رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
1- في رأيي أن نعمة الشروح القدس تكون دائمًا مستعدة أن تملأ أولئك الذين يمارسون العمل الروحي من كل قلوبهم وأن يحددوا من البداية أن يقفوا ثابتين ولا يعطون مكانًا مطلقًا في أي معرفة حتى ينتصروا عليه. * لذلك فإن الروح القدس الذي دعاهم من البداية يجعل كل الأشياء سهلة لهم لكي يلذذ لهم في البداية عمل التوبة وأخيرًا يكشف لهم طرقه في كمال الحق. ويساعدهم في كل شيء ويدفعهم لأعمال التوبة التي يجب أن يمارسوها ويضع أمامهم الأشكال والحدود لكل من الجسد والنفس حتى يجعل كليهما يتجه نحو الله خالقهم. لأن الهدف هو حث كل من الجسد والنفس على الجهاد لكي يتقدس كلاهما ويكون كلاهما مستحقًا ليرث الحياة الأبدية. لكي يجهد الجسد في الصوم الدائم والعمل والسهر المستمر والروح أيضًا في التدريبات الروحية واليقظة في كل ممارسات الخدمة التي تمارس خلال الجسد. وهذه الممارسات التي يجب أن تكون في خوف الله وبحماس في كل أعمال الجسد إذ ما أردنا أن نحصل على الثمار. (من الرسالة الأولى). 2- إن قيادة الإنسان التائب هي لممارسة العمل الروحي، فإن الروح القدس الذي قاد ذلك الإنسان للتوبة هو الذي يمنحه أيضًا التعزيات وأن يعلمه ألا يرتد للخلف ولا يرتبط بأي شيء من أشياء هذا العالم. ولهذه النهاية فإنه يفتح عيني النفس ويجعلها تبصر جمال الطهارة التي يصل إليها خلال أعمال التوبة وبهذا الأسلوب فإن الروح القدس يزرع فيه الحماس لإكمال تطهير النفس والجسد. لأن الاثنين (النفس والجسد) يجب أن يكونا واحدًا في الطهارة لأن هذه هي تعاليم وقيادة الروح القدس. وهو أن يظهرها بالتمام وأن يعود بها إلى حالتها الأولى التي كانا عليه قبل السقوط وذلك عن طريق سحق كل أعمال الزنا التي زرعها حسد الشيطان. وعندئذ لا يبقى أي عمل من أعمال الشياطين فيهم. وعندئذ يصير الجسد خاضعًا ومطيعًا لما يمليه العقل في كل شيء والعقل يسود على الجسد لتحديد طعامه وشرابه ونومه وكل فعل من أعماله ودائمًا يتعلم من الروح القدس كيف يسود على الجسد ويقود الجسد للخضوع. 3- إنه معروف أن الجسد له ثلاث تحركات شهوانية، التحرك الأول من الطبيعة الموجودة في الجسد وهو لا يوجه أي خطية بدون موافقة النفس وفقط يجب أن تعرف أنه موجود في الجسد ذلك التحرك الطبيعي والتحرك الثاني الموجود في الجسد الذي يتولد من الأكل والشرب الزائد حين تتولد حرارة الدم فإن الجسد يثور لكي يحارب ضد النفس ويحثها نحو الشهوة الدنسة. حيث يقول الرسول بولس: "لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة" (أف 18:5)، وهكذا فإن الرب يطلب من تلاميذه في الإنجيل: "فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر" (لو 34:21) ولأولئك الرهبان والنشطاء لكي يصلوا إلى قامة الملء في القداسة والطهارة يجب أن ينتبهوا دائمًا لكي يحفظوا أنفسهم حتى يقولوا مع الرسول بولس: "أقمع جسدي وأستعبده" (1كو 27:9) أما التحرك الثالث فإنه يأتي من الأرواح الشريرة التي تحاربنا بدافع الحسد وتحاول أن تضعف أولئك الذين وجدوا الطهارة أو لكي تطرح من طريق الطهارة أولئك الذين يرغبون أن يدخلوا في باب الطهارة. 4- مع ذلك لو أن الإنسان سلم نفسه بالصبر والإيمان غير المنحرف نحو تنفيذ وصايا الله، فإن الروح القدس سوف يعلم عقله كيف يطهر نفسه وجسده من مثال هذه الإثارات. ولكن لو حدث في أي وقت أنه ضعف في شعوره وسمح لنفسه أن يهمل الوصايا والأوامر التي يتلقاها فإن الأرواح الشريرة سوف تبدأ أن تصرعه وسوف تضغط على كل أجزاء الجسد وسوف تقودها إلى الإثارة حتى تقود النفس إلى حالة لا تستطيع فيها أن ترجع وفي يأس النفس سوف لا تعرف كيف تأتى المعونة. ولكن في تعقلها سوف ترجع ثانية إلى الوصايا وسوف تحمل النير وتخضع للروح القدس وسوف تقتنى تدبير الوحدة وعندئذ سوف تفهم النفس أنها يجب أن تطلب السلام في الله فقط، وهذا هو فقط السلام الممكن الحصول عليه. 5- إن الجهاد لأجل نوال الطهارة الكاملة هو ما نحتاج إليه لكي نحمل أتعاب التوبة في كل من النفس والجسد بتوافق وتساوي. وحينما ينال العقل مثل هذه النعمة فإنه يستطيع أن يدخل معركة الجهاد ضد الشهوات بدون الانغماس الذاتي وسوف ينال العقل التوجيهات والتعزيات من الروح، وبمساعدة الروح القدس فإنه بنجاح ينزع من النفس كل حركات النجاسة التي تأتى من شهوات القلب. إنه بالإتحاد مع العقل أو مع نفسه والروح القدس فإن هذه الروح تساعد الإنسان في تنفيذ الوصايا التي يكون قد تعلمها بأن توجهه بأن ينزع من النفس كل الشهوات سواء تلك التي تأتى من الجسد أو من ذواتها وتوجد مستقلة في الجسد. وهى تعلم الإنسان أن يحفظ كل جسده مطيعًا (للوصية) من الرأس حتى القدم، وأن يعلم عينيه أن تنظر بطهارة وأذنيه أن تصغيا بسلام وأن لا تتلذذا بالوشايات والإدانات وذم الآخرين وأن يعلم لسانه ألا يقول إلا الصالح وأن يزن كل كلمة وألا يسمح لأي كلمة شهوانية أو غير طاهرة أن تمتزج بحديثه وأن يتحرك اللسان أولًا لكي يرتفع في الصلاة ولأعمال الرحمة، وإن يعلم المعدة أن تتناول الطعام والشراب بمقدار وألا تسمح إلا بتناول ما هو ضروري فقط لكي تعول الجسد ولا تدع الشهوة أو النم يتسرب إليها. وأن تعلم القدم أن تسير في البر حسب مشيئة الله هادفة لخدمة الأعمال الصالحة، وبهذا الأسلوب فإن الكل يتعود لكل صلاح وأن يخضع لقوة الروح القدس وبالتدريج فإنه سوف يتغير حتى يصل في النهاية أن يشترك في ذلك القياس في ذلك الجسد الروحاني الذي سوف تأخذه في القيامة العادلة. 6- بكل قوتي أصلى إلى الله من أجلكم لكي يرسل إلى قلوبكم ذلك الروح الناري الذي من أجله جاء الرب يسوع لكي يرسله للأرض (لو 49:12) حتى يكون لديكم القدرة أن تسيطروا بالحق على مقاصدكم وحواسكم وأن تميزوا بين الخير والشر. 7- حينما تهب الريح بهدوء فإن كل بحّار يستطيع أن يفكر في نفسه أنه شيء ويفتخر بمهارته ولكن فقط التغير المفاجئ للريح هو الذي يكشف مهارة البحارة. 8- إن الله يقود الكل خلال عمل نعمته ولذلك لا تكن كسلانًا أو متبلدًا ولكن أدعُ الله نهارًا وليلًا لكي يرسل لك الله محب البشر معونة من فوق لكي يعلمك ما يجب أن تفعله "لا تعطوا لأعينكم نومًا ولا لأجفانكم نعاسًا" (مز 131:4) وفي حماسك حتى تقدم نفسك طاهرة كتقدمة طاهرة حتى نراه "اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب"، كما يقول الرسول بولس (عب 14:12). 9- دعنا نستيقظ من النوم طالما نحن ما نزال في الجسد. دعنا نصرخ على أنفسنا ونبكى على ذواتنا من كل قلوبنا ليلًا ونهارًا لكي نتحرر من العذاب الرهيب والبكاء والعويل والنار التي لا نهاية لها. ليتنا نحذر من الباب الواسع والطريق الذي يقود للهلاك الذي يسير فيه الكثيرون ولكن دعنا نسير في الباب المستقيم والطريق الضيق الذي يقود للحياة وقليلون هم الذين يسيرون فيه. والذين يتبعون ذلك الطريق الأخير هم الفعلة الحقيقيون الذين يحصلون على المكافأة لجهادهم بفرح وسوف يرثون الملكوت. وأما أولئك الذين لم يستعدوا بعد للاقتراب منه فأنا أتوسل إليهم ألا يصيرون مهملين مادام يوجد وقت لئلا يجدوا أنفسهم في ساعة الاحتياج بلا زيت ولا يجدون من يبيع لهم. وهذا ما حدث للخمس عذارى الجاهلات اللاتي لم يجدن من يشترون منه وعندئذ صرخن وبكين قائلات: "يا سيد يا سيد أفتح لنا فأجاب وقال الحق أقول لكن إني ما أعرفكن" (مت 11:25-12) وهذا قد حدث للخمس عذارى الجاهلات ليس لسبب أخر غير الجسد. إنهن نمن أخيرًا وبدأن تشغلن أنفسهن ولكن بلا فائدة لأن رب البيت قد جاء وأغلق الباب كما هو مكتوب. الرسالة التاسعة للقديس أنطونيوس أحبائى فى الرب أرسل لكم السلام … إن الإنسان إن كان يريد أن يحب الله بكل قلبه و بكل نفسه و بكل قدرته ، فإنه ينبغى أن يقتنى مخافة الله أولا ، و المخافة تولد فيه البكاء ، و البكاء يولد الفرح ، و الفرح يولد القوة ، و فى كل هذه تكون النفس مثمرة ، و حينما يرى الله أن ثمرها جميل هكذا ، فإنه يقبلها إليه كرائحة طيبة ، و يفرح مع ملائكته بتلك النفس فى كل حين ، و يملأها بالبهجة ، و يعطى للنفس حارسا ليحفظها فى كل طرقها لكى يجعلها تصل إلى موضع الحياة و الراحة و ليمنع الشيطان من أن يقوى عليها . لأن الشرير حينما يرى هذا الحارس الإلهى ، أى القوة المحيطة بالنفس فإنه يهرب ، خائفا من الاقتراب من الإنسان . و الآن يا أحبائى فى الرب ، الذين تحبهم نفسى و أنا أعلم أنكم محبون لله ، اقتنوا فى أنفسكم هذه القوة ، لكى يخاف منكم الشيطان ، و لكى تكونوا مجتهدين و فرحين فى كل أعمالكم و لكى تحلو لكم الإلهيات . فإن حلاوة الله سوف تمدكم بأعظم قوة ، لأن حلاوة حب الله ” أحلى من العسل و الشهد ” ( مز 19 : 20 ) . إن كثيرين من الرهبان و العذارى فى المجامع لم يذوقوا حلاوة الله العظيمة هذه ، لأنهم لم يقتنوا القوة الإلهية ـ فيما عدا قليلون منهم هنا و هناك ـ لأنهم لم يتاجروا فى هذه القوة و لم يسعوا لطلبها ظانين أنهم قد إقتنوها ، و لذلك فإن الله لم يعطها لهم . لأن كل من يسعى للحصول عليها ، فإنه ينالها كعطية من الله ، فإن الله ليس عنده محاباة ، و لا يأخذ بالوجوه ، بل هو فى كل جيل ، يعطيها لأولئك الذين يستثمرونها . و الآن يا أحبائى فى المسيح أنا أعلم أنكم تحبون الله . فبما أنكم أتيتم إلى هذا الطريق ، فقد أحببتم الله بكل قلبكم ، و لهذا السبب فأنا أيضا أحبكم بكل قلبى ، و لأن قلوبكم مستقيمة ، فإنكم تستطيعون أن تقتنوا هذه القوة الإلهية لنفوسهم ، لكى تصرفوا كل زمان حياتكم فى حرية و فرح ، و يصير كل عمل من الله خفيفا و سهلا عليكم بتأثير هذه القوة التى يعطيها الله للإنسان هنا ( على الأرض ) ، و أيضا , فإن هذه القوة تقود الإنسان إلى تلك الراحة ، و تحفظه حتى يعبر كل ” قوات الهواء ” ( أف 2 : 2 ) . فإنه توجد قوات عاملة فى الهواء تحاول أن تعوق البشر و تمنعهم من المجئ إلى الله . لذلك فلنرفع صلاتنا إلى الله ، لكى لا يمنعونا من الصعود إليه . فمادام الأبرار يحصلون على القوة الإلهية فيهم ، فلا يستطيع أحد أن يعوقهم . و هذه القوة الإلهية حينما تسكن فى الإنسان فإنها تجعله يحتقر كل إهانات ، و كرامات البشر ، و يبغض كل أمور هذا العالم ، و كل راحة جسدية ، و يطهر قلبه من كل فكر شرير ، و من كل حكمة هذا العالم الفارغة ، فقدموا طلبات مع صوم و دموع ليلا و نهارا ، و إن الله الصالح لن يتأخر عن إعطائكم هذه القوة . و حينما تنالون هذه القوة ، فإنكم تصرفون زمان حياتكم فى راحة و سلام و حرية من كل هم ، و تجدون دالة عظيمة أمام الله ، و هو يعطيكم بنفسه هذه الدالة . و كان لى كثير أريد أن أكتبه لكم ، و لكنى كتبت هذا القليل بمحبة عظيمة أكنها لكم . كونوا معافين فى قلوبكم فى الرب , فى كل فعل محبة نحو الله . |
|