أغلق أبوابك من الأفكار الخاطئة
لذلك حذار أن تفتح بابًا للفكر.
تفتح الباب له، معناه أنك بدأت تخضع له، وبدأت تحب به وتخون سيدك...
بل عليك أن تتذكر ما قيل عن عذراء النشيد:
" اختى العروس جنة مغلقة، ينبوع مختوم" (نش4: 12).
إنها مغلقة أمام كل فكر شرير يطرق باب الذهن ، وأمام كل شهوة خاطئة تطرق باب القلب... لا تفتح بابها لكل أحد. بل لا تفتح إلا لكل فكر مقدس طاهر..
أما من جهة الأفكار الخاطئة، فإن الملائكة تغني لهذه النفس قائلة:
"سبحي الرب يا أورشليم، سبحي إلهك يا صهيون، لأنه قوي مغاليق أبوابك، وبارك بنيك فيك" (مز147: 12، 13).
هذه البواب المغلقة هي أبواب النفس الأبية التي لا تفتح لكل طارق من الأفكار العدو. بل هي نفس مخلصة لربها. لذلك بارك بنيها فيها، بنيها المولودين فيها من الروح القدس، أي المشاعر المقدسة.
أغلق أبوابك أمام الفكر الخاطئ، لأنه لا يستريح حتى يكمل.
الفكر هو مجرد خادم مطيع ترسله الشهوة ليمهد الطريق أمامها.
من الصعب أن يبقي الفكر فكرًا، دون أن يتطور إلى ما هو أخطر. الفكر إذن هو مجرد مرحلة في حروب العدو. فاحترس منه جدًا، حتى لا يقودك سهلًا إلى مرحلة أخري لا تدري مدي خطورتها.
الفكر يتطور في تنقلاته، من الحواس إلى الذهن، إلى القلب، إلى الإرادة.
إذا استبقيت الفكر في أذنيك ولو قليلًا، يزحف إلى عقلك، وهنا قد يتناوله الخيال فيلد منه أبناء عديدين، وينمو الفكر داخلك، حتى يصل إلى قلبك وإلى مشاعرك وعواطفك وغرائزك وشهواتك. وهنا تكون الحرب قد وصلت إلى قمتها...
إذن بتداولك مع الفكر، يأخذ سلطانًا عليك، لأنه أصبح داخلك. اجتاز حصونك، وصار داخل المدينة مختلطًا بأهلها!!
ما أخطر هذه المرحلة عليك!
إنه في هذه الحالة يكون قلبك هو الذي يحاربك، أو تكون لك حربان داخلية وخارجية، والداخلية أصعب. ويكون وصول الفكر إلى قلبك هو أقصي ما يتمناه.
وحينئذ يجتمع أولاده حوله ضدك. وأولاده هم شهوات القلب.
فإن سقط القلب في يد الفكر، تسقط بالتالي الإرادة بسهولة، إذ يضغط القلب عليها.
الإرادة تكون قوية، حينما يكون القلب قويًا، وحينما يكون الفكر في الخارج. ولكن حينما يضعف القلب، تضعف الإرادة تلقائيًا. وإن لم تفتقدها النعمة بقوة من فوق، ما أسهل أن تستسلم وتسقط في خطية عملية.
إذن أغلق أبوابك من بادئ الأمر، حتى لا تتطور إلى مراحل خطرة.
قال القديس دوروثيئوس: [من السهل أن تقلع عشبه صغيرة، ولكن إن أهملتها حتى تصير سنديانة ضخمة حينئذ يكون من الصعب عليك اقتلاعها].
لذلك اقتلع الأفكار من أول خطوة تخطوها إليك، وما أجمل ما قيل عن ذاك في المزمور: "طوبي لمن يسمك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز137: 9).
أي يسمك الخطايا وهي أطفال، وهي أفكار، قبل أن تنمو، ويدفنها عند الصخرة، والصخر كانت المسيح (1كو10: 4).