روح الرب عليَّ لأنه مسحني
لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب ... ( لو 4: 18 )
في مزمور147: 3 يقول المرنم إن الله يشفي المنكسري
القلوب ويجبر كسرهم. ثم في العدد التالي يقول: "يحصي عدد الكواكب. يدعو كلها
بأسماء". ومن هاتين الآيتين يبدو لنا أن ثمة علاقة بين عدد الكواكب وبين القلوب
المكسورة. فكما أن عدد الكواكب كبير جداً وليس بوسع الإنسان أن يحصيه، هكذا أيضاً
جُرح القلب عميق جداً ويستحيل على إنسان أن يشفيه. الله وحده يقدر أن يحصي الكواكب
في السماوات، وأن يشفي المنكسري القلوب على الأرض.
لا بل إنني أضيف قائلاً
إن الله لا يتكلف شيئاً لإحصاء عدد الكواكب. لقد خلقها بكلمة، ويحملها بذات الكلمة،
لكنه لكي يشفي القلوب المكسورة تكلف الكثير جداً. نعم إنه يحصي عدد الكواكب وهو في
سماواته؛ سماوات المجد، لكنه لكي يعالج القلوب المكسورة كان يجب أن يأتي إلى الأرض،
بل ويمضي إلى الصلب واللحد!
وإنجيل لوقا يحدثنا عن مسار الرب عبر وادي
الدموع والأحزان ليشفي كل مَنْ انكسر قلبه بالخطية. وفي فصل واحد هو لوقا7 تُروَ
حادثتان نرى فيهما كيف شفى الرب القلوب المكسورة: ففي أول هذا الفصل نقرأ عن أرملة
مات وحيدها، ثم في آخره نقرأ عن امرأة كانت في المدينة خاطئة.
في المشهد
الأول نلتقي بأرملة لها ابن وحيد شاب مات. وكانت تسير خلف نعش ابنها لتدفنه. فمَنْ
أحق منها بالبكاء؟ ثم في آخر الأصحاح نقرأ عن امرأة أخرى، لكنها لا تبكي لأن عزيزاً
عليها ضاع، بل لأنها هي نفسها ضاعت في الشر والشهوة.
تم اللقاء العجيب بين
المسيح وكل من هاتين المرأتين. كلتاهما لم تتكلما معه كلمة واحدة، ولا طلبتا منه
طلباً معيناً، لكن الرب المُرسَل خصيصاً ليشفي كل مَنْ انكسر قلبه، كان يعرف تماماً
في الحالتين سر العلة، وكان وحده يملك سر الشفاء، فهو لأمثال هذه وتلك نزل من
السماء. لقد أقام الابن الوحيد ودفعه إلى أمه الأرملة، فحوَّل نوحها إلى رقص لها،
وهي تحولت من امرأة يائسة حزينة إلى أسعد امرأة في كل المدينة. كما قال أيضاً
للمرأة الخاطئة في آخر الفصل "مغفورة لك خطاياك. إيمانك قد خلصك. اذهبي بسلام"
فأعطاها جمالاً عوضاً عن الرماد، ورداء تسبيح بدل الروح اليائسة.