* مثمران وسعيدان هما العقل والقلب اللذان يمتلئان نهارًا وليلًا بالشوق نحو مسكن الرب! عندما يحل الموت بالخاطي لا يكون فكره مشغولًا بهذا المسكن، بل بالعقوبات. إنه لا يتأمل في ملكوت السماوات، وإنما في رعب لهيب جهنم...
انظروا مدى الحب والشوق اللذين ينخسان نفس القديس بالشوق نحو ديار الرب.
ممتاز هو قول المرتل: إني أتأمل في المدخل، أما ما هو في الداخل فلست أعرفه.
"قلبي ولحمي يهتفان بالله الحي..." ها أنتم تلاحظون أن النفس والجسم يشتركان معًا في الشوق نحو ملكوت السماوات. لو كان بالحق الجسم ينحل وينتهي في أهواء ولا يقوم ثانية كما يظن الهراطقة، فكيف يمكن لجسم النبي أن يشتاق إلى ملكوت السماوات؟
"قلبي ولحمي" إذ يتألمان ويتعبان بالتساوي، فإنهما على قدم المساواة ينتظران المكافأة.
إن كان جهادهما مشتركًا، فلماذا لا تكون مكافأتهما مشتركة؟ أتوسل إليكم أن تنصتوا باجتهاد لما سأقوله. الجسم في العالم الحاضر يتعب أكثر من النفس، فإن النفس تأمر والجسم يخدم. تعب الخادم شيء ومباهج الآمر شيء آخر. النفس تتوق إلى الرب!
الجسد يصوم، إنه الجسم هو الذي يرقد على الأرض في البرد، وهو السجين، وهو الذي يُجلد عند الاستشهاد، ويُذبح، ويُشتم، ويُعامل بعنفٍ. والنفس أيضًا تتألم، لكن الألم لا يصل إليها إلا من خلال الجسم.
القديس جيروم