معموديته ورهبنته:
اقتبل يوحنا المعمودية في سن متقدمة قد تكون الثامنة عشرة أو الثالثة والعشرين. ولم يكن سبب ذلك والدته ولا لأنه كان غير مؤمن بل لأن النظرة إلى المعمودية اختلفت يومها عما هي عندنا. والحق أن ممارسة المعمودية في سن الرشد كانت أكثر شيوعاً من معمودية الأطفال. السبب كان التوقير الشديد الذي أحاط به المؤمنون السر من حيث هو سر إعادة الولادة. وثمّ اعتقاد شعبي شاع يومها أن المعمودية المبكرة يمكن أن تكون سبباً في خسران صاحبها النعمة في الكبر. وهذا ما يفسّر أن كثيرين كانوا يرجئون معموديتهم إلى وقت متأخر من حياتهم، وبعضهم، كقسطنطين الكبير، لم يعتمد إلا على فراش الموت. على أن يوحنا نفسه انتقد، فيما بعد، عادة المعمودية المتأخرة هذه وحث على معمودية الأطفال. ويفيد بالاديوس، صديق الذهبي الفم، عن يوحنا أنه بعد معموديته "لم يعرف القسم ولا افترى على أحد ولا تكلم زوراً ولا لعن ولا حتى سمح لنفسه بالمزاح".