عزيزى القارئ المحترم، مادمتَ هنا، فأنت ممن يقرأون المقال كاملاً. فشكرًا لك. لكن هناك مَن يقرأ عنوانَ المقال، ويتكاسل عن المقال. وهناك مَن يكتفى بعنوان فيديو على يوتيوب، غالبًا لا يعبر عن مضمون الكلام، ثم يبنى آراءً، على كلام لم يُقل. وهناك مُتصيّدٌ انتقائيّ، يكتفى بنصف جُملة، حاذفًا النصفَ الآخر، ثم ينسب لقائلها المسكين، فكرةً مبتورة مشوهة، يَظلُّ وِزرُها يلاحقُه مدى العمر، دون ذنب سوى أنه ابنُ مجتمعٍ كسول، يحفظ: «لا تقربوا الصلاة»، وينسى: «وأنتم سكارى»! أنا أكبر ضحايا هذه الآفة المجتمعية: «آفة القصّ واللصق». نسبوا لى مقولة: «القرآن به آياتٌ متناقضة»! بينما كنتُ أناقش شيخًا حول «الناسخ والمنسوخ، ووجود أحكام بالسور المدنية، نَسختْ أحكامًا مَكيّة قبلها. لكن بعض مواقعَ مسيحيةٍ تبشيريّة غير أمينة، أعادت تحميل الفيديو على يوتيوب تحت عنوان: «ناعوت تعترف أن القرآن متناقض»! والمراهنة هنا على أولئك الكسالى الذين يكتفون بعنوان الفيديو، دون تكبّد «عناء» المشاهدة ليفهموا. فبعضُ الناس إن فهموا، ماتوا! كنتُ مع الإعلامى أسامة كمال فى برنامجه «القاهرة 360». سألنى عن رأيى فى «المصالحة» مع الإخوان. فتكلمتُ فلسفيًّا بوجه عام، قائلة: «أنا لا أكره. جهاز الكراهية عندى مُعطّل والحمد لله. لهذا بوسعى مصافحة الشيطان، إن أصبح ملاكًا». وهو كما ترون افتراضٌ صعب. فهل يصبح الشيطان ملاكًا؟! يا ليت! وبالتالى سقط «جوابُ» الشرط، لأن «فعل» الشرط لم يحدث. مثلما تقول «إن وضعتَ الفيلَ فى جيبك، سوف أهجرُ مصر». أنت لن تهجر مصرَ أبدًا، لأن فعل الشرط غير متحقق. ثم أشرتُ إلى بعض الديانات الوضعية (مثل الزرادشتية) التى برأت الشيطانَ إذْ رفض السجودَ لغير الله، فهل يستحق لعنات البشرية التى تنهال عليه منذ الأزل وحتى الأبد؟ وبعد الحلقة مباشرة اشتعلت مانشيتات الصحف والمواقع: «ناعوت: أصالح الشيطان».!!!! وهذا المعنى المبتور أغضب الفريقين منى. أولاً: المدنيين الحزانى من إرهاب الإخوان، تعجّبوا: كيف أقبل مصالحة إرهابيين! وثانيًا: الإخوان والمتطرفون، تعجّبوا: كيف أشبّههم بـ«الشيطان». وكلا الفريقين مُخطئ. فلا أنا شبّهتُ أحدًا بالشيطان! ولا أنا دعوتُ لمصالحة إرهابيّ. هكذا يُنسب للمرء ما لم يقله! وهكذا يتم تكفيره بقلب بارد مطمئن! وهكذا نحتاج إلى ثورة جديدة. ثورة المعرفة. ثورة نبذ «الثقافة السمعية». ثورة على ثقافة: «قالوا له». ثورة لإعادة أسلوب «إنصاتنا» لـ«الآخر». ثورة «تدقيق المعلومة». لأن نصف الحقيقة، أخطرُ من الباطل. والآن، أعلمُ أن هناك من سيكتفون بقراءة عنوان هذا المقال، دون الوصول إلى هذه الكلمة التى تقرأها الآن، أنت أيها القارئ العزيز، غير الكسول.
المصرى اليوم