رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دمار مدينة أورشليم والهيكل أخيرًا -في يولية سنة 70 م.- باغت الرومان حصن أنطونيا ليلًا استولوا عليه. وبسقوط هذا الحصن أصبح الطريق ممهدًا لوضع أيديهم على الهيكل في أورشليم، فتوقفت الذبائح اليومية في اليوم السابع عشر من يوليه لأن اليهود كانوا في حاجة إلي كل الأيدي للدفاع في الحرب... ولعل آخر ذبيحة وأغزرها دماء قدمت على مذبح المحرقة كانت آلاف اليهود الذين تم ذبحهم عندما تجمهروا حول هيكلهم للدفاع عنه ضد الرومان، وقد كان تيطس بحسب رواية يوسيفوس ينوي في بادئ الأمر أن يبقي على الهيكل كعمل معماري رائع يحفظ ذكرى انتصاره. وعندما هددت ألسنة النيران قدس الأقداس، شق طريقه بصعوبة بين اللهيب والدخان، فوق جثث القتلى، وتلك التي كانت بين الحياة والموت حتى ما يحصر النيران. لكن جنوده. كانوا في حالة هياج هستيري نتيجة المقاومة العنيدة التي أبداها اليهود والطمع في كنوز الهيكل الذهبية فلك يكن في الإمكان إيقافهم عن أعمال التخريب، كانت الأروقة المحيطة بالهيكل هي أول ما احترق منه. ثم ما لبث أن طرحت كتلة نارية عبر البوابة الذهبية. وعندما تصاعدت ألسنة اللهب أطلق اليهود صرخات هستيرية مفزعة، وحاولوا إخماد النار بينما وجد آخرون عزاءهم وهم يتعلقون بآخِر أمل في خلاص المسيا في أن يعلنوا نبوة نبي كاذب مؤداها أن الله وسط حريق الهيكل وسيعطي علامة الخلاص لشعبه، تنافس الجنود الرومان في تغذية ألسنة النيران، وسرعان ما تحول كل البناء الضخم إلى شعلة نارية أضاءت السماء.. وهكذا أحرق الهيكل في العاشر من أغسطس سنة 70 م. وهو حسب التقليد نفس اليوم الذي خرب فيه الهيكل قديما علي يد نبوخذ نصر ملك بابل يقول يوسيفوس وهو شاهد عيان في وصفة لخراب الهيكل (لا يمكن أن يتصور أحد أصوات أعلى وأكثر فزعا مما حدث من كل ناحية أثناء احتراق الهيكل. صيحات الانتصار والفرح الصادرة من الجنود الرومان، تختلط بصيحات عويل الشعب المحاصر بالنار والسيف فوق الجبل وداخل المدينة. وكان الصدى الواصل من كل الجبال المحيطة يزيد هذا الزئير الذي يصم الآذان. ومع ذلك فالبؤس نفسه كان أفظع من هذا الاضطراب. كان التل المقام عليه الهيكل يغلى من السخونة، وبدا وكأنه ملفوف حتى سفحه بطبقة واحدة من اللهب. كانت الدماء في كميتها أكثر من النار، والمذبوحون أكثر عددا ممن ذبحوهم. ولم تعد الأرض ترى في أي موضع، إذ كانت مغطاة بأكوام من جثث القتلى، سار فوقها الجند وهو يتعقبون الهاربين وما لبث الرومان أن ثبتوا شعاراتهم (النسور الرومانية) فوق الأنقاض في الجهة المقابلة لبوابة أورشليم الشرقية، وقدموا لها القرابين، وهتفوا لقائدهم المظفر تيطس بأعظم تهاليل الفرح هكذا تمت النبوءة الخاصة برجسة الخراب القائمة في الموضع المقدس. |
|