|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
النازفة الدم والأطباء كانت قصة هذه المرأة طويلة مع الأطباء طوال اثنتي عشرة سنة، وقد انفرد مرقس في حديثه عنها، بأنها لم تنتفع شيئًا، بل صارت إلى حال أردأ، وما من شك بأن المريض في العادة Yذا طال مرضه، إنما يتراجع على الدوام لنقطة الأردأ، واذا كان مرضه ميئوسًا منه، فإن آلامة النفسية تضاعف وهن الحياة ورداءتها عنده، ولا يغرب عن البال، أن الطب وإن كان قديم التاريخ، فالآثار تتحدث إلينا عن معرفة المصرية له، قبل عام 2500 قبل الميلاد، كما أن البابليين قد وضعوا عام 2000 قبل الميلاد القوانين والأصول التي يسير عليها الأطباء في العلاج والجراحة، كما أن الهندوس القدامي في الهند كانوا علي درجة ما من معرفة معالجة بعض الأمراض، ولعل المصريين كانوا أول من استخدم الأعشاب الطبية في كثير من الحالات التي واجهتهم عند المرض، وإن كان قد سرى في القديم في عصور مختلفة من التاريخ العقيدة بارتباط المرض بعمل الشياطين!!.. ومع أن هناك كثيرين من الأطباء القدامي الذين برعوا في العلاج إلا أنه من العجيب أن كتاب المشنا عند اليهود، جاء فيه أن جميع الأطباء يستحقون جهنم، ولعل هذا قد ذكر نتيجة للكثيرين الذين كانوا أدعياء على الطب أو دخلاء فيه، ممن كانوا همهم نزف أموال المرضى، أكثر من أعطائهم القوة والحياة والصحة، ومن ثم كان الكثيرون من المرضى يصيرون فعلاً إلى حال أردأ في كل شيء!!. على أن الكتاب على الأغلب، كان وهو يعرض هذه القصة يريد أن يشير إلى المعنى الروحي الأعمق إلى إفلاس الإنسان المريض، وهو يبحث عن أطباء يمكن أن يشفوه، فلا يصل معهم وبهم إلا إلى حال أردأ، فهناك طبيب المسرات العالمية، التي يبحث عنها الكثيرون ممن يظنون أن علاجهم في اللهو والطاس والكأس والملاهي.. ولقد قيل أن طبيبًا نفسيًا ذهب إليه واحد يشكو من الكأبة والسويداء، وبعد أن فحصه فحصًا دقيقًا قال له عليك بالإضافة إلى كل ما أعطيك من علاج، أن تجد راحتك في ملهى معين، يذهب إليه الكثيرون ليقضوا أوقاتًا مع ممثل عظيم، يضحكهم ويلهيهم، ولم يدر الطبيب أنه كان يخاطب هذا الممثل بعينه، والذي لم يكن قد عرفه من قبل، سوى مما يسمع عنه أو يذكره الناس،... أبصر أحدهم عامل المصعد يغني صاعدًا ونازلاً بالذين يصعدون وينزلون معه من البشر، وقال له أحدهم: «يبدو يا أخي أنك مبتهج وجد سعيد، لأنك تغني هكذا على الدوام»!! وقال له الآخر: «ياسيدي إنني أغني لأني أريد أن أمنع نفسي من الصراخ» نعم ان الباحثين عن طبيب المسرات يجدون أنفسهم آخر الأمر وقد وصلوا إلى حال أردأ!! وهناك طبيب المال، أو بتعبير أدق محبة المال، إذ يظنون أن علاجهم في القضاء على الفقر، هو تكديس الذهب والمجوهرات عندهم، ونحن نرى الناس في كل مكان في الأرض، تركض وراء هذا الطبيب بالظن أن له القدرة أن يحقق السعادة لبني الإنسان، ولكنهم نسوا أن مع هذا الطبيب سكينًا حامية غريبة، يطعن بها كل من يأتي إليه أو يلتصق به أو يتعبد له، وحق لذلك للرسول أن يقول: «لأن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة»... حقًا أن العلاج مع هذا الطبيب وصل بالمريض إلى حال أردأ.. وهناك طبيب آخر كثيرًا ما يخدع الناس بما يقدم من صنوف المعرفة والإدراك والفهم.. ونعني به طبيب العلم... والناس يعتقدون أنهم كلما ازدادوا نورًا ومعرفة وعلمًا، كلما أمكنهم التغلب على مشاكل الحياة، ومتاعبها، وآلامها، وضيقاتها ومآسيها، ولكن سليمان يرينا كيف يئس من الحكمة نفسها حتى بلغ درجة التساؤل: «فقلت في قلبي كما يحدث للجاهل يحدث أيضًا لي أنا وإذ ذاك فلماذا أنا أوفر حكمة فقلت في قلبي هذا أيضًا باطل لأنه ليس ذكر للحكيم ولا للجاهل إلى الأبد كما منذ زمان كذا الأيام الآتية الكل ينسى وكيف يموت الحكيم كالجاهل. فكرهت الحياة لأنه رديء عندي العمل الذي عمل تحت الشمس لأن الكل باطل وقبض الريح»... أجل ومن المثير حقًا، أن أكثر الناس عذابًا في الأرض هم العلماء الذين أوغلوا في المعرفة والإدراك والعلم ووصل بعضهم إلى الجنون، كما حدث مع «نيتشه» الفيلسوف الألماني، أو الانتحار كما حدث مع عشرات غيره، من أعظم المبرزين في هذا أو ذاك من فروع العلم والمعرفة، أجل لقد وصلوا حقًا إلى حال أردأ كما حدث مع نازفة الدم التي تألمت من أطباء كثيرين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديسة فيرونيكا النازفة الدم |
سرّ العماد يعيد طفلاً إلى الحياة والأطباء مذهولون! |
صبي يبيض في أندونيسيا والأطباء حائرون |
النازفة الدم والمسيح |
النازفة الدم ومن هي |