رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمانة الله لوعده
المزمور المئة والخامس 1. المزمور المئة والخامس هو مزمور مديح للرب مخلِّص الانسان وسيِّد التاريخ (رج مز 78). يُتلى في مناسبات العبادة فيذكر أحداثًا طبعت بطابعها تاريخ العهد وتاريخ الخلاص. يستوحي اللاهوت الحكمي والتقليد الديني الذي نجده بصورة خاصّة في كتب التوراة الخمسة فيجعل الماضي حاضرًا، ويطبع في ذاكرة السامعين والمنشدين (في الهيكل، في المجمع، في العائلة) خبر الخلاص الذي عمله الله، وهذا ما يشدّد الشعب في أمانتهم للعهد. 2. العهد مع الرب منذ زمن الآباء. - في القسم الأول (آ 1- 6) يدعو المرتّل المؤمنين إلى مشاركته في نشيد يذكر عهد الله مع الآباء. - في القسم الثاني (آ 7- 41) يتوسّع المرتّل بموضوعه فيذكر وعد الله مع الآباء، ابراهيم واسحاق ويعقوب (آ 7- 11)، ويروي قصّة يوسف بن يعقوب في مصر (آ 12- 22)، ويصوّر حياة شعب اسرائيل في مصر (آ 23- 27). وبعد أن يعدّد الضربات التي أصابت مصر (آ 28- 36)، ينتهي بالحديث عن الخروج والعبور إلى أرض الميعاد (آ 37- 41). - وفي القسم الأخير (آ 42- 45) نقرأ خلاصة المزمور ونداء المرتّل إلى الشعب لكي يتمسّكوا بفرائض الرب ويعملوا بشرائعه. 3. الجماعة تعني "نسل ابراهيم وبني يعقوب". يدعوهم المرتّل إلى أن يشكروا الله ويحمدوه على أعماله. في فعل العبادة نعدِّد عطايا الله وخيراته، ونريد أن نُخبر ونتحدّث بها فتأخذنا عاطفة فخر وفرح، ونفهم أن طالبي الرب يجدونه عندما يتذكرون عجائبه (آ 2 و5). يروي لنا المزمور قصّة هذه العجائب منذ ابراهيم حتى الخروج من أرض مصر. وما يلفت النظر في هذا المزمور (عكس المزمور 78) هو أنه يشدّد على أن الله بدأ معجزاته عندما أقام عهدًا مع الآباء، ابراهيم واسحاق ويعقوب، ولم ينتظر زمن الخروج من مصر. - ينقلب النشيد فعل إيمان يبدو فيه الله ربَّ العهد (الهنا: رج خر 20: 2) وسيّد الكون (تك 18: 25: ديّان الأرض كلها). والعهد مع الآباء بدأ بابراهيم (تك 15: 18؛ 17: 1 ي) وبقي ساري المفعول لما حلف لاسحاق (تك 26: 3 ي) ووعد يعقوب بأن يعطيهما أرض كنعان (تكوين تك 28: 13 ي؛ 35: 12). هذا العهد بقي حاضرًا لله الازلي وفاعلاً في أجيال وأجيال (خر 20: 6) لأنه عهد أبدي. ويسمّي المزمور هذا العهد فريضة وشريعة (آ 10)، لأنّ الشريعة الحقيقية والاولى هي التي بها ألزم الله نفسه وحلف ووعد فأعطى أرض كنعان بادئ ذي بدء (آ 11). أما الوصايا اللاحقة التي سيعطيها لموسى فستكون نتيجة وإيضاحًا لهذه الشريعة الاساسية التي بها ارتبط الله بشعبه ارتباطًا أبديًا (عهدًا أبديًا). ويبيّن الكاتب أن لا نسبة بين فرقاء العهد. فالله، الفريق الأول، وعد وعدًا عظيمًا للفريق الثاني، وهو عيلة صغيرة (آ 12) وغريبة تنتقل من مكان إلى آخر (آ 13). ورغم كل هذا كان الرب يحميهم، لأن هؤلاء الآباء كانوا مختاريه وأنبياءه (آ 15)، وكان يجعل الأمم تسمع لهم. - مع يوسف سيظهر الدور الكبير الذي لعبه الآباء باسم الرب. فيوسف بعد فترة من الذلّ (آ 17- 18) صار سيّدًا على بيت فرعون وواليًا على جميع ملكه (آ 20- 22). وجَّه الله مخطّطه فنزل شعب اسرائيل إلى مصر (آ 23) ونما هناك كثيرًا (آ 24) ممّا جعل أعداءهم يبغضونهم (آ 25) وموسى وهارون يتدخّلان من أجلهم (آ 26). ويصوّر لنا المرتّل بعضًا من الضربات التي أصابت مصر، فيذكر الظلام على أرضهم (آ 28؛ رج خر 10: 21- 29) والمياه المحوَّلة إلى دم (آ 29؛ رج خر 7: 14- 25؛ مز 78: 44) والضفادع التي تملأ حتى مخادعهم (آ 30؛ رج خر 7: 25- 8: 11؛ مز 78: 45) والذباب والبعوض (آ 31؛ رج خر 8: 12- 28؛ مز 78: 45) والبرَد والنار (آ 32- 33؛ خر 9: 13- 35؛ مز 78: 47) والجراد والجنادب (آ 34- 35؛ خر 10: 1- 20؛ مز 78: 46). وينتهي بالضربة الاخيرة، ضربة أبكار مصر (آ 36؛ خر 11: 4- 8؛ 12: 29- 34). ولا ينسى أن يذكر الفضّة والذهب الذي سيأخذه العبرانيون قبل أن يهربوا (آ 37؛ خر 11: 1- 3؛ 12: 35- 36). نلاحظ في هذا الاخبار أنه غيَّر تسلسل الضربات كما نعرفه في سفر الخروج (فجاءت كما يلي: الضربة 9، 1، 2، 4، 3، 7، 8، 10)، وأغفل عن ذكر الضربة الخامسة (الوباء) والضربة السادسة (القروح). ومع خروج العبرانيين من أرض مصر، يذكر المرتّل معجزة السحاب (آ 39) والسلوى والمن (آ 40- خبز السماء، رج يو 6: 31- 32) والمياه الحيّة (آ 41). - كل ذلك صنعه الله من أجل شعبه، لأن كلمته دومًا حاضرة، ولأن مخططه الذي بدأ بابراهيم لم يُلغَ بعد (آ 8 و42). وهذه الاعمال أعطت الفرح والخلاص للشعب الذي استولى على أرض كنعان وتمسّك هناك بشريعة الله (آ 43- 45). إن هذا المزمور يذكر أعمال الله حتى إقامة الشعب في أرض كنعان، حيث يبدأ عهد جديد هو عهد الطاعة لفرائض الرب ووصاياه. وهو مطبوع بطابع التفاؤل، فلا يذكر تململ الشعب وعصيانه وجحوده كما نقرأ في المزمور 78 والمزمور 106، بل يكتفي بذكر أعمال الله العظيمة في شعبه. 4. إن عمل الله الخلاصي ليس خاصًا باسرائيل فقط، بل يصل إلى شعب العهد الجديد الذي هو أيضًا من نسل ابراهيم (غل 3: 7، 29). وذكرُ معجزات الله هو جزء من تاريخ المسيحيين، لأن العمل الذي بدأ ببداية العهد يصل إلى كماله في ما عمله الآب من أجل يسوع. انتهى المزمور بالتذكير بوصايا الله، والمسيح والرسل حرّضوا الناس على أن يجيبوا إلى أمانة الله بالأمانة، والى محبته بالمحبّة. الرب هو من يعطينا القوّة لنصل إلى هذه الامانة والمحبّة في حياتنا اليومية |
|