منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 04 - 07 - 2014, 03:42 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
أ. حلمي القمص يعقوب
تقديم

كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
يحتج الكثيرون على أحكام الله العادلة في العهد القديم بإبادة تلك الشعوب التي سكنت أرض كنعان، ووصلت خطاياها وآثامها عنان السماء، ووصلوا إلي مرحلة اللاعودة، وصاروا كالوباء الذي يستشري في الجسد البشري.. وللأسف فإن كثيرين من المسيحيين يعثرون من تلك الأحكام العادلة: إذ كيف يأمر الله بذبح النساء والشيوخ وحتى الأطفال الأبرياء؟.. وكيف يأمر بحرق المدن بكل من فيها من بشر وما فيها من حيوانات.. حتى قال احدهم "أن سفر يشوع يفيض بالدماء وشريعته شريعة الغاب".. وقال آخر "أن إله العهد القديم إله جزار".
وإذ قمنا بدراسة هذا الموضوع بكافة تفصيلاته في بعض الاكليركيات ومعاهد الكتاب ضمن مادة "النقد الكتابي" من خلال كتبنا "مدارس النقد والتشكيك والرد عليها" والتي تندرج تحت سلسلة "ملف مفتوح" من موسوعة "اقرأ وافهم". ونظرًا لأهمية هذا الموضوع وحساسيته المفرطة، لذلك استقطعت بعض الأسئلة من كتب مدارس النقد ج2 وج8 لتقديمها في هذا الكتيب ليسهل تداوله وقرأته. وليعطنا الله روح الفهم لنفهم حكمته في أحكامه.
وربط الصفحات مع مصدرها الأصلي في السلسلة..
ولإلهنا المجد الدائم إلي الأبد
آمين.
حلمي القمص يعقوب
رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 03:43 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

هل الله في العهد القديم.. إله جزار؟

كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
كثر في هذه الأيام الذين يهاجمون إله العهد القديم، وكأنهم يؤمنون بإلهين، احدهما الإله القاسي الجبار الذي لا يعرف الرحمة فيأمر بحرق المدن وذبح الأطفال وقطع الأشجار وطمر الآبار، وهو إله العهد القديم. أما الإله الآخر فهو إله الخير والصلاح والرحمة وطول الأناة، وهذا هو إله العهد الجديد.
ودعنا يا صديقي نعرض القضية برمتها ونجيب على تساؤلات كثيرين لماذا أمر الله بإبادة شعوب كنعان؟.. وما هي الحكمة في ان يُوكِل هذه المهمة الصعبة لشعبه ليكون أداة التنفيذ لهذه الاحكام الإلهية العادلة؟
  • كيف كانت حياة تلك الشعوب الكنعانية، وإلى أي مدى بلغت شرورهم وانحطاطهم الخُلقي؟
  • كيف يأمر الله يشوع بذبح الأطفال والنساء والشيوخ، وحرق المدن والديار، وقتل الحيوانات؟ أم أن تدمير المدن كان رغبةً من يشوع وهو جعلها رغبة يهوه؟
  • ردود على نقاد الكتاب المقدس
  • أولًا: الرد السريع المختصر على أهم الافتراءات السابقة
  • ثانيًا: الشر يأكل نفسه
  • ثالثًا: الغزوات في الإسلام
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

كيف كانت حياة تلك الشعوب الكنعانية، وإلى أي مدى بلغت شرورهم وانحطاطهم الخُلقي؟

ج: 1- عندما إقترب يشوع من أرض الموعد كانت شعوبها تسكن بالأكثر في الوديان والمناطق الساحلية، وكان لكل شعب مدنه المستقلة التي كانت بمثابة جزر منفصلة، فكل مدينة لها ملكها ورجالها وأشرافها وسياستها، فهي أشبه بدولة مستقلة، ويقول " المطران يوسف الدبس": "وكانت بلاد فلسطين يومئذ منقسمة إلى ممالك عديدة، لكن هذه الممالك لم تكن إلاَّ أعمالًا أو أقطاعًا مستقلًا أحدهما عن الآخر، ويلي كلاَّ منها حاكم يسمونه ملكًا يتآمَّر على عشيرته، وهذه العشائر هي التي سماها الكتاب الحثيين واليبوسيين والأموريين.. إلخ. وقد جاءت الآثار المصرية مصداقًا لما ورد في الكتاب، فقد كشف العالِم "مزيات " عن وجه مساكن في أخربة هيكل الكرنك على مقربة من تاب (طيبة) القديمة، دُوَّن عليها تحوتمس الثالث أحد ملوك الدولة الثامنة عشرة أكثر من ست مئة اسم موضع، إستحوذ عليها، وبين هذه الأسماء مئة وتسعة عشر علمًا لعشائر ومواضع في فلسطين، وهي منقسمة إلى ست دوائر كأنها ست إمارات. ويمكن أن تُقرأ أسماؤها كما يأتي يابوسي (اليبوسيون)، أموري (الآموريون)، كركاسي (الجرجسيون)، حِيوي (الحوويون)، عرقي (العرقيون أو الحثيون)، سيني (السينيون أو الفرزيون) وقد رُقِمت هذه الخطوط في مدة إقامة بني إسرائيل في مصر قبل خروجهم منها"(1).
ويمكن تقسيم المجتمع الكنعاني إلى ثلاث فئات:
أ- قبائل متحضرة مستقرة: مثل الأموريين الذين سكنوا المدن التي تقع في الوديان والتلال في المنطقة التي تقع بين نهر الأردن والبحر المتوسط، والفينيقيين الذين سكنوا المناطق الساحلية وعملوا بالتجارة.
ب- قبائل نصف متحضرة ونصف مستقرة: مثل الأدوميين الذين عملوا بمهنة الرعي بالإضافة إلى أنشطة أخرى.
جـ- قبائل البدو: مثل العماليق والمديانيين الذي يعتمدون كلية على الرعي، ويرتحلون من مكان إلى آخر بحثًا عن الماء والكلا.
إذًا نستطيع أن نقول أن الكنعانيين أشتغلوا بالزراعة وعرفوا حياة الاستقرار والمدن الحصينة، بالإضافة إلى الرعي على التلال التي تميزت بها أرض فلسطين، بالإضافة إلى أعمال التجارة، ولاسيما أن موقعهم يعد موقعًا إستراتيجيًا، فتبادلوا التجارة مع مصر، وسوريا، وبلاد ما بين النهرين، وجزيرة كريت، وجزر بحر أيجة باليونان. كما أتقن الكنعانيون صناعة الأقمشة، وصناعة الخزف الملوُّن، وبرعوا في فن الكتابة، حتى صارت لغتهم فيما بعد هي أم اللغات الأوربية.
ويعلق " جان مازيل " على مدى تقدم الحضارة الفينيقية والتي تعتبر وريثة الحضارة الكنعانية، فمن جهة فن العمارة يقول " يُعزىَ إلى الفينيقيين فن قطع الحجر ونحته من أجل البناء، كما رأينا في بعلبك. ومنذ إقامة البيوت الحضرية الأولى في جبيل حافظوا على تقدمهم على مر القرون. وأبرز الشواهد على مهارتهم هو اعتماد سليمان على مهندسين وبنائين حوريين لإقامة معبد أورشليم، أجمل معابد عصره"(2).
ومن جهة التجارة والصناعة يقول " جان مازيل": "مارس الفينيقيون صناعة وتجارة المواد الثمينة وبرعوا فيها. ولم تغفل النصوص التوراتية ذكر ذلك. فكانوا يشترون المواد الخام، وخاصة الذهب، وينتجون منها مُختلف التحف للتجارة، وكانت لديهم بصورة خاصة مهارة في صنع الحُلي المفرَّغة التي قد تكون من أوراق الذهب أو من فتائل معدنية. وهذا النوع من الحُلي وُجِد في مختلف الأماكن السياحية التي عرفها الفينيقيون والقرطاجيون"(3).
ومن جهة صناعة النسيج يقول " جان مازيل": "تمتعت منسوجات الفينيقيين القطنية والصوفية بالجودة وصارت لها شهرة، حتى أن رجال ونساء طبقة الأشراف الرومان كانو يتهافتون على منسوجات صور الرائعة"(4).
ووصل تقدم الفينيقيين إلى إستخراج المياه العذبة من البحر، فيقول " جان مازيل": "وكان أن سكان إحدى هذه الجزر وهي " أرواد " لاحظوا هنا وهناك فورانًا غريبًا على وجه ماء البحر ثم تبين لهم أن منابع مياه عذبة تخرج من قاع البحر على أعماق قليلة. وتوصلوا إلى إستغلال هذه المياه بتثبيت قمع برونزي كبير مقلوب فوق النبع ووُصّل القمع بأنبوب طري من الجلد مدهون بالزفت من أجل الكتامة ومرفوع حتى سطح الماء بحيث يُعبَّأ منه الماء العذب في أوعية للنقل. ولم يقتصر ذلك على جزيرة أرواد فحسب بل وُجِدت هذه الينابيع على طول الساحل الفينيقي. وهكذا أحرز الفينيقيون قفزة حضارية في هذا المجال وكل المجالات الأخرى، بإيجاد تقنيات جديدة وتحسين التقنيات الموجودة. ومن ذلك ما لم يزل معروفًا حتى أيامنا هذه"(5).
2- كان للكنعانيين آلهة عديدة مثل الإله " البعل " ودعوه " السيد " Lord، والإله " هدد " Hadad إله العاصفة والإلهة " عشتاروت"، والإلهة " عناة"، ولم يكن للكنعانيين معابد أو هياكل، ويقول " المطران يوسف الدبس": "بل كانوا يعبدون آلهتهم على قمم الجبال والمشارف، فيقيمون هناك عمودًا أو نصبًا أو صخرًا يسمونه بيت إيل، أي مسكن الرب، فيعبدونه ويجلونه، وعنهم أخذ بنو إسرائيل المشارف"(6).
أما الفينيقيون فقد أقاموا المعابد الشبيهة بالمعابد المصرية،ومن أقدم هذه المعابد " هيكل ملكرت " في صور، فيقول " المطران يوسف الدبس": "هيئة هيكل ملكرت في صور، وكان أمام هيكلهم غالبًا رواق أرفع عن سائر البناء، ويليه معبد تُقدَّم به الضحايا والتقادم، ثم معبد آخر، ثم قدس أقداس لا يحل للعامة ولا لجميع الكهنة الدخول إليه. وكان بجوانبه مخادع للخدام"(7).
3- إنحدرت الشعوب الكنعانية إلى أحط أنواع الرذيلة، وتوغلوا في الشر، وشابهوا في سلوكهم سدوم وعمورة، حتى أنهم كانوا يقدمون أبنائهم ذبائح للأصنام، وكانت كاهنات المعبد يمارسن البغاء المقدس، فيعتبرنَّ أن الزنا من طقوس العبادة، ويقول " القمص مكسيموس وصفي": "كان أشر ما في حياة الكنعانيين هو عبادتهم التي أقترنت ممارستها بتقديم الذبائح البشرية، ومن أنواع أخرى من الشر مثل الزنى والسكر بالخمر والمجون. وقد إنتشرت تلك العبادات في كل من شرق وغرب الأردن، وقد أُكتشفت في عمان (عاصمة المملكة الأردنية) وهي أرض العمونيين أعداد كبيرة من بقايا عظام أطفال محروقة بالنار قُدمت للإله مولك وكوش إله الموآبيين (1 مل 11: 5)"(8).
ويقول " المطران يوسف الدبس": "وأسوأ الصنيع في ذلك تقدمة الضحايا تكرمةً لبعل مُلوك، إذ كان الآباء أنفسهم يطرحون أولادهم في النار المضطرمة، ومصدر هذا الصنيع المُخيف تصوُّرهم طبع الإله ناريًّا، واعتقادهم شيئًا من الألوهية في النار. فيضحون بأولادهم ليشتركوا في شيء من الألوهية أو يسترضوا الإله المتغصب. وكانت الضحايا البشرية عندهم أعظم الضحايا. ويقدمون بها غالبًا بكر أولادهم أو أحدث مولود لهم معتقدين أنهم بذلك يكرّمون الإله بأنفس ما يملكون"(9).
كما يقول " المطران يوسف الدبس " أيضًا " كان كهنة بعل وعشتروت عند الفينيقيين في أعيادهم يلبسون ملابس النساء ويخضبون وجوههم بالحمرة، ويزحّجون حواجبهم، ويكحلون عيونهم، ويعروُّن أيديهم إلى الكتف، ويحملون بأيديهم سيوفًا أو يتنكبون حرابًا، ويتأبطون دفوفًا أو معازف يضربون بها، ويرقصون ويضجون ويدورون على عقب واحد، وينعطفون برأسهم إلى الأرض عند دورانهم فيمرغون شعورهم بالوحول، ويعضُّون أذرعهم، ويخدشون أجسامهم بسيوف وحراب كما جاء في سفر الملوك الثالث (1 مل 18: 28) فإذا سال دمهم قدموه ضحية لآلهتهم الدموية"(10).
ويقول " زينون كوسيدوفسكي " عن الإله " مُلوك": "أبشع جوانب طقس هذا الإله أن تابعية كانوا يقدمون له قرابين بشرية وخصوصًا الأطفال، وأكثر ما أنتشر هذا التقليد السيء في قرطاجنة، نعم لقد دلت الاكتشافات الأثرية على أن الكنعانيين ظلوا لفترة طويلة بعد التغلغل الإسرائيلي يقدمون الأطفال قرابين الآلهة، وقد وُجدت هناك مقبرة كل المدفونين فيها من الأطفال وعلى بقايا عظامهم آثار واضحة للحرق. وكان الكنعانيون يحرقون الأطفال قربانًا للآلهة ثم يضعون كل طفل في آنية ويدفنونها في التراب"(11).
ويقول " جان مازيل": "من الواضح إذًا أن البغاء المقدَّس كان يُمارس في المعابد الفينيقية، ومن المحتمل أيضًا أن طقوسًا جماعية بهذا الصدد كانت تُمارس حسب تغيُّرات الفصول لاستنزال النعم السماوية والخصوبة للأرض"(12).
كما يحدثنا " جان مازيل " عن الانحطاط الخُلقي في العبادة القبرصية، ومن المعروف أنه كان هناك تبادل تجاري بين قبرص وأرض كنعان، فيقول " كانت قبرص تشتهر بمعبد أفروديت في باخوس، وكان هذا المعبد مكرَّسًا كليًا للحب، وكما هو الحال في كل معابد أفروديت بذلك العصر كانت تقوم بخدمة ذلك المعبد راهبات نذرن أنفسهن للبغاء المقدَّس.. ويصف لنا سترابون معبد " كورنث " بأنه صغير جدًا لكنه فائق الشهرة، ويقع في وسط القلعة. وكان يوجد في ذلك المعبد حوالي المئة راهبة مكبَّات على ممارسة العبادة وقد نذرن أنفسهن للهوى. وكانت متطلباتهن الكثيرة قد عادت على المعبد بموارد هائلة"(13).
وجاء في " دائرة المعارف الكتابية": "وقد كشفت الحفريات الأثرية عن أن تلك الشعوب وصلت إلى الدرك الأسفل في ممارستها الجنسية فجلبوا الدمار على أنفسهم بانغماسهم في الفساد"(14).
وجاء أيضًا في دائرة المعارف الكتابية " فقد أُكتشف في بيبلوس في فينيقية مركز كان مخصصًا لعبادة " عناة " من الواضح أنها كانت تُمارس فيه الدعارة الدينية الفاضحة وطقوس الخصوبة الجنسية، فوُجدت هناك تماثيل صغيرة عارية لإناث.. وفي عصر العمارنة كان للديانة الكنعانية العربيدة تأثيرها في الشرق الأوسط.. ويبدو أن الكنعانيين كانوا يحتفلون بأربعة أعياد رئيسية لها علاقة بالزراعة، وكانت هذه الأعياد على الدوام مواسم للعربدة والسكر والإفراط في الممارسات الجنسية، فمن الواضح أن الديانة الكنعانية كانت أكثر الديانات انحطاطًا في الأمور الجنسية في العالم القديم"
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:01 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

كيف يأمر الله يشوع بذبح الأطفال والنساء والشيوخ، وحرق المدن والديار، وقتل الحيوانات؟ أم أن تدمير المدن كان رغبةً من يشوع وهو جعلها رغبة يهوه؟


وذكر النُقَّاد أمثلة على هذه القسوة:
أ - في اقتحام أريحا " وحرَّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها" (يش 6: 21، 24).
ب- عند اقتحام عاي " ودخلوا المدينة وأخذوها وأسرعوا وأحرقوا المدينة بالنار.. فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء أثنى عشر ألفًا جميع أهل عاي. ويشوع لم يرَّد يده بالمزراق حتى حرَّم جميع سكان عاي.. وأحرق يشوع عاي وجعلها تلًا أبديًّا خرابًا إلى هذا اليوم" (يش 8: 19 - 28).
جـ- في سفر يشوع تتكرَّر عبارة (الضرب بحد السيف وتحريم كل نفس حتى لم يبقَ شارد) بمعنى أو بآخر وذلك في اقتحام مقيدة، ولبنة، ولخيش، وعجلون، وحبرون، ودبير، وكل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح (راجع يش 10: 28، 30، 32، 35، 37، 38، 39، 40).
د - في اقتحام حاصور " ضربوا كل نفس بحد السيف. حرَّموهم ولم تبقَ نسمة. وأُحرق حاصور بالنار. فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرَّمهم كما أمر موسى عبد الرب" (يش 11: 11، 12)(1).
ويقول " دكتور مصطفى محمود": "وجعلوا من الرب طاغوتًا دمويًا يستبيح لهم جميع الأمم"(2).
ويقول " دكتور محمد عمارة: "وجدنا الأوامر الإلهيَّة أن تدعوهم إلى تدمير كل الأغيار من البشر إلى الشجر إلى الحجر، ومن الحيوان إلى الطبيعة، ومن الكبار إلى الأطفال، ومن الرجال إلى النساء"(3).
ويقول " علاء أبو بكر": "كيف تصف يانصراني الرب الخالق لأولادك؟ فإن قلت له أنه إله المحبة.. هل لم يكن إله للمحبة عندما أوحى إلى موسى والأنبياء أن يبيدوا الأمم؟ وأن يقتلوا الأطفال؟ وأن يقتلوا الرضع؟ وأن يبيدوا النساء؟ فكيف يكون إله للمحبة وهو يأمر بالقتل والحرب والإبادة؟! أم هل تغيرت صورته وتجمل وعمل (نيو لوك) ليعجب عبيده"(4).
ويقول " د. سيد القمني": "وفي رحلة الخروج أو الهروب.. يسجل اليهود في توراتهم أبشع صور الوحشية، فيأتون على كل ما يقابلهم في الطريق ذبحًا وتحريقًا، ولم يسلم من أذاهم لا الإنسان ولا الحيوان ولا حتى نبات الأرض، بعد أن قرَّرته الشريعة الربانية وأباحته إباحة مُطلقة، وأسفر الرب العبراني آنذاك عن هويته بوضوح فأعلن أنه من الآن {الرب رجل الحرب} (خر 15: 3).
{احرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار} (عد 31: 10)
{اقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة} (عد 31: 17)
{احرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار} (تث 12: 31)
{فضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرّمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك} (تث 13: 15، 16)
أما شريعة الحرب، وفق الخطة المُثلى التي كتبها رب اليهود بأصبعه على الألواح، التي نفذها (يشوع) خليفة (موسى) على القيادة، بدقة وإخلاص، تحسده عليها الضواري من كواسر الوحش..
وأما مدن كنعان الفلسطينية، فلها في موعظة الرب الحسنة شرعة أخرى، فهو يأمر قائلًا {وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما} (تث 20: 10 - 16)..
وقد أكد صدق هذه المفاخر التوراتية ذلك الحجر الذي أُكتشف أخيرًا في " نوميديا " ضمن آثار قرطاجنة القديمة، شمال أفريقيا، وعليه كتابة تقول {أننا خرجنا من ديارنا لننجو بأنفسنا من قاطع الطريق يشوع بن نون، بعد أن قتل منا في عشية واحدة عشرة آلاف إنسان}"(5).
كما يقول " د. سيد القمني": "عمد (ندرة اليازجي) إلى إبراز الفروق الجوهرية بين إله موسى التوراتي المُرعب الدراكولي، وبين إله المحبة والسلام مسيح الأناجيل"(6).
ويعلق" د. محمد بيومي " على قول الكتاب بأن الله يحارب عن شعبه إسرائيل فيقول عن الله " وهو مستعد أن يرتكب في سبيل انتصار شعبه من ضروب الوحشية وما تشمئز منه نفوسنا.. ويأمر شعبه بأن يرتكبوا هم هذه الوحشية، فهو يذبح أممًا بأكملها راضيًا مسرورًا عن عمله"(7).
ويقول " زينون كوسيدوفسكي": "فيهوه المُتحلي بمعالم وملامح إله الحرب القاسي الذي لا يرحم، يأمر أتباعه ألاَّ يرأفوا بالأطفال ولا بالنساء ولا حتى بالحيوانات. فحسب القَسَم الحربي الذي بين تعاليم وقوانين سفر التثنية، لم يترك الإسرائيليون حجرًا على حجر في المدن التي أحتلوها حتى الغنائم النفيسة كان مصيرها الحرق بالنار، وإذا ما سولت نفس أحد الإسرائيلين له بمخالفة القانون الإلهي وأخذ جزء من الغنيمة، فإن مصير ذلك الشخص الحرق أيضًا"(8).
ويعلق " ناجح المعموري " على إبادة يشوع لأهل عاي البالغ عددهم إثنى عشر ألفًا فيقول: "الصورة واضحة للبربرية اليشوعية، وهي تجسيد لقرار الرب يهوه، وحقق بها ومن خلالها يشوع إثارة الخوف والرعب في نفوس سكان المدينة الكنعانية، وكان لأفعال الإبادة والحرق التي أجراها يشوع في أريحا وعاي تأثيرها النفسي الهائل على السكان"(9).
ويقول " ناجح المعموري": "وفي كل الإجتياحات كان الرب يهوه، هو الذي يُسلّم الممالك إلى أيدي الإسرائيليين.. هذا الحجم من الإبادة الجماعية والذي تعترف به التوراة يقدم تعطش العبران اليهود إلى القتل الجماعي، حيث كان يعني تحقق الانتصار لهم على واحدة من الممالك قتل جميع سكانها رجالًا ونساء. والسؤال هل تناسى العبران هذه المجازر وظلوا يتذكرون الهولوكست"(10).
ويقول " أبكار السقاف": "أن بيشوع، وليس إلاَّ يشوع، وقد أمتد هذا المد الإسرائيلي سعيرًا فأحرق بالنار المدن الكنعانية الواحدة تلو الأخرى، وقتل أهلها برمتهم من رجال ونساء وأطفال بل وفي حُمى لا واعية أنطلق هذا المد مجنونًا فلم يسلم من التدمير من يده شيء حتى السائمة!.. لم يستبق يشوع من البهائم واحدة! البقر والغنم والحمير أحرقها يشوع أحياء! كل ما أستولى عليه يشوع دمره تدميرًا وقتله قتلًا وأحرقه حيًا! أباد يشوع كل شيء باستثناء المعادن وسبائك الفضة والذهب"(11).
ويقول " اللورد بولينغبروك هنري سانت جورج" (1678 - 1751م) الفيلسوف الإنجليزي الذي هاجم التوراة وأعتبرها أساطير، ولم يعترف بالسيد المسيح كشخصية تاريخية " هل يُعقل أن يكون إله أبًا للناس كلهم، وفي الوقت نفسه يقود ذلك البربري المتوحش (يشوع) ويرافقه؟ إن أكثر آكلي لحوم البشر دموية يخجل أن يكون شبيهًا لإبن نون! يا عظمة الله! لقد أتى من عمق الصحراء ليبيد مدينة غريبة ويقتل سكانها كلهم أو يذبح حيواناتها كلها ثم يحرق منازلها بما فيها، بينما هو لا يملك سقفًا يأوي تحته، ولم يرحم سوى قحبة نتنة خانت وطنها، وأستحقت أن تُسام مرَّ العذاب (يقصد راحاب).. وعلى أي حال، لا يستطيع كتابة مثل هذه الأشياء سوى سكير نذل، ولا يصدقها سوى سكير أحمق نهش الغباء ما في جمجمته"(12).
كما يرى " ناجح المعموري " أن هذه الحروب كانت تعبر عن رغبة يشوع ولكنه نسبها لله فيقول " هي رغبة الزعيم أو القائد، لكن المُحرّر يجعلها رغبة يهوه، فالرغبات البدائية التي كانت تغلي في صدورهم حوَّلوها إلى نبؤات.. وسخَّروا الخالق الذي جعلوه طوع إرادتهم ورهن إشارتهم إلى تحقيق هذه الرغبات.. فرغبتهم في قهر الأمم القوية وهم الضعفاء المستضعفون، والتغلب على الأمم الحضارية وهم البدائيون المتخلفون، وإستملاك يهوه لنصرتهم وشد أزرهم في الحروب، جعلتهم ينسبون إلى إلههم يهوه وعده المشهور بتمليكهم أرض كنعان. هذا الوعد الذي يتكرَّر بصورة مختلفة، وعلى أفواه أنبياء عديدين، لتأكيده وحفره في صدورهم، لا يزال مادامت في صدورهم أنفاس الحياة"(13).
ويقول " ريتشارد دوكنز": "أن تصفية الشعوب التي بدأت في عهد موسى أثمرت دمويتها في كتاب يشوع، كتاب ملحوظ في مذابحه المتعطشة للدم والخوف من الغرباء الذين يتوجب ذبحهم.. وقصة يشوع وتدميره لأريحا، وإحتلال أرض الميعاد بشكل عام، لا يمكن تمييزها عن غزو هتلر لبولونيا، أو مذبحة صدام حسين بالأكراد والعرب"(14)(15).
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
ج: سبق الإجابة على الانتقادات اللاذعة التي وُجهت ضد حروب بني إسرائيل(16) ولكن نظرًا لأهمية هذا الموضوع من جهة الرد على النُقَّاد، ومن جهة أخرى ليفهم بعض المسيحيين الذين يُعثَرون من هذه الحروب، لذلك قرَّرنا أن نعيد طرح الموضوع على بساط البحث مرة أخرى بصورة أوسع، وذلك من خلال المحاور الثلاث الآتية:
أولًا: الرد السريع المُختصر على أهم الإفتراءات السابقة.
ثانيًا: الشر يأكل نفسه.
ثالثًا: الغزوات في الإسلام.
أولًا: الرد السريع المختصر على أهم الإفتراءات السابقة:


1- الصورة البربرية الوحشية التي تحدث عنها الدكتور القمني، وكأن اليهود فقط قد أنفردوا بها، وكأن المجتمعات الأخرى كانت أكثر إنسانية، هذه الصورة لا تمثل الحقيقة، لأن مثل هذه الحروب وتلك الممارسات البشعة كانت سمة العصر الذي عاش فيه موسى ويشوع، وحتى في الحروب التي نشبت بين اليهود وبعضهم البعض فقد برزت فيها تلك الصورة البشعة وسلك اليهود تجاه بعضهم البعض حروب الإبادة والحرق وقتل الحيوانات، وخير شاهد على ذلك إبادة بني إسرائيل لسبط بنيامين باستثناء 600 رجل (قض 20) وحرق مدنهم " ورجع رجال بني إسرائيل إلى بني بنيامين وضربوهم بحد السيف من المدينة بأسرها حتى البهائم حتى كل ما وُجد وأيضًا جميع المدن التي وُجدت أحرقوها بالنار" (قض 20: 48) وقتل يفتاح الجلعادي من سبط أفرايم 42 ألفًا وجميعهم من بني إسرائيل (قض 12: 6) وهكذا.. إذًا هذه الصورة البشعة كانت سمة حروب ذاك العصر، ولم ينفرد بها اليهود، وكل ما أنفرد به اليهود هو صدق كتابهم المقدَّس الذي سجل كل هذه الأمور بحلوها ومرها بكل صدق وأمانة، بدون مواربة ولا مجاملة.
2- لم تبح الشريعة الربانية القتل والإبادة إباحة مُطلقة، كما إدعى القمني، وجاءت الوصية واضحة وصريحة " لا تقتل" (خر 20: 13) إنما كانت هذه الحروب حالة استثنائية بهدف معاقبة الأشرار الذين توغلوا في الشرور والجرائم والآثام.
3- قال موسى عن الرب " الرب رجل الحرب" (خر 15: 3) لكيما يرفع من معنويات أولئك الذين خرجوا من توهم من تحت نير العبودية بعد أن تثقَّلوا بها لمئات السنين، وذلك بفضل القوة الإلهيَّة التي خلصتهم من العبودية، وشقت أمامهم البحر فعبروا للحرية وأغرقت فرعون وكل جنوده، وتلك القصة كاملة قد أقرها القرآن بالكامل. كما سبق الإجابة على تساؤل هل الرب رجل حروب (خر 15: 3) أم إله سلام (رو 15: 3)(17).
4- من الآيات التي ذكرها القمني يستشهد بها على قسوة اليهود وإلههم " أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار" (تث 12: 31) وكأن اليهود هم الذين سيحرقون أبناء وبنات الكنعانيين، وهذا إفتراء وضد الحقيقة فهذه العبارة إستُقطِعت من سياقها لتوهم القارئ بقسوة إله اليهود، والحقيقة أن الله حذر شعبه من عبادة آلهة الأمم، فإن هؤلاء الأمم هم الذين قد أحرقوا أولادهم كذبائح بشرية لهذه الأصنام فجاء النص كالآتي " لا تعمل هكذا للرب إلهك لأنهم قد عملوا لآلهتهم كل رجس لدى الرب مما يكرهه إذ أحرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار لآلهتهم" (تث 12: 31).
وأيضًا من الآيات التي أستشهد بها القمني على قسوة اليهود وإلههم، هي في الحقيقة لم تُكتب من أجل الأمم، إنما تخص اليهود أنفسهم، فمثلًا أوصى الله شعبه إن سُمِع أن سكان مدينة أرادوا أن يرتدوا عن عبادة الإله الحي إلى عبادة الأصنام، فعليهم تقديم النصح لسكان هذه المدينة، فإن قبلوا النصيحة نجوا من الإبادة، أما إن تمسكوا بشرورهم على سبيل أن هذه حرية شخصية، وبذلك صاروا عثرة لشعب الله، يحق عليهم الحكم الإلهي " فضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرّمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتُحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلًا إلى الأبد لا تُبنى بعد" (تث 13: 15، 16) ومن هنا يظهر الله القدوس الذي لا يحابي ولا يأخذ بالوجوه، إنما هو ضد الشر والدنس والنجاسة على طول الخط.
5- وصْف الدكتور القمني إله موسى التوراتي بأنه " إله مُرعب دراكولي " يختلف تمامًا عن إله المحبة والسلام ومسيح الأناجيل، وصف لا يصح ولا يليق. فلو قال عن إله التوراة أنه دراكولي فماذا يقول عن إله الغزوات في الإسلام؟!! وهل يوجد إله للتوراة وإله للمسيحية..؟! أليس من أبسط الأمور اللاهوتية هي الإقرار بوحدانية الله، فالله واحد لا شريك له سواء في العهد القديم أو العهد الجديد، منذ الأزل وإلى الأبد هو الله، ولا إله غيره، هو إله العهد القديم الذي أجرى سيف العدالة على الأمم التي تصاعد شرها إلى عنان السماء، وهو إله العهد الجديد الذي جاء بالنعمة والفداء والسلام، في العهد القديم لم يتخلَ قط عن رحمته ومحبته وحنانه، وفي العهد الجديد لم يتخلَ قط عن عدله ورفضه للشر، وقد أعلن ذلك مرارًا وتكرارًا، ولعل ما تخلفه الحروب والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة خير شاهد على إعلان غضب الله على العالم الذي وُضع في الشرير. لقد خلَّفت الحرب العالمية الثانية وراءها ستون مليون قتيل(18).
6- الله القدوس يرفض رفضًا باتًا الخطية بجميع صورها، وبكل ما يتعلق ويرتبط بها، ولذلك أتخذ موقفًا حادًا أمام المدن التي تفاقم شرها مثل أريحا، فأمر بتحريم المدينة وكل ما فيها، أي قتل كل ذي جسد من إنسان وحيوان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فتلك الحيوانات التي خدمت المعابد الوثنية وخدمت الأشرار أمر الله بإهلاكها تعبيرًا عن الصورة البشعة للخطية. ويقول " ف. ب. ماير " عن تحريم المدينة وكل ما فيها " لعل الله قصد بهذا الإجراء حفظ بني إسرائيل من التجربة التي كان لابد لهم من الوقوع فيها لو أنهم أطلقوا العنان لشهواتهم في غنائم المدينة. أما حرمانهم منها فكان القصد منه تقوية أخلاقهم وتهذيب إيمانهم"(19).
والحقيقة أن الصورة المؤلمة البشعة من قتل وحرب ودمار للإنسان والحيوان والبيئة لم يصنعها الله قط، إنما هي من ثمار الخطية، والله فقط أظهرها، وهو يقف هنا كقاضٍ عادل يوقع الجزاء بقدر الخطأ.
وجاء في معجم اللاهوت الكتابي " الحِرْم: حِرْم Anatheme أن الأصل السامي الذي يُشتق منه لفظ حِرْم، يعني " التنحية جانبًا" و"يحظر إستعماله الدنيوي".. إن إسرائيل.. يُوقع على الغنيمة حِرْمًا، أي أنه يزهد في أن يخص ذاته بالإنتفاع بها، ويتعهد بنذرٍ أن يكرّسها ليهوه (عد 21: 2 - 3، يش 6) ويترتب على هذا التكريس الإجهاز على الغنيمة إجهازًا تامًا، سواء كانت من الكائنات الحيَّة أو من الأشياء المادية على السواء، وعدم تنفيذ هذا التكريس يستوجب العقاب (1 صم 15) وكذلك إنتهاك حرمته يجلب الهزيمة (يش 7) ويبدو أن التطبيق في الحياة العملية، كان نادرًا للغاية. فمعظم المدن الكنعانية قد إحتلها إسرائيل إحتلالًا (يش 24: 13، قض 1: 27 - 35).. بل أن بعض تلك المدن قد أبرمت مع إسرائيل معاهدات، كجبعون (يش 9).."(20).
وجاء في دائرة المعارف الكتابية " حرَّم - محرَّم - حرام: وهي بنفس اللفظ في العبرية، وحرَّم الشيء جعله حرامًا، وهو نقيض الحلال. وهي في العبرية مشتقة من أصل يعني " الفرز " أو " الفصل " أو " القطع " وتستخدم في الكتاب المقدَّس أحيانًا بمعنى " قدَّس " أو " خصَّص " لغرض معين، فلا يجوز إستخدامه في غير ما خُصص له. {أما كل محرَّم يحرّمه إنسان للرب من كل ما له من الناس والبهائم ومن حقول ملكه فلا يُباع ولا يُفك. أن كل محرَّم هو قد أقداس للرب} (لا 27: 28).. وكان كل ما ينال من الطبيعة الفريدة للديانة اليهودية، ويغوي الشعب للانحراف عن طريق الرب يعتبر " مُحرَّمًا " مثل الأصنام (تث 7: 26) ومن يعبد الأصنام أو يذبح لها (خر 22: 20) وأهل المدن من الوثنيين (تث 13: 13 - 18) لذلك كانت مدن الكنعانيين الذين يعبدون البعل، مدنًا محرَّمة، فكان على إسرائيل القضاء عليها تمامًا بمن فيها وما فيها، حتى لا يتعلَّموا أن يعملوا جميع أرجاسهم ويخطئوا إلى الرب (تث 20: 16 - 18) وقد قدَّس يشوع ما أخذه من أريحا من الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد للرب. فجعلها في خزانة " بيت الرب" (يش 6: 24).
وكان من نصيب هارون {كل محرَّم في إسرائيل}(عد 18: 14، خر 44: 29) وقد أمر الرب شاول الملك: {الآن أذهب وأضرب عماليق وحرَّموا كل ما له ولا تعف عنهم بل أقتل رجلًا وامرأة. طفلًا ورضيعًا. بقرًا وغنمًا. حملًا وحمارًا} (1 صم 15: 13) ولكن {عفا شاول والشعب عن أجاج وعن خيار الغنم والبقر والثُّنيان والخراف..} (1 صم 15: 9) وبرَّر شاول هذا العصيان والتمرد على الرب بأن الشعب أخذ {من الغنيمة غنمًا وبقرًا أوائل الحرام لأجل الذبح للرب} (1 صم 15: 21) فكان جواب صموئيل الجازم: {هوذا الإستماع أفضل من الذبيحة. والإصغاء أفضل من شحم الكباش} (1 صم 15: 22) وقال الرب لآخاب ملك إسرائيل بعد أن عفا عن بنهدد ملك إبرام: {لأنك أفلتَّ من يدك رجلًا قد حرَّمته تكون نفسك بدل نفسه} (1 مل 20: 42)"(21).
ونذرْ الحرم عُرف منذ العصور القديمة، فالمدينة التي يصعب الإستيلاء عليها كان المقاتلون يقسمون بتحريمها، أي تدميرها بكل من فيها وما فيها، ويقول " الأب سهيل قاشا": "وهناك نذر " الحرم " أي: تقويض كل مدينة تسقط في يد العدو بدلًا من نهبها، فمن الغرابة كل الغرابة أن قبائل مُعدَمة تؤثر الحرمان مما غنمته على التلذذ والتنعم به. ولكن هذه الغرابة تزول متى عرفنا، بفضل الاكتشافات الحديثة أن " الحرم " تقليد طقسي دارج في كل مكان من عهدٍ لا يُعرَف بدؤه، وما وُجِد من آثار حريقة من أنقاض مدينة أريحا، ألاَّ يكون نتيجة تدمير المدينة على يد يشوع بن نون"(22)(23).
7- الذين كتبوا الأسفار المقدَّسة هم رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس، ولم يذكر أحد منهم غير الحقيقة، فالحكم بإبادة الأمم هو حكم إلهي، وقد إختار الله شعبه ليكون أداة لتنفيذ الحكم ليتعلَّم الدرس ولا يفعل الشر مثل هؤلاء فيتعرَّض لما تعرضوا له، ولذلك فقول ناجح المعموري بأن هذه الحروب كانت تعبير عن إرادة يشوع والكاتب جعلها رغبة لله، قول غير صحيح، ولا يجد له سندًا قط في الكتاب المقدَّس كله، فكل ما دُوّن في الكتاب هو صادق وأمين وصحيح، والكاتب لم يغير الحقيقة ولم يحد عنها قط، بل أن الأمر واضح وضوح الشمس، فإن الله يحذر ويحذر ويحذر ثم يُعاقب.
8- لماذا ينكر ناجح المعموري وغيره وعد الله لبني إسرائيل بأرض كنعان، مع أن القرآن قد أقرَّ هذه الحقيقة، ولكن هذه هي عادة النُقَّاد الأحادي النظرة فلا ينظرون إلاَّ في اتجاه واحد وهو الهجوم على الكتاب المقدَّس، حتى أنهم لا يدركون كثيرًا فيما هم يهاجمون الكتاب المقدَّس، فأنهم يهاجمون ما يدينون به بحكم عقيدتهم، فالله بسابق علمه كان يعلم ما ستؤول إليه شعوب كنعان من فساد، فوعد الله شعبه بامتلاك أراضيهم، وهذه حقيقة يعترف بها الجميع، يهود ومسيحيون ومسلمون:
- جاء في سورة إبراهيم " وقال الذين كفروا لرُسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن من ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين. ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعبد" (سورة إبراهيم 13، 14).
- وجاء في سورة الأعراف " قال موسى لقومه أستعينوا بالله واصبروا أن الأرض لله يوُرِثها من يشأ من عباده والعاقبة للمتقين. قالوا أُوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون" (سورة الأعراف 128، 129).
- وجاء في سورة المائدة " ياقوم أدخلوا الأرض المقدَّسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين. قالوا يا موسى فيها قومًا جبارين وإنَّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإنَّا داخلون. قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما أدخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فأنكم غالبون فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنَّا لن ندخلها أبدًا ماداموا فيها فأذهب أنت وربك فقاتلا إنَّا هنا قاعدون" (المائدة 21 - 24) فجاء الحكم الإلهي عليهم كما في التوراة " قال أنها محرَّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض" (سورة المائدة 26).
فهل تظن أيها الناقد أن بني إسرائيل سيمتلكون الأرض من أصحابها بطريقة وديَّة وحبيَّة دون صراع وحروب وقتال؟!!.. وهل تظن أيها الناقد أن أصحاب الأرض الكنعانيين سيتركون أرضهم لبني إسرائيل بنفس راضية وقلوب مطمئنة؟! وإن قلت أن هذا لا يدخل في نطاق المعقول. إذًا أنت لا تقر القرآن عندما أشار بطريقة غير مباشرة لهذا الصراع وتلك الحروب لكيما يمتلك بنو إسرائيل الأرض تنفيذًا للمشيئة الإلهيَّة.
ثانيًا: الشر يأكل نفسه:


1- الله كامل في ذاته متكامل في صفاته، كامل في رحمته وكامل في عدله، هو محب وحنون وشفوق وهو أيضًا قاضٍ عادل يجازي كل واحد بحسب أعماله ومخوف هو الوقوع في يديه. الله يطيل أناته جدًا جدًا ولكن لابد أن يقتصَّ من الأشرار، فذلك من مقتضيات عدله، فهو يُمهِل ولا يُهمِل، يطيل أناته ولكن لكل تصرف حسابه.. تصوَّر لو أن القضاة في مدينة كبيرة ميَّعوا الأمور وغلَّبوا الرحمة على العدل، فكفوا عن توقيع أية عقوبات على المخالفين واللصوص والمجرمين وتجار المخدرات، تُرى هل تَرى هذه المدينة أمنًا ولا أمانًا؟! هل يأمن سكانها على أنفسهم وعلى أسرهم وعلى ممتلكاتهم..؟! قطعًا لا، بل ستسود شريعة الغاب، حتى يعود القضاة إلى قاعدة العدل والإستقامة، وإما ستضمحل هذه المدينة العظيمة وتزول.
2- توغَّلت شعوب كنعان في الشر، حتى صعدت شرورها إلى عنان السماء، وأطال الله آناته عليها كثيرًا كثيرًا ولمئات السنين، وقد أخبر الله إبراهيم بأن نسله سيتغرب لمدة أربعمائة عام.. لماذا؟ " لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملًا" (تك 15: 16) ومرت أربعمائة سنة وشر هذه الشعوب في تصاعد مستمر لا يقف عند حد، فقدموا أطفالهم ذبائح بشرية للإله مُولك والإلهة عشتاروت، ومارست كاهنات المعابد الزنا والعهارة كطقس من طقوس العبادة الدنسة، وتوغَّلوا في السحر والعرافة والاتصال بالأرواح الشريرة، فكان لابد أن يسري عليهم الحكم الإلهي " لا تدَع ساحرة تعيش" (خر 22: 18)..
وجاء يشوع يحمل سيف العدل الإلهي، جاء يحمل الأمر الإلهي " حرّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها" (يش 6: 21، 24) ونفذ يشوع وشعبه الأمر الإلهي " ضربوا كل نفس بها بحد السيف. حرّموهم. ولم تبقَ نسمة. وأحرق حاصور بالنار. فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرَّموهم كما أمر موسى عبد الرب" (يش 11: 11، 12).. حقًا ما أبشع هذه الصورة؟!
سيف ودماء.. حريق ونار.. خراب ودمار.. سيف لا يفرق بين رجل وامرأة، شيخ وطفل.. سيف تسلط على الناس والحيوان.. أريحا تحترق بكل من فيها وبكل ما فيها، حتى الثوب الشنعاري الذي أراد أن يفلت من الحريق، إجتذب معه من أمسك به مع أولاده ومواشيه واحترق الجميع.. عاي تحترق بكل ما فيها.. حاصور رأس ممالك الشمال تحترق.. ألسنة اللهب ترتفع هنا وهناك، وليس من يخمدها، لأن الموت ساد وتسلط، وأصبح سيد الموقف وماتت الحياة.. ما أرعب هذا المنظر..؟! وهنا لابد أن نشير لأمرين؟
أ - هذه جزئية من الصورة وليست كل الصورة: فأريد أن أضع بجوار أريحا وعاي وحاصور المدن الثلاث التي أحرقها يشوع، مياه الطوفان التي فاضت، لا لتطفئ تلك الحرائق المشتعلة، إنما لتقضي على الحياة في العالم، كل العالم، حتى أنه لم يعد هناك كائن حي على وجه البسيطة (باستثناء نوح وأسرته) لا إنسان ولا حيوان ولا حتى طير في السماء، فقد أكتسح الطوفان كل شيء.. حروب يشوع كانت قاصرة على منطقة صغيرة من العالم، ومن قُتل وأُبيد عدد قليل، فكان التركيز على الجيوش والملوك، أما الشعوب فظلت قائمة تنمو وتمتد، وتعود فتسيطر على الأرض وتحكم قبضتها على شعب الله. أما الطوفان فقد نجح في إعادة الأرض إلى حالتها الأولى مغمورة بالمياه، كجنين في بطن أمه، وكأن الله لم يفصل بعد اليابسة عن الماء.. أليس ما خلَّفه الطوفان لهو أقسى مئات المرات من حروب يشوع؟!
ولا أحد يقدر أن ينكر هذا الحدث، لا اليهودي لأن جاء ذكره بالتفصيل في التوراة، ولا المسيحي لأن جاء ذكره في الكتاب بعهديه، ولا المسلم لأن القرآن أقرّه في سوُّر القمر 11، 12، والأعراف 64، ويونس 63، والعنكبوت 140. إلخ وليست أديان التوحيد فقط التي ذكرت ذاك الحدث المآسوي، إنما العلم أيضًا يحكي لنا قصة الطوفان الشامل، ولم يحتج ولم يعترض أحد من النُقَّاد.. فلماذا يعترضون على حروب يشوع؟!
وأريد أيضًا أن أضع بجوار أريحا وعاي وحاصور، تلك النيران التي إنحدرت من السماء، ربما كانت حجارة ملتهبة لبركان ثائر، فقلبت سدوم وعمورة بكل من فيهما، وبكل ما فيهما، ولا أحد يقدر أن يُنكر حقيقة الحدث، فقد جاء ذكره في الكتاب المقدَّس بعهديه، وذكره القرآن في سوُّر هود 182، والعنكبوت 34، والأعراف 840. ولا يحتج على العدل الإلهي، ولا يدافع عن هؤلاء الأشرار الذين أرادوا إغتصاب الملاكين، إلاَّ محبو الرذيلة.
ب- من الذي صنع هذه الصورة؟.. لم يصنع هذه الصورة الله ولا الملائكة، إنما هي من صنع الإنسان الذي توَّغل في الشر.. إنها صورة بشاعة الخطية.. صورة الشر يأكل نفسه.. الشر صورة مياه الطوفان.. صورة نار سدوم.. صورة سيف يشوع.. الحروب والأوبئة والكوارث.
عجبًا.. ما بال النُقَّاد يصرفون الكاميرات عن مسرح الجريمة ويركزونها على لحظات القصاص؟!
ما بالهم يصرفون الأنظار عن الظلم والقسوة، الشر والفساد، الانحطاط الخُلقي، الاتصال بالأرواح الشريرة، عبادات الأصنام والأوثان وخلف كل وثن شيطان، تقديم الأطفال ذبائح للأصنام، تلك الظلمة التي صنعها الإنسان فلفَّته وطوته وغشَت حياته.. يصرفون الأنظار عن كل هذا ويركزونها على لحظات القصاص ووفاء العدل الإلهي؟!
تصوَّروا يا أصدقائي مجموعة من الأشقياء المتشردين المجرمين هجموا على بيوت المسالمين، فأصابوا من أصابوا، وأغتصبوا من أغتصبوا، وذبحوا من ذبحوا، وأحرقوا ما أحرقوا، وعندما عُلقوا على المشانق جاء من يلطم الخدود ويزرف الدموع السخينة، ويتهم القضاء بالقسوة وعدم الرحمة، وهل كان في قلوب هؤلاء المجرمين رحمة ..؟! إن هؤلاء النُقَّاد يركزون الكاميرات والمشاعر والأحاسيس على لحظات الإعدام، ويغضون الأبصار عن مسرح الجريمة تمامًا.. تُرى هل هؤلاء النُقَّاد على حق، أم يجب أن نحذرهم ولا نُسوّق لبضائعهم الفاسدة؟.. إننا نتمسك بالعهد القديم ونحب إله العهد القديم لأنه هو الله العادل الرحيم، ولن نرفض يشوع رجل الله الذي كان رمزًا ليسوع حتى في إسمه.
3- وصلت شعوب كنعان إلى مرحلة اللاعودة، ولم يكن هناك أي رجاء لتوبة هذه الشعوب، ولو كان لديها أدنى استعداد للتوبة لأرسل الله إليها يونانًا (أي يونان) لينقذها من الهلاك والدمار، ولو في إحدى هذه المدن عشرة أبرار لنجت من الهلاك والدمار.. أه لو كان لأريحا قلب راحاب ما كانت أحترقت بالكامل، إنما وصلت هذه الشعوب إلى مرحلة اللاعودة، وأستنفذت المراحم الإلهيَّة، وكان لابد أن يجوز فيها سيف العدل الإلهي وتُحرَّم، وإن كانت نغمة التحريم (الإبادة الشاملة) ذات وقع ثقيل على الأذن المسيحية التي تعودت على الصفح والمغفرة (مت 5: 43 - 48)، لكننا لا نستطيع قط أن نبطل القانون الخالد أن ما يزرعه الإنسان لابد أن يحصده.
ويقول " ف. ب. ماير": "هنالك عدة أسباب تبين لماذا كان يجب أن يطرد الله الشعوب السبعة التي سكنت كنعان. وأهم هذه الأسباب ذلك الذي نتبينه من الحديث الرائع الذي دار بين الرب وإبراهيم، أب الجنس المختار، قبل ذلك بأربعة أجيال، ألاَّ وهو أن ذنب الأموريين الآن قد كمل (تك 15: 16).
أما أولًا فإن شعوب كنعان قد سلَّموا أنفسهم لأحط أنواع الرذيلة. بعد أن ذكر موسى بعض الرجاسات التي لا يليق ذكرها بين شعب الله المُختار، تحدث إليه، نيابة عن الله قائلًا {بكل هذه لا تتنجسوا لأنه بكل هذه قد تنجَّس الشعوب الذين أنا طاردهم من أمامكم. فتنجست الأرض فاجتزى ذنبها منها فتقذف الأرض سكانها} (لا 18: 24، 25). فهلاك الشعب بسيف إسرائيل لم يكن إلاَّ تعجيل النتائج الطبيعية لرذائلهم القبيحة، والأسباب التي أستلزمت طوفان المياه أستلزمت هذا الطوفان من الدماء. وإذ كانت كنعان بؤرة فساد لم يكن ممكنًا إلاَّ أن تنفث سمومها في كل العالم لو لم تجز وسطها النيران المتأججة.
أما ثانيًا فإن الكنعانيين أنحدروا إلى هوة الاعتقاد بمخاطبة الأرواح Spiritualism وأتصلوا بشياطين الهواء، الأمر الذي كان مُحرَّمًا تحريمًا باتًا. قبيل دخول إسرائيل أرض كنعان قال لهم موسى {لا يوجد فيك من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر ولا من يرقى رقية ولا من يسأل جانًا أو تابعه ولا من يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب. وبسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك} (تث 18: 10 - 13).. قال " بمبر " Pember: {كل هذه الأمور تعتبر تعديًّا لحدود الإنسانية التي وضعها الخالق. وهذه الفوضى غير الشرعية تجر في أثرها قصاصها المباشر، علاوة على الدينونة العتيدة. لأن جسدنا قصد به أن يكون حصنًا ليقينا شر الشياطين} إذًا فعندما يحطم الإنسان هذا السياج المنيع فأنه يفتح ثغرة للاتصال بالأرواح الساقطة المحيطة، ويعرض نفسه لغضب الله الشديد"(24).
4- إستشرى شر هذه الشعوب مثل السرطان، وصاروا مصدر خطر على العالم كله، فكان لابد من إستئصالهم، كما يُستأصل العضو المُصاب بالسرطان لكيما ينجو الجسد كله، وهل الطبيب الذي يستأصل عضوًا يُهدّد الجسم يصير مُجرمًا؟!!.. لقد أراد الله أن يقتني له شعبًا مقدَّسًا، ومن خلال هذا الشعب يصير الخلاص للعالم كله ولذلك أوصاهم قائلًا " وتماثيل آلهتهم تحرقون بالنار. لا تشته فضة ولا ذهبًا مما عليها لتأخذ لك لئلاَّ تُصاد به لأنه رجس عند الرب إلهك. ولا تدخل رجسًا إلى بيتك لئلا تكون محرَّمًا مثله. تستقبحه وتكرهه لأنه محرَّم" (تث 7: 25، 26).. ولذلك كان من الضروري القضاء على هذه الشعوب، حتى لا تكون مصدر عدوى لشعب الله، ولكيما يهيئ الله البيئة الصالحة النقية لذلك الشعب فلا يسلك في الخطية وشرور الأمم، ولا يحل عليه الغضب الإلهي " لكي لا يعلموكم أن تعملوا جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم فتخطئوا إلى الرب إلهكم" (تث 20: 18) فأنه " بسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك" (تث 18: 12).
وجاء في " التفسير التطبيقي": "لماذا طلب الله من بني إسرائيل أن يُدمّروا كل شخص وكل شيء في أريحا؟ لقد كان الله يوقع دينونة صارمة على شر الكنعانيين0 وهذه هي الدينونة، أو هذا التحريم، كانت تستلزم عادة تدمير كل شيء (تث 12: 2، 3، 13: 12 - 18) فبسبب ممارساتهم الشريرة ووثنيتهم كان الكنعانيون حصنًا للتمرد على الله، فكان لابد من إزالة هذا التهديد للحياة القويمة، لأنه إذا لم يستبعد، فلابد أن يسري في بني إسرائيل كما يسري السرطان"(25).
ويقول " القمص مكسيموس وصفي": "ووسط هذه المعبودات الوثنية وذلك الانحلال الخُلقي الذي ساد على شعوب الأرض أمر الله يشوع بضرورة تطهير الأرض وأن يُبيد هذه الشعوب وأن يحرق مدنها بالنار بسبب ما وصلت إليه من الفساد حيث إنتهت إلى نقطة اللاعودة ولا يمكن إصلاحها وقد صارت خطرًا على الشعب الإسرائيلي بسبب صنوف التوحش والرذيلة التي سادت عبادتها، وبعد أن قضى الشعب أربعين سنة في البرية يتدرب على القداسة والسير مع الله، كان لابد أن يقضي الله أولًا على هذه الشعوب حتى يسكن شعبه النقي أرضًا نقية بعيدًا عن الاختلاط بسكان الأرض المنحلين والأشرار"(26).
بل أن الخلاص من هذه الشعوب التي إستشرت في الشر كان خير للبشرية ككل.. لماذا؟.. لأن هذه الشعوب عاشت في منطقة إستراتيجية، ونقلت شرورها للعالم كله من خلال التجار والمسافرين، حتى صارت الأرض كلها مُهددة بالهلاك، ويقول " القمص تادرس يعقوب": "ما حدث لم يكن لصالح شعب إسرائيل وحده، وإنما في الحقيقة هو لصالح البشرية عامة، فإن هذه المنطقة كانت مركزًا هامًا للتجارة، وكان التجار يحملون في أسفارهم مع معاملاتهم التجارية الفساد وكأنه " الموت الأسود " ليتحرك في كل اتجاه العالم المعروف حينذاك. لقد أراد الرب أن يعطي البشرية درسًا، وأن يحمي العالم من هذا الوباء. هذا ومن جانب آخر إذ كان الله يعد الشعب اليهودي ليكون خميرة للعالم في الشهادة له، أمر بإبادة كل فساد حولهم حتى ينشأوا في جو نقي"(27).
5- يقول البعض: أن الله حر في خلائقه، فهو الذي وهب الحياة وهو الذي يستردها، سواء بطريقة عادية أو بكارثة طبيعية، ولكن ما يزعجنا ويقضُّ مضاجعنا أن يقود يشوع حملات الإبادة؟.. ويتجاهل مثل هؤلاء النُقَّاد أن يشوع لم يتصرف من ذاته، إنما كان ينفذ الأوامر الإلهيَّة، وقد كان من الممكن أن يقضي الله على هذه الشعوب بواسطة كارثة عالمية سواء زلزال أو بركان أو وباء.. ولكن شاءت حكمته الإلهيَّة أن يختار شعبه ليكون الأداة لتنفيذ العدل الإلهي، وذلك لكي يتعلَّم الدرس، ويوقن أن نهاية الشر الهلاك والخراب والموت والدمار والنار والحريق، وشدَّد الله على شعبه وحذرهم حتى لا يخالطوا هؤلاء الأمم ولا يصاهروهم لئلا يشتركوا في خطاياهم ويلاقوا نفس المصير وتلفظهم الأرض " مثل عمل أرض مصر.. لا تعملوا.. ومثل عمل أرض كنعان.. لا تعملوا.. وحسب فرائضهم لا تسلكوا.. بكل هذه لا تتنجسوا. لأنه بكل هذه قد تنجَّس الشعوب التي أنا طاردهم من أمامكم. فتنجست الأرض. فاجُتزئ ذنبها منها. فتقذف الأرض سكانها.. فلا تقذفكم الأرض بتنجيسكم إياها كما قذفت الشعوب من قبلكم" (لا 18: 1 - 18) (راجع خر 23: 32، 33، لا 20: 22 - 26، تث 9: 1 - 5، 18: 9 - 13، 29: 23 - 28، 31: 16، 17، يش 23: 15، 16، حك 12: 1 - 23).
ويقول " ف. ب. ماير": "لنذكر بأن الإسرائيلين كانوا منفذي العدل الإلهي أُرسلوا لينفذوا الحكم الذي تستحقه رجاسات كنعان، هنالك كرسي لدينونة الأمم كما لدينونة الأفراد. هذا الكرسي ينتصب في هذه الحياة، وعلى وجه هذه الأرض، وهذه الدينونة تقوم والديان القدير يحرص على أن أحكامه ينبغي أن تُنفذ. وله وكلاء كثيرون جيوش الفرس لتنفيذ حكمه على بابل، الوندال التوتوتيون على روما، القوقاز الروسيون على نابليون، كما كان إسرائيل منفذي الحكم على الأموريين الذين كان أثمهم قد كمل وقتئذاك، ويهدد بأن ينفث سموم عدواه في كل العالم"(28).
وللأسف الشديد فإن الشعب القاسي الرقبة لم يتعلم الدرس، فتعرَّض للعقوبات الشديدة، فمثلًا عقب عبادة العجل الذهبي قُتل منهم ثلاثة آلاف رجل (خر 32: 27، 28)، وعندما قدم ناداب وأبيهو ابني هارون نار غريبة خرجت نار وأكلتهما (لا 10: 1، 2) وقورح وداثان وأبيرام الطامعون في الكهنوت خرجت نار الرب وأحرقت بعضهم، وخسفت الأرض بالباقين (عد 26: 32، 33)، وعندما زنى الشعب مع بنات موآب فتق الوباء بأربعة وعشرين ألفًا منهم (عد 27: 9)، وكاد الله أكثر من مرة أن يفني الشعب كله في صحراء سيناء بسبب كثرة شروره (خر 32: 9، 10، عد 14: 11، 12، 26 - 29، 16: 20، 41 - 45)، وحكم الله بالموت على جميع الرجال الخارجين من أرض مصر الذين يزيد عمرهم عن عشرين عامًا (باستثناء يشوع وكالب بسبب تذمرهم (عد 32: 13) وحكم الله على أية مدينة إسرائيلية تعبد آلهة أخرى " ضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف. وتحرَّمها بكل ما فيها مع بهائهما بحد السيف.. وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة.. لا تُبنى بعد" (تث 13: 15، 16) وسفر القضاه خير شاهد على تأديبات الله لشعبه، وأخيرًا سلبت الأرض منهم وهدمت ديارهم وأُغتصبت ممتلكاتهم وعمل فيهم سيف التنكيل وسيقوا إلى أرض السبي (2 مل 17: 5 - 23، 2 مل 25).
ويقول " القس صموئيل يوسف": "ويتساءل المرء في حيرة عند قراءته للحروب بين إسرائيل والشعوب الوثنية المجاورة لها في ذلك الوقت. هل يأمر الله الإسرائيليين بقتل الشعوب الوثنية المجاورة لها؟ وكيف يتعقل المرء ذلك؟ ويجيب بعض العلماء: من قراءة الأسفار المقدَّسة بنعم. أن الله أمر بذلك للتطهير والتنقية. فقد استخدم الله إسرائيل كأداة عقاب لهذه الأمم الوثنية0 كما أن الرب عاقب سدوم وعمورة أيام إبراهيم بالكبريت والنار الذي أمطره على الشعب من السماء دون أن يستخدم الوسائل البشرية (تك 19: 24) وبالمثل عاقب الرب الإله شعب إسرائيل لعناده وقساوة قلبه وإفتكاره أنه سيد الشعوب، وهو الشعب الذي إختاره الرب لذاته دون سائر الشعوب، فعاقبهم الرب بواسطة الشعوب الوثنية، التي كانت أداة غضب الله على إسرائيل، وذلك بواسطة آشور وبابل، وبقاء إسرائيل هناك في السبي سبعين عامًا (أر 25: 12)"(29).
ويكفي أن نذكر جانب مما حلَّ باليهود بعد صلبهم للسيد المسيح، فقد أحاطت القوات الرومانية بأورشليم وحاصرتها سنة 70م، وعندما عاند اليهود وقاوموا ورفضوا تسليم المدينة أقتحمتها القوات الرومانية وأرتكبوا مذابح رهيبة وهدموا الهيكل مفخرة اليهود حتى أنهم لم يتركوا حجر على حجر، وعملوا في اليهود قتلًا وتنكيلًا وصلبًا، فهلك منهم مئات الألوف، وأنتشرت الصلبان فوق التلال المحيطة بأورشليم كغابة كثيفة من الصلبان التي حملت الأجساد العارية يومًا بعد يوم، حتى أنه لم يعد هناك خشبًا في أورشليم لصنع المزيد من الصلبان، وقال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن عقوبة الصلب أُوقفت بسبب ندرة الأخشاب التي أستخدمت في صنع الصلبان والمتاريس والسلالم للصعود للتلال، فقد وصل عدد المصلوبين يوميًا إلى خمسمائة شخص (راجع دكتور جورج حبيب - الصلب والصليب حقيقة أم خرافة ص 32) وتحقَّقت حرفيًا نبؤة السيد المسيح " لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ إبتداء العالم إلى الآن ولن يكون" (مت 24: 21).
6- الله هو الذي منح الحياة للبشر والحيوانات، وهو الوحيد الذي له حق إستردادها متى شاء، وقد شاءت حكمته أن يكشف عن بشاعة الخطية بتكثيف لحظات الموت من خلال الكوارث أو الحروب لكيما يتعظ الإنسان ويتوب عن شره. حكم على أريحا بالدمار الشامل لكيما تكون عبرة لكل مدينة عاصية، وأيضًا حدث هذا مع بابل التي صارت عبرة لكل مدينة شريرة، ومن جانب آخر جعل نينوى عبرة لكل مدينة تائبة.
وأيضًا أمر الله بإبادة الحيوانات وحرق الممتلكات لأنها أرتبطت بالخطية والشر، وقصد الله أن يوضح للإنسان أن نتائج الشر لا تتوقف عند الإنسان الشرير فقط، بل تنسحب على الكائنات الحيَّة التي تعيش معه، بل تؤثر على البيئة، فالأرض تضج من شر الإنسان، وتلفظه من على ظهرها.. تأمل في وضع آدم في الفردوس قبل الخطية ووضعه على الأرض بعد المعصية، فالحيوانات التي كانت تخضع له صارت تود إلتهامه، والطبيعة ثارت عليه من خلال العواصف والبراكين والزلازل والرياح، والأرض صارت تنبت له شوكًا وحسكًا.. إلخ.
ويقول " القس أمونيوس ميخائيل": "الله لم يكن ظالمًا في معاقبة هذه الشعوب المعاندة، لأنه منحها الفرصة للتوبة مئات السنين ولم تتب.. كما أن وجودهم كان يشكل خطرًا روحيًا واجتماعيًا على العالم كله. هذه إلى جانب أنهم كانوا في موقف عداء مع الله ذاته {للرب حرب مع عماليق} (خر 17: 16) والله يختار الوسيلة التي ينفذ بها أحكامه:
1- إما ينفذها بنفسه كما حدث في الطوفان، وسدوم وعمورة.
2- أو يستخدم الطبيعة (الزلازل والأوبئة والمجاعات).
3- أو يستخدم الناس (بأن يقتل بعضهم بعضًا في الحروب).
4- أن يكون العقاب جزئيًا أو مؤقتًا (بالسبي أو الضربات).
ولا ننسى أن الله عاقب شعبه عندما تمرد عليه بالوباء (عد 16: 47) وبإشعال النار في محلتهم (عد 11: 3) وبالحيات (عد 21: 6) وحتى المؤمنين والقديسين يعاقبهم عندما يخطئون، فضرب مريم أخت موسى بالبرص (عد 12: 19) وأمات أبيهو وأبيناداب ابني هارون (لا 10: 2) وحرم موسى وهرون من دخول أرض الموعد (عد 20: 12)"(30).
7- الله هو المالك وضابط الكون يسيّره حسبما تشاء حكمته، ولم يكن بنو إسرائيل وحدهم الذين ميَّزهم بامتلاك أرض كنعان، فقد سبق وأعطى العمونيين والموآبيين الأرض التي ورثوها، وحذر موسى من أخذ هذه الأرض منهم قائلًا " لأني لبني لوط قد أعطيت عار ميراثًا" (تث 2: 9).. " لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثًا" (تث 2: 18، 19) والله هو الذي يُقيم الممالك وينهيها (دا ص 2، 8)، فقد قامت من قبل أمبراطوريات عظيمة وأنتهت مثل الأمبراطورية البابلية الأولى والأشورية والبابلية الثانية والفارسية واليونانية والرومانية..
لينظر الناقد إلى نبؤة أشعياء النبي عن مملكة بابل (الثانية) والشر الذي سيأتي عليها من قِبل إمبراطورية مادي وفارس، ويصف أشعياء بأن هذا اليوم الذي يُجرَى فيه العدل الإلهي بسبب شرور بابل العظيمة هو " يوم الرب " فيقول لأهل بابل " ولولوا لأن يوم الرب قريب كخراب من القادر على كل شيء.. هوذا يوم الرب قادم قاسيًا بسخط وحمو غضب ليجعل الأرض خرابًا ويبيد منها خطاتها.. أزلزل السموات وتتزعزع الأرض من مكانها في سخط رب الجنود وفي يوم حمو غضبه. ويكونون كظبي طريد وكغنم بلا من يجمعها.. كل من وُجِد يُطعن.. وتُحطَّم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتُفضح نساؤهم. هآنذا أهيج عليهم الماديين.. فتُحطّم القسيُّ الفتيان ولا يرحمون ثمرة البطن. لا تشفق عيونهم على الأولاد. وتصير بابل بهاء الممالك وزينة الكلدانيين كتقليب الله سدوم وعمورة. لا تُعمَر إلى الأبد ولا تُسكَن إلى دور فدور.." (أش 13).
8- لا يمكن إتهام الله بالمحاباة والعنصرية، فقد قضت الشريعة بقتل الزاني والزانية، وقتل الله الذين زنوا مع بنات موآب بالوباء وكان عددهم أربعة وعشرين ألفًا، وهذا فعله الله مع الأمم بالتمام والكمال، فالله القدوس من رابع المستحيلات أن يقبل الشر، فقد حكم على الملائكة ذو الجمال والبهاء لأنهم سقطوا في الكبرياء، وقد حكم الله على آدم وهو الذي جبله على صورته ومثاله، لأنه لم يحفظ الوصية، فالله ليس لديه محاباة ولا تغيير ولا ظل دوران.
أليست النيران التي ألتهمت أريحا وعاي وحاصور هي ذات النيران التي أكلت عخان بن كرمى وأولاده ومواشيه وجسم الجريمة من ذهب وفضة وثوب شنعاري؟!
أليست هي ذات النار التي ألتهمت مدينة جبعة التابعة لسبط بنيامين بكل من فيها وكل ما فيها؟!
أليست هي ذات النار التي قتلت ابني رئيس الكهنة هارون؟!
أليست هي ذات النيران التي أكلت رجال قورح المائتين والخمسين؟!
أليست هي ذات النار التي أكلت أورشليم بيد نبوخذ نصر؟!
أليست هي ذات النار التي أحرقت الهيكل مفخرة اليهود سنة 70م؟!
أليست هي ذات النار التي مازالت تحرق وتدمر الخطاة؟!
أليست هي ذات الجحيم الذي سيحتفظ بالأشرار في أحضانه؟!
أليست هي جهنم النار الأبدية وبحيرة النار والكبريت المعدة لأبليس وملائكته؟!
فعلآم الإعتراض على العدل الإلهي؟!
9- قضية ذبح الأطفال الأبرياء هي قضية حساسة، ومع هذا فإننا نقول أن هؤلاء الأطفال ربما كانت نهايتهم الحرق بتقديمهم ذبائح بشرية للآلهة الوثنية، وإن نجوا من هذا وكبروا واستشروا في الشر مثل آبائهم فستكون نهايتهم العذاب الأبدي في جهنم النار، ولهذا فإن إنهاء حياتهم في مرحلة الطفولة رغم صعوبته جدًا فإنه ينقذهم من هذا وذاك، فهم كأطفال إرادتهم قاصرة لا يُعاقبون بالنار الأبدية ولا يتنعمون بنور الملكوت، فهم لا يُعذبون ولا يكافئون، وهذه الحالة بلا شك هي أفضل من الإحتمالين السابق طرحهما(31).
10- سادت شريعة الحرب لوقت محدد، وبهدف إقرار العدل الإلهي وامتلاك بني إسرائيل الأرض. ولا ننسى أن ملوك كنعان هم الذين أخذوا المبادرة بالقتال " ولما سمع جميع الملوك الذين في عبر الأردن في الجبل وفي السهل وفي كل ساحل البحر الكبير إلى جهة لبنان الحثيون والأموريون والكنعانيون والفرزّيون والحوّيون واليبوسيون. أجتمعوا معًا لمحاربة يشوع وإسرائيل بصوت واحد" (يش 9: 1، 2).. " فخرجوا هم وكل جيوشهم معهم شعبًا غفيرًا كالرمل على شاطئ البحر.. بخيل ومركبات كثيرة جدًا" (يش 11: 4) (راجع أيضًا عد 21: 21 - 35، يش 10: 1 - 6، 24: 11).
لقد ضخم النُقَّاد من حروب يشوع وكأنها الكارثة الأولى والأعظم في تاريخ البشرية، والأمر بلا شك ليس كذلك، فالأرض التي دارت في ساحتها المعارك غرب الأردن مساحتها 80 × 240 كم (ربما مثل دلتا النيل) والمدة التي أستغرقتها هذه الحروب هي السبع سنين الأولى لقيادة يشوع، والأسلحة التي أُستخدمت هي أسلحة بدائية، والملوك الواحد والثلاثون الذين تعرضوا ليشوع لم يكونوا ملوكًا لدول، إنما كانوا أمراء لمدن أُطلق عليهم لقب ملوك، وكل ما حدث يتضائل جدًا بجوار أحداث الحرب العالمية الثانية التي خلَّفت وراءها 60 مليون قتيل والتي دارت رحاها في عدة قارات، وأستخدمت فيها أسلحة حديثة وخُتمت باستخدام الأسلحة النووية، وأيضًا حروب يشوع لا تُقاس بزلزال شرق آسيا الذي ضرب ثمانية دول في الأحد الأخير من عام 2004م بقوة 9 ريختر وهو ما يساوي قوة مليون قنبلة ذرية، وما تبعه من موجات المد العاتية (تسونامي). فقد تحركت بعض الجزر عن موقعها نحو ثلاثين كيلومترًا، وأختفت قرى ومدن من الوجود، والسفن العملاقة من عابرات المحيط صارت مثل علب الكبريت فطوحت بها الرياح على اليابس، ووصلت سرعة الأمواج الطاغية إلى مئات الكيلومترات في الساعة، وبارتفاع نحو أربعين مترًا، حتى أن الخيال السينمائي يتضاءل أمام هول هذه الكارثة التي أرتجت لها الأرض وأثرت على دورانها حول محورها، وكأن هذه الكارثة هي (بروفا) للمجئ الثاني.. إذًا حروب يشوع ليست قمة المآسي البشرية، ولكن عدو الخير يوظفها جيدًا بهدف كراهية الله.
11- لم يكن الهدف من حروب يشوع هو قتل كل إنسان غير يهودي، ولذلك جاء الحكم خاص بشعوب كنعان فقط، وحتى لا يكونوا مصدر عدوى لشعب الله، فالجسد المسرطن يحتاج إلى تدخل جراحي عميق، ولذلك أوصاهم الله " هكذا تفعلون بهم تهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم وتحرقون تماثيلهم بالنار. لأنك أنت شعب مقدَّس للرب إلهك. إياك قد إختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخصَّ من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض" (تث 7: 5، 6) ويقول " المطران يوسف الدبس": "وقد أباحهم الله هذا القتل والتدمير ليشتد رعبهم على سكان الأرض التي جعلها لهم ميراثًا فيتيسر لهم امتلاكها عنوة كما فعلوا. وقد أشار الكتاب إلى ذلك بقوله (يش 6: 27) {وكان الرب مع يشوع وذاع خبره في كل الأرض} ففر كثير من الكنعانيين من وجه بأسه"(32).
والأمر العجيب أنه بعد أن صدر الأمر الإلهي بالقضاء على شعوب كنعان، وضرب يشوع ضربته الأولى والمؤثرة، والتي كان يجب أن يتبعها امتلاك الأسباط للأرض، كلٍ فيما يخصه، فإن الأسباط تقاعست وتركت هذه الشعوب، وتخالطت معها، وعبدت آلهتها، ولذلك قال لهم الرب " فأنا أيضًا لا أعود أطرد إنسانًا من أمامهم من الأمم الذين تركهم يشوع عند موته.. فترك الرب أولئك الأمم ولم يطردهم سريعًا ولم يدفعهم بيد يشوع" (قض 2: 21، 23).. " فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزييين والحويين واليبوسيين. وأتخذوا بناتهم لأنفسهم نساءً وأعطوا بناتهم لبنيهم وعبدوا آلهتهم" (قض 3: 5، 6) فواضح أن الحكم بالقضاء على هذه الشعوب لم يتحقق إلاَّ جزئيًا، ومن قُتل من هذه الشعوب هو نسبة بسيطة من إجمالي السكان.
ويجب الإشارة إلى أن حروب يشوع كانت أشبه بقانون إستثنائي0 أما القانون السائد في العهد القديم كله فهو قانون السلام ونبذ الحروب، فالله إله رؤوف " الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.. كما يترأف الأب على البنين يترأف الرب على خائفيه" (مز 103: 8، 13). ولذلك جاءت الوصية واضحة وصريحة " لا تقتل" (خر 20: 13) وأوصى شعبه " لا تكره أدوميًا لأنه أخوك. لا تكره مصريًا لأنك كنت نزيلًا في أرضه" (تث 23: 7) و" لا تضطهد الغريب ولا تضايقه. لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر" (خر 22: 21).. " ولا تضايق الغريب فأنكم عارفون نفس الغريب. لأنكم كنتم غرباء في أرض مصر" (خر 23: 9).. " وإذا نزل عندك غريب في أرضكم فلا تظلموه. كالوطني منكم يكون لكم الغريب النازل عندكم. وتحبه كنفسك" (لا 19: 33، 34) و" إذا صادفت ثور عدوك أو حماره شاردًا ترده إليه" (خر 23: 4) و" إن جاع عدوك فاطعمه خبزًا وإن عطش فاسقه ماء. فأنك تجمع جمرًا على رأسه والرب يجازيك" (أم 25: 21، 22) وقد سبق وناقشنا هذا الموضوع بالتفصيل(33).
12- ليس من المنطق أن نحكم على أحداث حدثت منذ 35 قرنًا أي منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام بمقاييس اليوم ومبادئ حقوق الإنسان، فما كان سائدًا حينذاك هو الغزو والنهب وتقسيم الغنائم، ومصادرة الحق في الحياة عند إستشعار الخطر، فهكذا فعل فرعون عندما أصدر قراره بقتل كل أطفال العبرانيين من الذكور، بل أن بني إسرائيل فيما بينهم في عصر القضاه وما بعده طالما نشبت بينهم الحروب وراح ضحيتها عشرات الألوف (قض 12: 6، قض 20).
وجاء في كتاب " غوامض العهد القديم": "يكفي أن نلاحظ بأن قتل كل الرجال بل وكل السكان القاطنين في مدينة مغلوبة كانت عادة عامة في الحرب في العصور الأولى. مثال ذلك أنه وُجِد على الحجر الموآبي الأثري القديم كلام للملك حيث يقول {حاربت مدينة " عتاروث " من سبط جاد وأخذتها وذبحت كل الرجال إكرامًا للإله كموش إله موآب. وأخذت مدين " نبو " من إسرائيل وذبحت كل سكانها حتى رؤساء القبائل والنساء والأطفال لأن كموش لعنها}"(34).
ويكفي أن نسجل هنا ما فعله الهكسوس بالبلاد المصرية، وقد وصف أحد شهود العيان ما حلَّ ببلادنا المصرية جراء هذا الغزو من حرق المدن، وهدم المعابد، والمذابح الجماعية، وبيع البشر كالسوام في أسواق العبودية، فقال " ولسبب ما لا أعرف عنه شيئًا، حلَّت بنا صاعقة إلهيَّة، فعلى حين غرة زحف غزاة من جهة الشرق ينحدرون من أصول عرقية يكتنفها الغموض، وكلهم ثقة في إحراز النصر ضد بلادنا. واستطاعوا اعتمادا على أعمال أقصى درجات الجبروت، التفوق بسهولة كبيرة على حكام البلاد، فاضرموا النيران دون رحمة في مدننا، وسهدموا معابد الآلهة، وعاملوا كافة الأهالي، أبناء مصر، بعدوانية وقسوة، حيث ساقوا بعضهم إلى المذابح، وقادوا زوجات وأطفال البعض إلى أسواق العبودية، وفي نهاية المطاف نصَّبوا أحد عناصرهم في منصب ملك مصر باسم " ساليتيس " Salitis وقد أتخذ هذا الملك الأجنبي مقر عرشه في " منف " حيث شرع في جباية الجزية من الوجهين القبلي والبحري، وفي إقامة الحاميات العسكرية وراءه حيثما حلَّ.. وقد أسَّس.. " أباريس" (= أورايس) Avaris ونصب هناك حامية قوامها أكثر من 240 ألف جندي مدججين بالسلاح كي يحموا حدوده"(35).
وعندما أراد فرعون مصر أن يقدم هدية لسليمان الملك الحكيم " صعد فرعون ملك مصر وأخذ جازر وأحرقها بالنار وقتل الكنعانيين الساكنين في المدينة وأعطاها مهرًا لإبنته امرأة سليمان" (1 مل 9: 16).
وكان نفس الأسلوب متبعًا بين أسباط بني إسرائيل:
أ - ماذا فعل جدعون بأهل سكوت الذين رفضوا أن يسعفونه بالطعام وهو يطارد ملكي مديان..؟! " أخذ شيوخ المدينة وأشواك البرية والنوارج وعلَّم بها أهل سكوت" (قض 8: 16) أي أنه خلطهم بالأشواك ودرسهم بالنوارج.. هل هناك ميتة أصعب من هذه؟!!
ب - ماذا فعل أبيمالك بن جدعون بأخوته السبعين ..؟! " جاء إلى بيت أبيه في عفرة وقتل أخوته بني يربعل سبعين رجلًا على حجر واحد" (قض 9: 5).. فمن رأى مذبحة مثل هذه راح ضحيتها سبعون أخًا بيد شقيقهم؟!!
جـ- ماذا فعل أبيمالك بأخواله في شكيم ..؟! " أخذ المدينة وقتل الشعب الذي بها وهدم المدينة وزرعها ملحًا" (قض 9: 45).. فمن رأى أضرارًا بالأرض الصماء مثل هذا الضرر؟!!
د - ماذا فعل أبيمالك ببرج شكيم الذي إحتمى فيه ألف رجل وامرأة..؟! " أخذ أبيمالك الفؤوس بيده وقطع غصن شجر ورفعه ووضعه على كتفه وقال للشعب الذي معه مارأيتموني أفعله فاسرعوا أفعلوا مثلي.. وأحرقوا عليهم الصرح بالنار. فمات جميع أهل برج شكيم نحو ألف رجل وامرأة" (قض 9: 48، 49) وجميعهم مثل من سبقهم من بني إسرائيل.
هـ- ماذا فعل يفتاح بسبط أفرايم الذي عاتبه بشدة لأنه لم يأخذهم لحرب بني عمون..؟! لم يصرف غضبهم كما صرف غضبهم من قبل جدعون بتواضعه، إنما ذبح منهم 42 ألفًا، فكل من كان يقول " سِبُّولت " بدلًا من " شِبُّولت " كانوا يذبحونه على مخاوض الأردن، حتى فاض النهر دمًا.. فمن رأى وحشية مثل هذه؟!
و - ماذا حدث لسبط بنيامين الذي دافع عن أهل جبعة الذين أغتصبوا سرية اللاوي..؟! نشبت الحرب بينهم وبين بقية الأسباط، فقتلوا من الأسباط في يومين أربعين ألفًا، وفي اليوم الثالث أبادت الأسباط السبط بالكامل 25 ألفًا، لم يتبقى من السبط رجال ونساء وأطفال وشيوخ غير ستمائة رجلًا " حتى البهائم حتى كل ما وُجِد وأيضًا جميع المدن الذي وُجِدت أحرقوها بالنار" (قض 20: 28).
لقد كان قلب الإنسان غليظًا يعيش بروح العبودية فكان يلزمه التأديب الصارم، أما نحن الآن في عصر النعمة، وقد إستنار ذهن الإنسان بمعرفة الروح القدس، وأيقن أن نهاية الشر هي الهلاك والدمار والموت الأبدي، ولك يا صديقي أن تتأمل وتقارن بين نزول الله على جبل سيناء في العهد القديم وكيف كان الجبل يدخن ويضطرم بالنار وصوت بوق شديد.. إلخ وبين تجسد الله كطفل وديع بسيط في مزود في العهد الجديد.
ويقول " زينون كوسيدوفسكي " الذي طالما إنتقد الكتاب المقدَّس " يجب أن نتنبه هنا إلى أنه لا يمكن تقديم الحوادث التوراتية من منطلق المفاهيم الأخلاقية الحالية، فالحقبة التي يدور الحديث عنها كانت حقبة بربرية، والعادة الحربية التي أنتشرت آنذاك سمحت بقتل الأسرى وسكان القلاع المحتلة وتشويه أو قتل الملوك، وبأتباع أساليب المكر والخداع والخيانة. من هذا المنطق كان الإسرائيليون أبناء بررة أوفياء لحقبتهم الزمنية، ولم يختلفوا عن بقية شعوب العالم القديم، فقد عرف الحروب الشاملة كل من البابليين والمصريين والأشوريين والأغريق كما يتضح من هوميروس"(36).
ثالثًا: الغزوات في الإسلام:


1- لماذا يقبل النُقَّاد المسلمون الغزوات الإسلامية بصدر رحب بينما يهاجمون حروب يشوع بضراوة؟.. قاد الرسول وأصحابه 82 غزوة، قُتل فيها الكثير من الأسرى، فمثلًا عندما حاصر الرسول بني قريظة، وأبدوا استعدادهم للإستسلام على أن يحكمهم أسعد بن معاذ " فحكم أسعد بن معاز فيهم بحكم رسول الله، وهو أن تُقتل الرجال، وتقسَّم الأموال، وتسبى الذراري والنساء، فأمر بهم الرسول فسيقوا جماعات إلى موضع سوق المدينة حيث حُفرت لهم خنادق، ثم أمر الرسول فضربت أعناقهم في تلك الخنادق، وبلغ عدد القتلى منهم ما بين 600 و700 يهودي"(37).
وجاء في صحيح البخاري " باب قطع الشجر والنخيل. وقال أنس أمر النبي (صلعم) بالنخل فقُطع. حدثنا موسى بين إسماعيل حدثنا جويرية عن نافع عن عبد الله رضي الله عن النبي (صلعم) أنه حرق نخل بني النضير وقطع وهي البؤيرة، ولها يقول حسان:
وَهَانَ على سَرَاةِ بِني لُؤَيٍ حريقُ باليُويرة مستطير"(38)
فعجبًا لهؤلاء النُقَّاد الذين يكيلون بمكيالين!!
ويطول الحديث جدًا حول قسوة تلك الغزوات، ويكفيك يا صديقي أن تطلع على بعض الكتب التي تتناول هذا الموضوع بصدق مثل كتاب الحقيقة الغائبة للكاتب الكبير فرج فودة، فقد ذكر ثروات خمسة من كبار الصحابة المُبشَرين بالجنة، فقال " كان لعثمان بن عفان عند خازنهُ يوم قُتل ثلاثون ألف درهم وخمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار فانتهبت وذهبت.. كانت قيمة ما ترك الزبير واحد وخمسين أو أثنين وخمسين ألف ألف.. وسعد بن أبي وقاص.. ترك يوم مات ألف وخمسين ألف درهم.. قيمة ما ترك طلخة بن عبيد الله.. ثلاثين ألف ألف درهم.. ترك عبد الرحمن بن عوف.. وكان فيما ترك ذهب قُطع بالفؤوس حتى مَجُلت أيدي الرجال منه"(39).. فأنظر يا صديقي إلى تواضع حالتهم في الجاهلية وثرواتهم هذه!!.. كم من النفوس قُتلت في سبيل جمع هذه الثروات؟! ويكفي أن نشير إلى ضحايا حروب الردة، فقد قتل خالد بن الوليد من بني حنيفة المرتدين فقط واحد وعشرين ألف رجل(40) وفي موقعة اليرموك قتل خالد بن الوليد مائة وعشرين ألفًا من الجيش البيزنطي (راجع الصبري جـ 4 ص 23400 إلخ.
2- هل كانت حروب يشوع بقصد نشر العقيدة اليهودية؟.. قال " دكتور أحمد حجازي السقا " أن بني إسرائيل نظموا الجيوش وأرسلوها لفتح البلاد ونشر الدعوى، وكان أمير الجيش يعرض على أهل البلاد دين موسى، ويطلب منهم أن يُسلّموا، فإن أبو ورفضوا قاتلهم(41).. لم تكن حروب يشوع بقصد نشر العقيدة اليهودية.. كلاَّ، فلم يحارب يشوع تلك الشعوب بقصد نشر الدين اليهودي قط. إنما كان مُكلَّف بتنفيذ الحكم الإلهي على تلك الشعوب التي وصلت شرورها إلى أقصى مداها، فحمل سيف العدل الإلهي. أما الغزوات الإسلامية فكان هدفها الأول أن تؤمن هذه القبائل بالإسلام، ولو حتى بالسيف، ولو بدون إقتناع، وكل من نطق الشهادتين فقد عصم نفسه من الموت وممتلكاته من الإغتصاب.
وهذه نقطة خلاف جوهرية بين حروب يشوع وغيرها، وعلينا أن ندرك جيدًا أن يشوع كان مجرد أداة لتنفيذ المشيئة الإلهيَّة، ولذلك فمن يريد أن يعترض فليعترض على الله العادل الذي كلَّف يشوع بتنفيذ الحكم.
ويقول " الخوري بولس الفغالي": "الحرب المقدَّسة في سفري يشوع والقضاة ليست حربًا دينيًا، هدفها أن تفرض بالسلاح الإيمان بالرب. نحن أمام حرب تسعى إلى المحافظة على وجود شعب وامتلاك أرض. والحرب ككل واقع الحياة في ذلك الزمان، ذا طابع مقدَّس وهي تتبع شعائر دينية محدَّدة. الله هو الذي يحارب عن شعبه (يش 10: 14، 42) ويمشي في مقدمة الجيش (قض 4: 14) والعلامة المنظورة لحضوره هو تابوت العهد.. أما المقاتلون فهم متطوعون يُؤخذون من بين القادرين على حمل السلاح. فعليهم قبل كل شيء أن يؤمنوا بتدخل الرب، عليهم أن لا يخافوا (يش 8: 1) قال الرب ليشوع لا تخف ولا تفزع (يش 10: 8) وأخيرًا، يُجند الرب لهذه الحروب قوى الطبيعة (البرَد في يش 10: 11، والبحر في يش 24: 8، والكواكب في قض 5: 20 - 21) ويجعل البلبلة في صفوف الأعداء (قض 7: 22، 1 صم 7: 10، 14: 15 - 20).. ولكن سيأتي وقت نعرف فيه أن الحرب الحقيقية ليست حرب السلاح، بل الحرب على الشر في قلوبنا وفي مجتمعنا. وسيعرف العبرانيون أيضًا أن الله ليس إلههم وحدهم، بل هو إله الكون، الذي سيرسل أنبياءه حتى إلى العالم الوثني، كما فعل يونان"(42).
_____
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:19 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

ردود على نقاد الكتاب المقدس

ج: نظرًا لأهمية هذا الموضوع من جهة الرد على النُقَّاد، ومن جهة أخرى ليفهم بعض المسيحيين الذين يُعثَرون من هذه الحروب، لذلك قرَّرنا طرح الموضوع على بساط البحث بصورة أوسع، وذلك من خلال المحاور الثلاث الآتية:
أولًا: الرد السريع المُختصر على أهم الافتراءات السابقة.
ثانيًا: الشر يأكل نفسه.
ثالثًا: الغزوات في الإسلام.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:21 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

الفصل الثاني: هل الله في العهد القديم.. إله عنصري؟

الذين يهاجمون تصرفات الله تجاه الخطاة في العهد القديم لا يكفون عن طرح تساؤلاتهم، لماذا اتسم إله العهد القديم بالعنصرية؟.. وكأنهم يؤمنون بإلهين ويريدون ان يبعثوا من الموت فكرة الثنائية.

كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
وفكرة الثناية أو الإيمان بإلهين هيَ فكرة فارسية قديمة، اعتقد بها ماركيون، وماني، وفلنتينس وغيرهم. فقال ماركيون أن إله العهد القديم ليس إلهًا شريرًا، إنما هو إله سريع الغضب والانتقام، وهو إله اليهود الذي حرَّك شعبه لقتل المسيح، ولذلك رفض ماركيون إله العهد القديم، ورفض أسفار العهد القديم أيضًا. أمَّا ماني فقد نادي بأن هناك إلهان أحدهما إله النور والخير، والثاني إله الظلمة والشر، والأخير هو إله العهد القديم، ولذلك رفض ماني أيضًا إله العهد القديم وكتابه.
والذين ساروا وراء هذا الفكر الثنائي في الحقيقة قد آمنوا بتعدُّد الآلهة، وهذا فكر وثني بعيد تمامًا عن روح الكتاب المقدَّس، وللأسف فإن بعض هؤلاء المهاجمين من ذوي الرتب الكهنوتية غير الأرثوذكسية، مما يضعهم في موقع العثرة للبسطاء من شعبهم، لذلك نلتمس من روح اللَّه أن يكشف لنا ولهم عن محبة اللَّه وعدله سواء في العهد القديم أو العهد الجديد، ودعنا يا صديقي نستعرض هذا الفكر، لا بغرض تأييده وتزكيته بل بغرض كشف حقيقته أمام البسطاء، حتى لا يهلكون بجريرته، وفي هذا الفصل نتعرَّض للنقاط الأربعة الآتية:
أولًا: اختيار اللَّه لشعبه.
ثانيًا: معاملات اللَّه مع الأمم.
ثالثًا: ليس لدي اللَّه محاباة.
رابعًا: ليس لدي اللَّه تغيير.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

كيف يُميّز الله شعب بني إسرائيل عن سائر شعوب الأرض؟.. ولماذا اختار الله هذا الشعب بالذات..؟ وعلى أي أساس تم هذا الاختيار؟.. ألا يظهر هذا أن الله إنما هو إلهًا عنصريًّا متحيّزًا؟

أولًا: اختيار الله لشعبه

ج: الحقيقة أن عقيدة الاختيار عقيدة ثابتة {وقد تعرض لها القرآن عندما قال للعرب " كنتم خير أمة أُخرجت للناس" (سورة أل عمران 110)} ولكن يجب أن نفهم أولًا: ما هي عقيدة الاختيار؟.. هناك ثلاثة مفاهيم لعقيدة الاختيار:
أ - الاختيار الشامل: بمعنى أنه مادام الله خلق الجميع على صورته ومثاله، فلابد أن يختار كل البشر وجميع الشعوب بقدر متساو، والاختيار بهذا المفهوم الشامل ينسجم تمامًا مع العدل الإلهي، ولكن الاختيار بهذا المفهوم أيضًا لا يتمشى مع الواقع.. لماذا؟.. لأن الله خلق الإنسان حرًا مريدًا، ونظرة إلى تاريخ البشرية، نشاهد بوضوح كثرة الذين يرفضون ملك الله على حياتهم، وإصرارهم على تحدياتهم وأخطائهم، ومع كل هذا فإن الله يحترم تمامًا حرية الإنسان، فلم ولن يختار شخصًا ولا شعبًا رغم إرادته.. نعم إن الله خلق جميع البشر على صورته ومثاله، ولكن ليس الجميع يطلبونه ويرغبونه ويترجون وجهه، فالبشر يتمايزون عن بعضهم البعض، وهكذا الشعوب أيضًا، والله يحترم إرادة هذا وذاك، ولذلك فإن عقيدة الاختيار الشامل لابد أنها ستتعارض مع حرية الإنسان في تقرير مصيره.
ب - الاختيار الجزئي: بمعنى أن الله يختار الجزء ويهمل كل البقية.. يختار البعض ويرفض الآخرين، وهذا الاختيار هو ضد العدل الإلهي الكامل، ولذلك لم يقر الله عقيدة الاختيار بهذا المفهوم.
ج - الاختيار المتدرج من الجزء للكل: بمعنى أن يختار الله عجينة صغيرة صالحة، وبها يخمر العجين كله، يختار الجزء مؤقتًا ليكون له الكل فيما بعد، وهذا ما حدث عندما اختار الله إبراهيم، فقد رأى الله في إبراهيم الاستعداد الطيب للحب والطاعة والإيمان، حتى أنه عندما طلب منه أن يخرج من بلده ويترك قومه وعشيرته والذين يعبدون الأصنام أطاع إبراهيم على الفور بلا نقاش ولا مجادلة ولا دمدمة " وقال الرب لإبرام أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أُمة عظيمة وأُباركك وأُعظم أسمك وتكون بركة وأُبارك مُبارِكيك ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض. فذهب إبرام كما قاله له الرب" (تك 12: 1 - 4) ويقول معلمنا بولس الرسول " بالإيمان إبراهيم لما دُعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيدًا أن يأخذه ميراثًا فخرج وهو لا يعلم إلى أين يأتي. بالإيمان تغرَّب في أرض الموعد" (عب 11: 8، 9) وسار إبراهيم مع الله بأمانة وحب وإخلاص، للدرجة التي قدم فيها ابنه وحيده إسحق ذبيحة لله، واثقًا أن الله قادر أن يقيمه من الموت بعد ذبحه " بالإيمان قدم إبراهيمإسحق وهو مُجرَّب قدم الذي قبل المواعيد وحيده. الذي قيل له أنه بإسحق يدعى لك نسل. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا" (عب 11: 17 - 19) وقال الرب له " بذاتي أقسمت يقول الرب إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك إبنك وحيدك. أُباركك مباركة.. ويتبارك في نسلك جميع أُمم الأرض من أجل أنك سمعت لقولي" (تك 22: 16 - 18) وفعلًا جاء من نسل إبراهيم السيد المسيح الذي به تباركت كل أُمم الأرض، ويقول معلمنا بولس الرسول " وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله. لا يقول وفي الأنسال كأنه عن كثيرين بل كأنه في واحد في نسلك الذي هو المسيح" (غل 3: 16).
وهكذا إختار الله إبراهيم، واختار إسحق دون إسماعيل، واختار يعقوب دون عيسو، واختار شعب بني إسرائيل دون بقية شعوب العالم، ويقول الأب منيف حمصي " الله يدخل تاريخ الإنسان عبر بوابة شعب إسرائيل وذلك ليستودعه تدبير قصد الخلاص. لهذا السبب بالضبط نسمع في الكتاب أن هذا الشعب هو خادم الله (أش 44: 21) ومختار الله (أش 45: 4) وإبنه البكر (خر 4: 22) وميراثه (أش 19: 25) وعروسه (هو 2: 14 - 20) إسرائيل على هذا الأساس.. مركز للتاريخ المقدَّس.. محور تاريخ الخلاص.. هذا الشعب الأضعف بين الشعوب، قد تحوَّل بفعل اختيار الله له، إلى مركز لكل التاريخ المقدَّس، وإلى نواة تنطلق منها بركات الله ونعمه إلى سائر الشعوب"(1).
ولم يكن اختيار الله لشعب بني إسرائيل هو الهدف النهائي لله، إنما وسيلة لجذب العالم كله،"لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع" (غل 3: 14)، فيقول الأب منيف حمصي " الشعب الإسرائيلي ليس غاية الاختيار، ولا ينحصر فيه معنى الاختيار. لم يكن اختيار الله له كهدف بحد ذاته، بل كأداة وكخميرة، أولًا: ليتقدَّس هذا الشعب، ومن ثمَ ليتحول إلى أداة بها تتقدَّس سائر الشعوب الأخرى. الشعب المختار هو أداة تتقدَّس بها سائر الشعوب الأخرى. الشعب المختار هو أداة لتقديس الخليقة كلها.. الشعب المختار هو القناة التي تنتقل عبرها إرادة الله وقداسته.. الشعب المختار هو أداة لتقديس الاختيار الإلهي الجزئي، ولا يكتمل بمجرد اختيار إسرائيل، إنما كماله هو في قداسة الأمم من خلال إسرائيل"(2).
والاختيار هبة مجانية من الله، فقد إختار الله شعب إسرائيل وهو شعب صغير، ولم يكن بقوة وعظمة وحضارة الشعوب الأخرى، ولذلك قال الله لهم " إياك قد إختار إلهك لتكون له شعبًا أخصَّ من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض. ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب إلتصق الرب بكم وإختاركم لأنكم أقل من سائر الشعوب. بل من محبة الله إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لأبائكم" (تث 7: 6 - 8) وهذا ما نلاحظه أيضًا في العهد الجديد، فقال السيد المسيح لتلاميذه " ليس أنتم أخترتموني بل أنا أخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر" (يو 15: 16).. لقد " إختار الله جُهَّال العالم ليخزي الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود. لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه" (1كو 1: 27 - 29).
وليس معنى اختيار الله لشعب معين أنه يحابي هذا الشعب على حساب الشعوب الأخرى. حاشا، فالله لا يكيل بمكيالين، ولا يزن بميزانين، ولا يحابي بالوجوه، لأنه لو حابى الله شعبًا على حساب الشعوب الأخرى لكان إلهًا ظالمًا، ويقول الأب منيف حمصي " الاختيار لا يعني إرتباط الله بشعب واحد على حساب الشعوب الأخرى. إن كان الأمر هكذا، كان لزامًا علينا القول أن الله ظالم، وغير عادل، وعديم المحبة. إذا كان الاختيار المذكور يُلزم الله بالشعب المختار فقط، كأن الله تباعًا (دمية) في يد مختاريه لأنه لا يستطيع الخروج على مشيئتهم. وهذا مستحيل"(3).
وليس معنى أن الله اختار بني إٍسرائيل شعبًا له، أنه أغمض عينيه عن خطاياهم وتعدياتهم، إنما سقطوا تحت تأديبات الله الشديدة كما سنرى في الفصل الثالث، وعندما رفضوا المخلص رفضهم الله، وتحقق فيهم قول السيد المسيح " إن ملكوت الله ينزع منكم ويُعطي لأمَةٍ تعمل أثماره" (مت 21: 43).
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

لماذا يظهر الله في العهد القديم على أنه إله إسرائيل، يدافع عن شعبه بيد قوية وذراع رفيعة، بينما يقف ضد الشعوب الأخرى بقسوة وجبروت، وكأنه خلق إسرائيل فقط دون بقية الشعوب؟ وكيف يتحيز الله لشعب بني إسرائيل دون الشعوب الأخرى؟

ثانيًا: معاملات الله مع الأمم

س109: لماذا يظهر الله في العهد القديم على أنه إله إسرائيل، يدافع عن شعبه بيد قوية وذراع رفيعة، بينما يقف ضد الشعوب الأخرى بقسوة وجبروت، وكأنه خلق إسرائيل فقط دون بقية الشعوب؟ وكيف يتحيز الله لشعب بني إسرائيل دون الشعوب الأخرى؟ وقال " دافيز " أن أمر الله ليشوع لقتل الكنعانيين كان خطأ " إنني أتكلم عن نفسي، لأني أعتقد أن قتل الأبرياء عمل لا أخلاقي"(1)(2).
ويقول الأستاذ " طلعت رضوان".. " إن هذا الإله المنحاز لشعبه المختار لا يكتفي بطرد السكان الأصليين من أجل عيون بني إٍسرائيل، وإنما يحذرهم قائلًا {وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم ويضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها. فيكون إني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم} (عد 33: 55 - 56) إن مهمة هذا الإله هو توزيع أراضي الغير على بني إٍسرائيل.. فإن مشيئة إله العبرانيين تقرر سلب أراضي الشعوب التي زرعت وشيدت وتسليمها إلى شعبه المختار {ومتى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي حلفت لأبائك إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيك. إلى مدن عظيمة جيدة لم تبنها. وبيوت مملوءة كل خير لم تملأها وأبار محفورة لم تحفرها وكروم وزيتون لم تغرسها..} (تث 6: 10 - 13)"(3).
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
ج: يقول جوش مكدويل " لكن دافيز نسى عدة نقاط:
أولًا: أن الكنعانيين كانوا أبعد ما يكونوا عن البراءة (لا 18: 5، تث 9: 5) فالتضحية بالأطفال، وبعض من التصرفات اللإنسانية كانت سائدة في بلادهم.
ثانيًا: هذا الأمر كان حالة شاذة، إنه ليس أمرًا كتابيًا يصلح لكل الأزمان، لكنه أمر محدَّد بمناسبة خاصة في زمن مفرد في التاريخ.
ثالثًا: إن الله هو مخلص الجميع، هو الذي أعطى الحياة وهو الذي يقبضها.
المنطق الإنساني كأساس لتحديد ما هو صحيح في كلمة الله وما هو غير صحيح. وكما تكلم الله مع أشعياء 55: 8 {لأن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي يقول الرب}"(4).
ويقول " أ. أ. مَكراي " A. A. Mac. Rae " إن نجاسة المديانيين وشرهم كانا مصدر عدوى من شأنها أن تدمر شهادة إسرائيل لو سمح لهم بالدوام، وكان يمكن لله أن يمحوهم بالوباء، أو بكارثة طبيعية، لكنه بدلًا من ذلك إختار أن يستخدم الإسرائيليين لإتمام غرضه. ونلاحظ مرة أخرة أن عملهم قد صدر به أمر خاص من الله"(5).
لقد تقسى قلب الأمم بالشر للدرجة التي قدموا فيها أطفالهم ذبائح للأصنام، وكم أطال الله أناته عليهم جدًا جدًا.. أنظر إلى قول الله لإبراهيم " أعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ويستعبدون فيذلونهم أربع مئة سنة.. وفي الجيل الرابع يرجعون إلى هنا. لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملًا" (تك 15: 13، 16) لقد كان الله يعد شعبه كعصي تأديب للأمم، ورغم شرور الأموريين والشعوب الأخرى فإن الله أطال أناته عليهم أربعمائة سنة أخرى، خلالها تذلل شعبه بعبودية فرعون المرة، وبعد كل هذا الصبر الإلهي كان لابد للعدل الإلهي الصارم أن يأخذ مجراه.
وبالرغم من أن الله استخدم شعبه كعصي تأديب لهذه الشعوب، فإنه أطال أناته أكثر وأكثر على بعض الشعوب،مثل أدوم وموآب وعمون، فأوصى الرب موسى بأن لا يتعدى بنو إسرائيل على أرض أدوم قائلًا له " أوصي الشعب قائلًا. أنتم مارون بتُخم أخوتكم بنو عيسو الساكنين في سعير فيخافون منكم فاحترزوا جدًا. لا تهجموا عليهم. لأني لا أُعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم.. طعامًا تشترون منهم بالفضة لتأكلوا وماء أيضًا تبتاعون منهم بالفضة لتشربوا" (تث 2: 4 - 6) فبالرغم من أن بني أدوم سيخافون ويرتعبون منهم لكن الله حذرهم من الإنقضاض عليهم، وهكذا أوصى الله من جهة موآب فيقول موسى النبي " فقال لي الرب لا تُعادِ موآب ولا تثر عليهم حربًا لأني لا أعطيك من أرضهم ميراثًا. لأني لبني لوط قد أعطيت عارَ ميراثًا" (تث 2: 9) كما أوصى من جهة بني عمون فقال " أنت مار اليوم بتُخم موآب بعارَ. فمتى قربت إلى اتجاه بني عمون لا تُعادهم. ولا تهجموا عليهم. لأني لا أعطيكم من أرض بني عمون ميراثًا. لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثًا" (تث 2: 18، 19) فلو كان شر بقية شعوب كنعان محتملًا لغض الله النظر عنهم واحتملهم كما أحتمل بنو أدوم وموآب وعمون.
وعندما رأى الله في نينوى المدينة الإلهيَّة إمكانية التوبة عن الشر، أرسل إليها يونان النبي، ورغم محاولة يونان التهرب من هذه المهمة إلاَّ أن الرب أصرَّ عليها، حتى لو إضطر إلى إرسال رياح عاصفة تهدد السفينة، وحوتًا يحمل يونان إلى هذه المدينة العظيمة. بل وأشاد الله بتوبتها معاتبًا يونان " أنت شفقت على اليقطينة التي لم تتعب فيها ولا ربيتها. التي بنت ليلة كانت وبنت ليلة هلكت. أفلا أشفق أنا على نينوى المدينة العظيمة التي يوجد فيها أكثر من إثنى عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم وبهائم كثيرة" (يون 4: 10، 11) حقًا إن الشفقة متوفرة من جهة الله ليس على الناس فقط، بل وعلى البهائم والطيور أيضًا، فقد أوصى " إذا إتفق قدامك عش طائر في الطريق في شجر ما أو على الأرض فيه فراخ أو بيض والأم حاضنة الفراخ أو البيض فلا تأخذ الأم مع الأولاد. أطلق الأم وخذ لنفسك الأولاد لكي يكون لك خير وتطيل الأيام" (تث 22: 6، 7) ولكن عناد الإنسان وإصراره على الشر هو الذي قاده إلى هذه المذابح التي صنعها يشوع بن نون الذي حمل سيف العدالة الإلهية.
إسألوا راحاب التي من أريحا عن طول أناة الله عليها رغم زناها.. كيف أفتقدها وخلصها..؟! بل وجعلها جدة له بحسب الجسد.. تُرى لو كان في أريحا خمسون شخصًا مثل راحاب هل كان الله يُهلك المدينة..؟! بالقطع لا وألف لا.
" فتقدم إبراهيم وقال. أفتهلك البار مع الأثيم. عسى أن يكون خمسون بارًا في المدينة. أفتُهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارًا الذين فيه. حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر. أن تُميت البار مع الأثيم. فيكون البار كالأثيم. حاشا لك. أديان كل الأرض لا يصنع عدلًا. فقال الرب إن وجدتُ في سدوم خمسين بارًا في المدينة. فإني أصفح عن المكان كله من أجلهم" (تك 18: 23 - 26) ليس خمسين بارًا بل لو وُجد في أريحا عشرة أبرار ما هلكت المدينة قط " لا أهلك من أجل العشرة" (تك 18: 32).
إسألوا راعوث الموآبية وكيف قبلها الله ضمن شعبه وكافأها على محبتها وإخلاصها، وجعلها جدة له بحسب الجسد.. إسألوا نعمان السرياني الذي وثق في إله إسرائيل فكافأه الله منعمًا عليه بالشفاء الكامل من البرص.. إسألوا ملكة سبأ التي جاءت تبحث عن الحكمة، وإلتقت مع سليمان، فأشاد الله بها في العهد الجديد وجعلها مثلًا يُحتزى به.. إسألوا عن معاملات الله مع نبوخذ نصر ملك بابل، وعن معاملات الله مع وكورش ملك فارس الذي دعاه بمسيح الرب.. إلخ.
وهل بعد كل هذا نقول أن الله ظالم، وقد عامل هؤلاء الأمم بقسوة.. أسمعوا قول داود النبي عن الله الطويل الأناة " لأن للحظةٍ غضبه. حياة في رضاه" (مز 30: 5).. " الرب حنَّان ورحيم طويل الروح وكثير الرحمة الرب صالح للكل ومراحمه على كل أعماله" (مز 145: 8، 9) وقال أرميا النبي " لأن السيد لا يرفض إلى الأبد. فإنه لو أحزن يرحم حسب كثرة مراحمه لأنه لا يُذِلُّ من قلبه. ولا يُحزِن بني الإنسان" (مرا 3: 31 - 33).
لقد أوضح الله الأسباب التي من أجلها لفظت الأرض الشعوب الشريرة التي تسكن عليها، وحذر شعبه من هذه الرجاسات لئلا تكون نهايتهم كنهاية هؤلاء الأمم فقال:
أ - " وكلم الرب موسى قائلًا. كلم بني إسرائيل وقل لهم. أنا الرب إلهكم. مثل عمل أرض مصر التي سكنتم فيها لا تعملوا. ومثل عمل كنعان التي أنا آتٍ بكم إليها لا تعملوا وحسب فرائضهم لا تسلكوا.. فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها. أنا الرب.. بكل هذه لا تتنجسوا لأنه بكل هذه قد تنجَّس الشعوب الذين أنا طاردهم من أمامكم. فتنجست الأرض. فاجترى ذنبها منها فتقذف الأرض سكانها. لكن تحفظون أنت فرائضي وأحكامي ولا تعملون شيئًا من جميع هذه الرجاسات لا الوطني ولا الغريب النازل في وسطكم. لأن جميع هذه الرجاسات قد عملها أهل الأرض الذين قبلكم فتنجست الأرض. فلا تقذفكم الأرض بتنجيسكم إياها كما قذفت الشعوب التي قبلكم" (لا 18: 1 - 28).
ب - " فتحفظون جميع فرائضي وجميع أحكامي وتعملونها لكي لا تقذفكم الأرض التي أنا آتٍ بكم إليها لتسكنوا فيها. ولا تسلكون في رسوم الشعوب الذين أنا طاردهم من أمامكم. لأنهم قد فعلوا كل هذه فكرهتهم. وقلت لكم ترثون أنتم أرضهم وأنا أعطيكم إياها لترثوها.. وتكونون لي قديسين لأني قدوس أنا الرب" (لا 20: 22 - 26).
ج - " أسمع ياإسرائيل. أنت اليوم عابر الأردن لكي تدخل وتمتلك شعوبًا أكبر وأعظم منك ومدنًا عظيمة ومحصنة إلى السماء.. فأعلم اليوم أن الرب إلهك هو العابر أمامك نارًا آكلة. هو يبيدهم ويذلهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعًا كما كلمك الرب. لا تقل في قلبك حين ينفيهم الرب إلهك من أمامك قائلًا. لأجل بري أدخلني الرب لأمتلك هذه الأرض ولأجل إثم هؤلاء الشعوب يطردهم الرب من أمامك. ليس لأجل برك وعدالة قلبك تدخل لتمتلك أرضهم بل لأجل إثم أولئك الشعوب يطردهم الرب إلهك من أمامك" (تث 9: 1 - 5).
د - " متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو إبنته في النار ولا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر. ولا من يُرقى رُقية ولا من يسأل جانًا أو تابعة ولا من يستشير الموتى. لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب. وبسبب هذه الأرجاس الرب إلهك طاردهم من أمامك. تكون كاملًا لدى الرب إلهك" (تث 18: 9 - 13).
وحذر موسى شعبه في نهاية أيامه لئلا يذهب أحدهم ويعبد آلهة الأمم فيكون فيهم أصل يثمر علقمًا وأفسنتينًا، فإن الله لن يتساهل معه " لا يشاء الرب أن يرفق به بل يدخن حينئذ غضب الرب وغيرته على ذلك الرجل فتحل عليه كل اللعنات المكتوبة في هذا الكتاب ويمحو الرب اسمه من تحت السماء" (تث 29: 20) بل أن اللعنة تحل بالأرض أيضًا " كبريت وملح كل أرضها حريق لا تُزرع ولا تُنبت ولا يطلع منها عشب ما كإنقلاب سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم التي قيلها الرب بغضبه وسخطه. ويقول جميع الأمم لماذا فعل الرب هكذا بهذه الأرض. لماذا حموُّ هذا الغضب العظيم. فيقولون لأنهم تركوا عهد الرب إله آبائهم الذي قطعه معهم حين أخرجهم من أرض مصر. وذهبوا وعبدوا آلهة أخرى وسجدوا لها. آلهة لم يعرفوها ولا قُسِمت لهم. فاشتعل غضب الرب على تلك الأرض التي حلت عليها كل اللعنات المكتوبة في هذا السفر وإستأصلهم الرب من أرضهم بغضبٍ وسخطٍ وغيظٍ عظيمٍ" (تث 29: 23 - 28).
هـ- وكما أمر الله بسحق هذه الشعوب التي سلكت في السحر، أمر أيضًا بقتل السحرة والساحرات في بني إٍسرائيل " لا تدع ساحرة تعيش" (خر 22: 18) فهو لم يميز بين ساحر من الأمم وآخر من بني إٍسرائيل، بل كليهما ينبغي أن يُقتل " والنفس التي تلتفت إلى الجان. وإلى التوابع لتزني وراءهم. أجعل وجهي ضد تلك النفس وأقطعها من شعبها" (لا 20: 6).
و - وقد أوصى الرب شعبه وشدَّد على ضرورة القضاء على هؤلاء الشعوب موضحًا السبب " لكي لا يعلموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم فتخطئوا إلى الرب إلهكم" (تث 20: 18).. " وكلم الرب موسى في عربات موآب.. وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم ويضايقونكم على الأرض التي أنتم سالكون فيها فيكون أني أفعل بكم كما هممت أن أفعل بهم" (عد 33: 55، 56).
ز - بعد أن دشن سليمان الهيكل وصلى لله من أجل كل من يقبل إلى هذا البيت ويتضرع من أجل أمر ما سواء كان من شعب الله أو من الأمم، ثم " تراءى الرب لسليمان ليلًا وقال له. قد سمعت صلاتك وإخترت هذا المكان لي.. الآن عيناي تكونان مفتوحتين وإذناي مصغيتين إلى صلاة هذا المكان.. ولكن إن إنقلبتم وتركتم فرائضي ووصاياي التي جعلتها أمامكم وذهبتم وعبدتم آلهة أخرى وسجدتم لها. فإني أقلعهم من أرضي التي أعطيتهم إياها وهذا البيت الذي قدسته لإسمي أطرحه من أمامي وأجعله مثلًا وهُزأة في جميع الشعوب" (2 أي 7: 12 - 20).
ح - أوضح سليمان الحكيم قصة الله مع هؤلاء الأمم الذين يصرون على شرهم رغم ترفق الله بهم وشفقته عليهم فيقول " إن في كل شيء روحك الذي لا فساد فيه. فبه توبخ الخطاة شيئًا فشيئًا وفيما يخطأون به تذكرهم وتنذرهم لكي يقلعوا عن الشر ويؤمنوا بك أيها الرب. فإنك أبغضت الذين كانوا قديمًا سكان أرضك المقدَّسة. لأجل أعمالهم الممقوتة لديك من السحر وذبائح الفجور. إذ كانوا يقتلون أولادهم بغير رحمة ويأكلون أحشاء الناس ويشربون دمائهم في شعائر عبادتك. فأثرت أن تهلك بأيدي آبائنا أولئك الوالدين قتلة.. على أنك أشفقت على أولئك أيضًا فإنهم بشر. فبعثت بالزنابير تتقدم عسكرك وتبيدهم شيئًا بعد شيء. لا لأنك عجزت عن إخضاع المنافقين للصديقين بالقتال أو تدميرهم بمرةٍ بالوحوش الضارية أو بأمر حازم من عندك. لكن بعقابهم شيئًا فشيئًا منحتهم مهلة للتوبة وإن لم يخف عليك أن جيلهم شرير وإن خبثهم غريزي وأفكارهم لا تتغير إلى الأبد. لأنهم كانوا ذرية ملعونة منذ البدء. ولم يكن عفوك عن خطاياهم خوفًا من أحد. فإنه من يقول ماذا صنعت أو يعترض قضاءك ومن يشكو بهلاك الأمم التي خلقتها أو يقف بين يديك مخاصمًا عن أناس مجرمين. إذ ليس إله إلاَّ أنت المعتني بالجميع حتى ترى أنك لا تقضي قضاء الظلم. وليس لملك أو سلطان أن يطالبك بالذين أهلكتهم. وإذ أنت عادل تدبر الجميع بالعدل وتحسب القضاء على من لا يستوجب العقاب منافيًا لقدرتك. لأن قوتك هي مبدأ عدلك وبما أنك رب الجميع فأنت تشفق على الجميع.. لكنك أيها السلطان القدير تحكم بالرفق وتدبرنا بإشفاق كثير.. لأجل ذلك فالمنافقون الذين عاشوا بالسفه عذبتهم بأرجاسهم عينها" (حكمة سليمان 12: 1 - 23).. تعالَ يا سليمان لتنظر أولئك الذين جاءوا في آخر الأيام يعترضون على ما فعله الله مع هؤلاء الفسقة المعاندين!!
حقًا بسبب هذه الأرجاس طرد الرب هذه الشعوب من مكان سكناها، وأيضًا طرد الرب شعبه من ذات الأرض عندما سلك في ذات الأرجاس، فسُبيت مملكة إسرائيل إلى أشور، وسُبيت مملكة يهوذا إلى بابل، وتحقق قول الله لموسى النبي " وقال الرب لموسى ها أنت ترقد مع أبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها فيما بينهم ويتركني وينكث عهدي الذي قطعته معه. فيشتعل غضبي عليه في ذلك اليوم وأتركه وأحجب وجهي عنه فيكون مأكلةً وتصيبه شرور كثيرة وشدائد" (تث 31: 16، 17).
وحذر يشوع بن نون شعبه من عبادة الأصنام لئلا يحدث لهم ما حدث للشعوب السابقة، فقال لهم " ويكون كما أنه أتى عليكم كل الكلام الصالح الذي تكلم به الرب إلهكم عنكم كذلك يجلب عليكم الرب كل الكلام الردئ حتى يبيدكم عن هذه الأرض الصالحة التي أعطاكم الرب إلهكم. حينما تتعدون عهد الرب إلهكم الذي أمركم به وتسيرون وتعبدون آلهة أخرى وتسجدون لها بحمى غضب الرب عليكم فتبيدون سريعًا عن الأرض الصالحة التي أعطاكم" (يش 23: 15، 16) وعندما لم يسمع الشعب القاسي تحذير الله على فم يشوع بن نون حمى غضب الرب عليهم وأنتقم منهم وشتت بقيتهم في بقاع الأرض.
ولعل أحد يتساءل قائلًا: لو أخذنا بنفس المنطق، وهو أن خطية الأمم ونجاساتهم جرَّت عليهم العقاب الإلهي على يد يشوع بن نون، فلماذا لا نعترف بحروب نبي الإسلام وغزواته على إنها أوامر إلهية ضد شر الروم والفرس.. نقول إن هناك فرقًا جوهريًا بين حروب يشوع وحروب نبي الإسلام، وهو أن يشوع لم يحارب الناس بقصد إدخالهم للديانة اليهودية. إنما كان يشوع مجرد أداة لتنفيذ الإرادة الإلهية المقدَّسة. أما حروب نبي الإسلام فكانت بقصد نشر الدين الإسلامي، وليس مجازاة الأشرار، والدليل على هذا أن الذي إرتضوا أن يدخلوا الإسلام، ومهما كانت شرورهم، فإنهم عصموا دماؤهم وممتلكاتهم من رسول الإسلام، كما إعترف هو بهذا.
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

قال البعض "أن جميع صفحات العهد القديم توضح صراحة أن {يهوه} إله متحيّز ومصمم على أن يكون لليهود وضعًا مميزًا عن جميع الشعوب"
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

ثالثًا: ليس لدى الله محاباة

س110: قال البعض " أن جميع صفحات العهد القديم توضح صراحة أن {يهوه} إله متحيّز ومصمم على أن يكون لليهود وضعًا مميزًا عن جميع الشعوب"(1) وقال أحد الكهنة الفرنسيين " هل يوجد في الطبيعة إنسان تبلغ درجة قساوته أن يعذب وبوحشية أي كائن ذي حس مهما كان؟ إستنتجوا إذًا أيها اللاهوتيون إنه طبقًا لمبادئكم الخاصة يكون إلهكم أشر من أكثر الناس شرًا بصورة لا نهائية. لقد جعل الكهنة من الله كائنًا سيء القصد مفترسًا.. حتى إن قليلين من الناس في العالم هم الذين يتمنون وجود (الله). أي أخلاق لنا إذا نحن إقتدينا بهذا الإله. حقًا إن في هذا العالم دلائل كثيرة على التخطيط الذكي، لكن في المقابل ألاَّ توجد علامات بنفس القدر على أن هذه العناية الإلهية، إذا كان لها وجود، قادرة على أعظم الإساءات الشيطانية، إني أرى الجنس البشري مشغولًا باستمرار في حماية نفسه من شر أحابيل هذه (العناية الإلهية) التي يُقال إنها مشغولة في الاهتمام بسعادتهم"(2)(3)وقال أحد القادة الدينيين بلبنان(4) "أنا لا أعترف بإله العهد القديم، الإله الجزار".. ما مدى صحة مثل هذه الأقوال؟
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
ج: حقًا ليس لدى الله محاباة، فهو الإله القدوس الذي لا يقبل الشر بتاتًا، وصدق من قال أن السماء كلها طاهرة لا يوجد فيها شيء قط من النجاسة، ولا يشوبها شائبة ولو ضئيلة من عدم القداسة.. إنها طاهرة نقية بنقاء الذات الإلهية.. حقًا أن الله القدوس يرفض الشر بغض النظر عمن يرتكب هذا الشر سواء كان ملاكًا أو إنسانًا، فرئيس الملائكة الذي تكبَّر سقط مع جنوده، وآدم الذي خُلق على صورة الله ومثاله عندما خالف الوصية سقط من رتبته.. حقًا أن الله قدوس يرفض الشر بغض النظر عمن يرتكب هذا الشر سواء كان من الأمم الزناة الفسقة أو من شعبه، فهو لم ولن يحابي أبدًا على حساب صفاته الإلهية، ولذلك كما عاقب الله الأمم على شرهم هكذا عاقب شعبه أيضًا على شروره بذات العقاب الذي عاقب به الأمم.
حقًا ليس لدى الله محاباة، لذلك كثيرًا ما عاقب شعبه على خطاياهم، ولو كان إله التوراة متحيزًا لليهود، ما كان أدبهم مرارًا وتكرارًا، وما كان أسقط جثثهم في القفر، ولو كان متحيزًا ما كان أدبهم بالحيَّات المحرقة، ولو كان متحيزًا لهم ما كان يترك الشعوب المحيطة بهم يستعبدونهم ويذلونهم، ولو كان متحيزًا لهم ما كان ذراهم في أرض السبي، فالعهد القديم كله يسجل لنا معاملات الله مع شعب عنيد قاسي القلب صلب الرقبة، وقال " بسطت يديَّ طول النهار إلى شعب متمرد سائر في طريق غير صالح وراء أفكاره. شعب يغيظني بوجهي" (أش 65: 2، 3) ولذلك جاء الحكم الإلهي عليهم " لذلك هأنذا أنساكم نسيانًا وأرفضكم من أمام وجهي أنتم والمدينة التي أعطيتكم وآباءكم إياها. وأجعل عليكم عارًا أبديًا وخزيًا أبديًا لا تنسى" (أر 23: 39، 40).
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
ودعنا يا صديقي نذكر القليل من الكثير:
1- عقب خروج بني إٍسرائيل من أرض مصر بشهور قليلة صعد موسى ليتسلم الوصايا من الله وأبطأ في النزول، فصنع الشعب عجلًا ذهبيًا وعبدوه فحمى غضب الله عليهم، لأن أكثر ما يثير الغضب الإلهي أن يعبد الإنسان آلهة كاذبة، وما يتبع ذلك من انحلال وفساد " فبكروا في الغد وإصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامةٍ. وجلس الشعب للأكل والشرب ثم قاموا للعب" (خر 32: 6).. " وقال الرب لموسى رأيت هذا الشعب وإذا هو شعب صلب الرقبة. فالآن أتركني ليحمى غضبي عليهم وأفنيهم. فأصيرك شعبًا عظيمًا. فتضرع موسى أمام الرب إلهه.." (خر 32: 9 - 14) ودعى موسى بني لاوي " فقال لهم هكذا قال الرب إله إسرائيل ضعوا كل واحد سيفه على فخذه ومرُّوا وأرجعوا من باب إلى باب في المحلة وأقتلوا كل واحدٍ أخاه وكل واحدٍ صاحبه وكل واحدٍ قريبه. ففعل بنو لاوي بحسب قول موسى. ووقع من الشعب في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف رجل" (خر 32: 27، 28) لقد قتلوا كل إنسان مازال متمسكًا بالعبادة الوثنية، ومازال يمارسها، مهما كانت درجة القرابة.
2- عندما قدم ناداب وأبيهو ابني هارون " كل منهما مجمرته وجعلا فيها نارًا ووضعا عليها بخورًا وقرَّبا أمام الرب نارًا غريبة لم يأمرهما بها. فخرجت نار من عند الرب وأكلتهما. فماتا أمام الرب" (لا 10: 1، 2) وقد يحتج البعض قائلًا وهل تقديم نارًا غريبة يستوجب الموت.. هل إلى هذه الدرجة تبلغ قسوة الله..؟! فيوضح " أوزوالد ت. ألس " Oswald T. Allis خطية ناداب وأبيهو قائلًا " لقد تبين إنهما فعلا ما فعلا بمقتضى رأيهما الخاص كلية وليس بمقتضى أمر موسى {وقربا نارًا غريبة} (خر 30: 9) يظهر إنها نار لم تؤخذ من على المذبح النحاسي. كلاهما فعل ذلك. كان تقديم البخور على المذبح الذهبي من واجب رئيس الكهنة (خر 30: 9) أو {أحد} الكهنة (لو 1: 9) وكان تقدمهم على أبيهم في أول مرة يتم فيها هذا العمل الخطير تطفلًا، وإشتراك الإثنين في العمل في وقت واحد، يقترح تنافسًا وغيرة، وقد يكون عملهما عجرفة أيضًا، لأن وقت تقديم البخور (صباحًا ومساءًا) لم يكن قد حان بعد. تلك هي العناصر التي ربما تدخلت في هذا التدنيس، وقد تكون هناك أكثر منها. كانت الفرصة هكذا مهيبة، والطقس يجب إنجازه بدقة واهتمام، ليتم كل شيء تمامًا {كما أمر الرب موسى} لدرجة أن مثل هذا الخروج النزق عن هذه الرصانة، كان جرمًا من ناداب وأبيهو يدل على التهور والتدنيس"(5).
3- أمر الله بقتل المجدّف " فكلم الرب موسى قائلًا. أخرج الذي سبَّ إلى خارج المحلة فيضع جميع السامعين أيديهم على رأسه. ويرجمه كل الجماعة. وكلم بني إسرائيل قائلًا. كل من سبَّ إلهه يحمل خطيئته. ومن جدف على اسم الرب فإنه يُقتل. يرجمه كل الجماعة رجمًا. الغريب كالوطني عندما يجدف على الأسم يُقتل" (لا 24: 13 - 16).
4- عندما تكلم الشعب بالشر خرجت نار وأحرقت طرف المحلة " وكان الشعب كأنهم يشتكون شرًا في أذني الرب وسمع الرب فحمى غضبه. فأشتعلت فيهم نار الرب وأحرقت في طرف المحلة. فصرخ الشعب إلى موسى. فصلى موسى إلى الرب فخمدت النار. فدعى اسم ذلك الموضع تبعيرة لأن نار الرب إشتعلت فيهم" (عد 11: 1 - 3).
5- عندما تذمَّر بنو إسرائيل مشتهين اللحم، واللفيف الذي في وسطهم إشتهى شهوة " فعاد بنو إسرائيل أيضًا وبكوا وقالوا من يطعمنا لحمًا" (عد 11: 4) وأرسل الله لهم السلوى ليأكلوا " وإذ كان اللحم بعد بين أسنانهم قبل أن ينقطع حمى غضب الرب على الشعب وضرب الرب الشعب ضربة عظيمة جدًا. فدُعي اسم ذلك الموضع قبروت هتاوة لأنهم هناك دفنوا القوم الذين إشتهوا" (عد 11: 33، 34).
6- عندما تذمَّر قورح وداثان وابيرام على موسى " فتحت الأرض فاها وأبتلعتهم وبيوتهم وكل ما كان لقورح مع كل الأموال. فنزلوا هم وكل ما كان لهم أحياء إلى الهاوية وإنطبقت عليهم الأرض فبادوا من بين الجماعة" (عد 16: 32، 33).
7- أدب الله شعبه بالحيَّات المحرقة " وتكلم الشعب على الله وعلى موسى قائلين. لماذا أصعدتمانا من مصر لنموت في البرية. لأنه لا خبز ولا ماء وقد كرهت أنفسنا الطعام السخيف. فأرسل الرب على الشعب الحيَّات المحرقة فلدغت الشعب. فمات قوم كثيرون من إسرائيل" (عد 21: 5، 6).
8- عندما زنى الشعب مع بنات موآب عاتبهم الله بالوباء " وكان الذين ماتوا بالوباء أربعة وعشرين ألفًا" (عد 25: 9).
9- أمر الله بقتل كل من يعبد آلهة أخرى، أو يُحرّض الآخرين على عبادتها:
أ - " وإذا أغواك سرًا أخوك ابن أمك أو أبنك أو أبنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك الذي مثل نفسك قائلًا نذهب ونعبد آلهة أخرى.. فلا ترضَ منه ولا تسمع له ولا تشفق عينك عليه ولا ترقَّ له ولا تستره. بل قتلًا تقتله. يدك تكون عليه أولًا لقتله ثم أيدي جميع الشعب أخيرًا. ترجمه بالحجارة حتى يموت. إن سمعت عن أحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولًا. قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوحوا سكان مدينتهم قائلين نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفوها. وفحصت وفتشت وسألت جيدًا وإذا الأمر صحيح وأكيد قد عُمِل ذلك الرجس في وسطك. فضربًا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف وتحرّمها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف. تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتُحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلًا إلى الأبد لا تُبنى بعد. ولا يلتصق بيدك شيء من المحرَّم. لكي يرجع الرب من حمو غضبه ويعطيك رحمة. يرحمك ويكثرك كما حلف لآبائك" (تث 13: 6 - 17).
ب- " إذا وُجِد في وسطك في أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة يفعل شرًا في عيني الرب إلهك بتجاوز عهده. ويذهب ويعبد آلهة أخرى ويسجد لها أو للشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء.. فأخرج ذلك الرجل أو تلك المرأة التي فعل ذلك الأمر الشرير إلى أبوابك. الرجل أو المرأة وأرجمه بالحجارة حتى يموت" (تث 17: 2 - 5).0 " كل إنسان من بني إسرائيل.. أعطي من زرعه لمولك فإنه يُقتل. يرجمه شعب الأرض بالحجارة" (لا 20: 2).
ج- " وأما النبي الذي يطغى فيتكلم بأسمي كلامًا لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى فيموت ذلك النبي" (تث 18: 20).
د - أمر الرب بقتل الرجل الذي يسكنه جان أو تابعه، لأنه بتصرفاته الشريرة أتاح الفرصة لهذا الجان أن يسكن فيه،"وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة فإنه يُقتل بالحجارة يرجمونه. دمه عليه" (لا 20: 27).
10- أمر الله بقتل من يسب أباه أو أمه " كل إنسان سبَّ أباه أو أمه فإنه يُقتل. قد سبَّ أباه أو أمه. دمه عليه" (لا 20: 9) كما أمر الله برجم الابن المعاند " إذا كان لرجل ابن معاند ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه ويؤدبانه فلا يسمع لهما. يمسكه أبوه وأمه ويأتيان به إلى شيوخ مدينته وإلى باب مكانه. ويقولان لشيوخ مدينته. إبننا هذا معاند ومارد لا يسمع لقولنا وهو مسرف وسكير. فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت. فتنزع الشر من بينكم ويسمع كل إسرائيل ويخافون" (تث 21: 18 - 21).
11- أمر الله بقتل الزاني والزانية " وإذا زنى رجل مع امرأة فإذا زنى مع امرأة قريبة فإنه يُقتل الزاني والزانية" (لا 20: 10) وكذلك من يزني مع امرأة أبيه " وإذا إضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه. إنهما يُقتلان كلاهما. دمهما عليهما" (لا 20: 11) وأيضًا من يضطجع مع كنته " وإذا إضطجع رجل مع كنته فإنهما يُقتلان كلاهما. قد فعلا فاحشة. دمهما عليهما" (لا 20: 12) وأمر الرب برجم الفتاة المخطوبة التي تزني".. إن كان هذا الأمر صحيحًا ولم توجد عذرة للفتاة. يُخرجون الفتاة إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها قباحة في إسرائيل بزناها في بيت أبيها. فتنزع الشر من وسطك" (تث 22: 18 - 21).
كما أمر برجم المرأة التي تزني مع من زنى معها، وأيضًا الفتاة التي إضطجعت مع رجل في المدينة " إذا وُجِد رجل مضطجعًا مع امرأة زوجة بعلٍ يُقتل الأثنان الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة. فتنزع الشر من إسرائيل. إذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل فوجدها رجل في المدينة وإضطجع معها. فأخرجوهما كليهما إلى باب تلك المدينة وأرجموهما بالحجارة حتى يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه. فتنزع الشر من وسطك" (تث 22: 22 - 24).
12- أمر الرب بحرق من يتزوج بامرأة وأمها معهما " وإذا إتخذ رجل امرأة وأمها فذلك رذيلة. بالنار يحرقونه وإياهما لكي لا يكون رذيلة بينكم" (لا 20: 13) كما أمر بحرق ابنة الكاهن التي تزني " وإذا تدَّنست ابنة كاهن بالزنى قد دنست أباها. بالنار تُحرق" (لا 21: 9).
13- أمر الله بقتل من يضطجع مع ذكر، أو مع بهيمة، وإذا إضطجع رجل مع ذكر إضطجاع امرأة فقد فعل كلاهما رجسًا. إنهما يُقتلان. دمهما عليهما" (لا 20: 13).. " وإذا جعل رجل مضطجعة مع بهيمة فإنه يُقتل والبهيمة تميتونها" (لا 20: 15).. " وإذا إقتربت امرأة إلى بهيمة لنزائها تميت المرأة والبهيمة. إنهما يُقتلان. دمهما عليهما" (لا 20: 16) وقد أوضح الرب سبب هذه الأحكام بقوله " وتكونون لي قديسين لأني قدوس أنا الرب. وقد ميَّزتكم من الشعوب لتكونوا لي" (لا 20: 26).
14- كاد الله يفني شعبه أكثر من مرة بسبب عنادهم، ومن أمثلة ذلك:
أ - عندما صعد موسى للجبل وعبد بنو إسرائيل العجل الذهبي بقيادة هارون " وقال الرب لموسى رأيت هذا الشعب وإذ هو شعب صلب الرقبة. فالآن أتركني ليحمى غضبي عليهم وأفنيهم. فأصيرك شعبًا عظيمًا" (خر 32: 9، 10).
ب- بعد تجسس أرض الموعد وتزمر كل الشعوب مطالبين بالعودة إلى مصر " قال الرب لموسى حتى متى يهينني هذا الشعب. وحتى متى لا يصدقونني بجميع الآيات التي عملت في وسطهم. إني أضربهم بالوباء وأبيدهم وأصيرّك شعبًا أكبر وأعظم منهم" (عد 14: 11، 12).
ج- بعد تجسس أرض كنعان رفعت الجماعة صوتها وصرخت، وقال بعضهم لبعض ليتنا متنا في أرض مصر، لنقيم رئيسًا ونرجع إلى مصر، فغضب الله عليهم " وكلم الرب موسى وهرون قائلًا. حتى متى أغفر لهذه الجماعة الشريرة المتذمرة عليَّ.. حي أنا يقول الرب لأفعلنَّ بكم كما تكلمتم في أذني. في هذا القفر تسقط جثثكم حتى المعدودين بينكم حسب عددكم من ابن عشرين سنة فصاعدًا الذين تذمروا عليَّ" (عد 14: 26 - 29).. " فحمى غضب الرب على إسرائيل وأتاههم في البرية أربعين سنة حتى فنى كل الجيل الذي فعل الشر في عيني الرب" (عد 32: 13).
د - بسبب تذمر قورح وداثان وأبيرام " وكلم الرب موسى وهرون قائلًا أفترزوا من بين هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة" (عد 16: 20) وبعد عقاب قورح وواثان وأبيرام " فتذمر كل جماعة بني إسرائيل في الغد على موسى وهرون قائلين أنتما قد قتلتما شعب الرب.. فكلم الرب موسى قائلًا. أطلعا من وسط هذه الجماعة فإني أفنيهم في لحظة" (عد 16: 41 - 45) وأرسل الرب عليهم الوباء " فكان الذين ماتوا بالوباء أربعة عشر ألفًا وسبع مئة عدا الذين ماتوا بسبب قورح" (عد 16: 49).
15- أعلن الله بغضه للخطية، ورفضه لمن يتمسك بها، فتقع عليه اللعنة هو وممتلكاته، ويتعرض للأوبئة والمهانة والحصار والضيقة ومذلة الأعداء والسبي.. إلخ. راجع (تث 28: 15 - 68).
16- كم كانت محبة الله لموسى النبي، حتى أنه كان يتكلم معه وجهًا لوجه " ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الله وجهًا لوجه" (تث 34: 10) وبالرغم من هذا، فإنه عندما أخطأ موسى لم يتغاضى الله عن خطيته، ولم يغض الطرف عنها. إنما حرمه من الدخول إلى أرض الموعد " فقال الرب لموسى وهرون من أجل أنكما لم تؤمنا بي حتى تقدساني أمام أعين بني إسرائيل لذلك لا تُدخِلان هذه الجماعة إلى الأرض التي أعطيتهم إياها" (عد 20: 12) بل أكثر من هذا قال الرب لموسى " لأنكما خنتماني وسط بني إسرائيل عند ماء مريبة قادش في برية صين إذ لم تقدساني في وسط إسرائيل" (تث 32: 51) وقال موسى النبي " وعليَّ أيضًا غضب الرب بسببكم قائلًا وأنت أيضًا لا تدخل إلى هناك" (تث 1: 37).
17- عندما خان عخان بن كرمي العهد وأخفى الرداء الشنعاري ومئتي الشاقل الفضة ولسان الذهب صدر عليه الحكم الإلهي " ويكون المأخوذ بالحرام يُحرق بالنار هو وكل ما له لأنه تعدى عهد الرب ولأنه عمل قباحة في إسرائيل" (يش 7: 15) وقام يشوع بن نون بتنفيذ هذا الحكم في عخان وكل ما له " فأخذ يشوع عخان بن زارح والفضة والرداء ولسان الذهب وبنيه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ماله وجميع إسرائيل معه وصعدوا بهم إلى وادي عخور. فقال يشوع كيف كدَّرتنا. يكدَّرك الرب في هذا اليوم. فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة وأحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة" (يش 7: 24، 25).
18- عندما نظر أهل بيتشمس تابوت عهد الرب ضربهم الله ضربة عظيمة " وكان أهل بيتشمس يحصدون حصاد الحنطة في الوادي. فرفعوا أعينهم ورأوا التابوت وفرحوا برؤيته.. وضرب أهل بيتشمس لأنهم نظروا إلى تابوت الرب. وضرب من الشعب خمسين ألف رجل وسبعين رجلًا فناح الشعب لأن الرب ضرب الشعب ضربة عظيمة" (1صم 6: 13 - 19).
19- عندما أخطأ شعب الله سمح الله للشعوب المحيطة بهم بأن يستعبدوهم ويذلوهم وعصر القضاة خير شاهد على هذا " وفعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب وعبدوا البعليم. وتركوا الرب إله آبائهم الذي أخرجهم من أرض مصر وساروا وراء آلهةٍ أخرى من آلهة الشعوب الذين حولهم وسجدوا لها وأغاظوا الرب. تركوا الرب ومجَّدوا البعل وعشتاروت. فحمى غضب الرب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين فنهبوهم وباعهم بيد أعدائهم حولهم ولم يقدروا بعد على الوقوف أمام أعدائهم. حينما خرجوا كانت يد الرب عليهم للشر كما تكلم الرب وكما أقسم الرب لهم. فضاق بهم الأمر جدًا" (قض 2: 11 - 15).. " وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانبون والعمالقة وبنو المشرق يصعدون عليهم. وينزلون عليهم ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة. ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنمًا ولا بقرًا ولا حميرًا. لأنهم كانوا يصعدون بمواشيهم وخيامهم ويجيئون كالجراد في الكثرة وليس لهم ولجمالهم عدد. ودخلوا الأرض لكي يخربوها. فذل إسرائيل جدًا" (قض 6: 3 - 6).
20- بالرغم من محبة الله القوية لداود، لكنه لم يتغاض عن خطاياه إنما عاقبه عقابًا شديدًا ووبخه قائلًا " لماذا إحتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه. قد قتلت أوريا الحثي بالسيف وأخذت امرأته لك امرأة وإياه قتلت بسيف بني عمون. والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد.. هكذا قال الرب هأنذا أُقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك وأُعطيهن لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس. لأنك أنت فعلت بالسر وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس" (2صم 12: 9 - 12) وحدث ما حدث لداود، وذاق من ذات الكأس التي شرب منها أوريا الحثي، إذ زنى ابنه أمنون بإبنته ثامار، وقتل أبنه أبشالوم أخيه أمنون، وقام على داود ابنه أبشالوم، وإضطجع مع سراريه، وأنتهت حياته بالقتل.. إلخ وحتى عندما عدَّ داود الشعب خيَّره الله بين ثلاثة أنواع من العقوبات " فأتى جاد إلى داود وأخبره وقال له أتأتي عليك سبع سني جوع في أرضك أم تهرب ثلاثة أشهر أمام أعدائك وهم يتبعونك أم يكون ثلاثة أيام وباء في أرضك. فالآن أعرف وأنظر ماذا أرد جوابًا على مرسلي" (2 صم 24: 13).
21- عندما حدثت حرب بين مملكة إسرائيل بقيادة يربعام الذين طردوا كهنة الرب واللاويين وعبدوا الأصنام، وبين مملكة يهوذا بقيادة أبيا الذين تمسكوا بعبادة الرب " ضرب الله يربعام وكل إسرائيل أمام أبيا ويهوذا.. فسقط قتلى خمس مئة ألف رجل مختار.. ولم يقوَ يربعام بعد في أيام أبيا فضربه الرب ومات" (2 أي 13: 15 - 20).
22- عندما أخطأ يهورام بن يهوشافاط ملك يهوذا وقتل أخوته بالسيف " أهاج الرب على يهورام روح الفلسطينيين والعرب الذين بجانب الكوشيين. فصعدوا إلى يهوذا وأفتتحوها وسبوا كل الأموال الموجودة في بيت الملك مع بنيه ونسائه.. بعد هذا كله ضربه الرب مع أمعائه بمرض ليس له شفاء" (2 أي 21: 16 - 18).
23- بسبب خطية الشعب سمح الله لملوك أشور بسبي مملكة إسرائيل سنة 722 ق.م. " وصعد ملك أشور على كل الأرض وصعد إلى السامرة وحاصرها ثلاث سنين.. وسُبي إسرائيل إلى أشور" (2مل 17: 5، 6).. وعلَّل كاتب سفر الملوك المأساة التي تعرض لها شعب الله بسبب خيانتهم لإلههم قائلًا " وكان إن بني إسرائيل أخطأوا إلى الرب إلههم الذي أصعدهم من أرض مصر من تحت يد فرعون ملك إسرائيل وإتَّقوا آلهة أخرى. وسلكوا ضد الرب إلههم.. أوقدوا هناك على جميع المرتفعات مثل الأمم الذي ساقهم الرب من أمامهم وعملوا أمورًا قبيحة لإغاظة الرب. وعبدوا الأصنام التي قال الرب لهم عنها. لا تعملوا هذا الأمر. وأشهد الرب على إسرائيل وعلى يهوذا عن يد جميع الأنبياء وكل راءٍ قائلًا إرجعوا عن طرقكم الرديَّة وإحفظوا وصاياي وفرائضي حسب كل الشريعة التي أوصيت بها آباؤكم والتي أرسلتها إليكم عن يد عبيدي الأنبياء. فلم يسمعوا بل صلَّبوا أقفيتهم كأقفية آبائهم الذين لم يؤمنوا بالرب إلههم.. وعملوا لأنفسهم مسبوكات عجلين.. وعبَّروا بنيهم وبناتهم في النار.. فغضب الرب جدًا على إسرائيل ونحاهم من أمامه ولم يبقَ إلاَّ سبط يهوذا وحده. ويهوذا أيضًا لم يحفظوا وصايا الرب إلههم.. فرذل الرب كل نسل إسرائيل وأذلهم ودفعهم ليد ناهبين حتى طرحهم من أمامه.. نحى الرب إسرائيل من أمامه كما تكلم عن يد جميع عبيده الأنبياء. فسبى إسرائيل من أرضه إلى أشور" (2 مل 17: 7 - 23).. " سلَّم للسبي عزَّه وجلاله ليد العدو. ودفع إلى السيف شعبه وغضب على ميراثه" (مز 78: 61، 62).
وتحقق قول هوشع النبي " تجازي السامرة لأنها قد تمردت على إلهها. بالسيف يسقطون. تحطم أطفالهم والحوامل تُشق" (هو 13: 16) وحاصر نبوخذ نصر أورشليم وهدم أسوارها وخرَّب الهيكل وسبى الشعب سنة 587 ق.م. إلى بابل لمدة سبعين عامًا (2 مل 25).
{راجع أيضًا 1صم 2: 27 - 34، 1مل 6: 11، 9: 4 - 6، 11: 29 - 38، 13: 20 - 24، 2مل 10، 13: 7، 17: 7 - 20، 2أخ 28}.
وختامًا نقول أن محبة الله لشعبه توجب عليه تأديب هذا الشعب بسبب خطاياه " فأعلم في قلبك أنه كما يؤدّب الإنسان ابنه قد أدبك الرب إلهك" (تث 8: 5).. وقال آساف عن الرب الرحيم " أما هو فرؤوف يغفر الإثم ولا يهلك وكثيرًا ما رد غضبه ولم يشعل كل سخطه. فذكر إنهم بشر ريح تذهب فلا تعود" (مز 78: 38، 39).. " عزوا عزوا شعبي يقول إلهكم. طيبوا قلب أورشليم ونادوها بأن جهادها قد كمل إن أثمها قد عُفي عنه أنها قد قبلت من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها" (أش 40: 1، 2). وقال ميخا النبي " من هو إله مثلك غافر الأثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه. لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يسر بالرأفة. يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتُطرح من أعماق البحر جميع خطاياهم" (مي 7: 18، 19).
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
وكما ثقلت يد الرب على شعبه بني إسرائيل بسبب عنادهم وجحودهم، هكذا ثقلت يد الرب على الأمم الخطاة المعاندين، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
1- قبل أن يختار الله شعبه، وعندما زاد شر العالم أغرقه الله بالطوفان " ورأى الرب أن شرَّ الإنسان قد كثر في الأرض. وأنه كل تصوُّر أفكار قلبه إنما هو شريرٍ كل يومٍ. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسف في قلبه. فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته. الإنسان مع البهائم ودبَّاباتٍ وطيور السماء" (تك 6: 5 - 7) وعندما زاد شر سدوم وعمورة قال الله لإبراهيم " إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدًا" (تك 18: 20) " فأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا من عند الرب من السماء. وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض" (تك 19: 24، 25).
2- قدم كل سبط ألف رجل مقاتل، وأرسلهم موسى مع فينحاس بن العازر الكاهن لمهاجمة أرض مديان " فتجندوا على مديان كما أمر الرب وقتلوا كل ذكر وملوك مديان قتلوهم فوق قتلاهم. أَوي وراقم وصور وحور ورابع. خمسة ملوك مديان. وبلعام بن بعور قتلوه بالسيف وسبى بنو إسرائيل نساء مديان وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم. وأحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار" (عد 31: 7 - 10) وعندما عادوا خرج موسى ورؤساء الجماعة لاستقبالهم " فسخط موسى على وكلاء الجيش رؤساء الألوف ورؤساء المئات القادمين من جند الحرب. وقال لهم موسى هل أبقيتم كل أنثى حيَّة إن هؤلاء كن لبني إسرائيل حسب كلام بلعام سبب خيانة للرب في أمر فغور فكان الوباء في جماعة الرب فالآن أقتلوا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلًا بمضاجعة ذكر أقتلوها. لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفنَ مضاجعة ذكر أبقوهنَّ لكم حيَّات" (عد 31: 14 - 18) ففتيات مديان أغروا شعب الله وأسقطوهم في الزنا " وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب. فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهنَّ فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهنَّ" (عد 25: 1، 2) فهؤلاء البنات العاهرات اللاتي أسقطن شعب الله في عبادة الأصنام المرذولة أستحققن العقاب. ويقول " أ. أ. مَكراي " A. A. Mac. Rae " ولما قابل موسى المحاربين الراجعين أظهر سخطه لإبقاء النساء المديانيات على قيد الحياة (عد 31: 13 - 16) وأصدر تعليمات مشدَّدة جدًا (عد 31: 17، 18) فلقد كان النساء سبب الشر الذي أصاب إسرائيل بأن سلمنَّ أنفسهنَّ طوعًا كأداة لهلاك إسرائيل. فكان من الغباوة أن يُعاقب الرجال وتترك النساء. والتعليمات القاسية إنما قصد بها في هذه الحالة فقط إذ أن شر النساء كان سبب الأذى الفظيع الذي وقع على إسرائيل (قارن تث 21: 10 - 14)"(6).
3- عندما هاجم بنو إسرائيل سيحون ملك حشبون يقول موسى " فدفعه الرب إلهنا أمامنا فضربناه وبنيه وجميع قومه وأخذنا كل مدنه في ذلك الوقت وحرَّمنا من كل مدينة الرجال والنساء والأطفال لم نبق شاردًا. لكن البهائم نهبناها لأنفسنا وغنيمة المدن التي أخذنا" (تث 2: 33، 34).
4- في وصية الرب لموسى قال له " متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوبًا كثيرة من أمامك الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحوّيين واليبوسيين سبع شعوب أكثر وأعظم منك. ودفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم فأنك تحرّمهم. لا تقطع لهم عهدًا ولا تشفق عليهم.. وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلهك يدفع إليك. لا تشفق عيناك عليهم ولا تعبد آلهتهم لأن ذلك شر لك.. ويدفعهم الرب إلهك أمامك ويوقع بهم اضطرابًا عظيمًا حتى يفنوا. ويدفع ملوكهم إلى يدك فتمحو أسمهم من تحت السماء. لا يقف إنسان في وجهك حتى تفنيهم" (تث 7: 1، 2، 16، 23، 24).. " فأعلم اليوم أن الرب إلهك هو العابر أمامك نارًا آكلة. هو يبيدهم ويذلُّهم أمامك فتطردهم وتهلكهم سريعًا كما كلَّمك الرب" (تث 9: 3) وجاء في وصايا القتال " حين تقرب من مدينة لكي تحاربها أستدعها إلى الصلح. فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون للتسخير ويُستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا فحاصرها. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فأضرب جميع ذكورها بحد السيف وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة وكل غنيمتها فتغتنمها لنفسك.. وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما. بل تحرمها تحريمًا.. لكي لا يعلموكم أن تعملوا حسب جميع أرجاسهم التي عملوا لآلهتهم فتخطئوا إلى الرب إلهكم" (تث 20: 10 - 18).
لقد صارت هذه الشعوب التي إمتزجت بالدنس والنجاسة مع كل ممتلكاتها مثل رداء يحمل الوباء، فليس له إلاَّ الحرق، وما شعب بني إسرائيل إلاَّ أداة مقدسة في يد الرب لتنفيذ هذا الغرض، فيقول " هيو. ج. بلير".. " قداسة الله: هذه ظاهرة في دينونتة على سكان البلاد الأصليين. لقد إكتمل أخيرًا إثم الأموريين، وأضحى شعب إسرائيل أداة عقاب الله. على أن قداسة الله تُشاهد على حدٍ سواء في إصراره على أن أداة دينونته يجب أن تكون مقدَّسة. وبتوالي الإصرار المرة تلو الأخرى بأن هذه الحرب حرب مقدَّسة، وإن إسرائيل لن يحرز النجاح في المهمة الموكولة إليه إلاَّ إذا إنتزع منه كل ما هو شرير"(7).
كما يقول أيضًا " هيو. ج. بلير " تعليقًا على قول يشوع لرئيس جند الرب " هل لنا أنت أو لأعدائنا" (يش 6: 13).. " كان يشوع يحسب أن الصراع قائم بين كتلتين من القوات المتنازعة، الكتلة الإسرائيلية والكتلة الكنعانية، وقد حرص على معرفة ما إذا كان هذا المحارب المسلح سيتحالف معه في القتال، فكان فحوى الجواب إنه ما كان حليفًا بل قائدًا يجب أن يرضخ لقيادته وإدارته يشوع نفسه. وهكذا يُذّكر يشوع مرة أخرى بأن هذه الحرب هي حرب مقدَّسة، وإن مركزه فيها هو مركز خادم وعبد، فالمسئولية النهائية ليست ملقاة على كاهل قائد بشري بل على الله نفسه"(8)
5- بالرغم من أن الله أوصى شعبه قائلًا " إذا حاصرت مدينة أيامًا كثيرة محاربًا إياها لكي تأخذها فلا تتلف شجرها بوضع فأس عليها. أنك منه تأكل. فلا تقطعه. لأنه هل شجرة الحقل إنسان حتى يذهب قدامك في الحصار" (تث 20: 19) ولكن بسبب زيادة شر موآب أوصى الرب يهوشافاط ملك يهوذا ويهورام ملك إسرائيل قائلًا " تضربون كل مدينة محصنة وكل مدينة مختارة وتقطعون كل شجرة طيبة وتطمرون جميع عيون الماء وتفسدون كل حقلة جيدة بالحجارة" (2 مل 3: 19) وفعلًا " هدموا المدن وكان كل واحد يلقي حجرة في حقلة جيدة حتى ملأوها وطمروا جميع عيون الماء وقطعوا كل شجرة طيبة" (2مل 3: 25) وظهر شر ملك موآب أكثر فأكثر عندما أصعد ابنه ذبيحة على سور المدينة " فأخذ ابنه البكر الذي كان ملك عوضًا عنه وأصعده مُحرقة على السور. فكان غيظ عظيم على إسرائيل. فإنصرفوا عنه ورجعوا إلى أرضهم" (2مل 3: 27).. ولك أن تتساءل: أيهما أيسر على هذا الابن أن يُقتل بالسيف أم أن يُحرق بالنار؟!.
6- عندما دخل بنو إسرائيل مدينة أريحا " حرَّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها" (يش 6: 21، 24) أما راحاب التي آمنت وصححت مسارها فقد أنقذها الله هي وكل من في بيتها.
ويقول " هيو. ج. بلير".. " المشكلة الأخلاقية في الحروب ضد شعوب كنعان: لقد قامت الإبادة الجماعية لشعوب كنعان المدونة في سفر يشوع حجر عثرة للكثيرين ممن يقبلون بالوحي الإلهي للسجل الكتابي. هل يسعنا أن نعتقد بأن الله قد أمر فعلًا الإسرائيليين بإهلاك ساكني البلاد عن آخرهم؟ فإن فعل، فهل يتفق إعلان كهذا عن سجيته مع إعلان الآب الذي أعطاه المسيح إياه؟.. هل بوسعنا إذًا أن نعثر على تعليل يُشرّف في آن واحد وحي السجل الكتابي والإله الذي يعلنه ذلك السجل؟ من الضروري بادئ ذي بدء أن نستخلص فكرة جلية عما إنطوى عليه أمر تحريم الكنعانيين للهلاك. ولنمثل على ذلك بأريحا، فإن المدنية وسكانها وكل ما حوت كان " محرَّمًا " أو {موضوعًا تحت الحرم} (بالعبرانية حرم أي " ملعونا ") معنى ذلك - على حد ما وصفه ج. أ. كوك (G. A. Cooke) في شرح سفر يشوع ضمن شرح الكتاب المقدَّس المعروف Cambridge Bible إن {أي شيء من شأنه أن يُعرّض حياة الجماعة الدينية للخطر أُزيح عن طريق المضرة والعطب بتحريم إستعماله على البشريين، وتحقيقًا لهذا الغرض بشكل مُجدٍ وفعَّال وجب إتلافه إتلافًا تامًا} يبدو لذلك أن الحرم كانت له وظيفة دينية ووظيفة وقائية. لقد كان خدمة دينية وكان حرزًا حريزًا لحياة إسرائيل الدينية. إنه على هذيه الخطين يجب السعي إلى إيجاد حل لمشكلتنا هذه. إذًا، كان إختفاء الكنعانيين قبل كل شيء، كما يُعلنه السجل المرة تلو المرة، خدمة دينية. كان شعب إسرائيل الوسيلة التي نفذ الله بها الدينونة على شر شعب البلاد. وتمامًا كما كان قد دمر سدوم وعمورة من جراء نفس النوع من الفساد الفظيع من غير التوسُّط بأيدٍ بشرية، كذلك استخدم الإسرائيليين في إنزال العقاب على فساد الكنعانيين السرطاني وإستئصال شأفته. وإذا كان هنالك بأية حال حكم أخلاقي للعالم فإن مثل هذه الإمكانية الرهيبة للدينونة وعمليات الجراحة الإلهية، مهما كان طريق إجرائها، لا يمكن إبعادها 0
وتجدر الملاحظة بهذا الصدد أن الحرم بصفته خدمة دينية قد فرض رادعًا أخلاقيًا عن السلب والقبائح التي كانت الملابسات العادية والأشد هولًا لحروب تلك الأزمنة. أما هذه فما كانت تحرقًا للسلة أو للدماء، بل كانت واجبًا إلهيًا لزم إجراؤه.
وكانت الوظيفة الثانية للحرم، كما سبق وقلنا، وقائية. فإذا كان لديانة العبرانيين أن تُصان نقية وغير مشوبة وجب إبعاد كل إمكانية عدوى بأرجاس الوثنيين. كانت واسطة إبعاد العدوى المروعة واسطة صارمة، لكن بالنظر إلى الإعلان الذي كان على العبرانيين أن ينقلوه إلى العالم، من يجرؤ على القول بأنها غير مستصوبة؟ وحيثما وُجد قصور في مهمة شعب الله السامية، كان يلاحظ السبب لذلك القصور في إنجاز الأمر الإلهي بالزيادة، ولذا، من أجل حكم الله الأدبي للعالم، ومن أجل شعب الله، ومن أجل الرسالة التي كان شعب الله أن يبلغها إلى العالم، كان من الضروري تدمير أمة شريرة تدميرًا تامًا"(9).
7- عندما دخل بنو إسرائيل قرية عاي " وكان لما أنتهى إسرائيل من قتل جميع سكان عاي في الحقل في البرية حيث لحقوهم وسقطوا جميعًا بحد السيف حتى فنوا أن جميع إسرائيل رجع إلى عاي وضربوها بحد السيف. فكان جميع الذين سقطوا في ذلك اليوم من رجال ونساء أثنى عشر ألفًا جميع أهل عاي. وملك عاي علقه على الخشبة" (يش 8: 24 - 29).
8- عندما خضعت جبعون ليشوع قام عليها خمسة ملوك الأموريين ليبيدوها " فأرسل أهل جبعون إلى يشوع إلى المحلة في الجلجال يقولون لا ترخ يدك عن عبيدك. أصعد إلينا عاجلًا وخلصنا وأعنَّا لأنه قد أجتمع علينا جميع ملوك الأموريين الساكنين في الجبل" (يش 10: 6) فهب يشوع لنجدتهم وهزم الأموريين " وبينما هم هاربون من أمام إسرائيل وهم في منحدر بيت حورون رماهم الرب بحجارة عظيمة من السماء إلى عزيقة فماتوا. والذين ماتوا بحجارة البرد هم أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف" (يش 10: 11) فهؤلاء الذين قاموا على جبعون ليهلكوها أستحقوا عقاب السماء.
9- هجم يشوع على مقيدة " وضربها بحد السيف وحرَّم ملكها هو وكل نفس بها. لم يبق شارد. وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا" (يش 10: 28) وهكذا فعل مع لبنة، ولخيش، وعجلون، وحبرون، ودبير (يش 10: 29 - 39).. " فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها. لم يبقِ شارد بل حرَّم كل نسمةٍ كما أمر الرب إله إسرائيل" (يش 10: 4) وهكذا فعل بحاصور " وضربوا كل نفس بها بحد السيف. حرَّموهم. ولم تبق نسمة وأحرق حاصور بالنار. فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكها وضربهم بحد السيف. حرَّمهم كما أمر موسى عبد الرب.. وكل غنيمة تلك المدن والبهائم نهبها بنو إسرائيل لأنفسهم. وأما الرجال فضربوهم جميعًا بحد السيف حتى أبادوهم. ولم يبقوا نسمةً. كما أمر الرب موسى عبده هكذا أمر موسى يشوع وهكذا فعل يشوع. لم يهمل شيئًا من كل ما أمر به الرب موسى" (يش 11: 11 - 15).. فلولا شر هؤلاء الذي صعد إلى السماء ماكانت مراحم الله تأمر بإبادتهم. بل أن صدور الأمر الإلهي بإبادتهم يعني أن هؤلاء القوم الأشرار قد وصلوا إلى مرحلة اللاعودة، ولا يوجد أي رجاء لعودتهم إلى طريق الفضيلة.
10- هجم سبط دان على لايش " وجاءوا إلى لايش إلى شعب مستريح مطمئنين وضربوهم بحد السيف وأحرقوا المدينة بالنار. ولم يكن من يُنقذ لأنها بعيدة عن صيدون ولم يكن لهم أمر على إنسانٍ وهي في الوادي الذي لبيت رحوب. فبنوا المدينة وسكنوا فيها. ودعوا اسم المدينة دان باسم دان أبيهم" (قض 18: 27 - 29).
11- نشبت الحرب بين الفلسطينيين وبني إٍسرائيل، فأنتصر الفلسطينيون وقتلوا ثلاثين ألفًا من بني إٍسرائيل وأخذوا تابوت عهد الرب ظانين أنهم قد أنتصروا على إله إسرائيل، ووضعوا التابوت في بيت داجن إلههم ولكن الله أظهر قوته إذ سقط داجون أمام تابوت العهد وقُطعت يداه ورأسه، وضرب الله الفلسطينيين بالمواسير " والناس الذين لم يموتوا ضربوا بالمواسير فصعد صراخ المدينة إلى السماء" (1صم 5: 12).
12- قال الرب بفم صموئيل لشاول الملك " فالآن أذهب وأضرب عماليق وحرموا كل ماله ولا تعف عنهم بل أقتل رجلًا وامرأة. طفلًا رضيعًا. بقرًا وغنمًا. جمالًا وحمارًا" (1صم 15: 3).. " وقال صموئيل قدموا إليَّ أجاج ملك عماليق. فذهب إليه أجاج فرحًا وقال أجاج حقًا قد زالت مرارة الموت. فقال صموئيل كما أثقل سيفك النساء كذلك تثُكل أمك بين النساء. فقطَّع صموئيل أجاج أمام الرب في الجلجال" (1صم 15: 32، 33) وهنا يوضح صموئيل النبي عدالة السماء فكما فعل أجاج بالآخرين يُفعل به.
13- " صعد داود ورجاله وغزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأن هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند شور إلى أرض مصر. وضرب داود الأرض ولم يستبق رجلًا ولا امرأة وأخذ غنمًا وبقرًا وحميرًا وجمالًا وثيابًا ورجع وجاء إلى أخيش" (1صم 27: 8، 9) ومع ذلك لم يعاقب داود، وذلك بسبب شر هؤلاء الذي صعد إلى السماء، فاستخدم الله داود كعصا تأديب لهم. بينما عندما تعدى شاول على أهل جبعون الذي حلف لهم بنو إسرائيل من قبل، غضب الله على شاول وشعبه، ومنع عنهم المطر لمدة ثلاث سنوات " فطلب داود وجه الرب. وقال الرب هو لأجل شاول ولأجل بيت الدماء لأنه قتل الجبعونيين.. وقال داود للجبعونيين ماذا أفعل لكم وبماذا أُكفر فتباركوا نصيب الرب. فقال له الجبعونيون ليس لنا فضة ولا ذهب عند شاول ولا عند بيته وليس لنا أن نُميت أحدًا في إسرائيل. فقال مهما قلتم أفعله لكم. فقالوا للملك الرجل الذي أَفنانا والذي تآمر علينا ليُبيدنا لكي لا نُقيم في كل تخوم إسرائيل. فلنعط سبعة رجال من بنيه فنصلبهم للرب في جبعة شاول مختار الرب. فقال الملك أنا أُعطي" (2صم 21: 1 - 6).
{راجع أيضًا 2صم 8: 1، 2، 12: 29 - 31، 2أخ 25: 5 - 12}.
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
وختامًا لهذه النقطة نود توضيح الأمور الآتية:
أولًا: الله هو الذي يمنح الحياة للإنسان، فهو الوحيد الذي له الحق في إستردادها في أي وقت يشأ، وقد يرى بحكمته السامية أن يكثف لحظات الموت لكيما يتعظ الإنسان ويتوب، فعوضًا عن أن كل إنسان سيسلم روحه في لحظة معينة، قد يرى الله تكثيف هذه اللحظات، فيموت عدد ضخم سواء في حرب أو كارثة طبيعية بسبب زيادة شر الإنسان من جانب، ومن الجانب الآخر لكيما يأخذ الإنسان عبرة لنفسه، ولا ننسى أن الحرب العالمية الثانية قد خلَّفت وراءها ستين مليون قتيل.. فهل معنى هذا أن إله العهد الجديد إله قاس؟ أم أن معناه إن شر الإنسان هو الذي يقضي عليه؟!!
ثانيًا: الذي يحتدون في الدفاع عن الأطفال الأبرياء الذين أمر الرب موسى ويشوع بذبحهم.. نقول لهم: هل سمعتم عما كان يفعله هؤلاء الخطاة بفلذات أكبادهم؟! أنهم كانوا يُقدَمون ذبائح للأصنام، فمثلًا كانوا يشعلون النيران أسفل مولك وهو تمثال نحاسي أجوف، حتى يلتهب نارًا فيضعون على ذراعيه الطفل الصغير كذبيحة بشرية لهذا التمثال، وهم يدقون الطبول لكيما يصرفوا مسامعهم عن صرخاته.. فذبح مثل هذا الطفل بالسيف لهو أرحم من حرقه حيًا..
ثالثًا: هؤلاء الأطفال الصغار عند نضوجهم سيسلكون في خطايا ونجاسات وأرجاس أبائهم، فلابد أنهم سيُعذبون عذابًا أبديًا في نار جهنم، بينما لو مات هؤلاء الأطفال فأنهم لا يكافئون وأيضًا لا يعاقبون.. نعم لن يعاينوا ملكوت السموات، ولن يروا نور المسيح، ولكنهم لا يُعذبون لأنهم لم يرتكبوا خطايا بعد.. لا يتنعمون ولا يعذبون، وهي حالة أفضل كثيرًا بلا شك من حالة العذاب الأبدي في جهنم النار إلى أبد الآبدين. إذًا ذبح هؤلاء الأطفال هو رحمة بهم.
رابعًا: ردًا على القائلين بأن إله العهد القديم إله عنصري بدليل أنه أوصى بالتفرقة في المعاملة على أساس الدين، فقال " لا تقرض أخاك بربًا.. للأجنبي تقرض بربًا ولكن لأخيك لا تقرض بربًا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك في الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها" (تث 23: 19، 20).
فالحقيقة أن الله ليس إلهًا عصريًا، إنما كان يتدرج بالبشرية، فاليهودي الذي يهتم بكنز المال، يعز عليه جدًا أن يخرج ماله بدون ربا سواء للغريب أو للقريب، فأوصاه الله أن يقرض أخيه بدون ربا ووعده بالبركة لقاء ذلك، ويعتبر هذا الوضع خطوة في طريق الكمال، تشبه الخطوة في المعاملة عندما قال الله له " عين بعين وسن بسن " وكان القصد منها تحجيم الشر، حتى يأتي ملء الزمان فيتقدم الله بالبشرية إلى مرحلة الكمال " سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضًا. ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضًا. ومن سخَّرك ميلًا واحدًا فأذهب معه أثنين. من سألك فأعطيه. ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده" (تث 5: 38 - 42).
  رد مع اقتباس
قديم 04 - 07 - 2014, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,265,051

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!

قالوا إن إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم.. فهل الله يغير من سياساته تجاه الإنسان؟

رابعًا: ليس لدى الله تغيّير

س111: قالوا إن إله العهد الجديد هو الإله الجدير بالعبادة لأنه لا ينتقم من الإنسان كما كان يفعل إله العهد القديم.. فهل الله يغير من سياساته تجاه الإنسان؟
كتاب هل إله العهد القديم إله جزار عنصري؟! وهل شريعته شريعة الغاب؟!
ج: أولًا: ليس لدى الله تغيّير ولا ظل دوران، وقد أخطأ الذين ظنوا أن الله في العهد الجديد عهد النعمة قد تخلى عن مبدأ عقوبة الخاطئ.. آه لو تأملوا قليلًا في أحداث وآيات العهد الجديد لعلموا كم هو (الله) قدوس قداسة مطلقة يرفض الشر بتاتًا، ونكتفي هنا بذكر بعض الأمثلة القليلة:
1- في مثل الحنطة والزوان قال السيد المسيح " دعوهما ينميان كلاهما معًا إلى الحصاد. وفي وقت الحصاد أقول للحصادين أجمعوا أولًا الزوان وأحزموه حزمًا ليحرق. وأما الحنطة فأجمعوها إلى مخازني" (مت 13: 30).
2- الذي دخل إلى حفلة العرس بدون استعداد تعرض للوم والعقوبة " فقال له يا صاحب كيف دخلت إلى هنا وليس عليك لباس العرس. فسكت. حينئذ قال الملك للخدام أربطوا رجليه ويديه وخذوه وأطرحوه في الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 22: 12، 13).
3- أوضح السيد المسيح موقف العذارى الجاهلات " أخيرًا جاءت بقية العذارى أيضًا قائلات يا سيد يا سيد أفتح لنا. فأجاب وقال الحق أقول لكن إني ما أعرفكن" (مت 25: 11، 12).
4- الذي طمر وزنته وتقاعس صدر ضده الحكم الإلهي " والعبد البطال أطرحوه في الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 25: 30).
5- قال السيد المسيح محذرًا " إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون.. كلاَّ أقول لكم بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 13: 3، 5).
6- قال السيد المسيح " كل غصنٍ فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر.. إن كان أحد لا يثبت فيَّ يطرح خارجًا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق" (يو 15: 2، 6).
7- حكم بطرس الرسول على حنانيا وسفيرة بالموت لأنهما كذبا رغم أنهما عملا خيرًا، ولكن عمل الخير هذا لم يشفع لهما، كما أن بطرس الرسول حرص جدًا على أن تكون كنيسة الرسل كنيسة نقية تمامًا " أنتَ لم تكذب على الناس بل على الله. فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات.. فقال لها بطرس ما بالكما أتفقتما على تجربة روح الرب. هوذا أرجل الذين دفنوا رجلك على الباب وسيحملونك خارجًا. فوقعت في الحال عند رجليه وماتت" (أع 5: 4 - 10).
8- عندما تكبر هيرودس الملك تعرَّض للعقوبة الشديدة التي تفوق الذبح بالسيف كثيرًا " ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعطِ المجد لله. فصار يأكله الدود ومات" (أع 12: 23).
9- قال بولس الرسول " لأن غضب الله مُعلَن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين يحجزون الحق بالإثم" (رو 1: 18) كما قال أيضًا " أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة.. لكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب وإستعلان دينونة الله العادلة. الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله" (رو 2: 4 - 6).
10- تعرَّض خاطئ كورنثوس للعقوبة، وأُفرز بعيدًا عن المجتمع الكنسي، وقال بولس الرسول " أن يُسلَّم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع" (1كو 5: 5).
11- كل ما عاناه السيد المسيح خلال رحلة الصليب وأهوال الموت تظهر بشاعة الخطية التي يرفضها الله رفضًا باتًا.
12- وفي نهاية الأيام يأتي حكم الله العادل الذي سيجازي كل واحد بحسب أعماله " وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت" (رؤ 21: 8).
ثانيًا: الذين يحتجون على الله في العهد القديم بسبب عقابه للأمم الأشرار، هل يعودون ويحتجون على الله أيضًا في العهد الجديد لأنه يعاقب الإنسان على شروره بالكوارث الطبيعية من مجاعات وأوبئة وزلازل وأعاصير وبراكين.. إلخ وما يترتب عليها من موت وتشريد للآلاف.. يكفي إلقاء نظرة على زلزال الأحد الأخير من عام 2004 26/12/ 2004م الذي ضرب ثمانية دول من شرق آسيا بقوة 9 ريختر، وما نشأ عنه من أمواج المد العاتية التي إجتاحت الشواطئ. لقد أدى هذا الزلزال لإختفاء مئات القرى بمن فيها، وحرك بعض الجزر عن موقعها إلى مسافة نحو ثلاثين كيلو مترًا، وإرتجت له الكرة الأرضية وأثر على دورانها حول محورها، إذ بلغت قوته قوة تفجير مليون قنبلة ذرية، وحطم 800 كم من خطوط السكك الحديدية بسيريلانكا، وترتب عليه قتل أكثر من ربع مليون شخص وتشريد أكثر من نصف مليون، وإذا أردنا أن نأخذ لقطة بسيطة لبعض ما حدث، فعلينا الرجوع إلى تقارير الصحفيين من موقع الأحداث، مثل التقرير الذي نشرته جريدة الأهرام المصرية في 21 يناير 2005م والذي جاء فيه " الأمواج السوداء تحجب الرؤية في " آتشينه " مع صورة لسفينة ضخمة على اليابسة كُتب أسفلها {السفينة العملاقة التي أطاح بها المد داخل القرية}. يتضاءل الخيال السينمائي الواسع أما واقع كارثة تسوتامي، فالأشجال الضخمة العملاقة تحولت في لحظة إلى أعواد خضراء، المباني الأسمنتية أصبحت علبًا من ورق، والأغرب من كل ذلك حينما تشاهد السفن العملاقة، وقد تحولت إلى لعب أطفال تفعل بها {تسوتامي tsunami} ما تشاء، وهي التي تصارع أمواج أعالي المحيطات وتنتصر عليها في معظم الجولات. داخل قرى آتشيه الواقه يفوق الخيال ورائحة الموت والخراب تخيم على أرجاء المكان. ولابد أن تكون الخطوات حذرة وبطيئة خشية أن ندهس بأقدامنا جثة طفل رضيع أو أجزاء من جثث رجال أو سيدات تلك المناطق المنكوبة..
نور نياني -شاهدة عيان- تقول: كنا نستعد للغذاء أنا وزوجي وأبني وأبنتي.. سمعنا صوتًا لم نسمعه في حياتنا من قبل.. أسرعنا جميعًا إلى الخارج، وأصبت بحالة من الذهول عندما وجدت أمواج البحر تهجم علينا. شعرت بأنني أطير في الهواء عاليًا وأرتمي بعيدًا بالقرب من سطح المنزل المجاور.. كل ما أتذكره أنني رأيت أبني البالغ من العمر 21 عامًا مُعلَّقًا من بطنه في سقف منزلي الذي ترونه أمامكم ويتحول إلى أنقاض.
تقول البعثة: أغرب وأقسى وأعنف مشهد لن تنساه طال العمر أو قصر، وما رأيناه في قرية {بلوتي بلانشت} شيء لا يصدقه ولا يستوعبه عقل.. سفينة شحن بضائق من تلك التي تنقل عبر المحيط من دولة إلى أخرى جرفتها أمواج {تسوناني} العاتية من وسط المحيط لتستقر في قلب القرية {بلوتي بلانشت} مشهد قد لا تراه في عمرك أبدًا سوى في أفلام الأكشن الأمريكية، وقد سيطرت علينا حالة من الذهول أمام ضخامة تلك السفينة، وحاولنا جاهدين أن نتخيل شكل وقوة تلك الأمواج التي جرفت هذه السفينة العملاقة من قلب المحيط إلى قلب القرية، والحق فشلنا. وكما قلنا في البداية أنه شيء لا يصدقه عقل"(1).
ثالثًا: كان قلب الإنسان في العهد القديم أغلفًا أغلظًا لذلك إحتاج إلى الحسم في المعاملة، فعندما ظهر الله على الجبل " صارت رعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدًا" (خر 19: 16) وإحتاج الإنسان في العهد القديم إلى التأديب السريع المحسوس. أما في العهد الجديد بعد التجسد وحلول الروح القدس في الإنسان، فأصبح الإنسان يتميز بالحساسية الروحية، والذي يتأثر بالكلام ما حاجته للضرب..؟! أما الذي لا يتأثر بالضرب فأنه يُعرّض نفسه للعقوبة الأشد، ومبدأ عقاب الخاطئ مبدأ إلهي يتمشى ويتناغم ويتفق تمامًا مع العدل الإلهي، ومن يقول أن الله تخلى عن مبدأ عقوبة الخاطئ في العهد الجديد فهو يريد أن يقول أن الله تخلى عن إجراء عدله الإلهي، وهذا ضرب من الخيال والوهم والتضليل الشيطاني.
_____
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
العاب: اذكر نبوءة عن السيدة العذراء مريم من العهد القديم
شريعة القداسة في العهد القديم في الكتاب المقدس
سؤال لماذا لا تتبع المسيحية شريعة العهد القديم،
لماذا لا تتبع المسيحية شريعة العهد القديم
لماذا نتمسك بالعهد القديم.. شريعة الغاب؟!


الساعة الآن 09:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024