بما أن الكتاب المقدس هو بكامله على حق ، فانه من الضروري لنا أن نحدد بشكل واضح ماهو المقصود بالحق وما الذي يشكل الخطأ. إن الحق هو كل ما يرتبط بالواقع ويعبّر عنه. أما الخطأ قهو العكس تماما. وعندما تقول الامور كما هي بالتمام فانت تقول الحق. أما الخطأ فهو قول أشياء لا تعبر عن حقيقة الأمر كما هو عليه. إذا لا يمكن لأي غلط ما أن يكون صحيحا حتى ولو قصد الكاتب من غلطه أن يبدو كذلك. إن الخطأ هو غلطة فعلية وليس مجرد أمر لا يقود للحق كما يجب. و الا فان كل ما يقال بإخلاص، حتى ولو كان يحتوي على أغلاط، هو صحيح. وهكذا أيضا، وبما إن العديد من الأكاذيب تحقق هدفها، يمكننا إعتبار امر ما أنه غير صحيح لأنه بكل بسطة يحقق هدفه.
ان الكتاب المقدس يعتبر أن كل ما يتوافق مع الحقيقة هو حق، وكل أمر مخالف لذلك يعتبره خطأ. و هذا الامر جليّ بناء على استخدامه لكلمة "خطأ" للدلالة على الغلط سهوا. (لا٤׃٢) . فالكتاب المقدس، في كل أسفاره، ينظر نظرة توافقية للحق. ومثالا على ذلك نجد في الوصايا العشر وصية تقول :" لا تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ" (خر٢٠׃١٦)، وتشير الى أن عدم اظهار الحقائق كما هي هو خطأ جسيم. وأيضا في سفر أعمال الرسل تبرز هذه النظرة التوافقية للحق عندما مَثُل اليهود أمام الوالي و طلبوا منه قائلين:" وَمِنْهُ يُمْكِنُكَ إِذَا فَحَصْتَ أَنْ تَعْلَمَ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي نَشْتَكِي بِهَا عَلَيْهِ». (أع٢٤׃٨) وعندما شرع بذلك قال له بولس:" وَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تَعْرِفَ..." (أع٢٤׃١١) أي يمكنك أن تتحقق من الامور أنها كذلك.