رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هو المراد بضرورية اعتقاد وجود الله ؟ المراد من ذلك ، هو أن في الطبيعة البشرية ميلاً طبيعياً إلى اعتقاد وجوده تعالى ، لأنه ليس من سبب كاف لعمومية ذلك الاعتقاد إلا كونه مغروساً في طبيعة بني البشر . وذلك غير منقوض بإنكار البعض في وجوده تعالى ، لأن الإنسان يقدر أن يضاد طبيعته إذا أراد ، وينكر ما هو مغروس فيه من الله . والمقصود بضرورية اعتقاد وجود الله ، هو أن العقل البشري عند بلوغه قدرة النظر في أمور دينية يعتقد ذلك طبعاً كما يعتقد الإنسان في وجود الشمس عند فتح عينيه لنورها . وما ذلك إلا لأن الله خلق في الإنسان مواهب روحية تمكنه من معرفة وجوده دون إفتقاره إلى تعليم في ذلك من خارج . وإذا التفتنا إلى الكتاب المقدس رأينا أنه خال من البراهين المنظمة على وجوده تعالى ، وما ذلك إلا لأنه تعالى لم يحسب الجنس البشري في حاجة إليها . ونرى أيضاً من الكتاب والاختبار أن الشريعة الأدبية مكتوبة على قلب الإنسان ، وذلك يستلزم التسليم بمشترع قد سنها ويحكم بموجبها ، ولذلك نرى الجنس عموماً شاعراًبعلاقته ذلك الكائن العظيم الخالق أيضاً بالمسئولية لذلك المشترع الذي كتب الشريعة على القلب ، وكل ذلك يستلزم الإقرار بوجود كائن قادر وحاكم عادل فالمراد بالقول أن الاعتقاد بوجود الله غريزي هو أن البشر لا يحتاجون إلى تعليم أو تنبيه من خارج في هذا الشأن ، لأن المعرفة الكاملة به تعالى مغروسة فينا ولا أننا نعرف نسبتنا إليه غاية المعرفة ، كما هي موضحة في الكتاب المقدس . أي أن ذلك يشير إلى أصل اعتقاد وجوده لا إلى كمال معرفتنا به ، نعم إن البراهين على وجوده تعالى تستلزم البحث العقلي ، ولكنه يلزم عن ذلك اعتقاد وجوده أولاً ، الذي هو غريزي على ما تقدم |
|