لأَنَّ ابنَ الإِنسانِ لم يَأتِ لِيُخدَم، بل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفْسِه جَماعةَ النَّاس.
لِيُخدَم" فتشير إلى قبول الإنسان خدمة تؤدَّى له. فان المسيح قبل ذلك على سبيل المثال خدمة مريم ومرتا له (لوقا 10: 38-42)، ولكن لم يكن ذلك غرض حياته. أما عبارة " لِيَخدُمَ " فتشير إلى خضوع الإنسان لله من خلال خدمته لأخيه الإنسان. هذا القول من أوائل التصريحات الواضحة عن غرض المسيح في مجيئه: للخدمة والفداء. أمَّا عبارة "يَفدِيَ بِنَفْسِه " فتشير إلى ما يُعطى عن الأسير لنجاته من الأسر، ثم أطلقت على كل ما يُنقذ الإنسان من المصائب أو العبودية أو العقاب أو الموت (خروج 21: 31، وأمثل 13: 8). والفداء بنفسه هو أعظم برهان على أن يسوع لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم غيره، وكانت خاتمة خدمته للناس بذل حياته عنهم. والفداء هو إنقاذ عن طريق دفع الثمن لافتداء الأسرى. والثمن في مفهوم يسوع يكمن في ضرورة موته من أجل الشعب، كعبد الرب المُـتألم الذي يفدي الناس من الشر (أشعيا 53: 11-12)؛ كان العبد يُفدى بالمال، أمَّا يسوع فافتدانا بآلامه وموته واكَّد ذلك بولس الرسول " فقَدِ اشتُريتم وأُدِّيَ الثَّمَن " (1 قورنتس 7: 23). كان الثمن يكمن في وضع حياته للموت، فصارت حياته ثمن فدائنا. فالفداء هي دلالة على أن الناس أسرى الخطيئة وعبيد لها وتحت دينونة الله وعرضة للموت (رومة 2: 6-9) لذلك بذل المسيح حياته ليفديهم من تلك العبودية والدينونة والموت. مات المسيج كفارة عن الخطأة لكيلا يموتوا إلى للأبد.