رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فأول فعل من أفعال تواضع القلب أنما هو أن الإنسان يعتبر ذاته دنياً حقيراً، ولذلك قد أحتسبت ذاتها مريم البتول بهذا المقدار كلا شيء.كما أوحى للقديسة ماتيلده عينها، حتى أنها ولئن كانت تشاهد نفسها غنيةً بالنعم والمواهب والصفات، فمع ذلك قط لم تفضل ذاتها على أحدٍ مطلقاً: فالأنبا روبارتوس في تفسيره كلمات العدد 9من الاصحاح4 من سفر النشيد وهي هذه: أيتها العروسة أختي جرحتِ قلبي، جرحتِ قلبي بإحدى عينيكِ وبشعر عنقكِ: يقول: أن شعر عنق هذه العروسة الذي جرح قلب الله أنما هو تواضع مريم العذراء عروسته الإلهية: فأتضاع هذه السيدة لم يكن يلزمها بأن تحتسب ذاتها خاطئةً، لأن التواضع هو حقٌ كما تقول القديسة تريزيا. والحال أن والدة الإله كانت تعرف نفسها جيداً أنها قط لم تغظ الله بزلةٍ ما. فاذاً لم يكن يمكنها أن تكذب بقولها عن ذاتها أنها خاطئةٌ، بل ولا كان قائماً تواضعها في الا تعترف بأنها أقتبلت من الله نعماً أعظم من جميع النعم التي أعطيت لسائر الخلائق. لأن القلب المتواضع يعرف حسناً المواهب التي نالها من الرب بطريقةٍ أختصاصية. لكي يواضع نفسه بأبلغ نوع. وأنما كانت اذاً فضيلة أتضاعها قائمةً في أنها بمقدار ما كانت هذه الأم الإلهية حاصلةً على نورٍ أعظم في أن تعلم حقائق عظمة إلهها الغير المتناهية. وسمو غنى صلاحه الغير المدرك. فبأكثر من ذلك كانت تعرف حقيقة دناءتها وصغرها عند ذاتها، ولذلك كانت تتواضع أكثر من الجميع قائلةً مع عروسة النشيد: لا تنظروا إليَّ سوداء لأن الشمس غيرت لوني: (نشيد ص1ع6) أما القديس برنردوس فيعلن هذه الكلمات هكذا: أني أضحيت سوداء لأقتراب الشمس مني: وهذا بالصواب، لأن القديس برنردينوس يقول: أن البتول القديسة كانت حاصلةً بأتصالٍ على معرفة حالية عن عظمة العزة الإلهية، وعن دناءة ذاتها كأنها عدم وكلا شيء بالكلية: وكانت بذلك تشبه جاريةً مسكينةً متسولةً قد وهب لها ثوب أرجوان كثير الثمن، التي اذا ما تردت به أمام من أنعم به عليها فلا تتكبر مفتخرةً. |
|