* ليس شيء مضرًا للكائن البشري سوى الخطية، من يتخلص منها يجعل كل شيءٍ بلا متاعب، كل شيءٍ سهلًا ومملوء سلامًا. كما أنه بوجودها يصير كل شيء منحدرًا مثيرًا للعواصف ومُحطمًا.
الآن ليته لا يديننا أحد على قولنا إن الإنسان المتمسك بالرذيلة أكثر وحشية من الحيوان المفترس. أقصد أن الأخير إن كان غير لطيف بالطبيعة يمكن خداعه بسهولة، وما تراه فيه يليق به. أما الإنسان الذي يعتزم على الشر، فيتبنى مظاهر كثيرة، والتخلص من أذيته أصعب كثيرًا مما يصدر عن الحيوان، فإنه ذئب في زي حمل. ولهذا كثيرون يصيرون ضحية لمثل هؤلاء وهم لا يدرون. مثل هؤلاء يصعب اكتشافهم، لهذا يتجه النبي إلى الصلاة، ويطلب العون من الله، لكي يتحرر من خداعاتهم.
في الواقع كثيرًا ما يستخدم الشيطان مظاهر مثل هؤلاء الناس، ويضرب بهم.
لهذا فإن المكر له نتائج كثيرة من كل جانبٍ، والإنسان الشرير ينشغل به، والشيطان المتوحش توَّاق للقتال، والتجربة غير المحتملة تسبب متاعب. لهذا تعلمنا أن نصلي: "لا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير".
متنوعة هي الصراعات، وكثيرة هي طرق الهجوم، لهذا فالحاجة ماسة إلى الاستعداد لهذا كله. وذلك كمن قصد الإبحار في المحيط، يلزمه الحذر من قوة الأمواج العاصفة، ومن هجوم الرياح القاسية، وضخامة السحب، والصخور المخفية، والعقبات الخطيرة، وهجوم المخلوقات البحرية، وكمائن القراصنة، والتعرض للجوع والعطش، والمد والجزر، وعدم وجود مرساة للحماية والنزاع بين البحارة، ونقص المئونة، وما شبه ذلك.
يتطلب هذا تبني خطط خفية ضد هذا كله. هكذا لكي يواجه الإنسان شدائد الحياة الحاضرة، يلزمه أن يكون حذرًا ضد شهوات الجسد، وقلق النفس، وخداعات الناس، وهجوم الأعداء، وخطط الأصدقاء الكذبة والعوز والآلام والاهانات وحشد الشياطين وجنون إبليس، حتى يبلغ الإنسان إلى المدينة الملوكية ويدخل بالحمولة إلى الميناء.
القديس يوحنا الذهبي الفم