|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* كل البشر، ونحن أنفسنا، لسنا دومًا مع الله، بالمعنى الذي يتحدث الله نفسه بالمرتل قائلًا: "أنا مقيم دائمًا"، والذي يجيب عليه المرتل: "نعم، لتمسكني بيمينك" (مز 73: 23). الله ليس مع كل البشر بالمعنى السليم الذي به أنت وأنا يكون لنا حين نبارك شخصًا، فنقول: "الرب معك". ما أقصده هو هذا: أخطر بؤس للإنسان أن يكون بدون الله، بمعنى ألاَّ تكون له علاقة داخلية مع ذاك الذي هو الحياة والوجود ذاته. أضف إلى هذا ألاَّ يتذكر أنه في خطة الله الأصلية من نحو الإنسان، أن تحقيق مثل هذه العلاقة أمر ممكن. عندما لا يكون للإنسان علاقة مع الله بهذا المعنى الداخلي لا يتذكر الله. وبهذا لا يطلب أن يدرك الله، ويتعرف على طرقه، ولا يجد فيه لذة يومية. أقول إنه ليس مع الله، مع أن الله معه... لكي أوضِّح ما أقوله بطريقة أفضل، فلا تخطئ في هذه النقطة الهامة كأنها أمر تافه، أقدم لك مثالًا مما يحدث كل يومٍ في العالم. تصور أنك تقابل شخصًا لم تتعرف عليه قط، لكنه يقول لك: "نعم، إنك تعرفني". ولكي يذكرك بذلك يصف لك في شيءٍ من التفصيل أين قابلك ومتى وكيف حدث ذلك. لكن بعدما يخبرك بكل هذه الأمور، لا تزال تقول له: "آسف، فإنني لست أعرفك". فإن كان هذا صحيحًا، فإنه يعني أن أمورًا أخرى تشغل ذهنك، فنسيت هذا الشخص تمامًا، وقد زال كل أثر لمعرفتك السابقة له. لكن افترض أنك أخيرًا تذكرت الشخص، فإنك ترجع إلى فكرك السليم من نحوه. وبالتدريج إذ تقضي معه وقتًا تصير ذاكرتك من نحوه كاملة، تتذكر كل ما نسيته. ليس هذا فقط، وإنما تتعرف عليه أكثر فأكثر في أمور تفصيلية. الآن على نفس المثال الذي قدمته لتطبقه على روحك، كيف يمكنك أن تتذكر الله، وكيف تنمو في سيرك اليومي معه. يوجد رجال ونساء، مع إنهم في دار الإيمان، إلاَّ أنهم ليسوا مع الله. إنهم لا يدركون أنه حتى الأشياء التي تدعى صالحة ومبهجة على هذه الأرض بالحقيقة ضارة إن سببت لنا أن ننسى الله. عندما لا نثق فيه، عندما نتجاهله أو ننساه، فإننا نكون لسنا معه. هذا يسبب ضررًا لنفوسنا على الدوام. القديس أغسطينوس |
|