بالصور تعرف على حاضرة العالم الكاثوليكي
رغم الوجود التاريخي للفاتيكان، والقيمة الكبيرة لزيارة البابا للقاهرة، إلا أن معرفتنا بالفاتيكان قاصرة إلى حد ما، لذا فقد كتبنا هذه السطور لنقترب خطوة إلى حاضرة العالم الكاثوليكي.
متاحف الفاتيكان.. كنوز لا تقدر
فى حاضرة الفاتيكان أكثر من متحف أهمها متحف الفاتيكان الرسمي، والذى يعد من أكبر وأغنى متاحف العالم، هذا علاوة على القصر العظيم الذى يضم معروضاته النادرة والنفيسة التى جمعها البابوات على مر العصور، اعتبارا من البابا يوليوس الثانى 1503 ـ 1513 ميلادية، حتى أيامنا هذه، وبعضها مشتراة، إلا أن غالبيتها مهداة من رؤساء وعظماء مختلف دول العالم، أو من مؤسسات كاثوليكية عالمية، أو من المؤمنين.
يقابل الزائر للمتحف، بعد انتظاره فى طابور طويل يمتد أكثر من مائة متر، تمثالين على مدخله، أحدهما لمايكل أنجلو، والثانى لروفائيل، ويرمز الأول إلى فن النحت، والآخر إلى فن الرسم، ويعلوهما شعار البابا بيوس الحادى عشر، ويصعد الزائر الدور العلوى حيث المتحف فى مصعد فسيح، أو على سلم حلزونى دائرى بحاجز برونزى مذهب.
يضم متحف الفاتيكان ٢٤٤ متحفًا صغيرًا وكبيرًا، بما فى ذلك أروقة وقاعات العرض، منها المتحف المصرى والذى يتكون من تسع قاعات فسيحة وأسسه البابا غريغوريوس السادس عشر فى سنة ١٨٣٩ والمثير أن عدد زوار متحف الفاتيكان الرئيسي يبلغ سنويًا حوالى ثلاثة ملايين زائر، والمتوسط اليومى عشرة آلاف زائر، يشاهدون تاريخ البشرية وجهًا لوجه عبر كنوز الفاتيكان التى لا تقدر بثمن.
مكتبة الفاتيكان وأسرار التاريخ
الاسم الرسمى لها هو «مكتبة الفاتيكان الرسولية» Biblioteca Apostolica Vaticana وقد أسسها البابا «نيكولاس» فى عام ١٤٥١ وكانت تضم ١١٦٠ كتابًا فقط منها ٤٠٠ باللغة اليونانية لغة العلم فى ذلك الوقت، وبحلول عصر النهضة فى العام الميلادى ١٤٨١ نمت المكتبة وأصبحت تضم ٣٥٠٠ كتاب، وفى عام ١٥٧١ احتفظت المكتبة بأول دليل للكتب الممنوعة، وبدأت البحث عن مخطوطات من البلدان الشرقية، خاصة العربية التى كانت معرضة دائما للحرق بفعل المتزمتين الذين حرقوا كتب الفلسفة بشكل خاص وكتب الفكر والأديان بشكل عام.
أما الآن فيوجد فى مكتبة الفاتيكان مليونا كتاب وسلسلة مطبوعة و٧٥ ألف مخطوطة سريانية وإثيوبية وفارسية وعبرية وعربية ويونانية ولاتينية، تاريخ أقدمها يعود إلى القرن الثانى بعد الميلاد، و٦٥ ألف مجلد، و٨ آلاف معجم و٢٣ وحدة أرشيف و١٠٠ ألف خريطة ورسم وحفرية، و٣٣٠ ألف عملة معدنية ووسام بابوى ورومانى ويوناني.
ويدخل كل سنة ستة آلاف مجلد، يخدمها ٨٠٠ موظف وهم موزعون على خمسة أقسام: المخطوطات الكتب، الرسوم، والعملات المعدنية.
البابا الفقير
مدهش جدًا أن يعلم المرء كيف أن الرجل الذى يقود نحو مليار وثلاثمائة مليون كاثوليكى حول العالم، يعيش برئة واحدة، فخلال شبابه أصيب بالتهاب خطير وخضع لعملية جراحية لاستئصال إحدى رئتيه، الأمر الذى كان يمكن تلافيه فى حاضرات أيامنا بفضل تطور المضادات الحيوية.
منذ اللحظات الأولى لانتخابه كرأس للكنيسة الكاثوليكية فى ٢٠١٣ أبدى الرجل تواضعًا غير مسبوق فى تاريخ البابوات الرومانيين، فعوضًا عن أن يعطى هو أولًا البركة للجموع المحتشدة فى ساحة القديس بطرس فى حاضرة الفاتيكان، رأيناه يخفض من رأسه ويطلب من الجماهير الغفيرة أن تباركه أولًا.
كانت المفاجأة فى الاسم الذى اختاره لبابويته، ذلك أنه ينتمى للرهبنة اليسوعية التى أسسها الإسبانى «إغناطيوس دى لويولا»، لكننا وجدناه يختار اسم فرنسيس، نسبة إلى مؤسس الرهبنة الفرنسيكانية «فرنسيس الأسيزى» الرجل الذى اختار الفقر وخدمة الفقراء، وكذا أول من أقام حوارًا مع العالم الإسلامى، عندما جاء إلى مصر عام ١٢١٩ ليلتقى الملك الكامل الأيوبى، وينشأ بينهما حوار.
ومن لحظة اختياره بابا يرفض فرنسيس الإقامه فى السكن الفاخر المخصص تقليديًا للبابوات، فى القصر الرسولى، وفضل الإقامة فى غرفتين متواضعتين فى «نزل» سانتا ماريا، ولم يبدل صليبه الفضى المتواضع بآخر من الذهب، عطفًا على رفضه استخدام السيارات المصفحة والتى تؤمن له حياته.
والحديث عن الرجل الذى يغافل كثيرا حراسه، ويمضى فى ليالى روما يوزع الصدقات بنفسه على الفقراء، ناهيك عن فتح أبواب الفاتيكان للمشردين فى الليالى الباردة، يطول ويحتاج إلى كتب لسردها.
مقابلة البابا
تجرى المقابلة العامة فى قاعة البابا بولس السادس المجاورة لميدان القديس بطرس فى مدينة الفاتيكان، وأنشئت هذه القاعة الفسيحة وهي غاية فى الذوق الرفيع والجمال الهندسي، والمزودة بأحدث أجهزة الصوت والإضاءة فى سنة ١٩٧١، لإقامة الاحتفالات البابوية، وتتسع لحوالى عشرة آلاف شخص، جميعهم جلوس على مقاعد مريحة، ويتوسط القاعة ممر عريض يمتد من مداخلها إلى المنصة الواقعة فى مقدمتها.
