلته... وعلي الرغم من كل حرص إسحق في إنه يجسه ويشمه, ويبدي ملاحظته أن الصوت صوت يعقوب!!ربما ما كان يتصور ذلك البار أن ابنه يخدعه, وأخيرا باركه فليعطك الله من ندي السماء ومن دسم الأرض. وكثرة حنطة وخمر..إنه كلام جميل لنتأمله... فليعطك من ندي السماء من فوق.. ومن دسم الأرض من تحت... الخير يأتيك من فوق ومن تحت... من السماء والأرض... من الله ومن البشر... من الروح ومن المادة أينما سرت تجد خيرا.. تصوروا الإنسان الذي يسير في طريق الروح... إن ندي السماء بالنسبة إليه هو عمل النعمة فيه..ندي السماء هو صلوات الملائكة وتشفعاتهم... ندي السماء هو مواهب الروح القدس التي يسكبها الله عليه من السماء. إنها زيارات النعمة.. عمل الله.. ومن دسم الأرض... الأرض هي الطبيعة البشرية, لأن الله خلق الإنسان من دسم الأرض... من تراب الأرض... يعطيك الله من دسم الأرض, أي أن عمل الروح الذي يعمل فيك يستجيب فيك أيضا... يعطيك محبة للتوبة وقبولا للنعمة... استسلاما لعمل الروح القدس... يعطيك رغبة في الخير وحبا في الله.الأرض لاتتمرد عليك... والسماء تحنو عليك... وبالنسبة لقايين وآدم, الأمر كان عكسيا, فبالنسبة لقايين قال الله.. عندما تعمل في الأرض لاتعود تعطيك قوتها... الأرض تتمرد عليك... وبالنسبة لآدم قال... ملعونة الأرض بسببك, الأرض تنبت لك شوكا وحسكا.ن حن نحتاج إلي بركة السماء وبركة الأرض... نحتاج إلي عمل النعمة وإلي نقاوة طبيعتها... نحتاج إلي قوة من الروح وإلي عدم مقاومة من المادة..يعطيك الله من ندي السماء ومن دسم الأرض... يعطيك الله من الخيرات الروحية والمادية أيضا كل ما تمتد إليه يدك ينجح... الودعاء والمساكين بالروح لهم ملكوت السماء ويرثون الأرض. مسكين الإنسان الذي لم يحصل لا علي الأرض ولا علي السماء... تصوروا إنه عندما خرجت الكلمة من فم إسحق كانت كأنها أمر للسماء وأمر للأرض... وضع إسحق يده علي يعقوب وأمر صدر للسماء أن تنزل نداها عليه, وأمر صدر للأرض أن تعطي دسمها لهذا الإنسان... وحقا كما قال السيد المسيحوأعطيكم مفاتيح السماء والأرض... هنا إسحق أخذ مفاتيح السماء والأرض, يفتحها لتعطي نداها ودسمها وكلاهما في طاعته... إنه يمنح البركات ****ل لله استؤمن علي خيراته يوزعها كما يشاء... إنها بركة عجيبة تعطي. أما بالنسبة لعيسو فبلا دسم الأرض وبلا ندي السماء... بالنسبة إليه عملية إغلاق, لقد أعطي إسحق المفاتيح يفتح بها ويغلق في السماء والأرض... إنها بركة الأبوة... بركة وكيل الله الذي استؤمن علي السماء والأرض... ليعطك الله ندي السماء ودسم الأرض وكثرة حنطة وخمر. إن الحنطة والخمر يرمزان إلي سر الإفخارستيا في العهد الجديد, وهكذا فإنه أعطاه خيرات العهد القديم وما فيها من رموز للعهد الجديد في الحنطة والخمر اللذين يشيران أيضا إلي كهنوت العهد الجديد.. وأبونا إسحق عندما تحدث عن هذه البركة في حديثه مع عيسو, قال عن يعقوب وعضدته بحنطة وخمر تك27:37. وقال أبونا إسحق في مباركة يعقوب أيضا ليستعبد لك شعوب, ولتسجد لك قبائل!كن سيدا لأخوتك, وليسجد لك بنو أمك. إن الإنسان الذي يسير في طريق الله يعطه الله موهبة الرياسة... الله يعطي من سلطانه للناس... عندما خلق آدم جعله سيدا علي كل الكائنات الموجودة طيور السماء وحيوانات الأرض وسمك البحر... جعله سيدا علي الأرض... وعندما أخطأ الإنسان بدأت السيادة تتزعزع, وبدأت الكائنات تتمرد عليه... الحية تلدغ عقبه, والأرض تنبت شوكا وحسكا... لقد تمردت الأرض والنبات... السيادة ضاعت... المرأة قال لها إن الرجل يسود عليها.في يعقوب... بدأت البركة تعود ثانية... تستعبد لك شعوب, وتسجد لك قبائل... كن سيدا لإخوتك, وليسجد لك بنو أمكعجيب أن يسمح الله لإنسان أن يسجد له الناس, يسجدون لوكيل الله علي الأرض, للشخص الذي يمثل الله, أو يكون مسيحا له. إنها موهبة السيادة أو كرامة يسبغها الله علي أولاده. وأيضا يقول له:ليكن لاعنوك ملعونين, ومباركوك مباركينمن يلعنك, ألعنه أنا, ومن يباركك أباركه. أنت سوف لا تدافع عن نفسك. إذ سأدافع عنك... أنت سوف لاترد الإساءة بالإساءة ولكنني أنا من السماء سأدافع عنك... الذي يلعنك ترتد اللعنة إلي نفسه... والذي يباركك يأخذ البركة لنفسه ويصير مباركا.حماية من الله عجيبة لكل واحد من أولاده يقف بجواره يدافع عنه, ويعمل من أجله كل شيء حتي لو كان صامتا... يقاتل عنكم وأنتم تصمتون.إنها عبارات معزية سمعها يعقوب الضعيف المسكين الخائف من عيسو الجبار الصياد... كان يعقوب راكعا عند قدمي أبيه, وكانت السماء فاتحة أبوابها والنعم تنزل علي رأسه أمينة صادقة من فم أبيه ومن عند الله نفسه. وبعد,إن الموضوع له بقية لم يسعها هذا المقال. فإلي اللقاء في العدد المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. |
24 - 08 - 2016, 11:14 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: يعقوب أبو الآباء ( 2 ) في سعيه وراء البكورية والبركة
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
|