لقد تجسد الله ليفدينا من الموت... هذا الموت الذى دخل إلى العالم بحسد إبليس، وبواسطة المخالفة التى وقع فيها أبوانا الأولان آدم وحواء... "وأما شجرة معرفة الخير والشر، فلا تأكل منها؛ لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت" (تك 17:2)، "لأن أجرة الخطية هى موت" (رو 23:6).
هذا الموت صار بسبب الانفصال بين الله (مصدر الحياة) والإنسان
وهكذا وقع أدم ونسله تحت حكم الموت... وكان لابد أن يموت أو يفديه آخر.
+ لماذا لم يسامح الله أدم بدون فداء وموت؟
الله لا يتنازل عن الخطية ... لأنه قدوس ورافض للشر... يمكن أن يحولها إلى آخر (مبدأ الفداء والضحية)، ولابد أن يقتص من الخاطئ أو من ينوب عنه؛ ليعلن أنه رافض للخطية وللشر، حتى ولو كان يحب الخاطئ ويريد عودته عن طريق ضلاله
فعلى أى أساس يسامح الله آدم؟... هل لأن الله موافق على الخطية؟ أو أنه غيّر موقفه من الخطية؟ أم يسامحه لأنه تاب ونقلت خطيته إلى ذبيحة تفديه؟ إذاً ما الداعى للفداء؟ أليس من الأفضل أن يموت أدم ويخلق الله آخراً غيره؟
ما كان هذا الحل يتمشى مع حب الله لآدم ورغبته فى أن يحيا... وهل للشيطان أن يسيّر الأمور على هواه ويفُشّل خطة الله؟ حاشا ومستحيل...
العدل والقداسة يقتضيان أن يموت آدم... والرحمة والمحبة يقتضيان أن يحيا آدم... لذلك فكان ما اختاره الله: أن يقوم آخر بفداء آدم ليتجلى العدل والقداسة والمحبة والرحمة فى أروع صورة...
+ الآن... من هو الفادي:
لقد عمل الله أول ذبيحة أمام أدم ليعّرفه فكرة الفداء... وكأنه يقول له... هذا الحيوان مات... وما حدث له كان مفترضاً أن يحدث لك... ولكنه مات عنك... وها جلده يغطى عريك "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما" (تك 21:3)... لكى يعّرفه أن سفك دم الذبيحة سيؤدى إلى غفران الخطية ومعالجة آثارها (العرى) ويغطى فعلها (كفارة).
ولكن هل الخروف ينوب عن الإنسان؟.. إنها كانت مجرد رمز وإشارة إلى الفادى الحقيقى... كل ذبائح العهد القديم وكل فكرة الأضحية إنما كانت إشارة إلى الفادى الحقيقى...
+ إذن من هو الفادي؟
لابد أن يكون الفادي:
1- إنساناً: لكى يفدى الإنسان.
2- باراً بلا لوم: وإلا احتاج هو نفسه إلى من يفديه.
3- غير محدود: ليفدى كل جموع البشر من آدم إلى آخر الدهور، ولأن خطية آدم عقابها غير محدود إذ أنها موجهة إلى الله غير المحدود.
ولم تكن هذه الصفات ممكنا أن تتحقق فى أى مخلوق، فالملاك بار ولكن محدود... وإذا تجسد ليفدى الإنسان فما ذنبه؟
هل من العدل أن يخطئ آدم فيموت ميخائيل؟ وهل الله رحيم على آدم وغير رحوم على ميخائيل مثلاً؟
لذلك حمّل الله نفسه هذه المهمة الصعبة... فهو وحده بار وغير محدود وإذا تجسد ومات... فهو لم يظلم أحداً بل ظلم نفسه وتحمّل تبعات خطية أدم بنفسه لأنه يحبنا ويرغب فى خلاصنا...
وهكذا جاء إلينا الله متجسداً ليموت عنا... واتحد بجسد بشريتنا القابل للموت لكى يذوق الموت من أجلنا ويرفع حكم الموت عن جنسنا.