رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المقطع الأول: إنجيل متى 25 : 14– 25. " ويُشبه ملكوت السماوات رجلاً أرادَ السفر، فدعا خدمهُ وسلّمَ إليهم أمواله، كل واحدٍ منهم على قدر طاقته... وبعدَ مدةٍ طويلةٍ، رجعَ سيد هؤلاء الخدم وحاسبهم. فجاءَ الذي أخذَ الوزنات الخمس، فدفعَ خمسَ وزنات معها ... وجاءَ الذي أخذَ الوزنتين، فقالَ: يا سيدي، أعطيتني وزنتين، فخذ معهما وزنتين ربحتهما... وجاءَ الذي أخذ الوزنة الواحدة فقالَ: يا سيد ... ذهبت ودفنتُ مالك في الأرض، وها هو مالكَ ". المقطع الثاني: إنجيل يوحنا 4 : 1 – 14. " ... فوصلَ إلى مدينة سامريـة اسمهـا سوخار، بالقرب من الأرض التي وهبها يعقوب لابنه يوسف، وفيها " بئر يعقوب " ... فجاءَت امرأة سامرية تستقي من ماء البئر، فقالَ لها يسوع: " أعطيني لأشرب ". وكان تلاميذهُ يشترون طعاماً. فأجابت المـرأة: " أنتَ يهودي وأنا سامرية، فكيفَ تطلب مني أن أسقيكَ ؟ " قالت هذا لأن اليهود لا يخالطون السامريين. فقالَ لها يسوع: " لو كنتِ تعرفين عطيةَ الله، ومن هوَ الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنتِ منهُ فأعطاكِ ماء الحياة ". قالت له المرأة: " لا دلوَ معكَ، يا سيدي، والبئر عميقة، فمن أينَ لكَ ماء الحياة ؟ ... فأجابها يسوع: " كل من يشرب من هذا الماء يعطش ثانيةً، أمَّا من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش أبداً، فالماء الذي أعطيه يصيرُ فيه نبعاً يفيض بالحياة الأبدية ". الأيام تمر بسرعة هائلة ... " السنة ورا الباب " ..." ويـن كنّا ووين صرنا " ... عبارات وعبارات أخرى يرددها الناس مراراً وتكراراً، وجميعها تدل على أن الوقت يجري بسرعة، وهذا شيء صحيح وأكيد، وهذا الكلام يؤكده لنا بولس الرسول عندما يقول: " مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة "، وأنا شخصياً لا أرى أية مشكلة في مرور الوقت والأيام والشهور والسنين، لأن ذلكَ شيء طبيعي، فمنذُ خُلِقَ الإنسان والسنين تتوالى وتمر بسرعة، وأجيال تأتي وأجيال تمضي، وسنبقى هكذا لحين عودة الرب يسوع الثانية، فعندها سيتوقف الزمن ولن تعود السنين تمر بسرعة، لكنّ السؤال الأهم في هذا الصباح، وأنا أراقب وأرى أن الأيام تمر بسرعة، وأنا أسمع أنه يومياً في وطني وفي محيطي اللذين أعيش فيهما، أناس كثيرين يمضون إلى مصيرهم الأبدي وبسرعة مُلفتة، وهم لم يتعرفوا على يسوع، ويذهبون لمواجهة هذا المصير دون يسوع حيثُُ البكاء وصريف الأسنان !!! نعم وأنا أسمع وأراقب حدوث كل ذلكَ ماذا أفعل ؟ هل أدفن الوزنة التي أعطاني إياها سيدي فقط لكي أحافظ عليها وأقدمها لهُ عند عودته ؟ أم أُتاجر فيها لأجلب لهُ وزنات أخرى كثيرة ؟ وهل أنا بئر عميقة أُخبىء مياهً أصبحت سوداء وقليلة، لا ترى الشمس والنور ؟ أم أنا نبع فيَّاض عذب المياه والمذاق أستطيع أن أصل به إلى الجميع ؟ تعالوا نتأمل معاً في هذا الصباح !!! مقطعان معبّران من كلمة الله الحيّة، شاءَ الروح القدس أن نضعهما جنباً إلى جنب في هذا الصباح لكي يعلمنا درساً جديداً يُضيفهُ على الدروس التي علّمها لنا سابقاً، لكن ليسَ لكي يُنمّي قدراتنا الذهنية، بل لكي يغيّر حياتنا العملية ويحثنا على العمل في ملكوته، ويُغيّرنا من مجد إلى مجد ومن قوة إلى قوة، لكي نُشابه صورة الرب يسوع المسيح. نعم السيد لم يمكث طويلاً على هذه الأرض، لكنهُ سافرَ، عاد من حيث أتى، عادَ إلى أبيه بعدما تمم العمل كلهُ، بعدما قالَ : " قد أُكمل "، بعدما بذلَ دمه الغالي والثمين فداءً للبشرية جمعاء، بعدما هزمَ إبليس ومملكة الظلمة وجرَّدَ الرياسات والسلاطين، بعدما نزعَ السلطان من يد إبليس وجنوده، بعدما أعطى هذا السلطان لأخوةٍ لهُ أقامهم على هذه الأرض وأوكلَ لهم المأموريـة العظمـى " نلتُ كل سلطان في السماء والأرض. فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس، وعلموهم أن يعملوا بكل ما أوصيتكم بهِ، وها أنا معكم طوال الأيام، إلى أنقضاء الدهر "، وبعد أن نالَ لهم الموعد، الروح القدس، روح القوة وأرسلهُ لهم لكي يساعدهم في تنفيذ هذه المأمورية، وها هي الأيام تتوإلى والإخوة يزدادون والمأمورية تنتقل من جيل إلى جيل وها هي تصل إلى جيلنا نحن، تصل إليَّ وإليكَ أنتَ بالتحديد !! وما زالت كلمات يسوع تدوّي وبقوة، وما زالت الأجيال تمر وأعداد كبيرة من الناس تغادر هذه الدنيا إلى مصيرها الأبدي دون يسوع حيثُ البكاء وصريف الأسنان، واليوم وفي هذا الصباح بالتحديد، والسيد مسافر، جالس عن يمين الآب السماوي، جالس على عرش العظمة يشفع فينا ويمدنا بالقوة يومياً، ونحنُ نراه بأرواحنا، ونسمعهُ بآذاننا الروحية يسأل: " ماذا فعلتم بالوزنات ؟ " وما زالت الأجوبة تتفاوت بينَ: " يا سيدي أعطيتني خمسة، فخذ خمسة أخرى ربحتها لك " أو " يا سيدي أعطيتني وزنتين، فخذ وزنتين ربحتهما لكَ " أو " يا سيد دفنتُ مالك في الأرض وها هو أعيده إليك !!! ". وببساطة وصدق أريدك أن تتوقف للحظة وتحاول فتح أذنيك الروحية وتسمع السيد يسألك ماذا فعلت بالوزنات او بالوزنة، وتُحاول أن تجيبه بصدق أيضاً، هل تاجرتَ فيها وربحتَ له وزنات أخرى ؟ أم دفنتها في الأرض وتريد أن تُعيدها لهُ ؟ هذه هيَ القصة الأولى، والآن ماذا عن القصة الثانية ؟ التلامذة ذهبوا لشراء الطعام من المدينة، ويسوع مكثَ في المدينة السامرية قرب " بئر يعقوب "، وها هيَ المرأة السامرية، المرأة الخاطئة، الزانية، تقترب من البئر لتستقي ماء !! وها هوَ يسوع يطلب منها أن تعطيه ليشرب – وما يهمني من هذا الحوار، هوَ المعنى الروحي الرمزي الذي أعطاني إياه الروح القدس عن موضوع تأملنا وعن الفرق بين: " البئر والنبع " - السامرية تقول لا دلوَ معك يا سيدي والبئر عميقة فمن أينَ لكَ ماء الحياة ؟ ويسوع يقول لها: " كل من يشرب من هذا الماء يعطش ثانيةً، أمَّا من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا، فلن يعطش أبداً، فالماء الذي أعطيه يصيرُ فيه نبعاً يفيض بالحياة الأبدية ". أعطت المرأة وصفاً دقيقاً لكيفية الحصول على الماء من البئر، تحتاج إلى دلو، بالإضافة إلى أن البئر عميقة، وبالتالي فهي تحتاج إلى مجهود للحصول على هذه الماء، وأوضحَ يسوع قائلاً: أنهُ وبالرغم من حاجتك إلى دلو وإلى مجهود للحصول على الماء من هذه البئر العميقة، فإن هذه المياه لا تنفع فهي لن ترويك، بل ستعطش ثانيةً، بعكس المياه التي يُعطيها الرب والتي شبهها بالنبع الفيَّاض، والتي لن تدعكَ تعطش ثانيةً بل ستفيض لكَ بالحياة الأبدية !!! مقارنة جميلة، عميقة ومعبّرة !!! ولو تأملنا بهذ المعاني الروحية الرمزية التي أرادَ الروح القدس أن يعلّمنا منها درس هذا الصباح، لرأينا أن هذه المرأة وبالرغم من مجيئها اليومي إلى هذه البئر ومجهودها للحصول على المياه بواسطة الدلو، وبسبب عمق البئر، فقد شربت كثيراً ويومياً وتوالت عليها الأيام وما زالت عطشى، ما زالت كما هي المرأة الخاطئة، المرأة الزأنية، لم تستطع تلكَ المياه المستخرجة من البئر أن تغيّرها، لا بل جعلتها تعطش ثانيةً وثانيةً، كما قالَ يسوع. إنها مياه عميقة مدفونة في قعر البئر، مياه ربما أصبحت سوداء ومظلمة، وهي كما قلنا مدفونة في قعر هذه البئر مثلها مثل الوزنة التي دفنها صديقنا في القصة الأولى. أمَّا المياه الثانية، مياه النبع الفيَّاضة، فهيَ مياه متدفقة، تفيض بالحياة الأبدية، لستَ تحتاج دلوً لكي تحصل عليها، ولستَ تحتاج لمجهود للحصول عليها، فهي ليست عميقة، وليست مدفونة في قعر البئر العميقة، بل هي منعشة وعذبة وحيَّة بصورة دائمة، هي تتبعك، تفتش عليك، وتصل إليك أينما كنت، وحدها هذه المياه غيَّرت تلكَ المرأة وفاضت فيها حياة أبدية، وجعلتها لا تعطش ثانيةً، ولا تفكر بعد اليوم بالمجيء إلى البئر لتستقي مياهً عميقة وسوداء جعلتها تعطش سنين طويلة دون أي تغيير !!! هذه هي نوعية مياه النبع الفيَّاضة !! البئر يطلب ما لنفسه لكي يمتلىء ولكي يحتفظ بالمياه لهُ وحده، بعكس النبع الذي يستقبل مياه الحياة ويمررها للآخرين لكي تفيض فيهم حياة أبدية، تعطيهم انتعاشاً وشبعاً، إنه مثل صاحب الوزنات الخمس، أخذها من سيده، وربح لهُ خمس وزنات أخرى. أحبائي، كلنا متفقون أن الكلمة التي أوحى بها الروح القدس لرجالات الله، لم تأتِ بالصدفة، بل هيَ مرتبة ترتيباَ إلهياً، ذو مغذى دقيق. فليسَ بالصدفة أن يُورد الروح القدس قول يسوع مباشرةً بعد قصة " البئر والنبع " والمتعلق بالحقول التي ابيضت للحصاد، حيثُ أوصى تلاميذه بأن يذهبوا ويحصدوها (يوحنا 4 : 35)، لقد أرادَ أن يعلمهم الدرس العميق، لا تكونوا عبيداً بل أبناء، لأن العبد هوَ من يذهب ويدفن وزنة أبيه لأنه يرى نفسهُ عبداً ويرى أبيه سيداً ظالماً، فيخاف منهُ ويدفن مواهبه وعمله وكل ما أعطاه أبيه بدلاً من أن يتاجر بها ويربح لهُ النفوس، ولأن العبد هو الذي يشبه البئر العميقة ويدفن المياه بداخلها كما فعلَ بالوزنة، فتفسد تلكَ المياه وتصبح سوداء، يحتاج الناس الذين حواليه إلى دلوٍ وإلى مجهودٍ للحصول عليها وهذا لأنهم سمعوا أنها مياه، فعلَّها ترويهم من عطشهم، لكنهم يتفاجئون أكثر فأكثر عندما يحصلون عليها منه بعد كل هذا المجهود، فيجدوها مياه غير صالحة، تجعلهعم يعطشون ثانيةً ولا تأتي لهم بحل لمشكلة عطشهم المزمن، أمَّا الإبن فهو يستلم الوزنات من أبيه ويتاجر فيها فيربح لهُ وزنات أخرى وأخرى يُغني فيها بيت أبيه ويُفرح قلبهُ، وهوَ نبع فيَّاض مياههُ عذبة ومتدفقة، يتفجر بمياه الحياة متكلاً على قوة أبيه، ويدخل بيوت الناس العطشى ويفتش عليهم ليرويهم وينعشهم ولا يجعلهم يعطشون مرة ثانية، بل يفيض فيهم بالحياة الأبدية. أحبائي قالَ يسوع: " أنتم نور العالم ... لا يُوقد سراج ويُوضع تحت المكيال، ولكن على مكان مرتفع حتى يُضيء لجميع الذين هم في البيت (متى 5 : 15). نعم، ولا تُدفن وزنة تحت الأرض، ولا تُدفن مياه في البئر العميقة !!! أحبائي الحقول ابيضت للحصاد، والذي زرعَ تلكَ الحقول هوَ الرب يسوع المسيح قبلَ أن يُسافر ويعود إلى أبيه، وأوكلَ لنا هذه المأمورية العظمى، وهوَ ينتظر منَّا أن نحمل مناجلنا ونبدأ بالحصاد، حصاد النفوس الثمينة والغالية على قلبه، نحصدها ونعيدها إليه، إلى بيت الآب السماوي، إلى بيت أبينا، إلى بيتنا، هذا إن كنَّا أبناء !!! إنها نفوس عزيزة على قلبه، دفعَ ثمن إعادتها، دمه الغالي الثمين لكي ينتزعها من يد إبليس، ومن النار الأبدية، نفوس ليست بعيدة عنك، إنها تحيا بقربك، أو ربما تحيا معك تحت سقف واحد، إنهم أهلك، ربما أبوك أو أمك او إخوتك، أو أقاربك، أو معارفك، أو أصدقائك الحميمين، فماذا ستفعل من أجلهم ؟ هل ستأخذ وزنتك وتدفنها في التراب ؟ وهل ستكون تلكَ البئر العميقة التي تحتفظ بالمياه لنفسها وتُجبر هؤلاء الأحباء على قلبك القيام بمجهود للحصول على المياه ؟ وبعدما يحصلون عليها تفاجئهم بأنهم سيبقون عطاش دون أي أمل أو رجاء ؟ أم ستكون صاحب الوزنات الخمس، تتاجر بها بنشاط وكدّْ وتعب وتربح هؤلاء الأحباء الذين هم من حولك للرب ؟ وهل ستكون أيضاً ذلكَ النبع الفيَّاض بمياه عذبة منعشة تفيض بالحياة الأبدية ؟ نعم الأيام تمر بسرعة والناس تأتي وتمضي بسرعة والأيام مقصرة وشريرة كما تقول الكلمة، لذا أرجوك قم من نومك، وخذ موقعك في الرب يسوع المسيح، أوقف الإنشغال بنفسك وبمشاكلك، واذهب بقوتك هذه، بالوزنات التي معك مهما كان عددها قليل، خذ من يد الرب السلطان الذي فقدته والقوة التي تحتاجها، تاجر بالوزنات، كن نبعاً فيَّاضاًً، إربح النفوس، وهي كما قلنا ليست أية نفوس، إنها نفوس غالية على قلب الرب، وكما هيَ غالية على قلبه، فهيَ غالية على قلبك أيضاً، إنهم أهلك وأقاربك وأصدقاؤك، لا تسمح بأن يمضوا إلى النار الأبدية حيثُ البكاء وصريف الأسنان، وحيثُ الندم لا يعود ينفع بعدها. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
فرحة عميقة |
دروس عميقة |
مفاهيم عميقة |
نظرات عميقة في صمت |
البئر عميقة |