منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 06 - 2014, 02:34 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

كتاب حتمية التجسد الإلهي

مقدمة حول موضوع التجسد

كتاب حتمية التجسد الإلهي
عندما يتبادر إلى أذهاننا موضوع التجسد الإلهي، فحسنًا يا صديقي أن تتصوَّر طفل المزود وهو يرضع لبن البتول، والملائكة ترتل بخشوع، والرعاة يحملون الزبد واللبن، ويقدمون حَملًا صغيرًا للحمل الحقيقي الذي يرفع خطية العالم كله، والنجم يتقدم المجوس فيأتون ويسجدون ويقدمون هداياهم، وسيظلوا يسجدون رغم احتجاج نسطور عليهم وتخطئته إياهم، وفي وسط هذه المشاعر الفياضة حسن أيضًا أن نتأمل في طبيعة مولود المزود مشتهى الأجيال..‍‍ كيف صار الكلمة جسدًا؟!.. كيف تجسد الإله وتأنس؟! كيف اتحد الكلمة الأزلي بالجسد الزمني؟!.. كيف اتحد الخالق بالمخلوق؟‍‍‍‍‍‍!.. دعنا يا صديقي نتذوق ولو قليلًا من طعام البالغين.
1- حتمية التجسد الإلهي.
2- من هو السيد المسيح؟!
رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 02:55 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

التجسد الإلهي، هل له بديل؟!

كتاب حتمية التجسد الإلهي
إن كان السبب الرئيسي للتجسد هو فداء الإنسان الذي سقط، وتجديد طبيعته التي فسدت، فقد يتساءل البعض ولماذا خلق الله الإنسان من الأساس؟ ولماذا أعطاه الوصية التي كانت طريقًا للموت؟ وإن كان الذي أخطأ هو آدم وحواء، فما هو ذنب الأبناء في توارث الخطية؟ ولماذا لم يفكر الله في بديل آخر للخلاص غير رحلة التجسد والصليب؟

س1: إن كان السبب الرئيسي للتجسد هو فداء الإنسان الذي سقط وتجديد طبيعته التي فسدت، فلماذا خلق الله الإنسان
س 2: لماذا الوصية التي كانت سببًا للسقوط؟ ولِمَ خلق الله هذه الشجرة ومنع آدم من الأكل منها؟ ولماذا هذا الامتحان الصعب؟
س3: هل سقوط آدم يعتبر سقوط للبشرية جمعاء؟
س 4: ما ذنبنا نحن في خطية آدم؟ وهل العدل الإلهي يقاصّص القاتل فقط أم انه يقاصّصه هو وأولاده وذريته؟ وإن كانت العدالة الأرضية القاصرة لا تحكم على ابن القاتل بالإعدام فما بال السماء تحاسبنا على خطية آدم؟ وهل أُحاسب على خطية أبي وجدي وأمي وجدتي.. وهلمَّ جرا؟
س 5: ما هي نتائج السقوط المروع للبشرية؟
س 6: لماذا لم يفني الله آدم وحواء ويخلق إنسانًا جديدًا يطيعه؟
س 7: لماذا لم يخلص الله آدم وحواء بالقوة، فمجرد كلمة منه قادرة على رد آدم وحواء اللذان سباهما الشيطان؟
س 8: لقد أخطأ آدم رغم التحذير، فلماذا لم يتركه الله لمصيره المشئوم، وليكتفِ بأنه يعطه الناموس والوصايا؟
س 9: الله غفور رحيم.. فلماذا لم يسامح آدم وتنتهي المشكلة؟
س 10: إذا قدم آدم توبة نصوحة ألا يقبله الله ويرضى عنه؟ وإلاَّ فما لزوم التوبة للإنسان؟!
س 11: يقول البعض أن " الحسنات يذهبن السيئات "، فان كان آدم أخطأ في واحدة، ثم صنع أعمالًا حسنة وصالحة، ألا تمسح هذه الأعمال الصالحة خطية آدم الوحيدة؟
س 12: فليقدم آدم ذبيحة فداء عن نفسه، وليقدم ذبيحة أخرى فداء عن حواء.. ألا تكفر الذبائح عن الخطايا؟ وإن كانت لا تكفر فلماذا أوصى الله بها في العهد القديم؟
س 13: لماذا لم يكلف الله موسى رئيس الأنبياء بتقديم ذاته فدية عن أبيه آدم؟ أو لماذا لم يكلف الله رئيس الملائكة الجليل ميخائيل لحل مشكلة البشرية الساقطة؟
س 14: هل مبدأ الإنابة يتمشى مع العدالة الإلهية، ومع العقل، فيموت البريء نيابة عن المذنب؟
س 15: ومازال السؤال يلح: ما هو الدافع القوي الذي دعى الله للتجسد، أو ما هي حتمية التجسد الإلهي؟
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 02:56 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

إن كان السبب الرئيسي للتجسد هو فداء الإنسان الذي سقط وتجديد طبيعته التي فسدت، فلماذا خلق الله الإنسان؟
ج : يسبق هذا السؤال سؤال آخر مؤداه:
هل خلق الله الإنسان لكيما يعبده ويسبحه ويمجده؟
كلا.. لأن كل هذه نتائج وليست أسبابًا.. لقد خلقنا الله فنحن مدينون له ولذلك نقدم له العبادة والشكر والتسبيح، ليست كفروض وقيود وواجبات ثقيلة، ولكنها علامة حب وامتنان وتقدير له.. لو خلق الله الإنسان لكيما يعبده فمعنى هذا أن الله كان ينقصه عبادة الإنسان، بينما الله كامل في ذاته متكامل في صفاته منزَّه عن النقص.. لم يكن الله محتاجًا قط لإنسان أو ملاك لكيما يعبده.. الله لم يكن يعاني من نقص معين فعوَّضه بخلقه الإنسان، وعلى حد تعبير الآخرين أن الله غني عن عباده، ونحن نصلي في القداس الإلهي " خلقتني كمحب للبشر.. لم تكن أنت محتاجًا إلى عبوديتي بل أنا المحتاج إلى ربوبيتك. من أجل تعطفاتك الجزيلة كونتني إذ لم أكن "كان من الممكن أن لا يخلق الله أي كائن آخر ومع ذلك فإن كماله لن ينقص ولا سعادته تتغير، وليس كما تصوَّر بعض الجهلة بأن السأم والملل تسلل لله عبر الزمان فتسلى بخلقه الطغمات الملائكية لكيما تسبحه، وعندما عاد إليه الملل والسأم ثانية خلق الإنسان لكيما يعبده.


كتاب حتمية التجسد الإلهي
والحقيقة أن الله خلق الإنسان من فرط جوده ومحبته، فالإنسان هو وليد محبة الله العظيمة.. خلق الله الإنسان لكيما يتمتع ذاك الإنسان بنعمة الوجود في الحضرة الإلهية، وقبل أن يخلقه أعدَّ له كل شيء.. خلق من أجله الشمس والقمر وزين الكون بالنجوم.. هيأ له الأرض وخلق له النباتات وزينها بالأزهار والورود.. خلق له الأسماك والطيور والحيوانات أنواعًا وأشكالًا وألوانًا بشكل يخلب الألباب، ورأى الله أن كل هذا حسن، وعندما خلق الإنسان ميَّزه عن سائر الخليقة إذ خلقه على صورته ومثاله في الوجود والعقل والحياة.. خلقه على الصورة التي سيتخذها لنفسه في ملء الزمان.. "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك 1: 26) وكلمة "صورة" بالعبرية "صليم" أي الظل أو الخيال، فالإنسان هو ظل الله على الأرض، و"شبه" بالعبرية "ديموت" أي دمية أو مثال أو شبه، فالإنسان مثال الله في الابتكار وحرية الإرادة والسلطة والخلود.. إلخ وعندما خلقه قال "حسن جدًا" (تك 1: 31) وميَّزه بأن نفخ في أنفه نسمة حياة، فاستقرت هذه النسمة في وجدان الإنسان وهي التي تدفعه للسعي نحو الأصل حتى بعد السقوط.

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي "لأن الله صالح، أو بالحرى هو بالضرورة مصدر الصلاح، والصالح لا يمكن أن يبخل بأي شيء، لذلك فانه إذ لا يضن بنعمة الوجود على أي شيء؟ خلق كل الأشياء من العدم بكلمته.. يسوع المسيح ربنا.. فإنه لم يكتف بمجرد خلقته للإنسان، كما خلق باقي المخلوقات غير العاقلة على الأرض، بل خلقه على صورته ومثاله، وأعطاه نصيبًا حتى في قوة " كلمته " لكي يستطيع وله نوع من ظل "الكلمة" وقد خُلِق عاقلًا، أن يبقى في السعادة أبدًا، ويحيا الحياة الحقيقية، حياة القديسين في الفردوس" (تجسد الكلمة 3: 3). وكان آدم وحواء في الجنة عريانان وهما لا يخجلان لأن نعمة الله كانت تسترهما، والشهوة لم تقربهما، والمرض والألم لم يعرفاهما، والموت لم يقوى عليهما، فعاش آدم في انسجام وحب مع جابله، ومع الآخرين (حواء) وكان ملكًا متوَّجًا على الطبيعة متسلطًا على أسماك البحر وطيور السماء وحيوانات الأرض، وما أجمل تعبيرات القداس الإلهي "ثبتَّ ليَّ الأرض لأمشي عليها. من أجلي ألجمت البحر. من أجلي أظهرت طبيعة الحيوان. أخضعت كل شيء تحت قدميّ. لم تدعني معوزًا شيئًا من أعمال كرامتك".

وإذا تساءل أحد قائلًا: مادام الله يعلم بسابق علمه أن آدم سيعصاه ويسقط في الخطية.. فلماذا خلقه؟
ونحن نجيبه بأن الله بسابق علمه يعلم أن آدم سيعصاه ويخطئ، ولكنه يعلم أيضًا أنه قد دبَّر له أمر الفداء منذ الأزل، وسيحول الشر الذي تعرض له إلى خير، وأنه سيرده ليس إلى مرتبته فقط إنما سيرفعه من الفردوس الأرضي إلى الملكوت السمائي، وهذا ما دفع أغسطينوس إلى القول "مباركة هي خطية آدم التي جلبت لجنسنا كل هذا الخير وكل هذه النعم والبركات".
وكمثال تبسيطي للرد على التساؤل السابق نقول أن الإنسان يعلم أنه عندما يتزوج وينجب سيتعرض أبناؤه إلى بعض الأمراض وبعض المتاعب في حياتهم، فهل هذا يدفعه للعزوف عن الزواج؟.. كلا، لأنه يعلم أيضًا أنه متى تعرض أبناؤه للمرض فانه سيسرع بهم إلى الأطباء المتخصصين لعلاجهم، ومتى تعرضوا للمتاعب فانه سيقف بجوارهم حتى يتخطوا هذه المتاعب ويخرجوا للحياة أشد عودًا وأقوى صلابة. حقًا أن لدى الله فيض من العواطف الأبوية تكفي بلايين البشر، ولذلك خلقهم لينعموا بأبوته، وعندما تجسَّد الله الكلمة لمسنا فيه هذا الحب الأبوي فجميع الخطاة والعشارين والزناة التائبين والمطروحين وجدوا لهم مكانًا في قلبه.. يالهذا الحب الإلهي الأبوي الذي أوجد الإنسان من العدم!!
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

لماذا الوصية التي كانت سببًا للسقوط؟ ولِمَ خلق الله هذه الشجرة ومنع آدم من الأكل منها؟ ولماذا هذا الامتحان الصعب؟
ج : الحقيقة أن الوصية الإلهية لآدم لم تكن سببًا لسقوطه إنما جاء السقوط بسبب غواية الحية وحسد إبليس "والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس.." (من القداس الباسيلي) وأيضًا من شك الإنسان في كلام الله، وتصديقه لكلام إبليس، وكان عمل إبليس هذا موجهًا بالدرجة الأولى ضد الله، فهو يعلم أنه لو نجح في إسقاط الإنسان في المخالفة فلابد أن الإنسان سيسقط تحت حكم العدل الإلهي وينال عقوبة الموت، كما أخطأ هو وطُرد من السماء، وبذلك يفشل هدف الله من خلقة الإنسان.

كتاب حتمية التجسد الإلهي
وكانت الوصية بسيطة وسهلة "من جميع شجر الجنة تأكل أكلًا. أما شَجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتًا تموت" (تك 2: 16، 17).. "غرس واحد نهيتني أن آكل منه" (من القداس الغريغوري) وقال القرآن "ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" (البقرة 35، الأعراف 19) وعقب السقوط "ناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة" (الأعراف 12) فجميع شجر الجنة كان تحت تصرف آدم يأكل كما شاء ووقتما شاء، وهذه شجرة وحيدة وُضِعت بحكمة إلهية وكان من السهل على الإنسان أن يصرف النظر عنها ولو لم تعطي حواء إذنها للحية الماكرة ما كان السقوط.

والحكمة من الوصية هي منح الإنسان الفرصة للتعبير عن حبه لله وطاعته له، ليس عن قهر واضطرار بل بروح الحرية والحب.. إنها احترام لإرادة الإنسان الحرة، بواسطتها يُعبّر الإنسان عن إرادته في الالتصاق بالله.. لقد قدم الله للإنسان الكثير والكثير، فعندما يقدم آدم الطاعة البسيطة لله فهي بمثابة ذبيحة لذيذة يقدمها المخلوق للخالق فيشتم الله الخالق هذه الذبيحة ويستثمنها، مثل أب يُحضر لابنه شجرة ورد نادرة الوجود ويغرسها في حديقة المنزل، ويحضر لها السماد، ويوفر لها
الماء، ويوصي ابنه أن يرويها ويرعاها، فتنمو الشجرة وتترعرع، فعندما يقدم الابن الوردة الأولى للأب.. كم تكون سعادة الأب بابنه الذي نفذ وصيته وروى الشجرة وتعهدها بالرعاية؟!

وكانت الوصية سندًا ودعمًا للإنسان، فيقول
القديس أثناسيوس "ولكن لعلمه (لعلم الله) أيضًا إن إرادة الإنسان يمكن أن تميل إلى إحدى الجهتين (أي الخير أو الشر) سبق فدعَّم النعمة المعطاة له بالوصية التي قدمها إليه، والمكان الذي أقامه فيه، لأنه أتى به إلى جنته وأعطاه الوصية، حتى إذا حفظ، واستمر صالحًا، استطاع الاحتفاظ بحياته في الفردوس بلا حزن ولا ألم ولا هَمْ.. أما إذا تعدى الوصية وارتد وأصبح شريرًا فيعلم أنه يجلب على نفسه الفساد بالموت الذي كان يستحقه بالطبيعة، وإنه لا يستحق الحياة في الفردوس بعد" (تجسد الكلمة 3: 4) .

ويجب أن نلاحظ أن الله لم يقل لآدم "يوم تأكل من الشجرة سأُميتك" إنما قال له "يوم تأكل من الشجرة موتًا تموت" أي أنك تسلم نفسك بإرادتك للموت، لأن المعصية تحمل بذار الموت في طياتها، ولذلك قال الله على لسان الحكيم "من يخطئ عني يضر نفسه. كل مبغضيَّ يحبون الموت" (أم 8: 36) وأخيرًا نقول إنه كان من العدل أن يمتحن الله الإنسان، فإذا نجح يكافئه، وإذا فشل يعاقبه لكيما يتعلم الصح من الخطأ. ثم لماذا كل هذا الاحتجاج على الوصية وكأنهم يريدون اتهام الله بالظلم، وهو الذي حول لنا العقوبة خلاصًا.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:01 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

هل سقوط آدم يعتبر سقوط للبشرية جمعاء؟
ج : نعيد ما سبق تسجيله في كتابنا "التجسد الإلهي.. هل له بديل؟" فنقول "نعم، فبالخطية فسدت طبيعة آدم. كل ذرة في جسد آدم أصبحت فاسدة، مثل شجرة التفاح التي أصابها مرض لعين فكل ثمارها أصبحت فاسدة، والشجرة الفاسدة تحمل بذارًا فاسدة ولو زُرعت لن تنبت إلاَّ شجرة فاسدة تحمل بالتبعية ثمارًا فاسدة.. وهلمَّ جرا. لقد ورث الأبناء عن أبيهم الطبيعة الفاسدة المملوءة بالغرائز البهيمية وجرى الدم الموبوء بالخطية في عروق جميع بني البشر " ها أنذا بالآثام حُبِل بي وبالخطية ولدتني أمي" ( مز 51: 5).
والدليل على توارث الخطية أن الخطية جاءت إلى حواء من الخارج أي من الحية، وجاءت إلى آدم من حواء التي سبقته في السقوط. لكن قايين من أين جاءته الخطية؟ إنها أتت من داخله، لم يدفعه أحد لها بل هي ساكنة فيه، وهكذا سقط الجميع حتى الأنبياء "الجميع زاغوا وفسدوا معًا ليس من يعمل الصلاح ليس ولا واحد" (رو 3: 12) صحيح إننا لم نرتكب الخطية الأولى ولكننا وُلِدنا بها بالإضافة إلى خطايانا الشخصية، فليس مولود امرأة بلا خطية ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض . إذًا وراثة الخطية أمر واقع" (1).

كتاب حتمية التجسد الإلهي
ويوضح الإنجيل حقيقة توارث الخطية من أبينا آدم فيقول " من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو5: 12) فمن لا يخطئ بالفعل يخطئ بالقول ومن لا يخطئ بالقول يخطئ بالفكر، و" النفس التي تخطئ تموت" (حز 18: 4) ويقول القديس أثناسيوس "لأن البشر لم يقفوا عند حد معين حتى في سوء أفعالهم، بل تدرجوا في الشر حتى تخطوا كل حدود، وأصبحوا يخترعون الشر ويتفننون فيه، إلى أن جلبوا على أنفسهم الموت والفساد، وبعد ذلك إذ توغلوا في الرذيلة، ولم يقفوا عند شر واحد، بل راحوا يخترعون كل جديد من الشر، فقد أصبحت طبيعتهم مشبَّعة من الخطية. فها هي خطايا الزنى والسرقة قد عمَّت كل مكان، وامتلأت كل الأرض بخطايا القتل والنهب، وأصبح البشر لا يراعون حرمة للناموس، بل صاروا يرتكبون الجرائم في كل مكان، سواء كأفراد أو جماعات.. وصار كل إنسان يتنافس مع أقرانه في الأعمال القبيحة، وأصبحوا لا يترفعون حتى عن الجرائم التي ضد الطبيعة كما يقول عنهم بولس رسول المسيح وشاهده.. (رو 1: 26، 27)" (تجسد الكلمة 5: 3-5).

وأقرّ القرآن بأن كل الناس سقطوا في الخطية والظلم وأن الله لو أخذهم بظلمهم لأفناهم "وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ" (النحل 61) كما ذكر خطايا الأنبياء فعلى سبيل المثال ذكر خطايا:
أ - آدم: "وعصى آدم ربه فغوى" (طه 121).
ب- نوح: "رب أغفر لي ولوالدي" (نوح 28).
ج - إبراهيم: "والذي أطمع أن يغفر لي خطيتي يوم الدين" (الشعراء 82) وقال أبو هريرة عن رسول الله قال لم يكذب إبراهيم إلاَّ ثلاث كذبات أثنين منهن في ذات الله. قوله سقيم وقوله فعله كبيرهم وقوله عن سارة أخته حين أراد الجبار القرب منها (رواه البخاري ومسلم).
د- موسى: قتله لأحد المصريين على وجه الخطأ، عندما "وَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ" (سورة القصص 15).
د- داود: "وظن داود إنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا وأناب. فغفر له ذلك" (ص 24، 25).
هـ - يونان: "فالتقمه الحوت وهو مُليم. فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" (الصافات 142-144).
وأيضًا القرآن لم يغفل خطايا رسول الإسلام "ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخَّر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطًا مستقيمًا" (الفتح 2) " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلَّبكم ومثواكم" (محمد 19) " ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا عنك وزرك. الذي انقض ظهرك" (الضحى 1-3).
وقال أبو هريرة "كان رسول الله (ص) يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاته، قال أحسبه قال هُنيَّة، فقلت بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير والقراءة فما تقول. قال أقول: اللهمّ باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقني من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس. اللهم أغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد" (صحيح البخاري ج 1 ص 136) وقال أبو هريرة سمعت رسول الله يقول إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة.
وقد اختلف المفسرون فيما بينهم على عصمة الأنبياء، فقال البعض إن عصمتهم مطلقة، وقال البعض عصمتهم تبدأ منذ نزول الوحي عليهم. بينما قال آخرون انهم معصومون فقط أثناء إبلاغهم الرسالة لشعبهم، وأيد الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية الرأي الأخير في جريدة المؤيد عدد 3328 (راجع حقيقة التجسد ص 37).
وكما أنه لا يمكن أن نجني من الشوك تينًا ولا من الحسك عنبًا، وكما أن الخنزيرة لا يمكن أن تلد حملًا. كذلك لا يمكن أن يخرج من الإنسان الفاسد إنسان بار، ويقول عوض سمعان " ولا يقل أحد أن الإنسان يولد بريئًا ولكن البيئة التي يعيش فيها هي التي تزرع فيه الشر، لأن حتى الأطفال الذين يولدون في بيئة صالحة يصاحب تصرفاتهم الفساد والكبرياء والأنانية والغيرة.. إلخ وجميع هذه النقائص هي خطايا، وحتى الذين يولدون في الغابات بعيدًا عن المدينة فإنهم لا يخلون من المكر والأنانية حتى أبْدا البعض بعض الملاحظات التي يجب أن تؤخذ في الحسبان فقالوا أن الإنسان يُولَد وبه ميل إلى الخطية وهذا الميل وإن كان لا يبدو بوضوح في الصغر، غير أنه يأخذ في الظهور كلما شبَّ الإنسان ونما. فمثل هذا الميل مثل السم الكامن في الثعبان، فإنه لا يرد إليه من الخارج، بل أن الثعبان يُولَد وفي جسمه استعداد لتكوينه. وكل ما في الأمر، أن هذا السم لا يظهر بنتائجه المميتة، إلاَّ إذا بلغ الثعبان سنًا معينًا إن الذين قالوا بسلامة الفطرة الإنسانية وكمالها، وبذلوا كل ما لديهم من جهد لتحسين حالة الفقراء والبؤساء، لاقوا من أولئك وهؤلاء الكثير من المتاعب والمضايقات، ومن ثم خابت آمالهم الطيبة من جهتهم جميعًا خيبة ليس بعدها خيبة" (1).
وقد يتساءل البعض كيف نقول أن البشر جميعًا قد ورثوا الخطية وفسدت طبيعتهم بينما يوجد رجال أبرار صالحون في العهد القديم فقيل عن نوح "كان نوح رجلًا بارًا كاملًا في أجياله" (تك 6: 9) وقيل عن أيوب "كان هذا الرجل كاملًا ومستقيمًا يتقي الله ويحيد عن الشر" (أي 1: 1) وقيل عن زكريا وأليصابات أنهما "كانا كلاهما بارين أمام الله" (لو 1: 6).
فنقول أن الصلاح بمعناه الحقيقي أن الإنسان لا يخطئ على الإطلاق لا بالفعل ولا بالقول ولا بالفكر بالإضافة إلى عمل كل أعمال الخير. مثل هذا الصلاح لن نجده بين البشر على الإطلاق، ولذلك قال الرب يسوع "ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله" (لو 18: 19) أما رجال الله الصالحون فهم الذين فعلوا الصلاح النسبي وكانت خطاياهم قليلة ويقدمون عنها اعترافًا وذبيحة فتغفر لهم على حساب دم المسيح.
وقد يقول البعض أنه مادام الإنسان قد ورث الخطية وبالتالي أصبح لديه ميل طبيعي لها فهو غير مسئول عن تصرفاته الخاطئة؟
ونقول لمثل هؤلاء أن غير المسئولين عن تصرفاتهم هم الأطفال الذين لا يدركون الصح من الخطأ، وكذلك ذوي العاهات الخاصة الذين لا يملكون قوة التمييز بين الصح والخطأ. أما الإنسان الذي ميَّزه الله بالعقل الراجح ويعرف الخير من الشر فهو مسئول مسئولية كاملة عن جميع تصرفاته لأنه فعلها بكامل حريته، وإذا اشتكى من ضعف إرادته فالطريق إلى تقويتها هو الالتصاق بالله والتماس القوة منه، وعندئذ يقول الضعيف بنعمة الله بطل أنا.
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:05 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

ما ذنبنا نحن في خطية آدم؟ وهل العدل الإلهي يقاصّص القاتل فقط أم انه يقاصّصه هو وأولاده وذريته؟ وإن كانت العدالة الأرضية القاصرة لا تحكم على ابن القاتل بالإعدام فما بال السماء تحاسبنا على خطية آدم؟ وهل أُحاسب على خطية أبي وجدي وأمي وجدتي.. وهلمَّ جرا؟
ج : صحيح أننا لم نرتكب الخطية الأولى، ولكننا وُلِدنا بها بالإضافة إلى خطايانا الشخصية، ومن يستطيع أن يتبرَّر أمام الله من خطاياه ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض؟‍‍‍‍
ومن المعروف حسب قانون مندل للوراثة Mendel's laws of inheritance, Mendelian inheritance أن العوامل الوراثية تمتد حتى الجد السابع، فمثلًا نوع الشعر ولون العينين والطول والقصر ولون البشرة يرثها الإنسان عن أبائه وأجداده، ولم نرَ إنسانًا عاقلًا يحتج على صفاته الوراثية. بل قد يرث إنسانًا عن أبويه بعض الأمراض مثل السكر وخلافه، فهل يحتج هذا الابن على أبيه الذي أورثه ذلك المرض؟! وماذا يفيد احتجاجه؟ أليس من الأجدى البحث عن العلاج والمواظبة عليه بشكر لله الذي بحكمة فعل أو سمح بهذا المرض لخير الإنسان؟
وكثيرًا ما نرى ابنًا ورث عن أبيه ميراثًا ماديًا كبيرًا وآخر ورث عن أبيه بعض الديون وأسرة كبيرة بلا مورد للرزق، فيتمتع الأول بميراث أبيه، والثاني لو كان عاقلًا حكيمًا فلا ينبغي أن يحتج ويلعن الظروف والأقدار التي شاءت أن يكون مثل هذا الرجل أباه. بل يحافظ على سمعة أبيه ويعمل ويجتهد ويجد لكيما يسدد ديون أبيه، ويعول والدته وإخوته.

كتاب حتمية التجسد الإلهي
إذًا فالسؤال الحكيم لا يكن بالصورة السابقة المحتجة إنما يكون هكذا:
هل من علاج للخطية التي وُلِدنا بها ونعيش فيها؟
والإجابة: نعم، وبكل تأكيد هناك علاج أكيد في دم المسيح "فإذًا كما بخطية واحدة صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببّرٍ واحدٍ صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة. لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعِل الكثيرون خطاة هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سيُجعَل الكثيرون أبرارًا" (رو 5: 18: 19) "إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع الساكنين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو 8: 1) ولو ظل إنسان مازال يتساءل: ما ذنبي في خطية أبي آدم؟ يرد عليه القديس أوغسطينوس قائلًا: وأي فضل لك في خلاص المسيح؟! ونعيد ما سجلناه في كتابنا السابق عن التجسد" ذكر القرآن في سورة البقرة 35-38 "وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ" وتكرَّر القول "قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" (سورة الأعراف 24).
نلاحظ صيغة الجمع "اهبطوا" مكرَّرة مع أن الحديث موجه لاثنين فقط. فلماذا استعمل صيغة الجمع؟ هل للتعظيم؟ .. كلاَّ. لأنهما متهمان مدانان مطرودان مستحقان للعقاب وغير مستحقين للإكرام.. إذًا لابد انه استخدم أسلوب الجمع لأنه يقصد آدم وحواء ونسلهما.
ثم إن آدم تلقى كلمات من ربه فتاب.. فهل بالتوبة عفى الله عنه وسامحه؟
وهل التوبة جعلته يظل في الجنة؟
فرغم التوبة طُرد آدم من الجنة، ثم تلقى وعدًا من ربه بمجيء الهدى ومن يتبعه لا خوف عليه ولا هو يحزن.
وفي الإسلام التطهير من الخطايا يتم بالنار، وحيث أنه لا يوجد إنسان بلا خطية. لهذا قال القرآن " وإنَّ منكم إلاَّ واردها " والهاء عائدة على النار والجميع سيردْون إليها" (1).
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

ما هي نتائج السقوط المروع للبشرية؟
ج : أهم نتائج السقوط تتمثل في الآتي:
أ - الموت الروحي الأبدي: أي انفصال الإنسان عن الله مصدر الحياة، فبالمعصية انفصلت الصورة عن الأصل، وانفضت الشركة بينهما، وصار الإنسان الخاطئ يهرب من الله لأنه يستحيل عليه التواجد في حضرة الله القدوس، وهل تثبت الظلمة أمام النور؟‍‍‍
ويقول القديس أثناسيوس "وما يعني (الله) بقوله (موتًا تموت)؟ ليس المقصود مجرد الموت فقط بل أيضًا البقاء إلى الأبد في فساد الموت" (تجسد الكلمة 3:5).. لقد سقط آدم وصار مصيره إلى الجحيم الأبدي مع الملاك الساقط لولا رحمة الله التي أدركته بالتجسد، وقد عاش آدم فترة حيًا بالجسد ولكن للوقت سرى عليه الموت الروحي كقول معلمنا بولس لأهل أفسس "وأنتم إذ كنتم أمواتًا بالذنوب والخطايا" (أف 2: 1) ويقول القديس أوغسطينوس "إن موت الجسد هو انفصال الروح عن الجسد، وموت الروح هو انفصال الروح عن الله" (1).

كتاب حتمية التجسد الإلهي
ب - الموت الجسدي: منذ اللحظة التي أكل فيها الإنسان من ثمرة الشجرة المُحرَّمة وقد حطم الوصية بدأت تدب فيه عوامل الانحلال، وإن كان آدم لم يمت عقب الأكل مباشرة فذلك بسبب إرادة الله الصالحة في إنقاذ الإنسان من الهلاك الأبدي، فتركه لكيما يُنجِب، ومن نسله يأتي مخلص العالم. وأيضًا بالمعصية خَضع الإنسان لسلطان الأمراض التي تفضي به إلى الموت، ويقول القديس أثناسيوس " فالله إذ خلق الإنسان، قصد أن يبقَى في عدم فساد، أما البشر فإذا احتقروا ورفضوا التأمل في الله، واخترعوا ودبروا الشر لأنفسهم.. فقد استحقوا حكم الموت الذي سبق تهديدهم به، ومن ذلك الحين لم يبقوا بعد في الصورة التي خُلقوا عليها، بل فسدوا حسبما أرادوا لأنفسهم (جا 7: 29، رو 1: 21، 22) وساد عليهم الموت كملك (رو 5: 14).. كذلك يجب أن لا يتوقعوا إلاَّ الفساد.. وبتعبير آخر يجب أن تكون النتيجة الانحلال وبالتالي البقاء في حالة الموت والفساد" (تجسد الكلمة 4: 4، 5).
ج- الموت الأدبي: بالسقوط فقد الإنسان مجد الصورة الإلهية داخله، ففقد وقاره وهيبته وكرامته، وصار مطرودًا من الفردوس هائمًا على وجهه يعاني من عار الخطية التي تركت وصمتها القوية داخل النفس، وبعد أن كان آدم وحواء عريانين ولا يخجلا لأن النعمة كانت تسترهما انتابهما عَقِبْ المعصية الإحساس بالعري والخجل والخزي "فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر" (تك 3: 7) واجتاح الخوف حياة آدم حتى من صوت جابله الذي كان يسعد ويتلذذ به فقال "سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت" (تك 3: 10) وظل الإنسان يعيش الموت الأدبي الذي ينتهي به إلى الموت الجسدي. أما الموت الروحي فيعبر معه من هذا العالم إلى العالم الآخر.
د - العقوبات التي حلت بالإنسان والحية: عَقِبْ السقوط حكم الله على آدم وحواء والحية، ولم يحكم على ابليس لأنه سبق الحكم عليه، وجاءت العقوبات كالتالي:
للحية : "فقال الرب الإله للحيَّة لأنك فعلت هذا ملعونة أنتِ من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تَسعين وترابًا تأكلين كل أيام حياتك. وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسك وأنتِ تَسحقين عَقبه" (تك 3:14، 15) ففي طيات العقاب جاء الوعد بالخلاص إذ يسحق نسل المرأة رأس الحية.
للمرأة : "وقال للمرأة تكثيرًا أُكثّر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولادًا. وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك" (تك 3: 16)
لآدم : "وقال لآدم لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلًا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكًا وحسكًا تنبت لك وتأكل عُشب الحقل. بعرَق وجهك تأكل خبزًا حتى تعود إلى الأرض التي أُخذت منها لأنك تراب وإلى تراب تعود" (تك 3: 17، 18) وطُرِد آدم وحواء من الفردوس وأقام الله كاروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة لئلا يأكل آدم منها فيحيا إلى الأبد بخطيئته، وظل آدم يحرث الأرض ويزرعها لتخرج له شوكًا وحسكًا، فيأكل خبزه بعَرق وجهه، وهكذا أولاده، ولم يَفلح أحد منهم قط في العودة إلى الفردوس المفقود Paradise lost إلاَّ بالتجسد الإلهي والفداء.
ه - تسلُط الشيطان: نُعيد ما قلناه سابقًا سنة 1996 في كتابنا "التجسد الإلهي.. هل له بديل؟" ص 10 "صار للشيطان سلطانًا على آدم كقول الإنجيل " أنتم عبيد لمن تطيعونه" (رو 6: 16) فأصبح آدم عبدًا للشيطان، وكما إن العبد مِلكًا لسيده ليس هو فقط، ولكنه هو وأولاده أيضًا. هكذا صار آدم وجميع بنيه مِلكًا للشيطان، وقام الشيطان بهذه المهمة خير قيام فوكَّل على كل واحد من نسل آدم روحًا من الأرواح الشيطانية يحثه على ارتكاب المعاصي والآثام، ومتى انتهت حياته يكشف عن منظره البشع فيرتعب الإنسان وتفيض روحه في يد الروح الشرير الذي يهبط به إلى الجحيم (حتى أرواح الأطفال الأبرياء والأنبياء القديسين) لقد ملك الشيطان على جنس آدم لكن ليس قهرًا ولا جبرًا ولا ظلمًا إنما اقتناه لنفسه بالحيلة والمكر والدهاء" (1)
و - فساد الطبيعة البشرية: ونُعيد القول " سَكَنَتْ الخطية في الإنسان وأثرت على جميع جوانب حياته، وفسدت طبيعته بالكامل فعاش في خوف وقلق وتوتر واضطراب وألم ومرض بل قُل أنه عاش في الموت. وامتد أثر الخطية إلى الطبيعة فالأرض لم تعد تعطي ثمرها بل شوكًا وحسكًا تنبت لك وها الحيوانات تغيرت طبيعتها فأصبحت متوحشة، والرياح والأعاصير والفيضانات والبراكين تطارد البشر" (2).
بالسقوط فقد الإنسان حياة القداسة والبر والبراءة والطهارة والسمو والبساطة والسلطة، فأصبحت نظرته مادية جسدية ترابية، وثارت فيه غرائزه الطبيعية فأخذ يعاني من ضغطات الخطية من الداخل والمؤثرات الخارجية من الخارج، وصار عبدًا للخطية يتردى فيها من سيئ إلى أسوأ فأسوًا.. صار عبدًا لأهوائه وشهواته ولذاته الجسدية، وبالسقوط فقد الصورة الإلهية داخله فتمردت عليه الحيوانات والطبيعة، وفقد سلامه الداخلي مع الله ومع نفسه ومع الآخرين، حتى شعر بالعداوة تجاه السماء، واجتاحت حياته العزلة والأنانية والقلق، واجتاحته القلاقل والخصومات، وبعد أن كان يقول عن حواء "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تك 2: 23) أصبح يقول "المرأة التي جعلتها معي هي التي أعطتني من الشجرة فأكلت" (تك 3: 12)، وبالسقوط دخلت المعرفة الشريرة إلى الإنسان، فبعد أن كان لا يعرف إلاَّ الخير والصلاح أصبح يعرف الشر، وتحَّول الإنسان من صورة الصلاح إلى صورة الفساد.. ومن يقدر أن يجدد هذه الطبيعة الفاسدة؟‍‍‍
لقد وقف الإنسان عاجزًا أمام خطيته الغير محدودة.. ومن يخلصه منها؟‍
ووقع تحت سلطان الموت الروحي والجسدي والأدبي.. فمن يخلصه من قبضة الموت؟‍ ومن يحطم شوكته؟‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
وصار الإنسان عبدًا لإبليس السيد القاسي المتسلط.. فمن يخلصه من قبضة إبليس؟‍
ووقف الإنسان منكسرًا أمام العدل الإلهي.. فمن يستطيع أن يوفي العدل الإلهي حقه؟‍.. لا أحد.. لا أحد يقدر أن يصنع خلاصًا هذا مقداره. فقط القادر على كل شيء هو الذي يقدر، وكم نشكره لأنه ارتضى أن تكون قضيتنا قضيته.
أما الذي يحتج بأن العدل الإلهي لا يمكن أن يقاصص ابن القاتل عن خطية أبيه القاتل، وان معنى توارث الخطية أن الإنسان يرث خطية أباه وجده وأمه وجدته.. فلمثل هذا نقول إن المشكلة إننا جميعًا كنا في صلب آدم يوم أن أخطًا، وورثنا منه الخطية الجدية، وأيضًا الطبيعة الفاسدة التي تدفعنا للخطأ ، ولذلك لم نرَ إنسانًا قط بدون خطية، وسواء هلك الإنسان بخطيته الشخصية أو بخطيته الشخصية والخطية المتوارثة، فالنتيجة واحدة وهي الهلاك الأبدي، والذي يُحكَم عليه بالموت مرة لا يضار لو حُكِم عليه بالموت عشرات أو مئات المرات.
بدائل التجسد: قد يتساءل البعض: ألم يكن هناك أي بديل آخر لرحلة التجسد والفداء التي دفع تكلفتها بالكامل الله العظيم الممجد في سماه؟!..
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:10 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

لماذا لم يفني الله آدم وحواء ويخلق إنسانًا جديدًا يطيعه؟

كتاب حتمية التجسد الإلهي
ج : هذا البديل لا يصلح لحل هذه القضية للأسباب الآتية:
أ - لقد خلق الله هذا الإنسان ليحيا إلى الأبد، فعندما يجبر الشيطان الله على تغيير هدفه ويفني الإنسان، فهذا يعتبر انتصار للشيطان على الله، وما رأيك عندما يعمل الله عملًا فيفسده الشيطان، ولا يقدر الله على إصلاح هذا الفساد؟.. ألاَ يعتبر هذا تحدي لقدرة الله وكرامته وحكمته؟! إذا صمم مهندس حكيم ماكينة ريّ على مستوى عالٍ جدًا من الكفاءة، وبعد ذلك حدث بها عطل فهل هذا المهندس الحكيم يدمرها أم أنه يجتهد لكيما يصلح العطل الذي حلَّ بها؟ وإن كان هذا تصرف الإنسان الحكيم فكيف نستبعد هذا التصرف عن الله مصدر الحكمة؟ّ!
ب - عندما يفني الله الإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله لأنه سقط بغواية إبليس.. ألاَ يعتبر هذا قسوة واتهام صارخ ضد المحبة الإلهية التي أوجدت الإنسان من العدم؟.. ألم يكن من الأفضل أن لا يخلق الله الإنسان بدلًا من أن يفنيه بعد خلقته؟! ألاَ يعتبر إفناء الإنسان دليل على اليأس وقلة الحيلة، بينما استخدام المحبة لعلاج القضية دليل على القوة؟! وهل تنسى أن الله محبة، وهو نبع الحب والخير غير المتناهي.. فكيف تقصُر محبة الله عن إنقاذ الإنسان محبوبه؟!.. يقول د.راغب عبد النور "أن المسيحية تعلمني أن الله من الإنسان مكان الوالد الحنون، ويرتبط بنا ارتباط المسئول عنا، وإن إلهنا المحبوب لا يتنازل عن أبوته حتى لو تنازل الإنسان عن بنوته، وإن إلهنا غير مستعد لكي يدمر الإنسان حتى لو انتهى الإنسان إلى حالة العطب وعدم النفع. تعز على إلهنا الفتيلة المدخنة، فيتولاها ويرعاها إلى أن تتحول إلى سراج منير.. كما إنه لا يدفع بالقصبة المرضوضة إلى النار، لكنه يعالجها بلطفه الشديد إلى أن تتحول إلى شجرة كثيرة الثمر، ممتدة الأغصان ووارفة الظل" (1).
ج - إفناء الإنسان ضد صلاح الله، فيقول القديس أثناسيوس "وكان أيضًا أمرًا غير لائق أن الخليقة التي خُلِقت عاقلة.. يصبح مصيرها الهلاك وترجع إلى عدم الوجود بالفساد. لأنه مما لا يتفق على صلاح الله أن تفنى خليقته بسبب الغواية التي أدخلها الشيطان على البشر.
وبصفة خاصة كان غير لائق على الإطلاق أن تتلاشى صنعة الله بين البشر، إما بسبب إهمالهم، أو بسبب غواية الأرواح الشريرة.
ولو كان مصير الخليقة العاقلة قد بات إلى الهلاك، وصار مآل هذه المصنوعات إلى الفناء، فما الذي يفعله الله في صلاحه إذًا؟" (تجسد الكلمة 6: 3-6).
د - عندما يخلق الله إنسانًا جديدًا.. هل سيخلقه حرًا مُريدًا؟ ولو كان حرًا فما أدراك أن لا يأتي الشيطان ثانية ويسقطه بحيلة أخرى، ولاسيما انه المحتال الذي يملك ألف حيلة وحيلة؟
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:12 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

لماذا لم يخلص الله آدم وحواء بالقوة، فمجرد كلمة منه قادرة على رد آدم وحواء اللذان سباهما الشيطان؟
ج : هذا الحل البديل لا يصلح للأسباب الآتية:
أ - ما أُخذ بالقوة يسترد بالقوة. أما الشيطان فانه لم يأخذ الإنسان بالقوة.. لم يأخذ من ثمار الشجرة المحرمة، ولم يفتح فم آدم رغمًا عنه، ولم يدفع إلى فمه الثمرة المحرمة. بل أن الشيطان في الأصل لا يقدر أن يسبي الإنسان بالقوة، لأن الإنسان في حماية القدير طالما كان ملتزمًا بطاعته. إنما أسقط الشيطان الإنسان بالحيلة والمكر والدهاء والخداع والغواية " الحية غوَّتني فأكلت" (تك 3: 13) وكما أن الله كامل في قوته فهو كامل في عدله أيضًا، فلو ردَّ الله الإنسان بالقوة فإن هذا يعتبر ضد عدل الله الكامل.
ب- خلق الله الإنسان حرًا مُريدًا، فعودة الإنسان لله لابد أن تتم بكامل حريته وإرادته، فربما يرده الله بالقوة فيقول آدم له: ومن قال لك أنني أريد أن أسير معك.. أنا لا أحب الطريق الكربة ولا الباب الضيق، وربما تقول حواء: أنني معجبة بشغل الشياطين ولا أريد أن أتركهم.. من أجل هذا يا صديقي يطيل الله أناته علينا لكيما نعود إلى أحضانه الأبوية بكامل حريتنا وإرادتنا، ويقول د. راغب عبد النور "أن يتدخل الرب الإله تدخلًا مباشرًا، وينتشل الإنسان مما فيه، ورغم ما به وما عليه، وهو إجراء لا يتمشى مع عدالة وطهارة الله، وحتى إن تصوَّرنا إلهنا قابلًا أن يقوم بهذا الدور. إلاَّ أن الإنسان الذي سقط وتدنس، لا يستطيع أن يعايش الله في نوره وفي قداسته، لأن كل ما فيه ينجذب نحو الظلام انجذابًا تلقائيًا، وقد يقبل الرب أن يقبل إلينا رغم ما فينا، فإننا في هذه الحالة سنهرب من وجهه هروبًا، ولو إلى الموت" (1).

كتاب حتمية التجسد الإلهي
ج - يناقش القديس أثناسيوس اقتراح البعض بأن الله كان يمكنه أن يخلص الإنسان بكلمة منه فيقول " يقولون إن كان الله قد أراد أن يصلح البشرية ويخلّصها، وجب أن يتمم ذلك بمجرد نطق ملكي كريم، دون حاجة إلى تجسد "الكلمة" أي بنفس الطريقة التي اتبعها سابقًا عندما أوجدها من العدم. أما عن اعتراضهم هذا فنجيبهم جوابًا معقولًا قائلين: سابقًا لم يكن شيء موجودًا على الإطلاق، فالذي كان مطلوبًا لخلقة كل شيء هو النطق الملكي، ثم مجرد الإرادة لإتمام ذلك. أما وقد خلق الإنسان، وأصبح الأمر يحتاج إلى علاج ما هو موجود، ووصل الأمر إلى تلك الحال، لا ما هو ليس موجودًا، لهذا السبب، ولكي يُبرئ الموجود، دعت الضرورة بطبيعة الحال أن يظهر الطبيب، والمخلص تأنس واستخدم جسده أداة بشرية" (تجسد الكلمة 44: 1، 2).
وقال
القديس كيرلس الكبير " كان يلزم من أجل خلاصنا أن كلمة الله يصير إنسانًا لكي يجعل جسد الإنسان الذي تعرض للفساد خاصًا له، ولكونه هو الحياة والمحيي يبطل الفساد الذي فيه" (1).
د - عندما فسدت الطبيعة البشرية بالسقوط احتاجت للحياة لكيما تتحد بها وتطرد الفساد والموت من داخلها، وهذا الأمر لا يحتاج لكلمة من الله، إنما يحتاج للتجسد الإلهي، فيقول القديس أثناسيوس " ثم يجب أن نعلم أيضًا، أن الفساد الذي حصل لم يكن خارج الجسد بل لصق به، وكان مطلوبًا أن تلتصق به الحياة عوض الفساد، حتى كما تمكن الموت من الجسد، تتمكن منه الحياة أيضًا.
والآن لو كان الموت خارج الجسد لكان من اللائق أن تتصل به الحياة من الخارج. أما وقد صار الموت ممتزجًا بالجسد وسائدًا عليه، كما لو كان متحدًا به، فكان مطلوبًا أن تمتزج الحياة أيضًا، حتى إذا ما لبس الجسد الحياة بدل الموت، نزع عنه الفساد، وفضلًا عن هذا فلو افترضنا أن "الكلمة" جاء خارج الجسد وليس فيه، لكان الموت قد غُلب منه (من المسيح) وفقًا للطبيعة، إذ ليس للموت سلطان على الحياة، أما الفساد اللاصق بالجسد فكان قد بقى فيه رغم ذلك.
لهذا السبب كان معقولًا جدًا أن يلبس المخلص جسدًا، حتى إذا ما اتحد الجسد بالحياة لا يبقى في الموت كمائت، بل يقوم إلى عدم الموت إذ يلبس عدم الموت.. لهذا لبس "المسيح جسدًا لكي يلتقي بالموت في الجسد ويبيده" (تجسد الكلمة 44: 4-6).
ه - بالتجسد ردَّ الله الضربة للشيطان بالفعل، فيقول القديس يعقوب السروجي "كما أن الشيطان دخل الحية وصرع الجنس البشري وأماته، هكذا أراد الله أن يأخذ جسد الإنسان ويختفي فيه ليقبض على الشيطان الحية القديمة ويهلكه" (1).
  رد مع اقتباس
قديم 28 - 06 - 2014, 03:13 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,800

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب حتمية التجسد الإلهي

لقد أخطأ آدم رغم التحذير، فلماذا لم يتركه الله لمصيره المشئوم، وليكتفِ بأنه يعطه الناموس والوصايا؟
ج : كان لا يمكن أن يترك الله آدم لمصيره المشئوم للأسباب الآتية:
أ - ضد صلاح الله: فهذا الترك لا يليق بالله الكلي الصلاح، ويقول البابا أثناسيوس الرسولي "إذا أسَّس ملك منزلًا أو مدينة وأحدق بها اللصوص بسبب إهمال سكانها، فإنه لا يهملها أو يتغاضى عنها بأي حال، بل يقوم ويهتم وينتقم من العابثين بها لأنها صنعة يديه غير مبال بإهمال سكانها، عمل بما يليق بذاته. وهكذا الله، كلمة الآب الكلي الصلاح، لم يهمل الجنس البشري صنعة يديه، ولم يتركه للفساد، بل أبطل الموت بتقديم جسده، وعالج إهمالهم بتعاليمه، ورد بسلطانه كل ما كان للإنسان" (تجسد الكلمة 10: 1).
وقال أيضًا " أيحتمل أن يَرى الفساد يسود البشر، والموت ينشب أظافره فيهم؟ وما الفائدة من خلقهم منذ البدء؟ لأنه كان خيرًا لو لم يخلقهم من أن يُخلقوا ثم يُهملون ويفنون.
لأن الإهمال لا يعلن صلاح الله بل ضعفه. إن كان يسمح لخلقة يديه بالفناء بعد أن خلقها، وكان بالأحرى يتبين ضعفه لو لم يكن قد خَلق الإنسان على الإطلاق..

كتاب حتمية التجسد الإلهي
فقد كان يُعد أمرًا مشينًا جدًا أن يفنى المخلوق على مرأى من الخالق.
لهذا أصبح أمرًا محتمًا ألا يُترك الإنسان لتيار الفساد، لأن ذلك يعتبر عملًا غير لائق، ولا يتفق مع صلاح الله".(2)
  1. ضد محبة الله: هل يمكن أن نتصوَّر الله بأن يقف موقف المتفرج من الإنسان الذي هو وليد المحبة الإلهية بل ينتظر حتى يمتلئ كأس خطاياه فينقَض ويصب جام غضبه عليه؟!.. هل يمكننا أن نتصوَّر الله بهذه القسوة والجحود واللامبالاة؟!.. ليس هكذا إلهنا.. ليس هكذا قط ، والمصلوب شاهد عيان على كذب هذا الافتراء.
ج- ضد رحمة الله: الذي أدان الغني لأنه أهمل لعازر البلايا ولم يشفق عليه، كيف يهملنا نحن خليقته؟!.. الذي طالب بطرس بأن يغفر للمسيء إليه سبع مرات سبعين مرة لكيما يكسبه للملكوت كيف يهملنا لمصيرنا المشئوم؟!
د - ضد كرامة الله: الإنسان مخلوق إلهي حامل الصورة الإلهية عندما يسقط بغواية الحية فيهمله الله ويتركه إلى مصيره التعس ويُهان الإنسان.. أليس إهانة الصورة هي إهانة للأصل؟! عندما يحرق إنسان علم الدولة هل يُحاسَب لأنه أحرق قطعة من القماش أم لأنه أهان رمز الدولة؟
ه- ضد حكمة وذكاء الله: إذ كيف يقف الله عاجزًا عن حل المشكلة التي اختلقها ابليس الذي أطاح بالإنسان إلى قاع الجحيم؟!.
ولم يكن الناموس كافيًا لخلاص الإنسان، لأنه ما جدوى النصائح والوصايا للإنسان الغارق في الخطية؟.. يقول القديس يعقوب السروجي " إذا أردت أن تنقذ غريقًا أو تُنهِض إنسانًا مطروحًا، فلا ينفع أن تقدم له النصيحة. بل عليك أن تخلع ثيابك وتلبس ثياب البحر، وبعد أن تنزل تقيمه معك".. كل ما يفعله الناموس أنه يكشف الخطية ويعرّيها ولكنه لا يعالجها ولا يقضي عليها. الناموس يقول لهذا أنت مقيد بالخطية، ويقول لذاك أنت ملفوف بأكفان الموت، ويقول لثالث لقد صرت ضليعًا في فنون الشر متشبهًا بإبليس، وفي كل هذا لا يقدر الناموس أن يفك الأسير، ولا يقدر أن يُقيم الميت، ولا يقدر أن يرد الضال، ولا يقدر أن يقدم البلسم الشافي الذي قدمه السيد المسيح على عود الصلب.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
من كتاب حتمية التجسد الإلهي
تعليق-ج1-على كتاب المسكين_ التجسد الإلهى للقديس كيرلس
كتاب التجسد الإلهى حب وعمل - أبونا تادرس يعقوب ملطى
ما هو الدافع القوي الذي دعى الله للتجسد، أو ما هي حتمية التجسد الإلهي؟
ما هو الدافع القوي الذي دعى الله للتجسد، أو ما هي حتمية التجسد الإلهي؟


الساعة الآن 08:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024