رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الْجِبَالُ الْعَالِيَةُ لِلْوُعُولِ. الصُّخُورُ مَلْجَأٌ لِلْوِبَارِ [18]. الوعول هي ذكور الأيائل. غالبًا ما يُقَدِّم الله لكل نوع من المخلوقات ما يناسبه فالعصفور الذي يتسم بالضعف وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه يُسكنه في وسط فروع الأشجار، خاصة الأرز بكونه أشجار الرب. وكأن الله خلق الأرز بجماله وإمكانياته الكثير من أجل العصفور الذي ليس له من يدافع عنه. واللقلق يجد بيته غالبًا في شجر السرو. أما الوعول (تيس الجبل Ibex) السريعة الحركة بطريقة عجيبة ذات النشاط القوي فجعل لها الجبال العالية مسكنًا تجري فيه بحرية وقوة، أما الوبار (نوع من الأرانب) إذ تتعرض لهجوم الكثير من الحيوانات المفترسة يجعل الصخور ملجأ لها. إن كان الله قد أعد للطيور والحيوانات ما يناسبها فكم بالأكثر يهتم بالإنسان، وبكل احتياجاته مع حمايته من الشيطان وقواته وكل من يُسَبِّب له أذى؟! إنه يُقَدِّم لنا نفسه صخرة الدهور، نختبئ فيه فلا تقدر رياح العالم وعواصفه أن تُحَطِّمنا، مادمنا في داخله مستترين. يقول القديس جيروم: [على هذه الصخرة أسّس الله كنيسته، ومنها استمدّ الرسول بطرس اسمه: "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي" (مت 16: 18). على هذه الصخرة لا يوجد أثر للحيّة، لذا يقول النبي في ثقة: "وأقام على صخرة رجليّ" (مز 40: 2)، وفي موضع آخر يقول: "الصخور ملجأ للوبار" (مز 104: 18). فالوبار يلجأ إلى الصخور بكونه خائفًا... (وموسى النبي إذ كان كالوبار صغيرًا) قال له الرب بعد خروجه من أرض مصر: "إني أضعك في نقرة من الصخرة، وأسترك بيدي حتى أجتاز ثم أرفع يدي فتنظر ورائي" (خر33: 22-23) .] هكذا إذ نشعر أننا صغار في حاجة إلى صخرة نلتجئ إليها نتقدَّم إلى المسيح يسوع صخر الدهور نحتمي فيه، وعليه يقوم بناؤنا الروحي، هاربين من الحيَّة التي لا تقدر أن تجد لها موضعًا في الصخرة الحقيقيّة فلا تقترب إلينا. * هذا الحيوان (الوعل) يقتل الحيات ويأكلها. لهذا فالجبال هي المسكن اللائق بالذي يقتل الحية الحكيمة، أي في جنة الفردوس، الحيَّة التي كانت أحكم كل الحيوانات، وقد خَدعتْ حواء. القديس جيروم * إن سُئلتَ: لماذا صارت الجبال ملجأ، تقول إن الله جعلها مهربًا وسترًا للحيوانات الضعيفة متى طاردتها الحيوانات الأقوى منها. الإيل تخاصم الحيات وتهلكها. هكذا رسل المسيح كانوا يخاصمون اليهود الذين قيل عنهم إنهم حيات طائرة وأولاد أفاعي. لذلك شُبَّه الرسل بالإيل الذين بسرعة عدوهم ارتفعوا إلى أعالي التعاليم. وأما من كان ضعيف القوة من المؤمنين وصغير المنزلة، فملجأه الصخرة التي هي ربنا وإلهنا يسوع المسيح. الأب أنسيمُس الأورشليمي * لاحظنا فعلًا وحقًا أن الوعول تشير إلى القديسين الذين جاءوا إلى هذا العالم لكي يبيدوا سُم الحيَّة. لكن لنرى ما هي الجبال العالية التي تبدو محفوظة للوعول وحدها، والتي لا يُمكن أن يتسلقها من لا يكون وعلًا. في اعتقادي الشخصي إنها معرفة الثالوث، هي التي تُدعَى بالجبال العالية، فما من أحدٍ يبلغ هذه المعرفة ما لم يكن وعلًا . العلامة أوريجينوس |
|