|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديسة كتاري (كاترين) تاكاكوسا العذراء علمانية الزاهدة وصانعة إماتات المُلقبة بزنبقة الموهوك St. Kateri Tekakwitha Laywoman, virgin Ascetic & Penitent Lily of the Mohawks (عيدها 14 يوليو) 🌺الميلاد والنشأة: وُلِدت "تاكاكوسا" في قرية أوسيرنينون الواقعة جنوب نهر قبائل الموهوك (حالياً غرب نيويورك – الولايات المتحدة) حوالي عام 1656م، لأبٍ هو "كينيرونكوا" زعيم قبائل الموهوك (سكان أمريكا الأصليين)، وأمٍ هي "كاهِنتا"، وهي امرأة من قبيلة ألغونوكين (موطنهم هو شرق مونتريال- كندا حالياً)، وقد أغار عليها الموهوك واقتادوا سكانها ليننضموا إليهم. كانت كاهِنتا قد تعلمت الإيمان المسيحي عن يد الإرساليات الفرنسية الكاثوليكية ، وتم تعميدها على اسم المسيح، لكن زعيم الموهوك إختارها للزواج منها وأنجب تاكاكوسا وطفل آخر. فقدت تاكاكوسا والديها وشقيقها عندما اجتاح وباء الجدري قبيلة الماهوك كابين عامي 1661 – 1663م، وكانت بعمر الرابعة، كما قضى الوباء على أعداد كبيرة من القبيلة وتسبب في فاجعة كبرى. ورغم شفائها، إلا أن المرض ترك لها ندوب في الوجه وضعف في الإبصار . تبنتها عمتها والتي كانت زوجة لزعيم إحدى القبائل الأخرى، لكنه سكن في قرية جديدة تتبع الموهوك. يقول عنها المرسلين اليسوعيين، أنها كانت تتجنب التجمعات الإجتماعية، وتغطّي رأسها وجزء كبير من وجهها بسبب تشوهه بندبات الجدري. برغم ضعف بصرها، أصبحت ماهرة في فنون النسوية التقليدية، والتي تضمنت صنع الملابس والأحزمة من جلود الحيوانات ؛ نسج الحصير والسلال والصناديق من القصب والأعشاب؛ وتحضير الطعام وتعليب المحاصيل والمنتجات المجمعة. 🌺الإضطرابات والغزوات: نمت تاكاكوسا في ظل أوضاع مضطربة، بسبب أن قبيلتها كانت تتعاون مع المستعمرين من فرنسا وهولندا، وتبيع لهم الفراء. برغم ذلك فقد غزىَ المحاربين الفرنسيين قرى قبيلة الموهوك، ليحرزوا بعض التفوق على الهولنديين وأحرقوا المنازل وحقول الذرة، عندما كانت الفتاة بعمر العاشرة، وقد اضطرت للهرب مع عمتها وزوجها إلى غابة باردة في أكتوبر 1666م. ويُذكر أن حاولت عمتها تزويجها بعمر الثالثة عشر، لكنها رفضت. كراهية الموهوك لكل ما هو فرنسي، حدت بهم لارتكاب أعمال عنف واغتيال ضد أعضاء إرساليات الرهبنة اليسوعية الفرنسيين ، وبرغم وجود معاهدة سلام بين الموهوك والقوات الفرنسية، والتي تضمنت شرطاً بإخراج أعضاء الإرساليات من هذا الصراع، إلا أن عجز مقاتلي الموهوك عن مواجهة الفرنسيين المسلحين كان يدفعهم لقتل الرهبان لكونهم عُزّل من السلاح. كان أعضاء الإرسالية يتوافدون برغم الخطر ليحلوا محل الأعضاء الذين استشهدوا، وبصبر كانوا يتعلمون لغة الموهوك، وغيرهم من اللغات الأصلية القبلية، وكذلك كل عاداتهم ومعتقداتهم. ثم يبدأوا في الحديث معهم عن الإيمان المسيحي، باللغة والمصطلحات التي تُقارب فهم هذه الشعوب. عادت تاكاكوسا في العام التالي من هروبها لقرى الموهوك التي سمح لهم الفرنسيين بإعادة تعميرها، وفي تلك الفترة إلتقت ببعض الرهبان اليسوعيين. عندما حاولت اللقاء معهم مرة أخرى منعها زوج عمتها، لخوفه أن تصير مسيحية، لأن إبنته الكبرى تحولت للمسيحية بالفعل وتركت قريتهم متجهة لقرية كانويك التي يقع بها مقر بالبعثة اليسوعية. خلال اشتباكات وحصار، بين غزاة من قبيلة أخرى تسمى الموهان لفرض سيطرتهم الكاملة على قالقرية التي تعيش فيها تاكاكوسا التابعة للموهوك، وقع الكثير من القتلى والجرحى، ووجدت تاكاكوسا ذات الثلاثة عشر عاماً نفسها تساعد الأب "چان پيارون اليسوعي" في إسعاف الجرحى ودفن الموتى. إنفض الحِصار بعد ثلاثة أيام عندما أتت تعزيزات للموهوك من قراهم المجاورة، بل وطارد الموهوك باقي قوات الموهان وقتلوا نحو 80 شخص وأسروا ثلاثة عشر رجلاً وأربع نساء، عادوا بهم إلى القرية وأذلوهم وعذبوهم واستعدوا لإعدامهم في احتفال كبير. حاول الأب پيارون إثنائهم عن الوحشية في معاملة الأسرى والعفو عنهم لكن أهالي القرية لم يلتفتوا إلى نصائحه. فقرر زيارة الأسرى ليلة إعدامهم، وحاول طمأنتهم بتعريفهم بيسوع، وبالفعل عمّدهم قبيل وفاة البعض بسبب التعذيب وتنفيذ الإعدام فيمن تبقّى حيّاً. في عيد الموتى لدى قبائل الموهوك: في وقت لاحق من عام 1669م، تم عقد احتفال عيد الموتى الذي يُعقد كل عشر سنوات بحسب طقوس وعادات الموهوك. ومن مراسم العيد استخراج الجثامين التي مرّ على رقادها عشر سنوات، بعناية شديدة، إعتقاداً منهم أن ذلك يُحرر أرواحهم للتجول في أرض الروح جهة الغرب. توجه الأب ﭘيارون لمكان الاحتفال وانتقد ما يفعله أهالي القبيلة ولكنهم طلبوا إليه أن يلتزم الصمت، لكنه استمر في خطابه، وطالب من أجل تأمين الصداقة مع البعثة اليسوعية التي ساعدتهم في إسعاف الجرحى، والتخلّي عن عادة استخراج الجثامين وكذلك عبادة إله الحرب. تأثر الكثيرين بكلماته لمعرفتهم برسالته ومساعداته رغم قتلهم للعديد من إخوته في البعثة، ووعدوا بالتخلّي عن العادات الغير آدمية والمعتقدات الخاطئة. ويُذكر أنه حتى كبار رجال الموهوك بالوقت اعتنقوا الإيمان المسيحي. 🌺إيمان زعيم الموهوك: عام 1671م، عاد زعيم الموهوك "جانيجوا"، الذي قاد محاربيه إلى النصر ضد الموهان، من رحلة صيد طويلة في الشمال ليعلن أنه أصبح مسيحياً. لقد جاء إلى قرية إريكواس التي أنشأها اليسوعيون في لاﭘريري جنوب شرق مونتريال. هناك أجرى اتصالات ودية مع الكاهن "چاك فريمان اليسوعي" ، الذي عمل كمبشر في بلاد الموهوك، وقد تلقّى معلومات وتعاليم أساسية عن الإيمان المسيحي لشهور إلى أن اعتنقه فعلياً واعتمد عن يد مبشره. 🌺 الضغوط العائلية: عندما بلغت تاكاكوسا سن السابعة عشر، واجهت ضغوط كبيرة من عمّتها وشقيقة زوج عمتها، لأنهما كان منزعجتين لعدم اهتمامها بالزواج. واتفقتا مع شاب من قبيلة الموهوك أن يتقدم لها، وألتزمتا تاكاكوسا بأن تقدم له طبق من الذرة (وهو تقليد السكان الأصليين في ترحيب العروس بعريسها).رفضت تاكاكوسا أن تفعل ذلك واختبأت في حقل مجاور إلى أن تأكدت أن الشاب قد غادر المكان. عندها عاقبتها عمتها بالأعمال المنزلية الشاقة، مع الكلام الشديد القسوة عن كونها دميمة وتضيع فرصها المحدودة بالزواج، ولكن بمرور الوقت ومع شدة مقاومة الفتاة لفكرة الزواج، تخلّت العمّة عن جهودها لضغط عليها فيما لا تريد. 🌺المعمودية: في ربيع العام التالي وبينما كانت تاكاكوسا بعمر الثامنة عشر، كانت مُصابة في قدمها ولا تقوى على العمل في الحقول وجني الذرة، وفي تلك الأثناء إلتقت الأب "چاك دي لومبيرڤيل اليسوعي". أمام بعض الحضور لاوت له فقصتها ومحبتها لأفعال المرسلين وخدماتهن، ورغبتها في أن تكون مسيحية. حينها بدأت تدرس عن يده التعليم المسيحي الأساسي لتستطيع أن تتعمد على اسم المسيح. كتب الأب لومبيرڤيل في مذكراته بعد وفاتها، واصفاً إياها: ((كفتاة كانت معتدلة السلوك وتتصرف بشكل جيد للغاية .... فعلت كل ما في وسعها من أجل البقاء كمن تعيش دعوة خاصة في مجتمع علماني، مما تسبب غالباً في صراعات طفيفة مع سكان منزلها، وأشار إلى الألم النفسي والبدني الذي تعيشه كأثر لإساءات الأسرة لها لأنها تعيش بفكر مختلف)). عندما رأى الأب لومبيرڤيل أنها أتمت تكوينها الديني، ومازالت ترغب في المعمودية، عمّدها واختار لها اسم "كاترين" تيمًناً بالقديسة كاترين السيانية، والتي تُدعى باللغة الموهوكية "كتاري" لذلك أصبح اسم قديستنا "كتاري تاكاكوسا". بقيت بعد معموديتها في مدينة كوجناواجا، وفي تلك الفترة عارض بعض أهالي الموهوك تحولها للمسيحية، واتهموها بالشعوذة. إقترح الأب لومبيرڤيل عليها أن تذهب إلى البعثة اليسوعية في كاهناواكي، الواقعة جنوب مونتريال على نهر سانت لورانس، حيث تجمع آخرون من المُعمدين من السكان الأصليين، فانضمت إليهم كتاري عام 1677. 🌺إختيار أسلوب حياة متقشف: قررت كتاري أن تعيش حالة تقشف تليق بتكريسها الغير رسمي ، والذي كانت تحتفظ به كسِرِّ خاص بينها وبين يسوع. فقررت أن تفترش سجادة عليها أشواك للنوم، حيث كانت تنام وتصلّي عليها من أجل اهتداء عائلتها وباقي أبناء قبيلتها لمعرفة محبة المسيح. كما أن النهج التقشفي الذي اختارته كتاري، اعتمد أيضاً بالأساس على تقليل الطعام، وإقتسامه مع الفقراء، كذلك كانت تضيف أعشاب تُعطي مذاق غير مُستحبّ لطعامها، حتى لا تشعر بلذّة المذاق الطيب. كانت تشرف عليها روحياً وتساعدها سيدة مسيحية تُدعىَ "أنستاسيا"، وتشاركها بعض إماتاتها. عندما علمت بعض النساء المُعمدات التي تشاركهن الحياة في مقر بعثة كاهناواكي، رغبن في مشاركتها التقشف وتأسيس جمعية تكريسية غير رسمية للنساء المتعبدات بتقشُّف . بالطبع تسببت هذه الإماتات في ضعف صحتها الجسدية، لكنها كانت طريقها نحو قوة روحية ومحبة مشتعلة لله والقريب ، وكذلك ضبط للنفس والحواس، وهدوء وسلام غير عادي. كانت صديقتها "ماري تيريز تيجيانجوينتا" (مسيحية موهوكية إنضمت للمجتمع الجديد) تطلب إليها الإعتدال في ممارسة التقشف والإماتة، لكنها كانت تشعر بضرورة القيام بكل ما يرتقي بقلبها وشعورها ويجعل جسدها تحت تحكم روح الله. تدخَّل مُرشدها الروحي آمراً إياها بعد أداء أي إماتات سوى تلك التي يسمح لها بها، وهي التيت تتناسب مع مستوى صحتها، ففعلت ذلك طاعةً له بعد سنوات من الإماتات الشديدة القسوة. ترى الكنيسة كل أنواع التقشف هي أكاليل زهور من قلب الإنسان إلى الله، يضع فيها ما يراه مُعبراً عن استغنائه واكتفائه بالله، كما يعتبره تعبير عن اهتمامه بخلاص النفوس، من خلال تقديم هذه الإماتات محبة بالقريب الذي يعيش حال من الضياع الروحي. يقول أحد أباء البعثة اليسوعية ويُدعى "ﭙيار كولنِك " أنها قالت له: ((لقد فكرت وتداولت الأمر مع نفسي ومرشدتي ، لمدة طويلة، وقررت أن أكون مُكرسة ليسوع ابن مريم، ليكون عريس قلبي وأكون له وحده للأبد)). كان قرارها هذا في عيد البشارة، لتصبح "العذراء الأولى" بين الموهوك. 🌺إرسالية "دي سو سانت لويس" بـ كاهناواكي: إزداد عدد المتحولين للمسيحية في كاهناواكي ، وبدأت تُبنى البيوت والكنائس على الطراز المعماري الموهوكي ، وحينها تلاحظ ذلك لأعضاء كونفدرالية الإيروكوا الذين لم يتحولوا إلى المسيحية، وأصبحوا يشكلون خطر على هذا المجتمع الجديد. توالت المُضايقات والاعتداءات على المجتمع الجديد، ولكن كان لصلوات كتاري ورفيقاتها أثراً جيداً على إحلال السلام. 🌺الموت والظهورات: مع حلول أسبوع الآلام لعام 1680م، تداعت صحة كتاري تاكاكوسا بشكل خطير، وعندما علم الناس أنه لم يتبقى سوى بضع ساعات على انتقال كتاري إلى حضن الآب السماوي، اجتمع القرويون معاً، برفقة الكاهنين "شوشتيير" و"تشولينيك"، وكان الأخير يؤدي صلاة سر مسحة المرضى لها، ويناولها الزاد الأخير، بينما نطقت هي آخر كلماتها: ((يا يسوع إلهي ويا مريم أمي إني أحبكما)). بعدها توفيت بين يدي صديقتها المقربة ماري تريز، في الساعة الثالثة مساءً من يوم الأربعاء الموافق 17 إبريل 1680م، بعمر الرابعة والعشرين. يذكر المحيطين بجثمانها، أنه بعد مرور ما يقرب من ربع الساعة على وفاتها، بدىَ وجهها الذي تميز بالبثور الذي تركها مرض الجدري، والعلامات والتشوه والبشرة الشاحبة التي خلقها أسلوب الحياة المتقشف، تحول نحو الصفاء والنضارة بدون أي علامات. كما يُذكر أنه بعد مرور أسابيع على وفاتها، شهد ثلاث أفراد بأنها ظهرت لهم، هنّ: مرشدتها أنستاسيا، وصديقتها ماري تريز، والأب تشولينيك. تقول أنستاسيا، أن حالة من الكآبة انتابتها بعد فراق ابنتها الروحية، وبينما كانت تنظر لمكان معيشة كتاري، لتفاجأ بها راكعة كما كانت عادتها على سجادتها الخشنة، تصلّي حاملةً صليباً خشبياً لكنه كان يشع ضوءً ساطعاً كأنه شمس. عن صديقتها ماري تريز، قالت أنها استيقظت في الليل على طَرْق على جدار غرفتها، وسألها صوت عما إذا كانت مستيقظة أم لا، ثم أضافت أن الصوت قال لها: ((جئت لأودعك، أنا ذهبت إلى الفردوس)). خرجت ماري تريز من غرفتها تبحث عن مصدر الصوت، فسمعت همساً يقول بالفرنسية ((Adieu, Adieu)) وتعني وداعاً، ثم أضاف الصوت الهامس قائلاً: ((قولي لأبي الكاهن أني في الفردوس)). أما الأب شوشتيير، الذي كانت له كنيسة قريبة من مكان دفن كتاري، شهد بظهور مشابه، وبحلول عام 1684م، أصبح يؤدي حج روحي ما بين الكنيسة وقبر الفتاة القديسة. كما حوَّل الأباء اليسوعيون رفاتها إلى رماد، وحفظوه بإكرام داخل كنيسة البعثة اليسوعية، التي أعيد إنشائها حديثاً. 🌺التطويب والقداسة: تم إعلانها طوباوية عام 1980م، عن يد القديس البابا "يوحنا بولس الثاني"، تم إعلانها قديسة عام 2012م، عن يد البابا "بندكتس السادس عشر". مزارها الرئيسي حالياً هو كنيسة القديس فرنسيس كسفاريوس – إقليم الكيپك - كندا (كنيسة البعثة). هي شفيعة الأيتام، والمُجبرات على الزواج، والمضطهدين من أجل الإيمان، المنبوذين من أجل عيوبهم الجسدية، والمُعرضين للتنمُر، وكذلك سكان أمريكا الأصليين. تعيد لها الكنيسة الجامعة يوم 14 يوليو، كما تحتفل بها كندا احتفالاً محلياً في يوم تذكار وفاتها (17 ابريل). شهادة حياتها وبركة شفاعتها، فلتكن معنا. آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديسة كاترين وآلامها |
صورة القديسة كتاري تاكاكوسا |
دير القديسة كاثرين، مصر |
القديسة كاترين |
سيرة القديسة كاترين |