منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 04 - 2024, 10:35 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,287

بولس ذلك الخاطئَ فبرَّره الله في دمشق حين اعتمد على يد حنانيَّا





نعمة الله ظهرت لجميع البشر

حين كان شاول - بولس - ماضيًا من أورشليم إلى دمشق لكي يلاحق المسيحيّين الذين تركوا الإيمان اليهوديّ والتحقوا بيسوع وأخذوا طريقًا آخر، دُعيَ الطريق (أع 9: 2)، في ذلك الوقت تصدَّى له يسوع بنعمته، تصدّى له يسوع ذاته وكأنَّه يقول له: إلى أين أنت ذاهب؟ كانوا يذهبون إلى أورشليم لكي يتعلَّموا الشريعة، أمّا بولس فترك الشريعة الموسويَّة ليأخذ بشريعة المسيح. لهذا هتف في الرسالة إلى فيلبّي: »حياتي هي المسيح، والموتُ ربحٌ لي« (فل 1: 21).

كان بولس ذلك الخاطئَ فبرَّره الله في دمشق حين اعتمد على يد حنانيَّا. كان ذاك المضطهدَ الذي يلاحق المسيحيّين، فسوف يضطهده أبناء قومه ويلاحقونه حتّى الموت. كان متحمِّسًا لقضيَّة »محدودة«، مغلقة على طائفة من الطوائف، فتحوَّل حماسُه كلُّه لقضيَّة أسمى هي قضيَّة يسوع المسيح. فاستطاع أن يهتف باسمه وباسم كلِّ إنسان: »فنعمة الله، ينبوع الخلاص لجميع البشر، ظهرت لتعلِّمنا أن نمتنع عن الكفر وشهوات هذه الدنيا لنعيش بتعقُّل وصلاح وتقوى في العالم الحاضر« (تي 2: 11-12).

النعمة. العطيَّة المجّانيَّة لكلِّ واحد منّا، للبشر جميعًا. والنعمة في النهاية هي يسوع المسيح. والرسول نفسه يقول: »الله الذي ما بخل بابنه، بل أسلمه إلى الموت من أجلنا جميعًا، كيف لا يهب لنا معه كلَّ شيء« (رو 8: 32). أجل، أعطيَت لنا نِعم. ولكنَّ النعمة النعمة هي الابن يسوع المسيح. كما نقول: في الكتب المقدَّسة كلمات وكلمات. ولكنَّ يسوع المسيح هو الكلمة لدى الله لأنَّه الله.

هذه النعمة أخرجَتْنا من العبوديَّة: عبوديَّة الشريعة، عبوديَّة العناصر الأوَّليَّة، عبوديَّة الرؤساء والسلاطين، عبوديَّة القدر والمصير المجهول الذي يخاف منه الإنسان.

تحدَّثنا عن الشريعة ويمكن أن نقابلها مع العبد الذي يقود الطفل إلى المدرسة. ولكن حين صرنا أبناء الله، لم نعد عبيدًا، بل صرنا أحرارًا. أمّا الغلاطيّون المقيمون في الجبال التركيَّة حول أنقرة، فبعد أن صاروا أحرارًا عادوا إلى العبوديَّة. بعد أن نالوا العماد طلبوا الختان، وطلبوا الممارسات اليهوديَّة القديمة، لأنَّها محدَّدة ولا تطلب تفكيرًا كبيرًا. وبَّخهم الرسول وقال لهم أين موقع حرِّيَّتنا؟ في الشريعة أم في المسيح يسوع؟ أراد الإخوة الدخلاء الآتون من خارج المنطقة أن »يستعبدونا، أن يتجسَّسوا الحرِّيَّة التي لنا في المسيح يسوع، فما استسلمنا لهم ولا خضعنا لحظة واحدة« (غل 2: 4). أجل المؤمن حرٌّ في الربِّ الإله. لهذا قال الرسول إلى الغلاطيّين: »فأنتم يا إخوتي دعاكم الله إلى الحرِّيَّة... دعاكم الله لتكونوا أحرارًا« (غل 5: 13أ). ولكنَّه استدرك حالاً: »ولكن لا تجعلوا هذه الحرِّيَّة حجَّة لإرضاء شهوات الجسد، بل اخدموا بعضكم بعضًا بالمحبَّة« (آ13ب). لا. الحرِّيَّة لا تعني الفلتان بل التمسُّك بالله بملء إرادتنا. الحرِّيَّة لا تقوم في خدمة نفوسنا بالأنانيَّة ولو على حساب الآخرين، بل في خدمة الآخرين في المحبَّة.

قيل للمؤمنين: كيف تُستعبَدون وأنتم خُلقتم من بطن أمِّكم أحرارًا! ولكن هذه الحرِّيَّة مهدَّدة، ونحن نجاهد يومًا بعد يوم لكي نُنميها، اقتداء بالربَّ يسوع الذي كان ذلك الحرّ حتّى وهو ذاهب إلى الموت. قال: »لكي تعرفوا أنّي أحبُّ الآب، قوموا نمضي« (يو 14: 31). وهو من قال: »حياتي لا يأخذها أحد منّي. بل أنا أبذلها وأنا أستعيدها« (يو 10: 18). هكذا تحدَّث عن موته وقيامته. وفي خطِّه راح بولس الرسول الذي كان في السجن وينتظر ساعة تنفيذ الإعدام فيه. قال: »أمّا أنا فذبيحة يُراق دمُها وساعة رحيلي اقتربت« (2 تم 4: 6).

تلك هي حرِّيَّة المؤمن بالنسبة إلى الظروف التي يمكن أن تحيط به. وحين كتب بولس إلى الآتين من العالم اليونانيّ، نبَّههم من عبوديَّة تهدِّدهم: العناصر الأوَّليَّة. اعتاد العالم القديم أن يؤلِّه الأشياء التي حوله: البحر مؤلَّه ولا بدَّ من إرضائه (بالضحايا مثلاً). الجبل مؤلَّه ولا بدَّ من السجود أمامه. وهناك إله الحرب وإله المدينة وإله (أو: إلاهة) الحبّ وإله الموت... حدَّثهم الرسول عن حرِّيَّة المؤمنين: »فإن كنتم متُّم مع المسيح وتخلَّصتم من قوى الكون الأوَّليَّة، فكيف تعيشون كأنَّكم تَنتمون إلى هذا العالم؟ لماذا تَخضعون لمثل هذه الفرائض؟« (كو 2: 20).

الموت هنا يدلُّ على المعموديَّة. مُتُّم عن الخطيئة وذيولها، فهل تبقون في الموت؟ مُتُّم عن هذا العالم، العالم الوثنيّ، أما تريدون أن تتخلَّصوا منه؟ تخلَّقتم بأخلاق العالم، فمتى تتخلَّقون بأخلاق المسيح؟ (فل 2: 5).

قال الرسول لأهل غلاطية: »أمّا الآن، بعدما عرفتم الله، بل عرفكم الله، فكيف تعودون إلى قوى الكون الأوَّليَّة الضعيفة الحقيرة وتريدون أن تكونوا عبيدًا لها كما كنتم من قبل؟ تراعون الأيّام والشهور والفصول والسنين« (غل 4: 9-10). هذه هي العناصر التي تستعبد الإنسانَ لقوى الكون التي يؤلِّهها؟ وهكذا يسيطر الخوف علينا فنودُّ أن نعرف المستقبل وأيّ مصير ينتظرنا. عندما نسمع أولئك الذين يحسبون السنوات من عمرنا والأشهر فيقابلونها مع أعداد أخرى ويقولون لنا ماذا تكون النتيجة، يحزن قلبنا. عندما نسمع الناس يقولون لنا ماذا سوف يحصل في السنة القادمة، لأنَّ هذا الكوكب قريب من ذاك، نتساءل: هل الكواكب الجامدة المائتة تحرِّك الإنسان الذي هو فوق الكواكب وسيِّدها؟ لا شكّ هو قصبة ضعيفة بجسده وهو صغير بالنسبة إلى الكون الواسع، ولكنَّه بعقله وقلبه وحرِّيَّته أرفع من الكون. فلماذا نركع، نخضع، وننتظر خلاصنا من تلاقي الكواكب وموقع الشمس والقمر وتوالي السنين؟

قال الرسول: »كنتم عبيدًا لآلهة ما هي بالحقيقة آلهة« (آ8ب). كنتم معذورون »حين كنتم تجهلون الله« (آ8أ). أمّا الآن، أتريدون أن تلبَثوا في جهلكم الله وتنظِّموا حياتكم بحياتكم؟ كم نشبه الشعب العبرانيّ في البرِّيَّة. كلَّمه الربُّ على الجبل من خلال البروق والرعود وصوت البوق، فقالوا: نعمل بكلِّ ما أوصانا الله. ولكن أين هو هذا الإله؟ نحن لا نسمع صوته. وإن سمعناه فمن خلال موسى كليمه. ولكن نودُّ أن نراه. من أجل هذا صنع لهم هارون، أخو موسى، تمثال عجل. فرحوا بهذا »الإله« الصغير، الحقير، وسجدوا له، ورقصوا حوله. ضحُّوا له بكلِّ شيء »بحلق الذهب التي في آذان نسائهم« (خر 32: 3). وهكذا عادوا إلى العبوديَّة. والإنسان المعاصر بماذا لا يضحّي وأيَّ مال لا يدفع لكي يسمع كلمة خادعة تقول له ماذا يفعل. عباداتنا كثيرة وأصنامنا أكثر: الأشخاص، الأحزاب، المصالح، الغنى، الغرائز...

قرأ بولس هذا النصَّ وغيرَه من سفر الخروج. قال: »فلا أريد أن تجهلوا، أيُّها الإخوة، أنَّ آباءنا كانوا كلُّهم تحت السحابة، وكلُّهم عبروا البحر... وكلُّهم أكلوا طعامًا روحيٌّا واحدًا... ومع ذلك ما رضيَ الله عن أكثرهم، فسقطوا أمواتًا في الصحراء« (1 كو 10: 1-5). اشتهوا الشرَّ فوقعوا فيه. تعبَّدوا للأوثان واستسلموا للزنى... وكانت النتيجة وخيمة.

من أجل هذا دعانا الرسول إلى الجهاد بحيث نبقى أحرارًا. قال لنا في الرسالة إلى أفسس: »ليس جهادنا مع لحم ودم، بل مع أصحاب الرئاسة والسلطان والسيادة على هذا العالم، عالم الظلام والأرواح الشرّيرة« (أف 6: 12). هي عبوديَّة ثالثة تهدِّد الإنسان في حرِّيَّته وعليه في هذا المجال أن يحمل السلاح. ولكن أيُّ سلاح؟ لا الدرع ولا الترس ولا السهام ولا الخوذة ولا السيف؟ هذا ما حمله المؤمنون على مرِّ العصور. إذا كنت لا تقدر أن تُحيي، لماذا لا تقتل وتميت؟ إن لم أستطع أن أقنع أخي (أو: أختي) بطرق الله، أقنعه بطرق البشر الذين عرفوا آلاف الحروب صغيرها وكبيرها.

لا. مثلُ هذا السلاح لا ينفع. بل هو مضرٌّ كلُّ الضرر ويبقى المؤمنون في حالة من الضياع والتقهقر. هذا السلاح منذ القديمَ رفَضَهُ الله ومنع الانتقام حتّى عن قايين القاتل. هذا السلاح أفنى قبائل عديدة ودمَّر المدن. لأنَّ من يأخذ بالسيف بالسيف يُؤخذ، والعنف لا يمكن أن يجرَّ إلاَّ العنف. إذًا، أيَّ سلاح نأخذ؟ »سلاح الله الكامل« (آ13). بمثل هذا السلاح يثبت المؤمن ويقاوم في يوم الشرّ. وهكذا تحوّلَ سلاح البشر. »المنطقة« يضعها المحارب على خصره ليضع فيها ما يلزمه للقتال، صارت في منطق الرسول: الحقيقة. لا مجال للكذب والرياء والاحتيال. والدرع تدلُّ على العدالة والاستقامة. ولا ننسَ نعالَ المحارب التي تحدَّث عنها إشعيا، النعال التي تدوس العدوّ. هذه أحرَقَها الله مع »كلِّ ثوب ملطَّخ بالدماء« (إش 9: 5). هذه النعال صارت الاندفاع والحماسة لحمل الخبر الطيِّب إلى البشر، إنجيل السلام. وإن واجهتنا السهام لا نردُّها بسهام مقابلة بحيث نُقتَل أو نَقتل، فترسُنا هو الإيمان. ويتحدَّث النصُّ عن »سهام الشرّير«، أي الشيطان. فعالم الحرب هو عالم إبليس، ذاك الذي دعاه الربّ: »الكذّاب وأبا الكذب«. قال عنه: »ما ثبت على الحقّ، لأنَّ لا حقَّ فيه. وهو يكذب، والكذب في طبعه« (يو 8: 44).

وأخيرًا، أين يكون الخلاص الذي رمزت إليه خوذة يلبسها المؤمن؟ في كلام الله. ذاك هو السيف الذي به نحارب، فقيل: »كلمة الله حيَّة فاعلة، أمضى من كلِّ سيف له حدَّان، تنفذُ في الأعماق« (عب 4: 12). عندئذٍ وعندئذٍ فقط يستطيع الإنسان أن يكون حرٌّا. فالبغضُ يَستعبد ومثله الحقد. والسلاح البشريّ يُشعل الخوف من خصمي ويشعله فيَّ. وماذا يُرجى من مجتمع يعيش التهديد المتبادل؟ ومن أجل هذا العنف نستعدُّ للتضحية بكلِّ شيء. وهكذا صار العنف إلهًا نعبده. والقوَّة رَبَّة نخضع لها. ولكن إذا كنّا عرفنا الله، هل نعبد سواه؟ وإذا كان الله عرفَنا، اختارنا، أحبَّنا، أرادنا لمهمَّة رائعة وهي إضفاء مسحة من الجمال على الكون، وإحلال السلام بيننا وبين الآخرين، فماذا ننتظر لكي نتجاوب مع هذا النداء؟

الخاتمة

هكذا نقرأ بولس الرسول في أيّامنا، لا كما يقرأه بعض كتّابنا في هذا الشرق، فلا يتعدُّوا حرف الكلام. هم لا يَصلون إلى الروح، مع أنَّ بولس قال: الحرف يقتل والروح يُحيي. وفي الغرب؟ هذا الذي حسبه بعض العالم الغربيّ »مؤسِّس المسيحيَّة« دعا نفسه »عبد يسوع المسيح ورسوله«. أنريد للإيمان أن يكون عمل بشر؟ مثلُ هذا العمل يَسقط بسرعة على ما قال المعلِّم غملائيل في محاكمة الرسل: »لأنَّ ما يبشِّرون به ويعلِّمونه يزول إذا كان من عند البشر. أمّا إذا كان من عند الله، فلا يمكنكم أن تزيلوه لئلاَّ تصيروا أعداء الله« (أع 5: 38-39). أجل، ما نقرأه في الرسائل البولسيَّة هو من عند الله. تَسلَّمه بولسُ في الكنيسة وسلَّمه إلى الجماعات التي بشَّرها. اكتشف الربَّ على طريق دمشق وأراد لكلِّ إنسان أن يكتشف ما اكتشفه هو.

محيطنا الشرقيّ يحتاج إلى نظرة جديدة إلى المرأة إذا أراد أن يرتقي. وبولس ينبِّهنا: امرأة حرَّة رجل حرّ. امرأة عبدة، رجل عبد. وتكون المسيرة كما أرادها الرسول تدريجيَّة لئلاَّ يحصل ما يحصل في بعض الدول الغربيَّة من المآسي. محيطنا الشرقيّ مقيَّد بالشرائع وكأنَّه لم يتخلَّ بعدُ عن »خمير الفرّيسيّين والصادوقيّين« (مت 16: 6). الإكراه، القهر، تتميم الوصايا »البشريَّة« والعادات التي تتجذَّر في القديم الوثنيّ بما فيه من خرافات وأكاذيب تُبقي الإنسان عابدًا لما يخاف. لا شريعة سوى شريعة المحبَّة ومنها تنطلق كلُّ الشرائع والوصايا. فحين تغيب المحبَّة لا يكون الإنسان مؤمنًا بالله، ولا يمكنه أن ينتظر منه خلاصًا. والحرِّيَّة في قلوبنا هي نداء بولس الرسول إن عرفنا أن نفهمه. لا مكان للقَدَر في نظر المؤمن، تلك القدرة التي اعتُبرت في العالم القديم فوق الآلهة والبشر. لا مكان لمصير محدَّد يُكتَب لنا فلا نستطيع أن نتجاوزه. لا مكان لقوَّة حتميَّة مسبقة تحدِّد مسيرة الأحداث. علَّمَنا الرسول: لا رجوع إلى الوراء، إلى الأمجاد الماضية نفتخر بها بعد أن زالت ومضت. بل تطلُّعٌ إلى الأمام. وبهذا نختم كلامنا: »أترك ما ورائي وأنبطح إلى الأمام من أجل الدعوة العلويَّة«. تلك دعوةٌ إلى كلِّ واحد منا. تلك دعوة إلى الشرق العربيّ ليأخذ مكانته بين الأمم والشعوب من أجل بناء الإنسان وحضارة المحبَّة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بولس الرسول وخبرة الطريق إلى دمشق
بولس قد اعتلى قمة شجرة الديانة اليهودية
ظهور الرب يسوع مع بولس رسول في الطريق الى دمشق
فيلم دمشق تتكلم بولس الرسول
عمل يدوي عن هروب بولس من دمشق باستخدام كرتونة بيض و قلم و خيط


الساعة الآن 02:29 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024