رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إِنْ نَسِيتُكِ يَا أُورُشَلِيمُ، تَنْسَى يَمِينِي [5] يحمل هذا المزمور نوعًا من التبكيت للذين استقرت مشاعرهم وتبلدت، فأرادوا البقاء في أرض السبي لمصالح مادية شخصية. كان المسبيون يشعرون أنهم أن نسوا أورشليم يحل الفالج (الشلل) باليد اليمنى، حتى لا تعزف على القيثارة. كما يحل باللسان، فيصير الإنسان أخرس. هذا هو حال من ينسى وطنه السماوي، أورشليم العليا، فإنه يصير عاجزًا عن التمتع بالفرح الحقيقي، تُصاب يمينه بالفالج، فيعجز عن العمل اللائق به كابن لله، ويعجز لسانه عن القدرة على الكلام، فلا يستطيع الدخول في حوار مع مخلصه، وبالتالي يفقد لذة العمل الروحي عذوبة التسبيح! يرى القديس أغسطينوس أنه يليق بنا أن نذكر أورشليم السماوية، لكن لا يكفي ذكرها، إنما نذكرها ويلتهب قلبنا شوقًا إليها بحبٍ خالصٍ. فإن الأشرار يذكرون أورشليم أي الكنيسة أو المؤمنين، لكنهم يشعرون بأن المؤمنين يغلبونهم روحيًا، فلا يحبونهم بل يودون الخلاص منهم في بغضةٍ شديدةٍ بلا سبب. * انتبهوا كيف تسكنون في وسطهم يا شعب الله، يا جسد المسيح، يا جماعة المتجولين، أبناء العز، لأن بلدكم ليس هنا، بل في موضعٍ آخر (السماء)، لئلا تحبوهم، وتصارعوا لأجل بلوغ صداقتهم (مع قوات الظلمة)، وتخشوا أن تثيروا استياءهم، فإن بابل تبدأ تجد لذتها فيكم، وتنسوا أورشليم. * "يلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك" يقول: ليتني أكون أبكم إن كنت لا أذكركِ. فإنه أية كلمة أو أي صوت يصدر عن من لا ينطق بترانيم صهيون؟ فإن لساننا هو ترانيم صهيون. ترانيم محبة العالم لسان غريب، لسان بربري، تعلمناه في سبينا. من ينسى أورشليم يكون أبكم بالنسبة لله. لا يكفي أن نذكرها، فإن أعداءها أيضًا يذكرونها، راغبين في طرحها. يقولون: "ما هي هذه المدينة؟ من هم المسيحيون؟ أي نوع من البشر هؤلاء المسيحيون؟ يا ليتهم لا يكونون مسيحيين!" الآن، جماعة الأسرى يغلبون الذين أسروهم، ومع هذا فهو متذمرون وثائرون ويريدون أن يقتلوهم بكونهم يعيشون كغرباءٍ بينهم. إذن لا يكفي أن نذكرها، إنما لتهتموا كيف تذكرونها. فإننا نذكر بعض الأمور بكراهية، وبعضها بالحب. القديس أغسطينوس * لاحظوا التغير العظيم هنا. هؤلاء الذين كانوا يسمعون يومًا فيومًا أنهم سيّسبون ويسبحون المدينة ولم يبالوا بذلك، الآن يصبون اللعنات على أنفسهم على أنفسهم إن نسوها. ماذا يعني: "تنسى يميني"؟ إنه يقول "تنسى قوتي، لينسَ سلطاني، وأصير أبكم بسبب عظم جُرم الشرور". القديس يوحنا الذهبي الفم * سؤالٌ من الأخ نفسه للشيخ الكبير: أتوسل إليك، يا معلِّم، أن تذكرني دائمًا، وتوضِح لي كيف يجب أن أتعامل مع الأخ الساكن بجوارنا؟ إجابة القديس برصنوفيوس: أيها الأخ، مكتوبٌ: "إن نسيتكِ يا أورشليم، تنسَى يميني" (مز 137: 5)، هذا بخصوص التذكُّر. أما عن كيف يجب أن يتعامل الإنسان مع الأخ، فإن الذي يريد أن يُرضي الله يقطع مشيئته لأجل قريبه بأن يغصب نفسه. لأنه مكتوبٌ: "ملكوت السماوات يُغصَب، والغاصبون يختطفونه" (مت 11: 12). فاعرف، إذن، كيف يستريح أخوك وافعل هكذا، وأنت أيضًا تجد راحةً من الله بالمسيح يسوع ربنا، له المجد إلى الأبد آمين. القديس برصنوفيوس |
|