"وأوصاهم أن لا يحملوا شيئًا للطريق غير عصا فقط" [8]. إن كان السيد المسيح وهبهم سلطانًا على الشياطين كمنحة منه للعمل، فمقابل هذه العطية الإلهية سألهم أن يعلنوا ثقتهم فيه بعدم الاهتمام باحتياجات هذا العالم، فتكون كرازتهم لا بالفم وحده، وإنما بتجردهم وثقتهم بالله الذي يعولهم ويهتم بهم.
لم تكن الوصايا حرفية لكنها تحمل مفاهيم روحية عميقة، فعندما أوصى تلاميذه ألا يحملوا عصا (مت 10: 10) يتكئون عليها في الطريق، أو يستخدموها للدفاع عن أنفسهم حتى ضد الكلاب التي تجول في القرى والحقول أراد أن يُعلن أنه عصاهم، يتكئون عليه بقلوبهم، ويختفون فيه ليسندهم على الدوام. لكنه هنا يسمح لهم بالعصا ربما إشارة إلى الصليب، إذ لا تقوم الكرازة ما لم يحمل الكارز عصا الصليب، مشاركًا سيده في آلامه وصلبه .
يرى البعض أن السيد المسيح منع تلاميذه من حمل أي شيء حتى العصا من أجل الكمال، لكنه سمح بها من أجل الضعف كأن يكون الكارز مريضًا أو شيخًا ضعيف الجسم يحتاج إلى عصا يرتكز عليها.