رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
محبة الله علي الصليب إن الله قد أحبنا ونحن بعد خطاة. وفدانا بدمه، ونحن أموات بالخطايا (رو5:8) (أف2 :4، 5). تري من فينا كان مستحقًا لدمه الكريم؟! لذلك فأنا في كل مرة أتناول من السرائر المقدسة، أقول في صلاتي (ليس يا رب من أجل استحقاقي، إنما من أجل احتياجي). وعملت هذه الصلاة لكثيرين.. إن الله يعطي غير المستحقين، علي الأقل لثلاثة أسباب: أولًا لأن من طبيعته الحب والعطاء. وثانيًا من أجل احتياجهم. وثالثًا، لعله بالحب يجذبهم إليه. فتؤثر فيهم محبته، علي من عدم استحقاقهم. الرب يهتم بكل أحد، وفي كل وقت.. حتى وهو علي الصليب، كان يهتم بغيره، ويعطي. تصوروا وهو متعب جسديًا إلي أقصي حد، وقد مزقت السياط جسده، والشوك أنزف الدم منه، مع الإرهاق الزائد، من الجلد وحمل الصليب ودق المسامير في يديه ورجليه.. ومع كل ذلك في عمق محبته، يفكر في صالبيه، ويطلب لهم المغفرة، ويقدم عنهم عذرًا، ويقول في محبة عجيبة فوق الوصف: (يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون) ((لو23:34). إن آلامه التي لا تطاق، لم تمنع محبته من التفكير في صاليبه وطلب المغفرة لهم، بل من أجل هذه المغفرة، قد أسلم ذاته للصلب. وبنفس الحب - وهو علي الصليب - منح اللص التائب وعدًا بأن يكون معه في الفردوس في نفس اليوم.. (لو23:43). وهكذا أراح نفس هذا اللص، قبل أن يلفظ اللص أنفاسه. وبنفس الحب، وبنوع آخر، فكر في أمه العذراء القديسة، وفي إيوائها والعناية بها، فكلف بذلك تلميذه يوحنا الحبيب. (ومن تلك الساعة، أخذها التلميذ إلي خاصته) (يو19:27). كان بمحبته لا يفكر في ذاته، وإنما في راحة غيره. فالمحبة لا تطلب ما لنفسها (1كو13:5)، بل تنكر ذاتها. ليس غريبًا إذن أن المهاتما غاندي، الزعيم الروحي للهند - كما ذكر المؤرخ فيشر عنه - لما زار فرنسا، ورأي أيقونة المسيح المصلوب، بكي.. كان الناس يرون المسيح من قبل، محبة تتحرك علي الأرض. وظلت المحبة فيه تتحرك بأكثر شدة علي الصليب، حتى عندما كان جسده بلا حركة مسمرًا بالمسامير. بل في الطريق إلي الصليب أيضًا، كانت محبته أيضًا تعمل من أجل الغير، المستحقين وغير المستحقين.. فقد تحنن علي ملخس عبد رئيس الكهنة، لما استل بطرس سيفه، وضربه فقطع أذنه.. أمر بطرس بأن يرد سيفه إلي غمده. أما عن العبد، فإن الرب (لمس أذنه وأبرأها) (لو22: 50، 51). أما عن تلاميذه، الذين خافوا في وقت القبض عليه، فقال عنهم لمن جاءوا يقبضون عليه (أنا هو. إن كنتم تطلبونني، فدعوا هؤلاء يذهبون) (يو18:8). وهكذا سهل لهم الهرب في سلام. محبة الله المتحنن محبة الله لنا، محبة مملوءة عاطفة. لعل من أعمق مظاهرها، تلك العبارة المؤثرة التي قيلت في معجزة إقامة لعازر من الموت، اعني قول البشير (بكي يسوع) (يو11:35). أنها كلمة تدل علي عمق المشاعر، عمق الحنان، عمق القلب. تكرر نفس التعبير بالنسبة إلي أورشليم التي كان ينتظرها الخراب بعد سنوات. وقد قيل في ذلك (وفما هو يقترب من المدينة بكي عليها) وقال (ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك: ويحاصرونك من كل جهة، ويهدمونك وبنيك فيك ولا يتركون فيك حجرًا علي حجر) (لو19:41-44). ومثل عبارة "بكي" في إظهار محبة الرب لأولاده، كذلك عبارة "تحنن". ومن أجمل مواقفها قول الإنجيل (ولما رأي الجموع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين منطرحين، كغنم لا راعي لها) (مت9:36). لذلك قال لتلاميذه من أجلهم (أطلبوا إلي رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده).. ويكرر معلمنا متى البشير هذه العبارة في شفاء المرضي، ويقول عن الرب إنه (تحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت14:14). إذن كانت معجزات الشفاء ناتجة عن حنان قلب وحب. وهكذا يقول أيضًا في شفاء الأعميين (فتحنن يسوع ولمس أعينهما. فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه) (مت20:34). وفي أقامه ابن أرملة نايين - وكانت أمه تبكي، وهو وحيد أمه (فلما رآها الرب تحنن عليها، وقال لها لا تبكي) وأقام الشاب (ودفعه إلي أمه) (لو7:12-15). حاولوا يا أخوتي أن تتبعوا كلمة "تحنن" في معاملات الرب. بل في العهد القديم وردت كثيرًا عبارة (الرب حنان ورحيم) (مز111:4) (مز145:8) وكما يقول عنه نحميا انه (إله غفور، حنان ورحيم، طويل الروح) (نح9:17) ويقول عن مغفرته للشعب وعدم إفنائهم علي الرغم من صلابة رقابهم (ولكن لأجل مراحمك الكثيرة لم تفنهم ولم تتركهم، لأنك إله حنان ورحيم) (نح9:31). من محبة الله لنا أيضًا أنه ينادينا بأسمائنا. فيقول (أعرف خاصتي، وخاصتي تعرفني) (خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني، ويقول أيضًا أن (الخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها) (يو10). جميل أن الله يعرف الكل منا باسمه، ويناديه باسمه ويقول لتلاميذه (أفرحوا بالحري أن أسماءكم كتبت في السموات) (لو10:20). وجميل أيضًا أننا نري في الكتاب سفرًا أسمه سفر العدد، فيه يحصي الله أولاده ويكتبهم بأسمائهم. كذلك في سفر أخبار الأيام نره يكتب الأسباط وتفرعاتها بالأسماء (1 أى1-9).. ليس أحد غائبًا أمامه. وإن غاب أحد يبحث عنه حتى يجده، ويحمله علي منكبيه فرحًا (لو15:5). ومن محبة الله لنا، أنه جعلنا واحدًا معه. فيقول (أثبتوا في وأنا فيكم) (يو15:4) كما يثبت الغصن في الكرمة. ويقول للآب (أنت أيها الآب في، وأنا فيك، ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا) (يو17:21). ويقول أيضًا (أنا فيهم، وأنت في، ليكونوا مكملين غلي واحد) (يو23:17). ومن محبته أنه اعتبرنا كشخصه. فلما اضطهد شاول الطرسوسي الكنيسة، قال له الرب (لماذا تضطهدني؟) (أع9:4). وعن الفقراء قال (مهما فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار، فبي قد فعلتم) (مت25:40) لذلك قال عنهم (كنت جوعانًا فأطعمتموني) (مت25:35)، وقال (من يقبلكم يقبلني) (مت10:40). ومن محبة الله أيضًا الدالة العجيبة بينه وبين أولاده. ومن أمثلتها أنه قبل أن يحرق سادوم (قال الرب هل أخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا فاعله؟) وأخبره بما سيفعله، وقبل أن يدخل إبراهيم معه في حوار، حتى أن يقول له (حاشه لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم.. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا) (تك 18: 17، 25). نفس الوضع مع موسى، إذ قال له بعد أن عبد الشعب العجل الذهبي (الآن أتركني ليحمي غضبي عليهم فأفنيهم) ولم يتركه موسى، بل حاوره في الأمر، وقال له ارجع يا رب عن حمو غضبك واندم علي الشر) وقبل شفاعته (خر32:9-14). وإلي جوار هذه الدالة، دفاعه أيضًا عنهم. فقد دافع عن يوحنا المعمدان فقال: (ماذا خرجتم إلي البرية لتنظروا؟ إنسانًا لابسًا ثيابًا ناعمة؟! هوذا الذين يلبسون الثياب الناعمة هم في بيت الملوك.. أنبياء؟ نعم أقول لكم وأفضل من نبي.. الحق أقول لكم لم يقم من بين المولودين من النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان..) (مت11:8-11). ودافع عن موسى النبي لما تقول عليه هرون ومريم بعد زواجه من امرأة كوشية،فوبخهما الرب قائلًا (إن كان منكم نبي للرب، فبالرؤيا استعلن له. في الحلم أكلمه. وأما عبدي موسى فليس هكذا، بل هو أمين في كل بيتي. فمًا لفم وعيانًا أتكلم معه، لا بالألغاز. وشبه الرب يعاين. فلماذا لا تخشيان أن تتكلما علي عبدي موسى؟!) (عد12:6-8). وضرب الرب مريم بالبرص، فحجزت خارج المحلة سبعة أيام.. ودافع عن إبراهيم، لما أخذ أبيمالك الملك زوجته. فظهر له في حلم وقال له (ها أنت ميت بسبب المرأة التي أخذتها، فإنها متزوجة ببعل.. فالآن رد امرأة الرجل، فإنه نبي فيصلي لأجلك فتحيا) (تك20:3، 7). ودافع عن أيوب الصديق ضد أصحابه الثلاثة. فقال لأليفاز التيماني (قد احتمي غضب عليك وعلي كلًا صاحبيك، لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب. والآن فخذوا لأنفسكم سبعة ثيران وسبعة كباش. واذهبوا إلي عبدي أيوب، واصعدوا محرقة لأجل أنفسكم. وعبدي أيوب يصلي من أجلكم -لأني أرفع وجهه- لئلا أصنع معكم حسب حماقتكم. لأنكم لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب..) (أي42:7، 8). بل دافع الرب عن أيوب لما اشتكي علية الشيطان. وقال له (هل جعلت قلبك علي عبدي أيوب؟ لأنة ليس مثله في الأرض، رجل كامل ومستقيم، يتقي الله، ويحيد عن الشر، وإلى الآن هو متمسك بكماله..) (أي 2: 3). وأمثله دفاع الرب عن أولاده كثيرة جدًا.. دافع عن الشعب في مصر ضد فرعون. ودافع عنهم في أيام القضاء، ودافع عن دانيال والثلاثة فيتيه في سنوات السبي. ودافع عن تلاميذه ضد كل اتهامات الكتبة والفريسيين، وقال لبولس (لا تخف لأني أنا معك، ولا يقع بك احد ليؤذيك) (أع 18: 9، 10). ودافع عن الكنيسة في كل زمان، ووعد بأن أبواب الجحيم لم تقوي عليها (مت 16: 18). والأعجب من هذا كله دفاع الرب عن الخطاة. دافع عن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها في بيت سمعان الفريسي. ووبخ الفريسي الذي أدانها. واراه أن تلك الخاطئة كانت أبر منه، لأنها أحبت كثيرًا (لو 7: 36-47) بينما كانت تلك المسكينة صامتة لا تملك الدفاع عن نفسها. دافع أيضًا عن المرأة التي ضبطت في هذا الفعل. وقال للقساة الذين قدموها لحكم الموت (من كان منكم بلا خطية، فليرمها أولا بحجر) (أي 8: 7). ولما أراح المرأة من الذين أدانوها، إذ أنصرف الجميع، قال للمرأة (ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا).. كذلك المرأة التي سكبت عليه الطيب في الأسبوع الأخير: لما تذمر عليها البعض وقالوا (لماذا هذا الإتلاف؟! لأنه كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثير ويعطي للفقراء!) فدافع الرب عن هذه المرأة وقال (لماذا تزعجون المرأة؟! فإنها قد عملت بي عملًا حسنًا. فأن الفقراء معكم في كل حين.. فأنها سكبت هذا الطيب علي جسدي.. لأجل تكفيني) (مت 26: 6- 12). ولم يدافع عن المرأة فقط، وإنما طوبها أيضًا بقوله (الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل. في كل العالم، يخبر أيضًا بما فعلته هذه تذكارًا لها).. حقًا إن الرب في محبته يرفع وجوه المساكين.. محبة الله الغفور ومن محبة الرب لنا، انه منحنا التوبة للمغفرة. تظهر محبته هذه في قول الرسول إن الله (يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون) (1تي 2: 4). بل أن السيد الرب نفسه يقول في سفر حزقيال النبي، أنة لا يسر بموت الشرير، بل برجوعه عن طرقه فيحيا (حز 18: 23). لذلك منحنا الله التوبة للحياة (أع 11: 18). حقًا من محبة الله أنه لم ينه حياتنا ونحن في خطايانا. وإنما رأي وصبر، وأطال أناته علينا لكي نتوب وإنما (بغني لطفه، وإمهاله وطول أناته). أنما يقتادنا إلى التوبة (رو 2: 4).. كان يمكن أن يمسك بشاول الطرسوسي. وهو يضطهد الكنيسة، ويلقي به في الجحيم. بل أن ضل أحد يذهب ويبحث عنه ليرجعه.. كما هو واضح في قصة الخروف الضال والدرهم المفقود. وبحث الرب عن الخطاة يتضح من قوله: (أنا واقف علي الباب وأقرع. أن فتح أحد لي، أدخل وأتعش معه) (رؤ3:20). بل أن الرب من محبته أرسل والأنبياء كسفراء عنه، وأعطاهم خدمة المصالحة، لكي ينادوا أن (اصطلحوا مع الله) (2كو5: 18- 20). بل أنه يمد يده طول النهار لشعب معاند ومقاوم (رو10:21). ومن محبته يدعو الناس، لكي يتوبوا فيغفر لهم ويقول (هلم نتحاجج -يقول الرب- إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج..) (أش1:18). ومن محبة الله أنه يفرح بالراجعين إليه. لا يعاتبهم، بل يفرح بهم. كما قال في عودة الابن الضال (ينبغي أن نفرح ونُسَرّ. لأن ابني هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فَوُجِدَ) (لو15:5). بل تفرح الملائكة أيضًا معه. وهكذا يقول الكتاب إنه (يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب) (لو15:10). والرب في قبوله للخطاة، يكون في محبته عميق المغفرة. تغني داود النبي بهذه المغفرة فقال (باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل حسناته، الذي يغفر جميع ذنوبك.. الرب رحيم ورءوف، طويل الروح، وكثير الرحمة. لا يحاكم إلي الأبد، ولا يحقد إلي الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض، قويت رحمته علي خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا.. لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن) (مز103). ومن محبة الله، فإنه في مغفرته لخطايانا، يمحوها ولا يعود يذكرها. وهكذا يقول في سفر ارميا النبي (لأني أصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيئتهم بعد) (أر31:34). ويقول في سفر حزقيال النبي عن الشرير التائب (كل معاصيه التي فعلها، لا تذكر عليه) (خر18:22) (حز33:16). ويقول بولس الرسول (إن الله -في المسيح- كان مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم) (2كو5:19). ويتغني المرتل في المزمور بهذه المغفرة التي تمحي فيها الخطايا، فيقول (طوبى للذي غفر إثمه وسترت خطيته. طوبي للإنسان الذي لا يحسب له الرب خطية) (مز32 :1، 2). وقد اقتبس بولس الرسول هذا التطويب (رو4 :7، 8). بل أحس داود بعمق مغفرة الله في محبته فقال: ما أعظم هذه المحبة التي تغسل الخاطئ من خطيته، فيبيض أكثر من الثلج.. بل أكثر من هذا كله، فإن الله - لكي يغفر خطايانا - حملها بدلًا منا. وكما قال إشعياء النبي (كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا) (أش53:6)، وقال عنه يوحنا المعمدان (هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم) (يو1:29).. وهكذا دفع ثمن خطايانا علي الصليب. ومات عنا، لكي نحيا نحن بموته.. وهكذا قال القديس بولس الرسول إن (الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا) (رو5:8). إذن المسيح -بالفداء- كان علي الصليب ذبيحة حب. إن عمل الكفارة والفداء، كان عملًا يدل علي عمق محبة الله لنا (هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد. لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يو3:16). وهكذا يقول القديس يوحنا الرسول عن المحبة بيننا وبين الله (ليس أننا نحن أحببنا الله. بل أنه هو أحبنا، وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا) (1يو4:10). لهذا نقول: قبل أن يصلب اليهود المسيح، صلبته محبته للبشر. هو صعد علي الصليب بإرادته، دفعته إلي ذلك محبته للبشر ورغبته في خلاصهم. لقد قال عن نفسه (أضع نفسي لآخذها ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، وسلطان أن آخذها أيضًا) (يو10: 17، 18). إذن عقيدة الفداء، التي هي أعظم عقائد المسيحية، كان أساسها الحب وسببها الحب، حب الله للناس.. الحب هو الذي سمر المسيح علي الصليب. لقد تحدوه قائلين (لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب، فنؤمن بك) (مت27: 40، 42). وكان يستطيع أن ينزل، ولكنه لم يفعل. لأن محبته هي التي كانت تسمره علي الصليب، وليس المسامير.. إنها المحبة التي أشار إليها بقوله: "ليس حب أعظم من هذا: أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15:13). بل هو قد وضع نفسه عن المسيئين إليه، عن الخطاة الذين كسروا وصاياه. وهكذا يقول بولس الرسول (إنه بالجهد يموت أحد عن بار.. ولكن الله بين محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا) (مات في الوقت المعين لأجل الفجار) (رو 5: 6، 7، 8). ولكن لكي يموت، كان لابد أن يلبس جسدًا قابلًا للموت. وهكذا نقول: الله محبة الله للبشر، هي سبب التجسد. من أجلنا، ومن أجل خلاصنا (وأخذ ذاته، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. وأطاع حتى الموت، موت الصليب) (في2: 7، 8). من أجلنا، وبسبب محبته، قبل الآلام، وتعرض للإهانات، ليس عن ضعف، وإنما عن قوة حب، لكي يدفع ثمن خطايانا. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
هل تحوَّل غضب الله بذبيحة الصليب إلى محبة؟ |
...فى الصليب رأى أن(الله محبة) وأن الله قابله هناك رغم أنه خاطىء وأعطاه سلاماً أبدياً |
محبة الله علي الصليب |
محبة الله الغفور |
محبة الله المتحنن |