يُعد الزواج مشروعاً إلهياً قام الله بتنفيذه منذ بدء الخليقة عندما خلق الإنسان. فالحياة الزوجية في الواقع هي عمل الله في الإنسان. لذا يعتبر الزواج من الأسس المهمة في حياة الفرد والمجتمع، وقد قدم الكتاب المقدس صورة رائعة عن الزواج والعائلة وكيفية إنجاحها واستمرارها. ولكن نجاح الزواج لا يأتي بالتمني، بل بالاجتهاد والعمل الدؤوب المستمر لإيجاد علاقات ناجحة مبنية على الحب والمسامحة والغفران والمودة والتعاطف والتقدير والرضا. كيف إذاً نتعامل مع المشاكل في الحياة الزوجية؟ الخطوة الأولى تكمن في فهمك لنفسك، ففهم طبيعة بشريتنا مهمة في فهم معنى الزواج. ففي محاولتك لفهم نفسك وفهم شريك حياتك عليك أن تضع بعض الحقائق والأسس في عين الاعتبار، وأول هذه الحقائق هو حتمية وجود الاختلاف سواء في طريقة التفكير أو التصرف أو طريقة العمل بين الذكر والأنثى. وقد دلت دراسات أن هذا الاختلاف ناتج عن الفرق في التركيب العصبي والهرموني بين الجنسين. فأنت قد تفكر في موضوع ما بطريقة معينة ويكون لك رأيك الشخصي فيه، بينما شريك حياتك يكون له رأي آخر. وهكذا نجد هذه الاختلافات تمتد لتشمل الكثير من نواحي الحياة. فإذا لم تفهم ذلك فإنك قد تظن أن هذا الشخص ربما ليس هو الشخص المناسب لك، أو قد تظن بعد الزواج أن اختيارك كان خاطئاً. الخطوة الثانية هي التواصل المستمر بين الطرفين.فالتواصل هو الطريقة التي تبنى عليها العلاقات. فالأشخاص الناجحون في فن التواصل هم أولئك القادرون على إرسال واستقبال المشاعر والأفكار والمعاني. فإذا ما كنت تهتم لأمر شخص فأنت بالتأكيد ستبحث عن جميع السبل والوسائل في محاولة التواصل معه. إن الأخطاء في فهم الزوجين لبعضهما تقع عندما يكون للكلام أو التصرف المُرسَل أكثر من معنى. فالمستمع قد يفسر هذه التصرفات بطريقة غير صحيحة ومغايرة لقصد شريك الحياة. ومن هنا تأتي المشاكل، فأنت قد تسيء فهم شريك حياتك عندما تكون غاضباً. فالكلمات قد تأخذ منحناً آخر وتفسر تفسيراً سلبياً. ومن الحقائق الواضحة أنه كلما تشاجر شركاء الحياة ازداد سوء الفهم بينهما لعدم قدرتهما على التفكير بصورة صحيحة عند الغضب. ويقول الكتاب المقدس: "البغضة تهيج خصومات، والمحبة تستر كل الذنوب".(أمثال 12:10). قد تتأزم المشاكل الزوجية أحياناً إلى درجة مستعصية جداً فيها لايستطيع الزوجان التواصل معاً؛ وعندها يكون من المُفيد الاستعانة بالمشورة الزوجية المتخصصة، وذلك بعد أن جرّب الزوجان كل الطرق المتوفرة لحل هذه المشاكل بينهما. ولكن يجب أخذ الحذر عند الاستعانة بآخرين إذ يجب أن تكون هذه المشورة كما سبق وذكرنا من شخص متخصص وحيادي وموضوعي. كما ويجب أن يتفق الطرفان معاً على اتخاذ مثل هذه الخطوة. وفي الختام، قد يظن البعض أن الحل النهائي للمشاكل الزوجية المستعصية هو الطلاق، ولكن نظرة الكتاب المقدس للطلاق مختلفة. ففي الأيام الأولى من الحياة البشرية وضع الله خطة رائعة للبشر قائلاً : " ليس جيداً أن يكون آدم وحده، فأصنع له مُعيناً نظيره". لقد خلق الله الإنسان ذكراً وأنثى يلائم أحدهما الآخر جسدياً وعاطفياً وفكرياً وروحياً. ثم تضيف كلمة الله مبدأ من المبادئ الأولى للكتاب المقدس " لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً" (تكوين 24:2). ويتحدث الرب يسوع عن الزواج قائلاً : "فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مرقس 9:10). وكتب الرسول بولس تحت إلهام الروح القدس " وأما المتزوجون فأوصيهم، لا أنا بل الرب، أن لا تفارق المرأة رجلها... ولا يترك الرجل امرأته" (1كورنثوس 10:7-11). فمن الواضح أن الله قصد أن تكون علاقاتنا الزوجية والعائلية قوية تتسم بالمحبة والديمومة وتعكس وحدة الله نفسه. ودعنا ولا ننسى بأن الزواج السعيد هو الزواج المبني على أساس متين "إن لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون" (مزمور 1:127).