منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 01 - 2014, 02:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
قصة هذا الكتاب

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
ليست التوبة يا إخوتي هي عمل المبتدئين في الحياة مع الله، إنما التوبة هي للجميع، حتى للقديسين وهي جزء من صلواتنا اليومية.
كل إنسان محتاج إلي توبة، مهما عظم مركزه، ومهما علا قدرة وارتفع في الحياة الروحية. كلنا محتاجون إلي توبة، بل إننا محتاجون إليها في كل يوم، لأننا في كل يوم نخطئ. ولا يوجد إنسان بلا خطية، ولو كانت حياته يومًا واحدًا علي الأرض.
بالتوبة نهيئ أنفسنا لسكني الرب. وبالنقاوة نعاين الله أي نراه (متي 5: 8). التوبة هي بدء الطريق إلي الله، وهي رفيق الطريق حتى النهاية.
ولذلك كانت التوبة من أولي الموضوعات التي ألقيت فيها محاضرات عديدة من بداية عملي كأسقف للتعليم من حوالي عشرين سنة.
عشرات المحاضرات ألقيتها عن التوبة في القاعة المرقسية بدير الأنبا رويس، وفي اجتماعات الشباب والأسرات الجماعية. كما ألقيت محاضرات أخري مركزه في كنيسة الملاك بدمنهور، وفي كنيسة مارجرجس بالمحلة الكبرى، وفي بعض البلاد الأخرى، وبخاصة في السنوات من 1965 إلي 1969.
وكنت أشتهي منذ زمان، أن تصدر كتاب عن حياة التوبة.
ولقد جمعت محاضرات فعلًا، وقدم للمطبعة في أغسطس 1971، وتم طبع ثلاث ملازم منه. ثم جاءت مسئوليات البطريركية فشغلتني عنه وعن إصدار أي كتاب آخر لمدة طويلة، كانت فيها أعباء العمل متشبعة جدًا لم تعطني فرصه للكتابة علي مدي سنوات. إلي أن شاء الله أخيرًا أن أقدمه للمطبعة بعد اثنتي عشرة سنة وبسبب تأخير صدور كتاب (حياة التوبة) هذا، كان كثير من أحبائي يستعجلونني، قائلين في لطف: ها قد تأخرت توبتنا بتأخر صدور الكتاب. افترضي أن تحمل مسئولية هذا التأخير أمام الله؟ وكنت أجيبهم بالعبارة التي أكررها باستمرار "صلوا لكيما يعطيني الرب وقتًا".. ثم أعطاني الرب وقتًا، وقدمت الكتاب إلي المطبعة، وما هو قد وصل أخيرًا إلي يديك.ولعل تأخره كان فرصة لأن أضيف إليه محاضرات أخري ألقيتها في الكاتدرائية الكبرى فيما بعد في السبعينات.
وبعد، أتظنون أنني استطعت جمع كل مايو قلناه عن التوبة؟
كلا بلا شك. فموضوع التوبة متسع ومتشعب، وقد دخل في موضوعات أخري كثيرة من الحياة الروحية، ودخل في تأملاتنا عن المزامير وقطع الأجبية، وسفر الرؤيا، وسفر النشيد ورومية 12، ورجال الكتاب المقدس، وفي محاضراتنا عن الخلاص..
وقد أصدرنا بعض كتب أخري صغيرة غير هذا الكتاب، تحت عنوان "سلسة حياة التوبة والنقاوة"، ونقوم بنشرها تباعًا هنا في موقع الأنبا تكلا.
صدرت منها كتب (اليقظة الروحية)، (السهر الروحي)، (الرجوع إلي الله)، وكتاب (مخافة الله).
علي أنني لكي استكمل لك هذه المجموعة عن حياة التوبة.
أتوقع أن أصدر لك قريبًا كتاب (الحروب الروحية) الذي ربما يصدر في مجموعة من الكتب الصغيرة أولًا، ثم يجمع في كتاب كبير ليشمل الحروب الروحية بوجه عام، ثم حرب كل خطية تعطل التوبة، علي حدة ويبقي موضوع (التوبة والنقاوة) مفتوحًا.. أنه حياة..
شنودة الثالث
رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:01 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

ما هي التوبة؟

ما دامت الخطية هي انفصال عن الله، فالتوبة إذن هي رجوع إلي الله (1).
و الرب يقول في ذلك "ارجعوا إلي، أرجع إليكم" (ملا 3: 7). والابن الضال حينما تاب، ورجع إلي أبيه (لو 15: 18، 20). حقًا أن التوبة هي حنين الإنسان إلي مصدرة الذي أخذ منه. وهي اشتياق قلب ابتعد عن الله، ثم شعر انه لا يستطيع أن يبعد أكثر..
· ومادامت الخطية خصومه مع الله، تكون التوبة هي الصلح مع الله (1) وهذا ما ذكره معلمنا القديس عن عمله الرسولي، قال "إذن نسعى كسفراء عن المسيح: تصالحوا مع الله" (2 كو 5: 20).
و التوبة لا تقتصر علي الصلح، إذ بها يعود اله فيسكن الله في قلوبهم حيث تسكن الخطية ؟‍ والكتاب يقول "أية شركة للنور مع الظلمة؟‍" (2 كو 6: 14).
و التوبة أيضًا هي يقظة روحية.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
لأن الإنسان الخاطئ هو إنسان غافل، لا يحس ما هو فيه. لذلك يخاطبه الكتاب قائلًا "إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم" (رو 13: 11). ولعله بهذا المعني اعتبرت التوبة هي رجوع الإنسان إلي نفسه.
أو هي رجوع النفس إلي حساسيتها الأولي، ورجوع القلب إلي حرارته ورجوع الضمير إلي عمله. وحسنًا قيل عن الابن الضال في توبته "فرجع إلي نفسه" (لو 15: 17). أي أنه عاد إلي وعيه، وإلي تفكيره السليم، وإلي إدراكه الروحي.
ومادامت الخطية تعتبر موتًا روحيًا، كما يقول الكتاب عن الخطاة أنهم "أموات بالخطايا" (أف 2: 5)، تكون التوبة إذن انتقالًا من الموت إلي الحياة حسب تعبير القديس يوحنا الإنجيلي (1 يو 3: 14). وفي ذلك يقول القديس بولس الرسول "استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضئ لك المسيح" (أف5: 14). والقديس يعقوب الرسول يؤكد نفس المعني إذ يقول "من رد خاطئًا عن طريق ضلاله، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). إن التوبة قيامة للروح، لأن موت الروح هو انفصال الروح عن الله، كما قال القديس اوغسطينوس..
· التوبة هي قلب جديد طاهر، يمنحه الرب للخطاة، يحبونه به هي عمل إلهي يقوم به الرب في داخل الإنسان، حسب وعده الإلهي القائل "أورش عليكم ماء طاهرًا، فتطهرون من كل نجاستكم.. وأعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم.. وأجعلكم تسلكون في فرائضي، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها" (حز 36: 25 - 27).
*التوبة هي التحرر من عبودية الخطية والشيطان..
· ومن أغلال العادات الخاطئة، ومن السير وراء الشهوات.. ولا يمكن أن ننال هذه الحرية بدون عمل الرب فينا. ولذلك يقول الإنجيل "إن حرركم الابن، فبالحقيقة أنتم أحرار" (يو 8: 36). إنها حقًا حرية لأن "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 8: 34). نحصل علي هذه الحرية، إن كنا بالتوبة نثبت في الحق، وليس في الباطل والحق يحررنا (يو 8: 32).
* التوبة إذن هي ترك الخطية، ولكن من أجل محبه الله.
ومن أجل محبة البر. لأنه ليس كل ترك للخطية يعتبر توبة. فقد يبتعد الإنسان عن الخطية بسبب الخوف، أو الخجل، أو العجز، أو المشغولية (مع بقاء محبتها في القلب)، أو بسبب أن الظروف غير متاحة. ولا تعتبر هذه توبة.. أما التوبة الحقيقية، فهي ترك الخطية عملًا وفكرًا وقبلًا، حبًا في الله ووصاياه وملكوته وحرصًا من التائب علي أبديته..
التوبة الحقيقية هي ترك الخطية، بلا رجعة.
وهكذا تروي قصص القديسين الذين تابوا، مثل القديس اوغسطينوس، والقديس موسى الأسود، والقديسات مريم القبطية وبيلاجية وتاييس وسارة.. إن التوبة كانت في حياة كل هؤلاء وغيرهم، هي نقطة تحول نحو الله، استمرت مدي الحياة، بلا رجعه إلي الخطية. ويذكرنا هذا بقول القديس شيشوي "لا أتذكر أن الشياطين قد أطغوني في خطية واحدة مرتين".. ربما الخطية الأولي كانت عن طريق جهل، أو تهاون، أو ضعف، أو عدم دراية بحيل الشياطين، أو عدم حرص. أما بعد التوبة واليقظة، فهناك كل التدقيق في الحياة، والاحتراس من الخطية. أما الذي يترك الخطية ثم يعود إليها، ثم يتركها ثم يعود.. فهذا لم يتب بعد. إنما هذه مجرد محاولة للتوبة، كلما يقوم فيها الخاطئ تشده الخطية إلي أسفل. إن صك حريته لم يكتب بعد..
التوبة هي صرخة من الضمير، وثورة علي الماضي.
· إنها اشمئزاز من الخطية، وندم شديد، ورفض للحالة القديمة، مع خجل وخزي منها. لذلك قيل عن التوبة إنها "قاضٍ لا يستحي".
التوبة هي تغيير لحياة الإنسان.
ليست هي انفعالًا وقتيًا نحو الله، إنما هي تغيير جدي وجذري في حياة الإنسان فيه يشعر هو وكل من يعاشره أن حياته قد تغيرت، وأفكاره تغيرت وكذلك مبادئه وقيمه ونظرته إلي الحياة، وطباعه وأسلوبه في الحديث، ومعاملاته للناس، وعلاقته بالله.ونفسه أيضًا من الداخل قد تغيرت. وأصبح قلبًا رافضًا للخطايا السابقة التي كان يحبها. ودخلت محبه الله إلي قلبه. وصار له منهج روحي يشعر فيه بلذة روحية.
ولهذا كله، قيل بصدق عن التوبة:
· التوبة هي استبدال شهوة بشهوة. هي شهوة للحياة مع الله، بدلًا من شهوة الخطية والجسد. وهنا لا تقتصر التوبة علي الجانب السلبي، الذي هو ترك الخطية ومحبتها إنما تدخل من الناحية الإيجابية في محبه الله وملكوته وطرقه.. إنها حرارة لا تسري في الإنسان، وتشعله بالرغبة في حياة طاهرة ولهذا قيل عن التوبة أيضًا:
التوبة تجديد للذهن.
· تجديد الطبيعة يكون في المعمودية (رو 6: 4). أما تجديد الذهن فإنه يكون في التوبة، عملًا بقول الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة" (رو 12: 2).
* التوبة هي المفتاح الذهبي، الذي يفتح به باب الملكوت.
· أو هي الباب الحقيقي الموصل إلي السماء أو إلي الملكوت. لأنه بدون التوبة لا يملك الله في قلوبنا.. أن التوبة هي زيت في مصابيح العذارى، يجعلهن أهلًا للدخول إلي العرس (متي 25).
· والتوبة هي القناة التي توصل استحقاقات الدم من الصليب.
إن الطريقة الوحيدة التي تمحي بها خطايانا بعد المعمودية. لذلك قال البعض عنها إنها "معمودية ثانية".. إنها جحد للشيطان مرة أخري. أنها فض للشركة التي بين الخاطئ والشيطان، ليدخل في شركة مع الروح القدس (2 كو 13: 14).
التوبة جمرة نار يلقطها أحد السارافيم من فوق المذبح.
· ويمحو بها إثم الخاطئ قائلًا له "قد انتزع إثمك، كفر عن خطيبتك" (أش 6: 7). إنها الوسيلة الوحيدة التي تمحي بها خطايانا من كتاب دينونتنا.. وما أجمل قول الرب في ذلك: أنساها "لا أذكر خطيئتهم بعد" (أر 31: 34). ومن أهمية التوبة في نوال المغفرة، قول الرب "أن لم تتوبوا فجميعكم هكذا تهلكون" (لو 13: 3).
* التوبة هي طريق الهروب من الغضب الآتي.
علي شرط أن تكون توبة حقيقية، وأن تتناسب مع خطورة الخطية. إن توبة أهل نينوى، استطاعت أن توقف حكم الله عليهم بالهلاك. ففلما تابوا رجع الله عن حكمة، وعن الشر الذر أراد أن يفعله بهم فلم يفعله (يون 3: 10) وهكذا في أحكام أخرى لله (أر 26: 13، خر 18: 21، 22). حقًا ما أجمل قول أحد القديسين: إن الله سوف لا يسألك: لماذا أخطأت؟ إنما سيسألك: لماذا لم تتب؟
التوبة إذن هي إبقاء الله عليك وعدم أخذك في خطيتك.
· إن الله من عمق محبته، أعطي الكل فرصًا للخلاص، مهما كانت خطاياهم. فالله لا يأخذ أحدًا في وضع هالك، قبل أن يعطيه فرصه ليتوب.
فالتوبة هي منحه إلهية وهبها الله للخطاة، لكي تطهرهم، وتريح ضمائرهم المثقلة بخطاياهم. وتعيد إليهم السلام الداخلي، وتردهم إلي رتبتهم الأولي التي كانت لهم قبل الخطية.
إنها يد الله الممدودة، يطلب أن يصالحك.
· إنها فرصه لصفحة جديدة يفتحها الله في علاقته معك، يغفر لك الماضي كله ويغسلك فتبيض أكثر من الثلج (مز 50). فرصه تقوي فيك الرجاء، وتبعد عنك اليأس مهما ساءت حالتك. ولذلك قيل عن التوبة إنها باب الرحمة، وإنها باب الغفران، وأنها باب الحياة، وإنها جسر يوصل بين الأرض والسماء. هذا من جهة عمل الله فيها وما يقدمه من مغفرة. أما من جهة الإنسان فنقول عنها:
* التوبة هي استجابة من الإنسان لدعوة إليه.
إنها استجابة من الضمير، لصوت الله فيه. واستجابة من الإرادة، لعمل النعمة معها. إنها عدم مقاومة للروح الذي يعمل فينا لخلاصنا (أع 7: 51؟)، وعدم إحزان للروح (أف 4: 30)، وعدم إطفاء للروح (1 تس 5: 19).
سئل ماراسحق عن التوبة، فقال: هي قلب منسحق.
· إنها النفس المنسحقة الراجعة إلي الله: إنها الركب الجاثية، والعيون الدامعة والقلوب المنكسرة. إنها أم الدموع والانسحاق والاتضاع، لأن التوبة تلد كل هؤلاء.. تحطم كبرياء الخاطئ، وتفتت قلبه الصخري، وتدخله إلي الحياة الاتضاع قال مار اسحق أيضًا: ذبيحة التوبة التي نقدمها لله، هي القلب الذي اتضع وانسحق، وانكسر بدموع الصلاة أمام الله، طالبًا المغفرة عن ضعفه وميل طبيعته أو ليس هذا أيضًا ما قيل في المزمور الخمسين -مزمور التوبة- "الذبيحة لله روح منسحق. القلب المتخشع والمتواضع لا يرذله الله".
* قال الشيخ الروحاني: التوبة هي عذاب عظيم للشيطان مضادها.
· لأنها تخلص وتعتق المسبيين الذين سباهم بشره. وتعبه في سنين كثيرة، تضيعه التوبة في ساعة واحدة. زرع الشوك الذي زرعه بأرضنا، وربي بحرص في سنين كثيرة، في يوم واحد تحرقه وتطهر أرضنا.
إنها تجعل الزناة بتولين.
من لا يحبك أيتها التوبة -يا حاملة جميع التطويبات- إلا الشيطان، لأنك غنمت غناه كل ما اقتناه. يا أم الغفران، أن الآب المملوء رحمة، لا يغضبك إذا طلبت إليه، لأنه وهبك أن تكون شفيعه للخطاة، وسلم لك مفاتيح الملكوت. بعد أن زار يوحنا الدرجي دير التائبين، ورأي انسحاق نفوسهم بالتوبة، وشدة جهادهم، وحرارة صلواتهم، قال:
طوبت الذين أخطأوا وتابوا نائحين، أكثر من الذين لم يسقطوا ولم ينجحوا علي أنفسهم.
التوبة هي فرح في السماء، وعلي الأرض.
لأنه مكتوب "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب" (لو 15: 7، 10). فإن أردت أن تفرح السماء، تُب..
وهي فرح علي الأرض أيضًا: فرح للتائب وللراعي وللكنيسة كلها. التوبة فرح لأنها دعوة للمأسورين بالإطلاق (أش 61: 1). إنها فرح بالتحرر من عبودية الشيطان والخطية، وفرح بلذة الحياة الجديدة النقية، وفرح بالمغفرة..
* وفرح لأن التوبة هي حياة النصرة أو أنشودة الغالبين فيها ينشد التائب مع داود: "مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم.. نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر، ونحن نجونا "(مز 124: 6، 7).
علي أن التوبة ليست هي الغاية في الحياة الروحية، وغنمًا:
التوبة هي بداية رحلة طويلة إلي حياة النقاوة.
التوبة هي بداءة مع العلاقة مع الله. هي بداءة طريق طويل غايته القداسة والكامل. فالذي لم يبدأ التوبة حتى الآن، أي لم يبدأ أول الطريق، كيف تراه سيصل إذن إلي نهايته. والذي يؤجل أول خطوة إلي حين الشيخوخة أو ساعة الموت، كيف تراه يصل إلي قول الرب "كونوا انتم كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (متي 5: 48).
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:02 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

نمو التوبة وكمالها


التوبة كأية فضيلة، ينمو فيها الإنسان ويتدرج. ويظل ينمو حتى يصل إلي كمالها. فما هي نقطة البداية في التوبة؟ هل هي ترك الخطية من أجل مخافة الله.
هناك نقطة قبل ترك الخطية، وهي الرغبة في التوبة.
لأن كثيرون لا يريدون أن يتوبوا. بل يجدون لذة في الخطية تدعوهم للبقاء فيها. أو إن طباعهم جميلة في أعينهم لا يريدون أن يغيروها.. لذلك فمجرد الرغبة في التوبة هي نقطة حسنة، تتلقفها النعمة التي تسأل: أتريد أن تبرأ؟ وتعمل عملها في الإنسان. وتكون أول خطوة بعد ذلك هي ترك الخطية بالفعل.
لكن أهم من ترك الخطية بالفعل، تركها بالقلب والفكر.
فهناك من يترك الخطية بالعمل. ولكن محبتها ما تزال في قلبه، يحن إليها، ويندم علي فرص معينة كان يمكنه فيها أن يخطئ ولم يفعل! مثل هذا الإنسان، ربما ترك الخطية من اجل وصية الله، وليس لأنه يكرهها.. المفروض أنه يتدرج في التوبة حتى تنتزع الخطية من قبله.
وكمال التوبة هو كراهية الخطية.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
أي يصل إلي الوضع الذي يكره فيه الخطية من كل قلبه، ويشمئز منها، ولا يحتاج إلي بذل أي جهد في مقاومتها، لأنها لم تعد تتفق وطبيعته. وهنا يصل الإنسان إلي حافة النقاوة. ونقاوة القلب موضوع طويل، سنفرد له فصلًا خاصًا في الباب الرابع (علامات التوبة)، أو ربما نخصص له الباب الخامس هنا في موقع الأنبا تكلا. علي أن ترك الخطية التي تتعب الإنسان،أو البارزة في حياته، وكراهيتها.. تأتي بعده درجة أخري وهي:
ترك الخطايا التي تتكشف له بالنمو الروحي.
ذلك لأن الله من حنوه علينا، لا يكشف لنا كل خطايانا وضعفاتنا دفعه واحدة حتى لا نقع في صغر النفس. وغنما كلما نسمع عظات روحية، وكلما نقرأ في كتاب الله وفي الكتب الروحية تتكشف لنا ضعفات في أنفسنا وتقصيرات تحتاج إلي علاج وإلي جهاد وإلي توبة. وهكذا ندخل في عملية تطهير وتنقيه، قد تستمر مدي الحياة.
لأن الشيطان قد يترك ميدانًا، ويحارب في ميدان آخر. والمفروض أن نكون مستعدين له كل الميادين. حتى الخطية التي نكون قد استرحنا منها فترة قد يعاود القتال فيها. وبهذا تستمر التوبة معنا مدي الحياة.. كما أن التوبة، لا يجوز أن تقتصر فقط علي مكافحة السلبيات التي هي فعل الخطايا وإنما:
هناك توبة عن النقائض، الخاصة بالنمو الروحي.
فالمفروض في التائب أن يصنع ثمارًا تليق بالتوبة (متي 3: 8). وبهذا يدخل في ثمار الروح (غل 5: 22). فان كان لا يأتي بثمر، فهو محتاج إلي توبة إلي توبة عن خطية عدم الإثمار، لأن الكتاب يقول "من يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل، فتلك خطيه له" (يع 4: 17).
التوبة إذن ليست مرحلة وتنتهي، إنما تستمر معنا.
لأنه ليس احد بلا خطية، ولو كانت حياته يومًا واحدًا علي الأرض. فكلنا نخطئ ونحتاج إلي توبة. وهكذا تصير التوبة بالنسبة إلينا عملًا يوميًا، لأننا في كل يوم نخطئ. و"إن قلنا إننا لم نخطئ، نصل أنفسنا وليس الحق فينا" (1 يو 1: 8). إنما هناك فرق بين توبة الخطاة وتوبة القديسين.
الخطاة يتوبون عن خطايا هي كسر صريح للوصايا، وتدل علي عدم محبة الله أما القديسون فيتوبون عن تقصيرات طفيفة سببها الضعف البشري. ويتوبون عن نقائض يشعرون بها لشهوتهم في حياة الكمال التي يرون طريقه طويلًا أمامهم، ومازالت أمامهم مراحل ليعبروها جني يصلوا، كل ذلك مع حفظ قلبهم في محبة الله.وقد وضعت لنا الكنيسة صلوات يوميه نطلب فيها التوبة.
ففي قطع الأجبية ومزاميرها كل يوم، نلاحظ الصلوات الآتية:
1- الاعتراف بالخطية واستحقاق العقوبة، كما في (مز 6، 50)، وقطع الغروب.
2-طلب المغفرة، كما في قطع وتحليل السادسة، وباقي الصلوات.
3-طلب إنقاذ الرب للمصلي من الخطية ذاتها، كما في تحليل الثالثة.
4- طلب إرشادات لمعرفة الطريق كما في (مز 119)، وقطعه (تفضل يا رب).
5- لوم النفس وتبكيتها علي سقوطها وتهاونها كما في قطع النوم.
6- إيقاظ النفس للتوبة، وتذكيرها بالموت والدينونة ومجيء المسيح الثاني، كما في قطع النوم وأناجيل وقطع نصف الليل.
هذا يدل علي أننا نطلب التوبة كل يوم وكل ساعة.
وكمثال لذلك يقول المصلي في قطع صلاة النوم "هوذا أنا عتيد أن أقف أمام الديان العادل مرعوب ومرتعب من أجل كثرة ذنوبي.. فتوبي يا نفس مادمت في الأرض ساكنه"، "أي جواب تجيبي وأنت علي سرير الخطايا منطرحة، وفي إخضاع الجسد متهاونة"..
وفي صلاة الغروب "إذا كان الصديق بالجهد يخلص، فأين أظهر أنا الخاطئ؟". وفي صلاة الليل "أعطني يا رب ينابيع دموع كثيرة، كما أعطيت في القديم للمراة الخاطئة". في صلاة السادسة "مزق صك خطايانا أيها المسيح إلهنا ونجنا". وفي صلاة الثالثة "طهرنا من دنس الجسد والروح. وانتقلنا إلي سيرة روحانية لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد".
ويعوزنا الوقت إن دخلنا في تفاصيل التوبة في صلوات الأجبية، فهذا يحتاج إلي كتاب خاص. بعد كل هذا، هل يجرؤ أحد أن يقول إن التوبة مرحلة اجتزناها وانتهت ودخلنا في السماويات، وفي طلب المواهب والمعجزات!!
الذي يظن انه اجتاز مرحلة التوبة، لم يفحص ذاته جيدًا.
أو لم يفحص ذاته في ضوء الوصايا، وبروح الاتضاع.. من منا مثلًا وصل إلي محبة الأعداء؟ (متي 5: 44). أو وصل أن يلهج في ناموس الرب النهار والليل؟ (مز 1). أو من منا وصل إلي الصلاة كل حين دون أن يمِل؟ (لو 18: 1).. الوصايا كثيرة، ولم ننفذ منها شيئًا.. أخشي أن أتكلم عن التفاصيل، فيقع البعض في صغر النفس. فالصمت أفضل..
إذن التوبة لازمه لكل منا كل يوم من حياتنا. ليت كل واحد منا يقرأ ويتأمل في الدرجات الروحية التي وصل إليها القديسون، ليعلم كيف هو خاطئ! والأعجب أن القديسين الذين وصلوا إلي تلك الدرجات كانوا يقولون إنهم خطاة ومحتاجون إلي توبة، كانوا يبكون علي خطاياهم.. ماذا نفعل نحن إذن؟!
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:04 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

دعوة إلى التوبة

إن الله المحب للبشر، بدافع من محبته لأولاده، يدعوهم للتوبة.
ذلك لأنه "يريد أن الجميع يخلصون" (1 تي 2: 4). هو لا يشاء أن يهلك أحد، بل أن يقبل الجميع إلي التوبة (2 بط 3: 9). وهو من أجل خلاصهم مستعد أن يتغاضى عن أزمنة الجهل (أع 17: 30). بل إنه يقول في محبته العجيبة "هل مسرة أسر بموت الشرير.. إلا برجوعه.. فيحيا" (حز 18: 3). هو يحبنا ويريدنا بالتوبة أن نتمتع بمحبته..يريد بالتوبة أن يشركنا في ملكوته، ويمتعنا بمحبته.
إنها ليست مجرد أوامر يصدرها الله علي أفواه أنبيائه القديسين، بل هي دعوة حب للخلاص "توبوا وارجعوا، لتمحي خطاياكم" (أع 3: 19). "من رد خاطئًا عن طريق ضلاله يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). إذن هذا الأمر من أجلنا نحن ومن خلاصنا، الذي جعله يتجسد ويتألم لأجلنا، والذي لا نستطيع أن نناله إلا بالتوبة.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
لذلك نري في دعوته لنا للتوبة، مشاعر الحب..
إذ يقول "ارجعوا إلي، أرجع إليكم" (ملا 3: 7)، "توبوا وارجعوا (حز 14: 6)، "ارجعوا إلي بكل قلوبكم.. ارجعوا إلي الرب إلهكم" (يوئيل 2: 12، 13). ويقول في محبته علي لسان أرمياء النبي "أجعل شريعتي في داخلهم، واكتبها علي قلوبهم. وأكون لهم إلهًا، وهم يكونون لي شعبًا.. أصفح عن إثمهم، ولا أذكر خطيتهم بعد" (أر 31: 33، 34).
وفي دعوته لنا للتوبة، وعد بتطهيرنا وغسلنا.
إنه يقول "اغتسلوا، تنقوا، أعزلوا شر أفعالكم.. وهلم نتحاجج يقول الرب: إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيض كالثلج.." (أش 1: 16، 18). ويقول" أرش عليكم ماء طاهرًا فتطهرون. من كل نجاستكم ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلبًا جديدًا.."(حز 36: 25، 26).
وهو يدعونا للتوبة، لأننا نحن نحتاج إليها فهو يقول "ما جئت لأدين العالم، بل لأخلص العالم" (يو 12: 47)، "لا يحتاج الأصحاح إلي طبيب بل المرضي. لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاه إلي التوبة" (مر 2: 17). نعم إن ابن الإنسان جاء يطلب ويخلص ما قد هلك" (متي 18: 11). هذه التوبة إذن من صالحنا. وليست أمرًا مفروضًا علينا.
ولنا نحن كامل الاختيار. الله يدعونا للتوبة ثم يقول "إن شئتم وسمعتم، تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمردتم، تؤكلون بالسيف" (أش 1: 19،20). والصالح لنا أن نسمع ونطيع، من اجل نقاوتنا ومن أجل أبديتنا، ومن أجل أبديتنا، ومن أجل أن نتمتع بالله. هوذا الرسول يمسي دعوته لنا للتوبة "خدمه المصالحة"، وينادي "تصالحوا مع الله" (2كو 5: 18، 20). فهل نحن نرفض أن نتصالح مع الله؟! وهل من صالحنا رفض المصالحة؟!
التوبة نافعة، مهما كان أسلوبها، باللين أو بالشدة. ولهذا يقول القديس يهوذا الرسول "ارحموا البعض مميزين. وخلصوا البعض بالخوف، مختطفين من النار مبغضين حتى الثوب المدنس من الجسد" (يه 22، 23). كان القديس يوحنا المعمدان شديدًا في مناداته بالتوبة (متي 3:8-10). ويقول القديس بولس الرسول لأهل كورنثوس "الآن أنا أفرح، لا لأنكم حزنتم، بل لأنكم حزنتم للتوبة" (2 كو 7: 9). ولذلك كان بعض القديسين في عظاتهم يجعلون الناس يبكون، وكان ذلك نافعًا لهم. كما كانت عقوبات الكنيسة نافعة للتوبة وللخلاص..
لذلك كانت الدعوة للتوبة، أهم موضوع في الكتاب.
لكي يتنقى الناس، ولكي يخلصوا.. ولما كانت التوبة لازمه للخلاص، بذلك أرسل السيد المسيح قدامه يوحنا المعمدان، يهيئ الطريق أمامه بالتوبة، فنادي بالتوبة قائلًا "توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (متي 3: 2). هذا الملكوت الذي لا يمكن أن تنالوه إلا بالتوبة. وقد للناس معمودية التوبة..
وهكذا عمل التوبة سبق عمل الفداء. والمعمدان سبق المسيح والسيد المسيح نفسه نادي للناس بالتوبة "من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز قائلًا: توبا لأنه قد اقترب ملكوت السموات" (متي 4: 17). وكان يقول "قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ" (إنجيل مرقس 1: 15). ولما أرسل الاثني عشر "خرجوا يكرزون أن يتوبوا" (مر 6: 12). وقبيل صعوده أمر أن يكرز باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا لجميع المم مبتدأ من أورشليم" (لو 14: 47).
كان أول كارز بالتوبة هو نوح. وتبعه أنبياء كثيرون. مثل أشعياء (أش 1)، وحزقيال (حز 18)، ويونان (يون 3)، ويوئيل (يوء 2)، وأرمياء (أر 31).. وهي أيضًا واضحة كل الوضوح في أسفار العهد الجديد. والدعوة إلي التوبة هي عمل جميع الرعاة والمعلمين والوعاظ ورجال الكهنوت وكل المرشدين إلي التوبة هي عمل جميع الرعاة والمعلمين والوعاظ ورجال الكهنوت وكل المرشدين الروحانيين.. وهي واضحة في أقوال الآباء. لقد اهتم الآباء جدًا بالدعوة إلي التوبة:
قال القديس الأنبا أنطونيوس: أطلب التوبة في كل لحظة.
وقال القديس باسيليوس الكبير:" جيد ألا تخطئ. وإن أخطأت، فيجد ألا تؤخر التوبة. وإن تبت، فيجد ألا تعود إلي الخطية. وإن لم تعد، فجيد أن تعرف أن هذا بمعونة من الله. وغن عرفت فجيد أن تشكره علي ما أنت فيه". وقال مار اسحق:" في كل وقت من هذه الأربع والعشرين ساعة من اليوم، نحن محتاجون إلي التوبة". وقال أيضًا "كل يوم لا تجلس فيه ساعة بينك وبين نفسك، وتتفكر بأي الأشياء أخطأت، وبأي أمر سقطت، وتقوم ذاتك فيه.. لا تحسبه من عدد أيام حياتك". إن الدعوة إلي التوبة لازمه للكل. ومما يستلفت النظر:
إن الدعوة للتوبة، وجهت حتى إلي ملائكة الكنائس السبع, فالرب يقول لملاك كنيسة أفسس "أذكر من أين سقطت وتب" (رؤ 2: 5) وكلمه "تب" يقولها أيضًا لملاك كنيسة برجامس (رؤ 2: 16) وملاك كنيسة ساردس (رؤ 3: 3)، ولملاك كنيسة لاودكية (رؤ 3: 19). وقد أرسل الله ناثان النبي لينادي بالتوبة إلي داود النبي مسيح الرب..
أن دعوة الله بالتوبة تحمل شعور الإشفاق علي أولادة.
فهو يريد الذين ضلوا أن يرجعوا إليه، ليكون لهم نصيب في الملكوت وفي ميراث القديسين، وفي شركة الكنيسة. لأن السلوك الخاطئ يمنع شركتنا بالله (1 يو 1: 6)، ويمنع شركتنا مع بعضنا البعض "ولكن إن سلكنا في النور، كما هو في النور، فلنا شركة مع بعضنا البعض. ودم يسوع المسيح إبنه يطهرنا من كل خطية" (1 يو 1: 7).
والله يقبل التائبين. وأمثلة ذلك كثيرة في الكتاب:
لقد قبل الابن الضال في سوء حالته (لو 15).وقبل المرأة السامرية التي كان لها أكثر من خمسة أزواج (يو 4). وقبل اللص اليمين علي الصليب (لو 23: 43). وصلي من اجل صالبيه لتغفر لهم خطيتهم (لو 23: 34). وصلي من أجل صالبيه لتغفر لهم خطيتهم (لو 23: 34). وقيل زكا رئيس العشارين (لو 19: 9). ومنحه الخلاص صالبيه لتغفر لهم خطيتهم (لو 23: 34). وقبل متى العشار وجعله رسولًا من الاثني عشر (متي 10: 3). ويكفي قوله:
من يقبل إلي، لا أخرجه خارجًا (يو 6: 37). بل أكثر من هذا، أن الرب هو الذي يقف علي الباب ويقرع منتظرا من يفتح له (رؤ 3: 20). فإن كان يفعل هذا، فبالحري يفتح لمن يقرع أبواب رحمته الإلهية.
ومن جهة مراحم الرب علي الخطاة، صدق من قال:
إن مراحم الرب اقوي من كل دنس الخطية.
إن أبشع الخطايا وأكثرها -بالنسبة إلي مراحم الله- كأنها قطعه طين قد ألقيتها في المحيط.. أنها لا تعكر المحيط، بل يأخذها ويفرشها في أعماقه، ويقدم لك ماء رائقًا. وقبول الله للتوبة، إنما يكشف عن أعماق محبته الإلهية.
لذلك لا نستكثر خطيتنا علي فاعليه دمه..
ولا نستكثرها علي عظم محبته وعظم رحمته. وقد قال احد الشيوخ القديسين: لا توجد خطية تغلب محبة الله للبشر. إنه هو الذي يبرر الفاجر (رو 4: 5). أقول هذا حتى لا ييأس الخطاة إذا نظروا إلي خطاياهم.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:05 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

لا تيأس
كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث


في هذه النقطة أتذكر خطابًا وصلني من أحد الشبان منذ 22 عامًا. قرأته فتأثرت كثيرًا، لدرجة أنني بكيت.. ثم أرسلت له ردًا، أذكر أنني قلت له في مقدمته "وصلني خطاباك يا أخي المحبوب، ويخيل إلي أنني قرأته مرارًا قبل أن أراه.. إنه صورة حياة أعرفها، وقصة قلوب كثيرة..". نعم، إنها حرب تتعب كثيرين. أفكارها معروفه، تتكرر في اعترافات الناس وفي اسلئتهم الروحية. وسنحاول أن نتناول هنا كل فكر منها، لنرد عليه.

الشكوي الأولي: أنا يئست. لا فائده مني.

إعلم يا أخي أن كل أفكار اليأس هي محاربة من الشيطان. إنه يريدك أن تيأس من التوبة، سواء من إمكانيتها أو من قبولها، حتى تشعر أنه لا فائده من الجهاد، فتستلم للخطية، وتستمر فيها وتهلك نفسك.. فلا تسمع للشيطان في شيء مما يقوله لك. وكلما تحاربك فكرة من أفكار اليأس، رد عليها بقول ميخا النبي:

لا تشمتي بي يا عدوتي، فإن إن سقطت أقوم (مي 7: 8).

وأعلم إن اليأس يقود إلي الإندماج في الخطية بالأكثر، فيتدرج الخاطئ من سئ إلي أسوأ. وربما في اليأس يحاربه الشيطان بأن يبعد عن أب اعترافه، وعن كل إرشاد روحي وعن الكنيسة كلها.. لكي ينفرد به بلا معونه!! إن حرب اليأس حورب بها الأنبياء والقديسون. فقال داود النبي:

كثيرون يقولون لنفسي: ليس له خلاص بإلهه (مز 3).

ولكنه يرد علي هذا فيقول "أنت يا رب هو ناصري، مجدي ورافع رأسي.." إن داود لم ييأس من سقطته، بل بكي عليها وتاب. ورده الله إلي رتبته الأولي. بل كان الله يفعل خيرات كثيرة مع عديدين، وهو يقول "من أجل داود عبدي" (1مل 11: 32، 34، 36). فلا تيأس إذن، وتذكر الذين تابوا من قبل..

وإن كنت قد يئست من نفسك، فإن الله لم ييأس من خلاصك.

لقد خلص كثيرين، وليست أنت اصعب منهم جميعًا. وحيث تعمل النعمه فلا مجال لليأس. تقدم إذن إلي التوبة بقلب شجاع، ولا تصغر نفسك.

2-يقول: كيف اتوب، وانا عاجز تمامًا عن القيام من سقطتي؟

لا تخف. الله هو الذي سيحارب عنك. والحرب للرب (1 صم 17: 47). ولا تهتم مقاومتك، ضعيفة أم قوية. فالله قادر أن يخلص بالكثير أو بالقليل.. إن الله أقوي من الشيطان الذي يحاربك، وسيطرده عنك. فلا تنظر إذن إلي قوتك، إنما إلي قوة الله.

واصرخ وقل: توبني يا رب فأتوب (أر 31: 18).

وإن كنت عاجزًا عن أن تقيم نفسك، فالرب قادر أن يقيمك. إنه هو الذي "يقيم الساقطين، ويحل المقيدين" (مز 145)،" رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين". كن كالجريح الذي كان ملقي علي الطريق بين حي وميت عاجزًا عن ان يقوم. ولكن السامري الصالح أتاه وأقامه (لو 10: 30).. أو كن كالموتي الذين أقامهم الرب، ولا قدرة لهم ولا حياة.

3-تقول: حالتي رديئة جدًا، وفاقده الأمل..

أتراها فاقده الأمل، أكثر من العاقر التي لها الرب "ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد.." (أش 54: 1). وأعطاها اكثر من ذات البنين؟! إن حالتك قد تكون فاقدة الأمل من وجهة نظرك أنت. . اما الله فله رجاء فيك. لا تجعل أملك إذن في نوعية حالتك، إنما في غني الله الذي يعطي بسخاء، وفي حبه وفي قدرته.

4-تقول: ولكنني لا أريد التوبة، ولا أسعي إليها.

طبعًا، هذا أسوأ ما في حالتك. ومع ذلك فلا تيأس. ويكفي ان الله يسعي لخلاصك. وهو يريد لك ان تخلص. وصلوات قديسين كثيرين ترفع من أجلك مع تشفعات ملائكة. والله قادر أن يجعلك تريد هذه التوبة. وتذكر قول الرسول "لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا لأجل المسرة" (في 2: 13). صل وقل: أعطني يا رب الرغبة في أن أتوب.. أن الخروف الضال لم يبحث كيف يرجع، ولكن صاحبه بحث عنه وأرجعه إليه. وكذلك كان الحال مع الدرهم المفقود (لو 15).

5-تقول: هل من المعقول ان أعيش طول عمري بعيدًا عن الخطية، بينما قلبي يحبها؟! لو تبت عنها سأرجع إليها!

إن المغالطة التي يلقيك بها الشيطان في اليأس، هي انك ستعيش في التوبة بنفس هذا القلب الذي يحب الخطية! كلا، فسيعطيك الرب قلبًا جديدًا (حز 36: 26). وسينزع منك محبة الخطية. وحينئذ لن تفكر أن ترجع إليها. بل علي العكس، إن الله سيجعلك في توبتك تكره الخطية وتشمئز منها. شعورك الحالي سيتغير..

6-تقول: حتى إن تبت، ستبقي أفكاري ملوثه بصور قديمة.

لا تخف. ففي التوبة سينقي الله فكرك. وتصل إلي تجديد الذهن الذي قال عنه الرسول (رو 12: 2).. كم كانت الصورة الرديئة التي في ذاكره أوغسطينوس، وفي ذاكره مريم القبطية! ولكن الرب محاها، ليتقدس الفكر بمحبته.. وثق أن الذين عادوا للتوبة، كانوا في حالة أقوي. بل كثير منهم منحهم الرب مواهب ومعجزات مثل يعقوب المجاهد، ومريم ابنة أخي إبراهيم المتوحد، ومريم القبطية.. والتائب محبته أكثر، كالخاطئة التي أحبت كثيرًا، لأنه غفر لها الكثير (لو 7: 47). وداود في توبته كان أعمق حبًا واتضاعًا.

7- تقول: وهل يغفر الرب لي؟ وهل يقبلني؟

إطمئن، فإنه يقول "من يقبل إلي لا أخرجه خارجًا" (يو 6: 37). وقد قال داود النبي "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا.. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا. لأنه يعرف جبلتنا،يذكرنا أننا تراب نحن" (مز 103).

إنه لا يقبلنا فقط، بل يغسلنا فنبيض أكثر من الثلج (مز 50). ولا يعود يذكر لنا خطايانا (أر 31: 34، حز 33: 16، عب 8: 12). تذكر أن نفسك غالبيه عند الرب من اجلها تجسد وصلب.

8-تقول: ولكن خطاياي بشعة جدًا..

أجيبك بقول الكتاب "كل خطية وكل تجديف يُغْفَر للناس" (متي 12: 31). حتى الذين تركوا الإيمان ورجعوا إليه، غفر لهم. وكذلك الذين وقعوا في بدع وهرطقات وتابوا، غفرت لهم. وبطرس الذي انكر المسيح وسب ولعن وقال لا اعرف الرجل، غفر له. وليس هذا فقط، بل أعيد إلي درجه الرسولية والرعاية. حتى الذين كانوا في موضع القدوة، مثل هرون رئيس الكهنة الذي اشترك مع بني إسرائيل في صنع العجل الذهبي ليعبدوه (خر 32: 2-5)، لما تاب غفرت له. وهوشع الكاهن العظيم، انتهر الرب من أجله الشيطان، وألبسه ثيبًا جديدة (زك 3: 1-4).

9- تقول: ولكني تأخرت كثيرًا. فهل هناك فرصة؟

هكذا قال أوغسطينوس في اعترافاته "تأخرت كثيرًا في حبك". والرب قبله إنه قبل أصحاب الساعة الحادية عشرة وكافأهم بنفس المكافأة (متي 20: 9). وقد قبل اللص اليمين علي الصليب، في آخر ساعات حياته. وطالما نحن في الجسد، هناك فرصة للتوبة. لذلك نقول في صلاة النوم "توبي يا نفسي مادمت في الأرض ساكنه..". لأن الرجاء في التوبة لا يتبدد إلا في الهاوية، حيث قال أبونا إبراهيم للغني "بيننا وبينكم هوة عظيمة" (لو 16: 26). فما دمت في الجسد، أمامك فرصة للتوبة، فانتهزها.

10- تقول أخشي أن تكون خطيتي تجديفًا علي الروح القدس. أقول لك إن التجديف علي الروح القدس، هو الرفض الكامل الدائم مدي الحياة لكل عمل للروح القدس في القلب، فلا تكون توبة، وبالتالي لا تكون مغفرة. ولكن إذا تبت، تكون قد استجبت لعمل الروح فيك. ولا تكون قد استجبت لعمل الروح فيك. ولا تكون خطيتك تجديفًا علي الروح.


  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:07 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

التوبة بين الجهاد والنعمة

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
إن كلامنا عن عمل الله في التوبة، ومعونة النعمة، لا تعني أن يتكاسل الإنسان ويتراخي، منتظرًا أن الله يقيمه، فهوذا الرسول يوبخ أمثال هؤلاء قائلًا:
لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية (عب 12: 4). إذن من المفروض أن يقاوم الإنسان حتى الدم كل أفكار الخطية، وكل شهواتها، وكل طرقها. ويبعد عن العثرات، ويستخدم كل الوسائط الروحية التي تثبت محبه الله في قلبه. وأيضًا..
يدخل في حرب روحية، ضد أجناد الشر (أف 6). وفي هذه الحرب يقاتل ويصمد للعدو، ويلبس سلاح الله الكامل لكي يقدر أن يثبت ضد مكايد إبليس (أف 6: 11). ويكون في كل ذلك ساهرًا علي خلاص نفسه (أف 6: 18) فالرسول يقول: اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر.
فقاوموه راسخين في الإيمان (1 بط 5: 8، 9). إن الله يريد منك أن تقاوم.. وفي مقاومتك سوف تسندك النعمة بكل قوة. ولكن أظهِر محبتك لله بمقاومتك الخطية. وصل ليعطيك الرب قوة علي مقاومتها. وهكذا تشترك مع الله في العمل.
الابن الضال لم ينتظر حتى يأتيه الآب في الكورة البعيدة ليأخذه منها، إنما رجع إلي نفسه، وشعر بسوء حالته، وعرف الحل، ونفذ، ورجع إلي الآب فقبله (لو 15). وأهل نينوى صاموا، وتذللوا، وجلسوا علي الرماد، وصرخوا غلي الله بشده ورجعوا عن أفعالهم، فقبلهم الله إليه (يون 3). والله. لكي ينبهنا إلي واجبنا في التوبة، قول:
"أرجعوا إلي، فأرجع إليكم" (ملا 3: 7).
ويقول علي لسان أشعياء النبي "اغتسلوا، تنقوا، اعزلوا شر أفعالكم.. وهلم نتحاجج يقول الرب.." (أش 1: 6). ويقول في سفر يوئيل النبي "ارجعوا إلي بكل قلوبكم، وبالصوم والبكاء والنوح. ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم.." (يوء 2: 12، 13).
إذن هناك واجب علي الإنسان يقوم به في عمل التوبة.
ولا يكتفي بأن نفسه عند قدمي الرب، دون جهاد في الداخل والخارج! أو كما يقول البعض "عملك الوحيد هو مجرد تقبل عمل النعمة فيك"! هل هذا الرأي يتفق مع توبيخ الرسول "لم تقاوموا بعد حتى الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12، 4)؟! إذن فلنجاهد. ولكن لا نعتمد علي أنفسنا، بل نطلب يد الله العاملة معنا وبجهادنا نثبت رغبتنا في التوبة، وجدية توبتنا.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:08 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

أهمية التوبة

أهم ما في التوبة، أنه بدونها لا يتم الخلاص.
يقول الرب "إن لم يتوبوا، فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 13: 3). وقد "أعطي الله الأمم التوبة للحياة" (أع 11: 18). وقد يقول البعض أن السيد المسيح قدم لنا دمه للخلاص والمغفرة. فما لزوم التوبة إذن؟ ألا يكفي دم المسيح؟ فنجيبه:
إن التوبة هي التي تنقل استحقاقات دم المسيح في المغفرة.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
فالخلاص مقدم للكل. ودم المسيح كاف للكل. ولكن لا ينال منه إلا التائبون. حقًا إن دم المسيح "يطهرنا من كل خطية".. ولكنه لا يطهرنا إلا من كل خطية نتوب عنها. وقد اشترط الرسول هذا التطهير أمرين وهما "إن سلكنا في النور" (1 يو 1: 7)، وأيضًا "إن اعترفنا بخطايانا" (1 يو 1: 9). وهذان الشرطان متعلقان بحياة التوبة..
ولذلك فالتوبة تسبق المعمودية، إذ فيها مغفرة الخطايا.
وفي هذا قال بطرس الرسول لليهود يوم الخمسين "توبوا وليعتمد كل منكم علي اسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا" (أع 2: 38). والكنيسة في معمودية الكبار تشترط الإيمان والاعتراف. وقوانين الكنيسة تمنع عماد غير التائبين. أما بالنسبة للصغار، فيكتفي بطقس (جحد الشيطان) لينوب عن التوبة.
ومن أهمية التوبة، إنها تلازم الإيمان أو تسبقه.
وقال القديس مرقس الإنجيلي أن السيد المسيح كان يكرز قائلًا "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" ( مر 1: 15). والإيمان بدون توبة لا يخلص أحدًا، لأن عدم التوبة يهلك الإنسان (لو 13: 3). والتوبة تسبق التناول من الأسرار المقدسة.
ففي العهد القديم قال صموئيل النبي "تقدسوا وتعالوا معي إلي الذبيحة" (1 صم 16: 5). وفي العهد الجديد يقول القديس بولس الرسول".. ليمتحن الإنسان نفسه، وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس. لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق، يأكل ويشرب دينونة لنفسه، غير مميز جسد الرب.. لأننا لو حكمنا علي أنفسنا، لما حكم علينا" (1 كو 11: 27- 31).
والتوبة تسبق جميع أسرار الكنيسة المقدسة.
وذلك لكي يستحق الإنسان فاعليه الروح القدس فيه. ولكي ينال مغفرة بالتوبة، تؤهله لنعمة الروح القدس العاملة في الأسرار.
إن توبة الابن الضال، سبقت دخوله بيت أبيه (لو 15).
والتوبة هي شرط لازم لمغفرة الخطايا.
وفي ذلك يقول القديس بطرس الرسول "فتوبوا وارجعوا لتمحي خطاياكم" (أع 3: 19). وما أجمل قول ماراسحق "ليست خطية بلا مغفرة إلا التي بلا توبة". التوبة إذن لازمه قبل وبعد المعمودية. قبل المعمودية لتؤهل لنوالها. وبعد المعمودية لمغفرة الخطايا التي تحدث بعد المعمودية.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:09 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

عوائق التوبة

لا يوجد شيء يحاربه الشيطان أكثر من التوبة..
ذلك لأنها تضيع كل تعبه السابق. لذلك تبدو أحيانًا صعبه علي البعض. لأنه حينما يريد الإنسان أن يتوب، يضع الشيطان أمامه كل ما يمكن من العثرات والعراقيل التي تمنع أو تعطل توبته ومنها:
1- العثرات، سواء كانت إغراءات أو فرصًا لم تكن متاحة من قبل، حتى نضعف أمامها الإدارة. ويمكن أن تكون البيئة احدي العوائق التي تعطل التوبة بما تقدمها من عثرات ومن مفاهيم خاطئة.
2- مقارنه الخاطئ نفسه بمستويات ضعيفة.
يظن مع هذه المستويات أنه في حاله حسنة لا تحتاج إلي توبة، أو تقف أمامه الأعذار، كأن يقول "كل الناس هكذا..هل أشذ عن الكل؟!". طبعًا ليس عذرًا أن تكون الغالبية مخطئة. فقد كان نوح محتفظًا ببره في عالم كله شر. وكذلك كان يوسف الصديق وموسى النبي في أرض مصر، ولوط في سدوم.
3- ضعف الشخصية، بحيث يمكن أن تنقاد للوسط المحيط.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
والمفروض أن تكون للإنسان شخصيته الثابتة التي لا تنجرف مع الاتجاه العام. إن سمكة صغيره يمكن أن تقاوم التيار وتسير عكسه، لأن فيها حياة. بينما كتلة ضخمه من الخشب -قدر هذه السمكة مئات المرات- يمكن أن يجرفها التيار، لأنه لا إرادة لها. فكن قوي الشخصية، لمكنك أن تتوب. والرسول يقول "لا تشاكلوا هذا الدهر" (رو 12: 2).
4- التأجيل:
إن الشيطان لا يحاربك حربًا مكشوفة بالامتناع عن التوبة، بل يدعوك إلي التأجيل بتقديم إغراءات معينه.
وللتأجيل خطورات منها: إن فرض التوبة قد تفلت. وكذلك فإن الخطية كلما استمرت، تأخذ سلطانًا وتثبت أقدامها. وربما بالتأجيل مجرد الرغبة في التوبة لا توجد والتأثيرات الروحية التي تدفع إليها قد تفقد مفعولها.
5- اليأس: والشعور بأن التوبة صعبة وغير ممكنه. وكما يقول يوحنا الدرجي: إن الشياطين - قبل السقطة - يقولون لك إن الله رؤوف ورحيم. أما بعد السقطة فيقولون إنه ديان عادل، ويخوفونك لتيأس من مغفرة الله فلا تتوب. وقد تحدثنا في الصفحات السابقة هنا في موقع الأنبا تكلا عن عائق اليأس وعلاجه.
6- البر الذاتي، الذي فيه لا يشعر الإنسان إنه مخطئ.
التوبة هي تغيير حياة. والذي حياته جميله في عينية، كيف يغيرها؟! إنه إن لم يشعر بسوء حالته، فلا يمكن أن يتوب ويغير حياته.
كذلك لا يتوب، من لا يبكت نفسه، ومن يرفض تبكيت الآخرين. ومن يظن أنه دائمًا علي حق، وأن عبارات (توبوا، وارجعوا) هي موجهه إلي غيره. وكذلك من يترك أذنيه لسماع كلام المديح ويصدقه، ومن يفسر وصايا الله حسب هواه، ويرفض أن يتبكت ضميره بسببها.
التوبة سهله للمتواضعين. وصعبه علي الأبرار في أعين أنفسهم.

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
إنها سهله للعشار المنسحق الشاعر بخطاياه، وصعبه علي الفريسي الذي يفتخر في صلاته قائلًا: أشكرك يا رب إني لست مثل سائر الناس الظالمين الخاطفين الزناة.. التوبة سهله للمرأة الخاطئة التي بللت قدمي المسيح بدموعها. وصعبه علي سمعان الفريسي الذي ظن انه ليس خاطئًا مثلها. ولذلك حسنًا أن الرب أظهر له إنه هو وهي مديونان. ولكنه ليس له نفس حبها، إذ يري دينه أقل بكثير (لو 7). التوبة سهلة علي الذين يعرفون أنهم خطاه، ويعترفون أنهم خطاة. أما الأبرار في أعين أنفسهم، فعلي أي شيء يتوبون؟! مادام لا يعترفون بأنهم أخطأوا في شيء! حقًا: لا يحتاج (الأصحاء) إلي طبيب، أي الذين يظنون في أنفسهم أنهم أصحاء..!
هؤلاء، حتى أن جابههم أحد بخطية، أما أن ينكروها، أو يفسرها تفسيرًا ملتويًا، أو يحملوا مسئوليته علي غيرهم، أو يجادلوا ويبرروا أنفسهم..ولكنهم لا يعترفون بخطأ، وبالتالي لا يتوبون.. ربما الذين يقفون أمام الناس كقدوة لهم، من الصعب أن يقولوا إنهم محتاجون إلي توبة. ليت هؤلاء يكونون أيضًا قدوه للناس في الاعتراف بالخطأ وبالاحتياج إلي توبة. لذلك نقول إن التوبة قد تكون سهله للموعوظ، وصعبه علي الواعظ والخادم والمرشد ومن في مستواهم.
7- من عوائق التوبة أيضًا عدم وجود مخافة الله في القلب. وكما قال ماراسحق: حيث لا توجد المخافة، لا توجد التوبة أيضًا. البعض ينفرون من المخافة باسم المحبة. ولبعدهم عن المخافة يقعون في اللامبالاة، ويسقطون في خطايا. وبهذه الخطايا يبرهنون علي أنه ليست لهم المحبة التي تطرح المخافة إلي الخارج (1 يو 4: 18). مخافة الله تشعر الإنسان بخطاياه، فتدفعه إلي التوبة..
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:11 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

التوبة والكنيسة

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
الكنيسة لها عمل كبير في توبة كل إنسان: يدخل في نطاقه عمل التعليم والإرشاد، وعمل الرعاية والافتقاد، ونقل أعمال الروح القدس وعطاياه من أجل خلاص كل أحد، ونقل استحقاقات الدم الكريم.
فالكنيسة هي التي تدعو الخطاة إلي التوبة. هي التي تقوم بما أسماه القديس بولس الرسول "خدمة المصالحة" و"كلمة المصالحة" تنادي الخطاة لأن "تصالحوا مع الله" (2 كو 5: 18 - 20). وذلك عن طريق الوعظ والتعليم، وتقدم كلمة الله للناس..
وربما لولا عمل الكنيسة هذا ما تاب أحد.
والكنيسة إلي التوبة في كل ما تقوم به من أعمال الرعاية.
بزيارة الناس، وحل مشاكلهم بكل أنواعها، الروحية والاجتماعية.. كأب حنان يهتم بأولاده، ويقربهم إلي أبواه الله.
والكنيسة هي الوسط الروحي الذي يساعد علي حياة التوبة.
بعيدًا عن أوساط العالم المملوءة بالعثرات، بحيث أن كل من يتوب يجد الكنيسة البيئة الصالحة التي فيها حياة روحية. وربما لولا الكنيسة، لكن كل شعور روحي ينبت في الإنسان تختنقه أشواك العالم فيذبل ويجف.
والكنيسة تقدم للتائب سر الاعتراف وتمنحه الحل والمغفرة.
وفي سر الاعتراف يشرح التائب كل ما في قلبه، وتستريح نفسه من أسراره المكتوبة، ويقدم إلي الله كل ضعفاته وسقطاته في سمع الكاهن، لينال عنه حلًا من الله، من فم الكاهن.
وذلك بحكم السلطان الذي قال فيه الرب "مَنْ غفرتم له خطاياه، غفرت له ومن أمسكتموها عليه أمسكت" (يو 20: 23). وأيضًا بحكم قوله "كل ما تحلونه علي الأرض يكون محلولًا في السماء. وكل ما تربطونه علي الأرض يكون مربوطًا في السماء" (متي 18: 18).
وهكذا يخرج التائب من اعترافه وقد استراح ضميره.
إذ يكون قد سمع كلمه الحل والمغفرة من وكيل الله له سلطان أن يقولها حسب السلطان المعطي له من الله. وهكذا يملك السلام علي قلبه، ويبدأ بدءًا جديدًا.
والكنيسة في سر الاعتراف تعطي الإرشاد الروحي.
حسبما قال الكتاب إنه من فم الكاهن تطلب الشريعة (حج 2: 11)، وهكذا يشرح الأب لأبنه في الاعتراف الطريق الروحي السليم الذي يسير فيه، لأنه لا يوجد أحد يستغني عن المشورة والكتاب يقول "هناك طريق تبدو للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 14: 12)، كما يقول "علي فهمك لا تعتمد (ام 3: 5).
وفي الكنيسة يجد التائب القلب الذي يأتمنه علي أسراره.
فالأسرار الشخصية الخاصة بحياة الإنسان الروحية، والتي تشمل سقطاته وضعفاته، لا يستطيع أن يأتمن عليها كل أحد. وربما لا يستطيع كتمانها تمامًا لأن هذا الكبت قد يتعبه. ولكن عند الأب الكاهن يجد ضمان السرية، ويجد الحلول اليد المخلصة التي يقوده في حب وفي إخلاص.
والكنيسة تقدم للتائب كل بركات سر الأفخارستيا.
هذا السر العظيم الذي قال عنه الرب "من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه" و"يحيا بي" (يو 6: 56، 57).وخارج الكنيسة لا يجد بركة هذا السر العظيم الذي يعنيه في توبته، ويغذيه روحيًا، والذي "يُعطَي عنا خلاصًا، وغفرانًا للخطايا، وحياة أبدية لكل من يتناول منه" (يو 6: 54). ولكن لعل إنسانًا يقول: مادامت التوبة تؤدي إلي المغفرة، فما حاجتي إلي الكنيسة، وإلي الاعتراف والتناول والتحليل؟! فنجيبه:
بالتوبة تستحق المغفرة وبالاعتراف وتناولها.
وفرق بين استحقاق المغفرة ونوال النعمة.
كما أن التوبة تشمل في داخلها الاعتراف أيضًا. والتحليل جزء من سر التوبة والتناول امتداد لفاعليه ذبيحة المسيح.
يقول: إن تبت ومت قبل قراءة التحليل، فما مصيري؟ أن مت هكذا يرحمك الله. والتحاليل، فما مصيري؟ إن مت هكذا يرحمك الله. والتحليل يقرأ عليك في صلاة الجناز.
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 01 - 2014, 03:12 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,106

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث

إن عرفت مَنْ أنت، تسمو عن الخطية

كتاب حياة التوبة والنقاوة لقداسة البابا شنودة الثالث
نريد أن نجعل توبتنا مبنية علي أساس سليم، وعلي فهم صحيح للحياة الروحية والعلاقة مع الله. وأهم دافع لنا إلي التوبة هو أن نعرف قيمة أنفسنا، أن يعرف الواحد منا مقدار نفسه، ومن يكون.. فأعرف يا أخي نفسك: من أنت:
إن عرفت من أنت، تسمو عن الخطية..
فلو عرفت المقدار العظيم الذي لك، والمركز الكبير الذي تشغله، لكنت تربًا بنفسك السامية أن تنزل إلي مستوي الخطية. وهكذا لا يمكن أن تسقط.. فمن أنت؟
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب حياة التواضع والوداعة لقداسة البابا شنودة الثالث علاقة التواضع بالصلاة
تأملات فى حياة القديس أنطونيوس كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
تأملات فى حياة داود النبى كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
حياة التواضع والوداعة كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
حياة الفضيلة والبر كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 10:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024