"ولما علم مردخاي كل عُمل شق مردخاي ثيابه ولبس مسحًا برماد وخرج إلى وسط المدينة وصرخ صرخة عظيمة مُرّة، وجاء إلى قدام باب الملك لأنه لا يدخل أحد باب الملك وهو لابس مسحًا، وفي كل كورة حيثما وصل إليها أمر الملك وسنته كانت مناحة عظيمة عند اليهود وصوم وبكاء ونحيب، وانفرش مسح ورماد لكثيريم" [1-3].
إذ علم مردخاي بما فعله هامان شق ثيابه علامة الحزن الشديد كما فعل رأوبين حينما رجع إلى البئر ولم يجد يوسف أخاه (تك 37: 29)، ولبس المسوح علامة انسحاق قلبه وتذلله وصرخ صرخة مرّة فقد أدرك أن ما حلّ بشعبه كان بسببه... هذا وقد تمتع مردخاي بقلب متسع بحب أخوته فلا يطيق أن يرى آلامهم. إنه كنحميا الذي سمع الأخبار المؤلمة في أورشليم فقال: "جلست وبكيت ونحت أيامًا وصمت وصليت أمام إله السماء" (نح 1: 4). وحمل الرسول بولس ذات القلب حين قال: "أقول الصدق في المسيح ولا وضميري شاهد ليّ بالروح القدس، أن ليّ حزنًا عظيمًا ووجعًا في قلبي لا ينقطع، فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محرومًا من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي حسب الجسد" (رو 9: 1-3).