رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما بين السرعة والبطء بقلم: البابا شنودة الثالث هل من الصالح السرعة في العمل أم البطء فيه؟ إنه سؤال حير الكثيرين, وتعددت فيه الآراء وتناقضت, وبقي الناس حائرين. فنسمع أحد الشعراء يشجع علي التروي والتأني وهو مرحلة ما بين السرعة والبطء فيقول. قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الذلل ولكن هذا الكلام لا يعجب شاعرا آخر فيرد عليه قائلا: وكم اضر ببعض الناس بطؤهم وكان خيرا لهم ولو أنهم عجلوا وهكذا بقي الأمر كما هو موضع حيرة: هل نبت في الأمر بسرعة؟ أم نتأني ونتروي؟ فما هو الحل؟! ولاشك أن كثير من الأمور لا يمكن أن تقبل التباطؤ. وقد يكون البطء فيها مجالا للخطر والخطأ. ويحسن فيها البت السريع. فمثلا التباطؤ في معالجة بعض الأمراض الجسدية, قد ينقلها إلي مراحل من الخطر, يصعب فيها علاجها أو يستحيل... وبالمثل في مسائل التربية. حيث يؤدي التباطؤ في تقويم الطفل أو الشاب إلي افساده بينما لو عولج في طفولته بالهداية لكان الأمر سهلا مثل غصن الشجرة الذي يمكن عدله في بادئ الأمر, أما إذا تقادم فإنه يتخشب ويصعب تعديله. وفي ذلك قال الشاعر: إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته الخشب وعلي ذلك لا يصح أن يتباطأ إنسان في التوبة. لأن كل أمر يمر عليه في الخطيئة, إنما يزيد استعبادها له. فيتحول الخطأ إلي عادة. وقد تتحول العادة إلي طبع. وحينئذ قد يحاول الخاطئ أن ينحل من رباط خطيئته أو شهوته فلا يستطيع. أو قد يستطيع بنعمة الله أن ينحل من هذه الرباطات بعد مدة, ولكن بمرارة وصعوبة, وبعد جهاد مميت... كل ذلك لأنه تباطأ في توبته وفي معالجة أخطائه. هناك إذا مواقف تحتاج إلي بت سريع وإلي حزم, قبل أن تتطور إلي أسوأ, وقبل أن يسبق السيف العزل. وبعض التصرف السريع قد يكون مؤلما, ولكن يكون لازما بقدر ما يكون سريعا وحاسما. وهناك علاقات ضارة وصداقات معثرة, ينبغي أن تؤخذ من أولها بحزم. كما قد توجد اتجاهات فكرية مخربة, أو اتجاهات سلوكية منحرفة. إن لم يسرع المجتمع في التخلص منها, فقد تقاسي من هذا التباطؤ أجيال وأجيال... ومن الناحية الأخري هناك مواقف عكسية كثيرة تحتاج إلي التأني, ويتلفها الأسراع أو الإندفاع. فمتي يصلح التباطؤ إذن؟ يعجبني ذلك القول الحكيم:' ليكن كل إنسان مسرعا إلي الإستماع, مبطئا في التكلم, مبطئا في الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله'... نعم إن التباطؤ في الغضب فضيلة كبيرة. فإن الإنسان سريع الغضب, قد يصل به الغضب إلي الإندفاع. وفي إندفاعه قد يفقد سيطرته علي أعصابه, أو قد يفقد سيطرته علي لسانه, ويقع في أخطاء كثيرة... لذلك احذر من أن تأخذ قرارا حاسما في ساعة غضبك. لئلا تضر نفسك أو تضر غيرك. إنما حاول أن تهدئ نفسك أولا. ثم بعد ذلك فكر وأنت في حالة هدوء. أو تباطأ في الوضع أو أجل الأمر إلي أن تهدأ. فإن القرارات السريعة التي تصدر في حالة غضب, قد تكون غالبيتها عرضة للخطأ. قد يطلق إنسان امرأته, إن أسرع بإتخاذ قرار في ساعة غضب. وقد يفقد أعز أصدقائه, وقد يتخلي عن عمله, بل قد يهاجر أيضا من وطنه... كل ذلك لأنه أخذ قرارا سريعا في ساعة إنفعال, دون أن يتباطأ ويفكر, ودون أن يؤجل الموضوع إلي أن يهدأ. بل قد ينتحر إنسان ويفقد حياته, لأنه أسرع بإتخاذ قرار ساعة إنفعال! أو قد يسرع بقتل غيره آخذا بثأره منه. كل ذلك في ساعة إنفعال. لذلك من الخير أن يكون الإنسان مبطئا في غضبه. وإذا غضب لا يقرر شيئا بسرعة. وإذا قرر إنسان شئيا بسرعة, فلا مانع من أن يرجع في قراره. أو قد يظن البعض أن الرجوع في القرار حينئذ, ليس هو من الرجولة أو من حسن السمعة... ولكن الحكمة تقتدي منا أن يراجع الإنسان نفسه فيما اتخذه من قرارات سريعة. اترك القيادة لعقلك لا لاعصابك. وإن أسرعت في التصرف في حالة إنفعال, تكون وقتذاك منقادا بأعصابك لا بعقلك. وهذا خطر عليك وعلي غيرك. أحذر أيضا من أن تكتب رسالة إلي غيرك في ساعة غضب. لأنك ستندم علي ما كتبته, ويؤخذ وثيقة ضدك. فإن لم تستطع أن تقاوم نفسك وكتبت مثل هذه الرسالة, فنصيحتي لك أن تتباطأ في إرسالها. أتركها علي مكتبك يومين أو ثلاثة. ثم عاود قراءتها مرة أخري. فستجد أنها تحتاج إلي تعديل وتغيير, أو قد تجد أنك قد أستغنيت عنها ولم تعد تتحمس لإرسالها. إن التباطؤ في الغضب قد يصرفه. كذلك البطء في التكلم نافع ومفيد. استمع كثيرا قبل أن تتكلم. حاول أن تفهم غيرك, أو أن تلم بالموضوع إلماما كاملا. واعط نفسك فرصة للتفكير ولمعرفة ما ينبغي أن تقوله. حينئذ يكون كلامك عن دراسة وبهدوء فلا تخطئ. إن الكلمة الخاطئة التي تقولها, لا تستطيع أن تسترجعها مرة أخري, فقد تسجلت وحسبت عليك. علي أن الإنسان يجب أن يكون مسرعا في التوبة. ويجب أن يكون مسرعا في إنقاذ غيره. فأنت لا تستطيع مطلقا أن تبطئ في إنقاذ غريق, كما لا يستطيع المجتمع أن يبطئ في إنقاذ من هم في حريق. ولذلك فإن عربات الإسعاف, وعربات إطفاء الحرائق لها في غالبية البلاد وضع آخر في حركة المرور. فحياة الناس والحفاظ عليها, لا يصح لها الأبطاء أبدا. كذلك في أمور الإدارة, هناك موضوعات لابد من الحزم فيها بسرعة قبل أن تتحول الشكوي إلي تمرد, ويتحول التمرد إلي مظاهرات وإلي مشاحنات وما لا يليق. |
20 - 06 - 2012, 05:57 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: ما بين السرعة والبطء 20/11/2011
بركة صلاتة تكون معانا جميعا
شكرا علي المقال ربنا يعوض تعب محبتك |
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إيليم اسم عبري يعني أشجارًا ضخمة مثل السنديان والنخيل والبطم |
بين السرعة والبطء |
الوقت والبطل |
بين السرعة والبطء |
شريط العذراء والبطل |