كذلك راحاب الزانية أيضاً أما تبررت بالأعمال إذ قبلت الرسل وأخرجتهم في طريق آخر (يع2: 25)
لقد كان لراحاب ما هو أكثر من حبل القرمز. فما فائدة حبل القرمز بالنسبة لراحاب ما لم يكن لها شهود أحياء موثوق بهم هناك في محلة الإسرائيليين. لم يكن رجاؤها في الموت وحده (الذي كان يرمز إليه حبل القرمز) بل في الشهود الأحياء. لم يكن الموت وحده يكفي لإعطائها الأمان ما لم يكن هناك شهود أحياء لصالحها، وهكذا الحال معنا. فنحن نضع ثقتنا لا في موت المسيح فقط بل في المسيح الحي. فالذي مات هو الآن حي. لقد قام وصعد إلى السماء وحياته الآن هي ضمان لحياتنا. لقد قال لتلاميذه « لأني أنا حي فأنتم ستحيون » و « إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأولى كثيراً ونحن مُصالحون نخلص بحياته ».
إنه المخلص الحي هو الذي يضمن لنا كل بركات ونتائج موته. فهو ـ تبارك اسمه ـ ليس فقط رهن حياته لأجلنا كما فعل الجاسوسان (يش2: 19) بل لقد وضع حياته فعلاً لأجلنا، والآن قيامته هي ضمان قبول عمله الذي عمله لأجلنا. وهو لا يقدم لنا غفران الخطايا فحسب، بل التبرير أيضاً؛ لقد « أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا » (رو4: 25) و « إنه بهذا (بالمسيح) يُنَادىَ لكم بغفران الخطايا، وبهذا يتبرر كل من يؤمن من كل ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى » (أع13: 38، 39).
وكما أن رجوع الجاسوسين إلى معسكر إسرائيل كان فيه ضمان لأمن راحاب، فبالأولى كثيراً يكون وجود مخلصنا المُقام عن يمين الله تأكيداً بأن كل الذين آمنوا به هم في أمان تام.
ويُعلمنا الكتاب أنه بموت المسيح نيابة عنا يُحسب كأننا نحن الذين مُتنا، وبموتنا معه عبرت عنا الدينونة وصرنا أمواتاً للخطية وللناموس وللعالم. فبالنسبة لنا نحن لا ننظر إلى الدينونة كشيء مستقبل، بل كشيء ماض « بهذا تكمّلت المحبة فينا أن يكون لنا ثقة في يوم الدين لأنه كما هو هكذا نحن أيضاً (في هذا العالم) » (1يو4: 17). فكما المسيح ـ الذي هو الآن عن يمين الله ـ هكذا نحن أيضاً، وعندما يأتي ليدين العالم لن نكون كراحاب التي أُغلق عليها في بيت داخل أسوار المدينة المقضي عليها، بل سنكون كالجاسوسين الحُرين في الجيش الغالب، جيش ذاك الأسد المنتقم « ألستم تعلمون أن القديسين سيدينون العالم » (1كو6: 2).