|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الرسالة الحادية عشر الآن يا أخوتي، يا أحبائي في الرب، الذي أحبهم من كل قلبي، اسمع أن التجربة تضايقكم، وأخشى أن تأتى من أنفسكم، لأني سمعت أنكم تريدون أن تتركوا موضعكم وحزنت لسماعي هذا، رغم أن الحزن لم يتملكني منذ وقت طويل، لأني أعلم يقيناً أنكم إذا رحلتم من موضعكم الآن، لنتقدموا على الإطلاق لأن هذه ليست إرادة الله، فإذا خرجتم وتصرفتم معتمدين على ذواتكم، لن يعمل الله معكم ولن يخرج معكم، وأخشى أننا سنسقط في كثير من الشرور. إذا تبعنا مشيئتنا، لن يرسل الله قوته التي تُنجح وتثبت طرق الإنسان جميعها، إذ متى فعل المرء شيئاً متخيلاً أنه من الله، بينما تكون حقيقة الأمر أنه نابع من إرادته الخاصة، عندئذ لا يعينه الله، وستجدون قلبه ملئ بالمرارة وضعيف في كل شيء يمد إليه يده، وبحجة التقدم والنمو الأفضل، يضل المؤمن وينتهي به الأمر إلى أن يصير موضوع للسخرية والهزء، لأن حواء لم تُخدع إلا بحجة الخير والتقدم، إذ حين سمعت "وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ" (تك3: 5) وفشلت في تمييز صوت المتكلم، خالفت وصية الله، وهكذا ليس فقط لم تنتفع، بل وصارت أيضاً تحت اللعنة. يقول سليمان الحكيم في الأمثال: "تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ" (أم14: 12) وهو يقول هذا عن هؤلاء الذي لا يفهمون إرادة الله، بل يتبعون إرادتهم الخاصة، فإذ لا يعرفون مشيئة الله، يعطيهم الشيطان في البداية حرارة تشبه الفرح لكنها ليست فرحاً، وبعد ذلك يتحول إلى كآبة ويكشفهم، أما ذاك الذي يتبع إرادة الله فيتحمل كد عظيم في البداية، لكنه بعد ذلك يجد راحة وابتهاج، لذا لا تفعلوا شيئاً من ذواتكم حتى احضر لأتكلم معكم. هناك ثلاث دوافع تصحب الإنسان أينما كان، وأغلب الرهبان يجهلونها، عدا فقط هؤلاء الذين بلغوا الكمال، الذين يقول عنهم الكتاب المقدس: "وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" (عب5: 14) ما هذه الدوافع إذاً؟ دافع يقدمه العدو دافع يلده القلب أما الثالث فيبذره الله في الإنسان ومن ثلاثة هذه الدوافع، لا يقبل الله إلا الذي له (أي الثالث). لذا امتحنوا أنفسكم وتبينوا أياً من هؤلاء الثلاث يدفعكم لكي تغادروا موضعكم، ولا ترحلوا حتى يسمح لكم، وأنا أعرف ما هي إرادة الله لكم، لكن من الصعب عليكم أن تعرفوا ما هي إرادة الله، فإذا لم ينكر الإنسان ذاته ومشيئته الخاصة ويطيع آبائه الروحيين، لن يستطيع أن يعرف مشيئة الله، وحتى إذا عرفها، يحتاج أن يسنده الله ويعينه على تنفيذها. وهكذا ترون أنه أمر عظيم أن تعرفوا مشيئة الله، وأمر أعظم أن تنفذوها، لكن يعقوب كانت له هاتان القوتان، لأنه أطاع والديه، فعندما قالا له أن يذهب إلى فدان آرام حيث لابان (قارن تك28: 2) أطاعهم في التو، رغم أنه لم يكن يريد أن يفترق عن والديه، وبسبب طاعته ورث البركة، ولو لم أطع أنا -أبوكم الروحي- قبلاً آبائي الروحيين، لما كشف الله إرادته لي، لأنه مكتوب"بركة الأب بنى بيوت الأبناء" (سيراخ 3: 9)وإن كنت أنا قد تحملت تعب وكد كثير في البرية والجبال، طالباً من الله نهاراً وليلاً حتى أعلن إرادته لي، استمعوا أنتم أيضاً الآن إلى أبيكم في هذا الأمر كي يصير لكم راحة ونمو. لكنى سمعت أنكم كنتم تقولون "أبونا لا يعرف تعبنا، وكيف هرب يعقوب من عيسو" لكننا نعرف أنه لم يهرب من نفسه بل أرسله والداه، فاقتدوا أنتم بيعقوب، وانتظروا حتى يرسلكم أبوكم، كي يبارككم عندما تذهبون، وعندئذ سيُنجح الله جميع طرقكم. وداعاً في الرب آمين. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الرسالة العاشرة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة التاسعة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثامنة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الرابعة من رسائل القديس أموناس |
الرسالة الثانية من رسائل القديس أموناس |