رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ففي زمنين اذاً حسب أقوال الآباء القديسين قد أضحت مريم البتول أماً روحيةً لنا. فالزمن الأول هو حينما أستحقت هي أن تحبل في أحشائها البتولية بإبن الله كما يقول الطوباوي ألبرتوس الكبير وبأكثر أتساعٍ يتكلم عن ذلك القديس برنردينوس السياني بقوله (في الخطبة السادسة المختصة بالبتول القديسة): أن هذه العذراء المجيدة عندما بشرها ملاك الرب بالحبل الإلهي، وهي أعطت رضاها المنتظر من الكلمة الأزلي بأن يصير أبناً لها، فمنذ تلك الساعة قد التمست هي من الله خلاصنا بحبٍ فائق الادراك، وأخذت تجتهد من ذلك الوقت في أمر فدائنا وأستنقاذنا بهذا المقدار، حتى أنها حوتنا في مستودعها نظير أمٍ كلية الانعطاف والحب: ثم أن القديس لوقا الانجيلي يقول في الاصحاح الثاني من بشارته اذ يخبر عن ميلاد مخلصنا، أن مريم قد ولدت أبنها البكر، فهنا يتفلسف حسناً أحد العلماء بقوله، فاذاً أن كان الانجيلي يعلن لنا أن مريم البتول قد ولدت حينئذٍ ابنها البكر، فيلزم أن يفترض أنها قد ولدت بعد ذلك أولاداً آخرين، والا لما كان سُمي يسوع ابنها البكر والحال أنها لقاعدةً من قواعد الايمان هي أن مريم العذراء لم يكن لها ابن آخر بالجسد سوى يسوع. ولم تلد قط جسدياً أبناً آخر غيره، فاذاً يلزمها أن تكون حصلت على أولادٍ آخرين روحيين. وهؤلاء البنون أنما هم نحن أجمعون، وهذا الأمر نفسه قد أعلنه الرب لعبدته القديسة جالترودة التي اذ كانت يوماً تقرأ النص الانجيلي المتقدم ذكره قد حصلت مبهوتةً، لأنها لم تكن تعلم أن توفق هذين الشيئين معاً، وهما أن مريم العذراء لم تكن أُماً سوى ليسوع المسيح فقط، فكيف اذاً هذا الأبن الوحيد أن يدعى أبنها البكر، فالباري تعالى قد تنازل لأن يفسر لها ذلك بأن يسوع هو ابن هذه البتول البكر بحسب الجسد، والبشر هم أولادها الثانين بحسب الروح* |
|