رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دراسة موجزة - ليست متخصصة - في القانون الكنسي، (1) الداعلي للكتابة
أولاً مقدمة عن الداعي لكتابة هذا الموضوع أحياناً كثيرة يتناول البعض موضوعات تخص قوانين الكنيسة بصورة مبتورة مما يُثير الجدل العقيم ما بين مؤيد ومُعارض، وكلها تنحصر في الآراء الشخصية، مما يؤدي كل ذلك إلى التشويش والاضطراب بل والتضارب حول الحقائق الكنسية، وخلط الأمور ببعضها البعض، وأيضاً جعل البعض أن يبرر الخطأ الظاهر لكي ينقذ – حسب فكره الخاص – الكنيسة من أي شبهه تعرضها للملامة من أحد، مع الخلط مابين الخطأ الشخصي والخطأ العام، وما بين الكاهن الذي يحمل وظيفة وشكل الكهنوت وبين الكهنوت نفسه، وبين الأشخاص وبين الكنيسة التي رأسها المسيح الرب وحده وليس اي إنسان مهما ما كان وضعه أو صفته، مما يُسبب العثرة الحقيقية ... والمشكلة الرئيسية تنحصر في فهم الآية الشهيرة [ لا تدينوا لكي لا تُدانوا + لا تقل سوء في رئيس شعبك ]، والتي تنعكس بالتالي على الحكم على الآخرين لكي لا نضل عن الإيمان أو نسير وفق أي روح تعليم، لأن دعوة الناس اليوم هو التغاضي عن أخطاء الآخرين رغم من أنها ظاهرة وتؤثر تأثير سلبي على الآخرين من جهة التعليم، وذلك لأنه يوجد فرق وخلط عظيم ما بين، الخطايا الشخصية والتي تخص الفرد نفسه، وبين الخطايا التي تؤثر على الآخرين وتمنعهم عن الله... فينبغي أن يكون لنا روح إفراز وتمييز من الله لكي نُميز بين من أخطأ على المستوى الشخصي وبين خطأ الشخص ذاته الذي أهان وظيفته الكهنوتية، لأن من الصعوبة التامة أن نجعل الناس تغفل عن الأخطاء الظاهرة أمامهم وتغيير الحقائق ولويها وتلوينها لتبرير المواقف باي شكل أو صوره لدرجة التبرير الأعمى لتأليه الرؤساء أو أياً من كان الشخص، وهذا خطير لأنه يجعل الكل يفقد مصداقيته ويُظهر أن الكنيسة تبرر الأخطاء وتغطيها مثل اي مؤسسة اجتماعية، مع أن الحق القانوني الكنسي لا يغطي الأخطاء بل يعترف بها ويُصححها، وهذا مُلهم من الكتاب المقدس ككل، لأن الله لا يتغاضى عن الخطأ على الإطلاق ولا يُحابي بالوجوه حتى لو كان أقرب المقربين منه، بل يواجهه ويكشفه في النور بوضوح ويعريه تماماً ويحصره في الدينونة المعلنة منه، معلناً أن أجرة الخطية موت، ومن يُخطأ لا يتبرر أو ينال غفراناً إلا إذا اعترف بالخطأ دون أن يبرر نفسه أو يلتمس الأعذار ، وبخاصة أن كان هذا الخطأ لا ينحصر في إطار ضيق بل هو موجه ضد الكنيسة والشعب ككل، وهنا الخطأ تعدى الضعف الشخصي ليطال الجميع ويمس الكهنوت ذاته بالإهانة مما يتسبب في تشويه الصورة أمام الجميع وهنا تكمن العثرة الحقيقية !!! وهناك أمثلة عديدية في الكتاب المقدس، مثل خطية داود، الذي فتش الله عنه ولم يجد قلباً مثله، ولكن حينما أخطأ وفعل شراً، لم يخفي الله خطيئته بل أعلنها بكل وضوح، ووبخه بشدة وأدبه، ولم يتغاضى عن خطيئته ولم يقل: [ معلشي، هذا داود الملك، بلاش اكشف خطيته لحسن تروح مهابته بين شعبه لأنه ملك عظيم ]، أليس هذا ما نفعله نحن كثيراً، ويفعله أحياناً الخادم وأمين الخدمة والكاهن ... الخ... حينما يخاف لحسن ينزل من عين الناس والا انه يفضح الكنيسة، أو يقول ليس لي دخل ... الخ ... ولو أحد رأى خطأ يعكر صفو الخدمة، أو يعثر الآخرين، أو يضلهم عن الحق، يقول له لا تدينوا لكي لا تدانوا، أو يفكر الفكر العاطفي الشكلي بالقول الشهير: أننا لو وقفنا نحكم على كل واحد ستضيع الكنيسة كلها وتفقد كل مصداقية، وهذا الفكر عن صدق خطير لأنه حصر الكنيسة في الأشخاص وليس المسيح الرب الذي ينبغي أن تتنقى كنيسته بالروح من كل شائبة... وبالطبع يُخطأ جداً كل من يظن أننا سنقف لنحكم على كل واحد بهذه الصورة الفجة، ولكني هنا أُريد أن أوصل للجميع، أهمية القانون الكنسي لضبط حياة المؤمنين في داخل الكنيسة، لأن الكنيسة نفسها وضعت حالات تأديبية للخدام والكهنة ... الخ، لكي تنضبط الحياة في الكنيسة وتمارس عملها بلا عثرة، وفي نفس الوقت أنها لا تُشهر بأحد، بل تنبه بروح المحبة للتوبة [ أيها الإخوة ان انسبق إنسان فأُخِذَ في زلة ما، فاصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة، ناظراً إلى نفسك لئلا تُجرب أنت أيضاً ] (غلاطية 6: 1) ومن المفهوم الأصيل للكنيسة في التوبة والغفران هو: [ من يعرف عاره يعرف كيف يطلب مجده ] وهذا هو سر الغفران الرئيسي، لأن كيف يذهب مريض لطبيب أن لم يدرك أنه مريض يحتاج لطبيب لينال علاج يتناسب مع حالته لكي يتم شفاؤه !!! لذلك قال الرسول: [ إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم ] (1يوحنا 1: 9) ولننتبه أيضاً أن يوجد خطايا تحتاج لحكم واضح وصريح لكي لا يتبع أحد نفس ذات المنهج أو يضر الكنيسة ويعثر الشعب لذلك قال الرسول أيضاً: [ خطايا بعض الناس واضحة تتقدم إلى القضاء وأما البعض فتتبعهم ] (1تي 5: 24)، ومن هنا نشأت المحاكمات الكنسية، وطبعاً لنا أن نعلم يقيناً أن المحاكمات الكنسية ليست مثل القضاء البشري، لأنها تبنى على مراحم الله المتسعة في الحق والعدل بهدف التوبة والرجوع عن الخطأ لإصلاح المؤمنين، لأن أي محاكمة بغرض التشفي أو الانتقام أو الطرد والعزل أو تحت أي مسمى آخر غير محبة الله وغفرانه، بهدف تأديب وتشذيب النفس وعلاجها بالتوبة، أصبحت محاكمة باطلة خرجت عن الخط الإلهي وتقليد الكنيسة، لأن الهدف كله يرتكز على التوبة وتصحيح الوضع في نور الله وغنى مجد حضوره الخاص، لأننا لا نرفض الخاطي إنما الخطية، ولا نُريد أن ننتقم من المهرطق ونطرده بل نُريد أن نطرد الهرطقة والأفكار المشوشة.... ولنا أن نعلم قبل أن نخوض في الموضوع ونكتب القوانين الكنسية، أن كل القوانين الكنسية لم توضع لذاتها وبطريقة مستقلة عن خلفية: أن القانون الكنسي جزء لا يتجزأ من التقليد المختص بأساسيات قيام الكنيسة ونظامها وترتيب نظام الكهنوت فيها، وكل هذا مرتبط بالكتاب المقدس ولا ينفصل عنه قط، بل ويمتد ليشمل بنود الإيمان الرسولي والأسرار الكنسية والتعليم ككل، لأن أي انفصال في العقيدة عن القوانين الكنسية أو قانون الإيمان أو الأسرار أو التأمل أو التعليم، لهو كفيل أن يقسم الكنيسة ويشتت الكل ويجعل كل واحد يسير غير مرتبط بالجسد الواحد متفاعلاً معه بالقلب والروح ليكون جزء لا يتجزأ من الكنيسة الواحدة الوحيدة الجامعة الرسولية !!! مشكلتنا اليوم أن ليس لدينا الوعي الكنسي الشامل، بل نحيا ونخدم فاصلين التقليد القانوني عن التقليد المختص بطبيعة الكنيسة وأساسها وقيامها، وقد امتد الانفصال ليشمل العلم اللاهوتي والروحي أو العقيدة والإيمان أو التعليم والتأمل.. الخ، وكل هذا مفصول أيضاً عن الأساس وهو الأسرار، مما ساعد على إنشاء تعليم ممزق جداً، هيهات الربط بينه وبين كل ما هو كنسي، بل أصبح كل واحد ينطلق في خدمته من تأملاته الخاصة بلا خبرة ولا حياة كنسية مبنية على التقليد الحي والنابض بحياة الله وأنفاسه الخاصة أي الإنجيل، فاصبح التعليم عند الكثيرين مشوه ولا يُعطى في صورة صحيحة في سر التقوى ولقاء الله الحي، كما سلمها لنا الآباء القديسين عبر العصور، لكي ما تكون حياة أعضاء الكنيسة لننمو معاً وليس فرادى كل واحد مع نفسه، لأن الرب قصد أن يجعلنا كنيسة مترابطة معاً وهو رأسنا الواحد... ودعوتنا اليوم أن ننتبه لحياتنا ونكتشف أخطاءنا لنواجهه ونعترف بها أمام الله ونصحح مسيرتنا ونعي وندرك عمق أصالة كنيستنا ونعود للنهل من ماء الحياة الذي منح الله منه الرسل والآباء ليستقوا ويسقونا معهم كجسد واحد لا ينفصل قط.... وهذا هو الغرض من عرض قوانين الكنيسة بشكل مركز من المخطوطات والمراجع الأصلية التي سوف نعود إليها، ولكن ليس بتوسع لكي لا يمل أحد بل بإيجاز وتركيز شديد، وسوف نذكر دور الجميع في الكنيسة من أول الشعب إلى الأسقف، صلوا من أجلي لأجل إتمام هذا العمل الضخم رغم تركيزه وتلخيصه، وسوف ندخل سوياً في مفهوم معنى القانون الكنسي قبل أن نكتب أي قوانين تخص الكنيسة كمدينة الله الحي، النعمة معكم |
|