رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإتحاد بين الطبيعتين بدون اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر لقد اتحدت الطبيعة اللاهوتية مع الطبيعة البشرية إتحادًا كاملًا بدون اختلاط مثل اختلاط المواد معًا، وبدون امتزاج مثل امتزاج السوائل، وبدون تغيّير فالطبيعة اللاهوتية لم تتحوَّل إلى طبيعة بشرية، ولا الطبيعة البشرية تحوَّلت إلى طبيعة لاهوتية، ولم تذب الطبيعة البشرية في اللاهوت مثلما تذوب نقطة الخل في المحيط وتتلاشى كقول أوطيخا Eutyches. إنما احتفظت كل طبيعة بخصائصها حتى بعد الإتحاد بسر يفوق الإدراك، فاللاهوت ظل لاهوتًا بكل صفاته وخصائصه والناسوت ظل ناسوتًا بكل صفاته وخصائصه، وأقرب مثل لهذا نضعه أمام أعيننا هو في أنفسنا، فكل إنسان منا تتحد روحه بجسده..بكل جسده وليس بجزء من جسده، وكل خلية في الجسد هي خلية حيَّة، ومع ذلك تظل الروح روحًا والجسد جسدًا، ولم يتحوَّل أو يتغيَّر أحدهما للآخر، فالإنسان لن يصير روحًا مجردة مثل الملائكة ولن يصير جسدًا مجردًا مثل الحيوانات. قال البابا أثناسيوس " نؤمن بمسيح واحد وأقنوم واحد مؤلف من جوهرين قد اجتمعا في واحد بلا اختلاط ولا تحوُّل ولا تغيِيّر ولا فساد ولا انقطاع، ولا تجُّرد اللاهوت من الناسوت، ولا للناسوت من اللاهوت. مسيح واحد، الفاعل آيات اللاهوت مع ناسوته، والمحتمل الألم الناسوت مع لاهوته، بلا فرقة كيانية أبدًا ولا خروج لأقنومه عن توحيد أبدًا" (1). وقال القديس كيرلس الكبير في الرسالة الثالثة لنسطور "ونحن نقول أيضًا أن الجسد لم يتحوَّل إلى طبيعة اللاهوت، ولا طبيعة كلمة الله التي تفوق التعبير تغيرت إلى طبيعة الجسد، لأنه (اللاهوت) بصورة مطلقة هو غير قابل للتبدُّل أو للتغيُّر.. حينما كان منظورًا، وكان لا يزال طفلًا مُقمطًا، وكان في حِضن العذراء التي حملته ، فانه كان يملأ كل الخليقة كإله" (1). وقال مطوليفن أسقف روما "وإن قلنا أن الوحيد ابن الله تجسد وصار إنسانًا، فمن أجل هذا القول ليس هو مختلطًا كما اعتقد أولئك، ولا استحالت طبيعة الكلمة إلى الجسد، ولا طبيعة الجسد تغيرَّت إلى خاصية الكلمة" (2). وقال القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات "وهو الله الكلمة من قَبْل تجسده، ومِن بعد أن تجسد، وولدته العذراء هو هو. هذا الواحد لن تنتقل طبيعة لاهوته إلى طبيعة ناسوته، ولا طبيعة ناسوته إلى طبيعة لاهوته، بل هو أقنوم واحد ولدته العذراء، طبيعة واحدة سجد له المجوس" (3). |
|