رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
منال لاشين تكتب: خطة الإخوان لإجهاض استقالة النائب العام يكذب الإخوان كما يتنفسون منذ نشأة الجماعة، وعندما صاروا فى السلطة أصبح كذبهم ينافس حتى النفس الذى يخرج من صدورهم، وأحدث كذبة يروجها الإخوان الآن تخص قضية استقالة النائب العام المستشار طلعت إبراهيم. الإخوان تحاول إعادة النائب العام وإحراج المجلس الأعلى للقضاء بكذبة قانونية. وكله بالقانون. الخطة الإخوانية تبدأ بمدفعية إخوانية لتشويه جلسة الأحد الماضى بين النائب العام وأعضاء النيابة. ولأن كل من يقف فى طريق الإخوان هو بلطجى. فليس غريبا اتهام أعضاء النيابة بالبلطجة. بحسب الرواية التى يروج لها الإخوان. فإن عددًا من أعضاء النيابة المعتصمين كانوا يحملون أسلحة ومسدسات. وأنهم أظهروا العين الحمراء وأبرزوا الأسلحة للنائب العام. ولذلك اضطر النائب العام لكتابة الاستقالة طلبا للحياة وحرصا على سلامته. ويسعى الإخوان إلى إيهام المواطنين والرأى العام إلى أن النائب العام استقال تحت الإكراه. ومن ثم فيجب على المجلس الأعلى للقضاء رفض الاستقالة التى حدثت تحت ضغط وإكراه. وتهدف هذه الخطة إلى إجهاض استقالة النائب العام. بين الإحراج والإكراه رغم الغضب المشروع على تدخل النائب العام فى بعض القضايا التى تباشرها بعض النيابات. رغم هذا الغضب فإن بعض أعضاء النيابة حرصوا على استخدام لغة راقية وقانونية فى الحديث مع النائب العام، وتذكير النائب بأن أحد القضاة العظام الذين عرف عنهم حرصهم على استقلال القضاء. وحماية أهله من أى تدخلات أو حتى شبهة تدخلات. فى اللقاء العاصف لم يغب صوت العقل والقانون وقيمة الاستقلال. بعض وكلاء ورؤساء النيابة ذكروا النائب العام بموقفه الداعم لاستقلال القضاء حين كان قاضيا. وللمستشار طلعت قصة تردد وتتقاطع مع استقلال القضاء. قبل سفر المستشار طلعت إبراهيم للكويت اتصل أحد كبار مسئولى الدولة بالمستشار طلعت، وسأله مجرد سؤال عن القضية المنظورة أمام دائرته. ولم يسمح المستشار طلعت للمسئول الكبير بالذهاب إلى أبعد من السؤال. واعتبر المستشار طلعت (ومعه كل الحق) أن مجرد الاتصال الهاتفى هو تدخل من الدولة فى شئون القضاء. ومساس باستقلاله. ويتردد أن هذه الواقعة كانت أحد الأسباب المهمة لطلبه السفر والعمل للكويت. وفى ذلك الوقت 2005 بدا لعدد من القضاة أن العمل فى الدول العربية هو حل وسط. حل يحفظ للقاضى استقلاله، ويقيه من المواجهة المباشرة مع الدولة. ويتردد أيضا أن المسئول الكبير هو رئيس ديوان رئيس الجمهورية المخلوع الدكتور زكريا عزمى. وقد استخدم أعضاء النيابة هذه الواقعة لتذكير المستشار بأنهم لايطالبون أو يتمسكون إلا بذات القيم التى يؤمن بها المستشار طلعت نفسه، وأنه حافظ على استقلال القضاء وهو قاض، وليس من المنطقى ألا يعمل على حفظ قيم الاستقلال وهو النائب العام والمسئول الأول عن حفظ حق كل وكيل نيابة فى أن يباشر عمله بعيدا عن التدخلات السياسية أو بالتعليمات المباشرة. وتطرق الحوار إلى أن النائب العام قبل الوظيفة القضائية الرفيعة المستوى فى ظروف وملابسات تقلق كل أعضاء النيابة العامة. وفى هذه النقطة راح المستشار طلعت يؤكد للحاضرين أنه لم يكن يعلم حين عاد إلى مصر بطريقة تعيينه أو حتى المنصب القضائى المرشح له. فالحقيقة الذى يتجاهلها الإخوان أن الوقائع ومسار الحوار كان يمثل ضغطا معنويا وإحراجا للمستشار طلعت إبراهيم. وأنه وقع على الاستقالة تحت الإكراه المعنوى والإحراج القانونى، وليس تحت الإكراه المادى والمسدسات. فالإخوان أوقعوا المستشار طلعت فى مواجهة حادة بين قيم الاستقلال التى لم ينكرها، وبين وقائع خطيرة جرت فى أقل من أسبوعين. بين المنيل ومصر الجديدة لم تكن المواجهة العنيفة فى لقاء الأحد إلا انعكاس لمواقف لا يمكن تمريرها، خاصة بعد ثورة شعبية. ففى نفس الاجتماع مع المستشار كان كافيا ذكر واقعتين، فقد جرت تدخلات فى أعمال النيابة فى واقعتين تتقاطع مع الإخوان القابعين فى قصر الرئاسة. واقعة منهما تتصل بحرق حزب الرئيس وصحيفة الحزب فى المنيل كشفت التحقيقات التى باشرتها النيابة العامة أن المتهمين فى القضية لم يقتحموا المقر من الأساس، ومن ثم فإنهم لم يحرقوا محتويات المقر. ولذلك كان من البديهى أن يكون التكييف القانونى للقضية جنحة وليست جناية، كما أن عددًا من المتهمين الذين قدمتهم الشرطة لم تثبت عليهم التهمة. والمتهمون الآخرون فكل ما وجهه لهم هو اتلاف بعض الممتلكات أمام المقر، ولم تستطع التحقيقات إثبات الجريمة على متهم واحد، فأصبحت الجريمة على الشيوع. وبعد التحقيقات فؤجئ رئيس النيابة باستدعائه من مكتب النائب العام. ومناقشته فى التكييف القانونى للقضية. وتحويلها من جناية إلى مجرد جنحة. وما حدث فى نيابة المعادى تكرر بشكل أكبر أو بالأحرى أسوأ فى نيابة شرق. ولأن الدكتور مرسى تطور بشكل علنى وفى خطاب باتهام مواطنين بالاعتراف بالمؤامرة فى تحقيقات الاتحادية. وتم نقل المستشار مصطفى خاطر ثم إعادته. ولم يكن أمام المستشار طلعت فى هذه الوقائع سوى الشرح وتقديم التبريرات، ولكن لم يستطع أن يجادل أعضاء النيابة كثيرا فى القضية الفاصلة. وهى تعرض استقلال وقيم القضاء للمخاطر. انهيار الحركة القضائية لم يترك الإخوان بصراعاتهم وأطماعهم أى ركن من أركان القضاء إلا وتمت إصابته برصاصة طائشة أو متعمدة. وضرب مرسى وجماعته كل المحاكم فى السلك القضائى. حتى الحركة القضائية تم التعرض لها. والحركة القضائية تشبه عقارب الساعة فى مواعيد صدورها، وشمولها. ولذلك كان من البديهى أن يثير أعضاء النيابة التغييرات وحركة التنقلات فى النيابة فى نيابات الإسكندرية. والأكثر إثارة للغضب أن تكون التعيينات الجديدة جاءت من حركة قضاة من أجل مصر. وهى الحركة التى أعلنت تضامنها مع قرارات مرسى فى الانقلاب الدستورى وانتهاء بالمشاركة فى الاستفتاء. مرة أخرى وثالثة تتقاطع السياسة مع تقاليد القضاء. ولذلك كان من البديهى أن يقوم وفد من هذه الحركة بزيارة النائب العام يوم الاثنين وأن يحاول دفعه للعدول عن الاستقالة. فاستقالة النائب العام ضربة كبرى لكل من تصور أنه من الممكن تخويف القضاة، أو تمرير الضربات الموجهة للقضاء دون حتى أن يصيبوا بخدوش وجروح. ولاشك أن استقالة المستشار طلعت تمثل جرحا جديدا لنفوذ الدكتور مرسى. ويبالغ من الألم أن الرجل لم يشف بعد من جروح أخرى. من بينها فشله فى الإطاحة بالنائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود فى المرة الأولى. لقد كان على مرسى أن يدفع ثمنا سياسيا باهظا لعزل عبدالمجيد محمود. وتعيين المستشار طلعت إبراهيم. فاتورة كبرى من غضب القضاة ومنظمات حقوق الإنسان فى الداخل والخارج، بل إن الأمر وصل إلى دول لا يمكن تجاهل غضبها وآثاره. لم يشف جرح إزاحة النائب العام السابق فى أوساط القضاء والقانون. وكان على المستشار طلعت إبراهيم أن يتحمل أو يرضى بطريقة تعيين مخالفا للأعراف القضائية. وأن يكون النائب العام الأول الذى يتم تعيينه خارج عباءة المجلس الأعلى للقضاء. ولذلك فإن استقالة الرجل وإصراره على الاستقالة يمثل ضربة كبرى لجهود الإخوان. ولذلك بدأ الإخوان خطة مضادة لإجهاض الاستقالة. والترويج أنه استقال تحت إكراه الأسلحة. ربما يكون هناك إكراه ما فى استقالة النائب العام، ولكنه ليس إكراهًا ماديًا بالسلاح، ولكنه إكراه معنوى تحت وطأة القصص والتجاوزات والخروج عن القيم التى يؤمن بها المستشار طلعت إبراهيم بنفسه. لم تكن المواجهة بين أعضاء النيابة والنائب العام، ولكنها كانت فى الحقيقة بين مواقف النائب العام الأخيرة وبين القيم التى يؤمن بها ويقدسها الرجل. وإذا تمسك الرجل باستقالته، فإن العثور على نائب عام آخر سيكون أكثر صعوبة وأكثر تكلفة سياسية. فقد تدهورت الأوضاع فى عالم القضاء ودنيا العدالة مقارنة بالأوضاع أيام تعيين المستشار طلعت. الآن النائب العام الجديد يأتى وسط مقاطعة أكثر من 70 % من قضاة مصرمراقبة الاستفتاء، ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ممنوعان من دخول المحكمة بسبب حصار بعض أعضاء تيار الإسلام السياسى. الآن سيأتى نائب عام جديد بعد ثورة غضب وكلاء وأعضاء النيابة. ولذلك فالإخوان سيقاتلون لإثناء النائب العام عن الاستقالة، حتى لو كان الثمن تلويث سمعة أعضاء النيابة وتصورهم كبلطجية يهددون بالاسلحة، فالذين قالوا من قبل «طظ فى مصر» لم يهتموا بسمعة النيابة أو القضاء فى مصر. الفجر |
|