|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأمبراطور قسطنطيوس يود قتل البابا اثناسيوس عشر مرات
قال الأمبراطور قسطنطيوس : ( إذا أمكن ان أقتل هذا الأنسان ( أثناسيوس ) عشر مرات فلن يكون هذا كافياً ولا مساوياً لما عانيته من أتباعه المحتالين المنافقين الذين يشتمون فينا .. )(3) إختفــــــــاء البابا أثناسيوس يصف المؤرخ جيبون إختفاء أثناسيوس بعد جمعه من مصادر عديدة هكذا : [ وفى الحقيقة أن أثناسيوس نجا من أشد الأخطار إحداقاً به ، ولا شك أن مغامراته تسترعى إهتمامنا ، ففى تلك الليلة المشهودة التى هاجمت فيها قوات سيريانوس كنيسة القديس ثيئوناس ، كان رئيس الأساقفة جالساً على كرسية ينتظر مجئ المةت فى وقار هادئ جرئ ، وعندما قطعت صيحات الغضب وصرخات الفزع حبل الصلاة العامة وإرتعدت فرائض المصلين ، طلب منهم إنشاد أحد مزامير داود الذى يذكر فيها إنتصار إله إسرائيل على طاغية مصر الضال المتشامخ ، وأخيراً حطم العدو الأبواب وأطليق سيلاً من السهام على الناس ، وإندفع الجنود بسيوفهم المسلولة نحو الهيكل المقدس ، وكانت المصابيح المقدسة مشتعلة حول المذبح تعكس بريق دروعهم المخيف ، وظل أثناسيوس يرفض لجاجة الرهبان والقسوس المحيطين به الذين ألحوا عليه فى ورع وتقوى أن يغادر المكان ، وأبى عليه نبله أن يترك مكانه الأسقفى حتى يخرج آخر فرد من المصليين ، ثم واتته فرصة الظلام والجلبة ومكنه من الإنسحاب ، ومع أن الجمهور المرتبك المضطرب كاد يدهمه ويدوس عليه ، ورغم من أنه وقع على الأرض وفقد الحس والحركة ، إلا أنه أسترد شجاعته التى لا تقهر وتسلل من وسط الجنود الذين كانوا يجدون فى البحث عنه ، والذين كانوا أتباع آريوس قد اوحوا إليهم بأن رأس أثناسيوس سوف تكون أحب هدية للأمبراطور .. ومنذ تلك اللحظة غاب أسقف مصر عن عيون أعدائه وظل أكثر من ست سنوات يحف به ظلام دامس لا تنفذ إليه الأبصار ولقد كان عدو أثناسيوس الحقود الأمبراطور قسطنطيوس الذى لا يرحم يتمتع بسلطان ملأ ربوع العالم الرومانى كله ، وقد حاول الملك الغاضب الحانق فى رسالة عاجلة ملحة بعث بها إلى أمراء أثيوبيا ، وهى من أكثر بقاع الأرض بعداً وعزلة ، أن يطردوا اثناسيوس ( إذا كان عندهم أو جاء إليهم) وإستخدم الأمبراطور الأمراء والولاة والقضاة وجيوشاً بأكملها لمطاردة الأسقف الهارب ، ولقد اثارت المراسيم الأمبراطورية يقظة السلطات المدنية والعسكرية ، كما خصصت مكافآت سخية وعد بها لأى رجل يجئ بالأسقف ( أثناسيوس) حياً أو ميتاً !! وأنذر كل من يجرؤ على حماية هذا العدو بأشد العقوبات . ولكن كانت صحراوات طيبة - فى صعيد مصر - موطناً للرهبان الذين استقبلوه بالطاعة الفطرية ، كما أستقبله العديد من اتباع انطون (4) وباخوم بغعتباره ابيهم الروحى . ولكنهم ( بالرغم من بأسهم) عندما كانت أماكنهم النائية تتعرض لغزو قوة عسكرية كانوا لا يقاومونها ، بل يقدمون رقابهم فى سكوت وصمت للجلاد ، مظهرين بذلك طابعهم القومى وهو أن التعذيب لا ينتزع من مصرى أى أعتراف بسر ، عند العزم على عدم إفشاءه . وقد كرسوا حياتهم فى غيرة وحماس لسلام أسقف الأسكندرية ، الذى غاب عن الأنظار وسط جكهور منظم متحد ، وعندما كان يقترب من الخطر كانت أيديهم الرحيمة تبادر بإبعاده من مخبأ إلى مخبأ ... وظل أثناسيوس فى عزلته هذه حتى أنتهت حياة قسطنطيوس . وقد كان على صلة وثيقة باساقفة الأرثوذكس وكان يتقابل معهم كلما كانت تخف حدة المطاردة ، وكان يذهب إلى الإسكندرية ويلجأ إلى فطنة أصدقاءه ويأتمنهم على شخصة . ومرة إلتجأ إلى خزان مياة جاف (5) ومرة إلتجأ إلى منزل عذراء ، من بناته ، وخبأته فى منزلها ، وكانت تزوده بالمؤن والكتب ، وتبر حركة مراسلاته (6) ومن أغرب ما رواه أثناسيوس أنه ةوهو فى اثناء إختفاءه هذه السنوات الست ، ذهب سراً وحضر مجمعى ريمي وسلوقيا، ولا بد لنا ان نعتقد أنه كان موجوداً بطريقة سرية فى مكان أنعقادهما وزمانه ، لمراقبة حركة الإنقسامات القائمة ، مما كان يبرز فى نظر رجل سياسى حصيف كهذا الأسقف مثل تلك المغامرة الجريئة الخطرة . ولقد كان أثناسيوس لا يكف عن سن حربه الهجومية ضد الإمبراطور بلا توقف لأنه : حامى الهراطقة الأريوسيين ، حاكماً ضعيفاً خبيثاً ، وطاغية يحكم الشعب ، وعدو المسيحية ، وكان يتحين الفرص المناسبة ليكتب رسائلة ويروجها له أصدقاؤه فى مهاره فيطالعها الناس فى شغف وقد أسهمت كتاباته هذه فى توحيد الفريق الأرثوذكسى وتقويته. أما هذا الملك المنتصر الذى عاقب غاللوس ، وقمع ثورة سلوانس ، وأنتزع التاج من فوق رأس فترانيوس ، وقهر جحافل الطاغية ماجنتيوس ، هذا الملك بعينه تلقى بيد خفية هى يد الأسقف أثناسيوس جرحاً بليغاً لم يستطع البرء منه ، ولا الإنتقام له !! وكان أبن قسطتطين هذا هو أول ملك مسيحى يحس بقوة تلك المبادئ التى أستطاعت فى سبيل القضية الدينية أن تقاوم أشد وأقسى أعمال السلطة الندنية !! ] (7) المــــــــــــــــراجع (1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 261- 262 وما بعدها (2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى (4) تنيح القديس أنطونيوس أب الرهبان فى هذه السنة . (3) The letter of Constant against Athanas., N. P. N. F., p. 249. (5) يقول الأب متى المسكين فى حاشية كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر اسفل صفحة 263 : " لا يزال هذا الخزان الجاف موجود حتى اليوم أثناء وجودى بالأسكندرية وهو تحت مبنى البطريركية الآن . (6) الذى يروى هذه الرواية هو بالليدوس كاتب سيرة الرهبان ، ويقول أنه قابل هذه العذراء ، بعد أن تقدم بها العمر وكانت لا نزال تذكر فى غبطة وسرور تلك الأيام . (7) راجع جيبون |
|